(تونس) عقدت امس المنظمات الراعية للحوار الوطني ندوة صحفية بنزل «الديبلوماسي» بالعاصمة لإنارة الرأي العام وكشف آخر تطورات الجلسات التفاوضية مع الاحزاب بشقيها الحكومي والمعارض وللكشف عن بعض الحقائق وتحديد الجهات المسؤولة عن اجهاض الحوار الوطني. وفي بداية كلمته توجه «حسين العباسي» الامين العام لاتحاد الشغل بجزيل الشكر لمن سرب الوثيقة التي تكشف علم الجهات المسؤولة مسبقا باستهداف الشهيد «محمد البراهمي» قبل 11 يوما من وقوع الجريمة، مضيفا: «نقول لمسرب الوثيقة يعطيك الصحة وبارك الله فيك...» منتقدا توجه بعض المسؤولين الى البحث عن مسرب الوثيقة والتغاضي عن البحث والتحقيق في فحوى الوثيقة والجريمة النكراء، مشددا على ضرورة كشف الاطراف التي تخاذلت وتواطأت وقصرت في حماية الشهيدين (شكري بلعيد ومحمد البراهمي)، مؤكدا ان الوثيقة المسربة تكفي لوحدها لاستقالة أيّة حكومة تحترم نفسها، معلقا: «كان جات الدنيا دنيا وحكومة تحترم نفسها تستقيل بمجرد خروج الوثيقة الى الراي العام ...». و حيا العباسي مرارا مسرّب الوثيقة نظرا لما تكتسيه من اهمية كبيرة في التحقيقات وعمليات البحث عن الجناة وقتلة البراهمي، طالما انها لم تحمل اشياء خطيرة يمكن ان تهدد سلامة البلد واستقراره، مطالبا بضرورة الشروع في التحقيق في ضوء الوثيقة المسربة. محاولات لاقصاء الرباعي وتفكيكه و كشف العباسي ان المنظمات الراعية للحوار (اتحاد الشغل واتحاد الاعراف وعمادة المحامين ورابطة حقوق الانسان) تعرضت الى هجمة شرسة منذ اليوم الاول لانطلاق اشغالها من قبل اطراف لم يسمها، وصلت الى حد اتهامها باللاوطنية واللاحياد وخدمة احزاب سياسية معارضة، قائلا : شككوا في حيادنا وبثوا الفتنة لتفكيك الرباعي لكنّنا سنبقى صامدين ...». و اوضح الامين العام لاتحاد الشغل ان هناك محاولات حثيثة لاقصاء المنظمات الراعية للحوار واخراجها من دائرة المشاورات والحوارات من خلال ضرب مصداقيتها، قائلا: «لا نزيد البلاء بلاء ... سنواصل من اجل انقاذ تونس ...» مشددا على أنّ مثل هذه المحاولات لن تثني الرباعي عن لعب دوره الوطني في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ البلاد. سنعول على قوانا الخاصة وشعبنا و رأى العباسي ان القبول بمبادرة اتحاد الشغل هو الحل المناسب للخروج بالبلاد من النفق المظلم خاصة وان الجميع التفوا حولها, معلقا: «المبادرة هي الحل الوحيد لتجاوز الازمة وسنعول على قوانا الخاصة وشعبنا... لن نسلم ولن نترك امالنا تذهب ب«الساهل» سننحاز الى الشعب وإلى تونس ...». و شدد مرارا على ان الاتحاد يقف على نفس المسافة من جميع الاحزاب السياسية ويتمتع بالحيادية التامة رافضا كل التهم التي تزج بالمنظمة الشغيلة في خانة التخوين واللاوطنية, واستطرد: «نحن محايدون وكل من يقول العكس فكلامه مردود عليه...». لا نريد الصدام في الشوارع وشدد العباسي على ان الازمة التي تتخبط فيها بلادنا سياسية بامتياز انعكست على مختلف القطاعات الاخرى مقترحا معالجتها في اطار التوافق الوطني والتخلي عن مختلف الاساليب الاخرى, قائلا: «لا نريد الصدام في الشوارع ولا نريد تقسيم الشعب...». وترك العباسي الباب مفتوحا امام عودة حركة «النهضة» الى طاولة المفاوضات على ارضية مشتركة ومستقرة بعيدا عن ازدواجية الخطاب,مضيفا: «لن نعطي مهلة هذه المرة لكن الباب مازال مفتوحا لكل من لم يقبل المبادرة ...». وقدم العباسي اعتذارا للشعب نظرا لما رافق المفاوضات من اضاعة للوقت ومماطلة تسبب في انعدام الثقة وعمّق الازمة. لا يمكن ان نذهب للحوار بلا حركة «النهضة» و ابدى العباسي اسفه الشديد بعد رفض حركة «النهضة» الاعتراف بنصف خارطة الطريق المتفق عليها, مشيرا الى انه لا يمكن الذهاب الى الحوار بلا حركة «النهضة» مع انها لا تريد انجاح التوافقات حسب تعبيره، مضيفا: «لا يمكن ترك البلاد دون خيط يربطها بالشرعية وهو المجلس التاسيسي...». الجبالي «لم يكفر ولم يقل العيب» و عاد العبّاسي للحديث عن المقترح الذي قدمه «حمادي الجبالي» رئيس الحكومة السابق عندما تحدث عن ضرورة تشكيل حكومة كفاءات, مشيرا إلى أنّ مطالب الرجل لم تجد آذانا صاغية, مضيفا: «ياخي الجبالي كفر والا قال العيب كيف طلب تشكيل حكومة مستقلة لا تترشح للانتخابات القادمة؟ الجبالي ضحى بمستقبله لكن ما باليد حيلة...». كما اشتكى العباسي من تدهور الوضع الامني بالبلاد الذي اسفر عن حدوث اغتيالين سياسيين, مضيفا: «الواحد اصبح يتحرك ب7 و10 بوليسية وهم يتحدثون عن مسرّب الوثيقة... موش حديث هذا وكلام لا يقبله العقل ...». بيان «النهضة» غامض وفيه مناورة و ابرز العباسي ان مواقف الائتلاف الحاكم الذي تقوده حركة «النهضة» غامضة ومزدوجة,و ان بعض مكونات الائتلاف جاءت للتشويش على الرباعي الراعي للحوار وان نواياها تتناقض مع تصريحاتها. وفي المقابل ثمن التنازلات التي قدمتها بعض احزاب المعارضة التي قال عنها انها تفاعلت ايجابيا مع المبادرة, معلقا: «الترويكا لم تتنازل ولم تعبر عن قبول صريح باستقالة الحكومة, هناك غموض وتوزيع للادوار وربح للوقت...». و اوضح العباسي ان اتحاد الشغل قدم المهل لوضع حد للمراوغات وازدواجية الخطاب لكن اتضح أن ذلك كان دون جدوى مضيفا ان اجابة الحكومة تاتي دائما سلبية بغية ربح الوقت وتمييع الحوار والمماطلة,كما ابدى رفضه للبيان الذي اصدرته حركة «النهضة» اول امس القاضي بقبول المبادرة قائلا: «لا يمكننا قبول البيان لانه غير واضح ويعترف بنصف خارطة الطريق...حيينا القبول لكن عندما قرأنا البيان لاحظنا أن «النهضة» اطمانت على بقاء التاسيسي، انه بيان غامض وفيه مناورة ومفتوح على عديد التاويلات,و من يقبل بالمبادرة يقول اني قد قبلت ولن نطلب اكثر من هذا ...». منتصر الاسودي تصوير : نبيل شرف الدين