انتهت الفترة الزمنية المحددة ب6 أشهر الخاصة بتسعير المواد الغذائية الأساسية التسعة التي أعلن عنها وزير التجارة والصناعات التقليدية عبد الوهاب معطر منذ يوم 19 أفريل 2013 من خلال تسعيره للمواد التي شهدت ارتفاعا ملحوظا أثر على المقدرة الشرائية للمواطن التونسي. ومنطقيا انتهت هذه المدة خلال شهر سبتمبر الماضي بعد انقضاء فترة التحديد بستة أشهر بحسب ما تضمنه قانون المنافسة والأسعار لسنة 1991 الذي يخول للوزير المكلف بالتجارة تحديد السعار في حال تأكده من تجاوز المستويات المعقولة علاوة على ملاحظة ارتفاع كبيير لمؤشر السعار الذي وصل في شهر مارس من هذه السنة إلى مستويات مرتفعة جدا إلى حدود 7 بالمائة و8 بالمائة لمؤشر أسعار المواد الغذائية. وأعلنت وزارة التجارة والصناعات التقليدية، عن قرار يقضي بتحديد أسعار البيع القصوى، وهامش الربح الأقصى بالنسبة لعدد من المواد الاستهلاكية الأساسية، منها البطاطا والمياه المعدنية والبيض ومصبرات التن ومشتقات الحليب والأجبان ومواد التنظيف والزيت النباتي الغذائي غير المدعم ويبدأ العمل بهذا القرار انطلاقا من يوم الاثنين المقبل 22 أفريل 2013 وبحسب تأكيدات وزير التجارة نفسه كان لمفعول ما وصفه بالتسعير المحوكم للعديد من المواد الغذائية الأثر الإيجابي على منحى الأسعار التي انخفضت حيث بلغ مؤشر الاستهلاك العائلي خلال الأشهر الفارطة. غير أن الإحصائيات الصادرة عن المعهد الوطني للاستهلاك أفرزت أن مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي سجل ارتفاعا بنسبة 0.5% خلال شهر سبتمبر 2013 مقارنة بمستواه في شهر أوت من نفس السنة. و يعزى هذا الارتفاع بالأساس إلى ارتفاع مستوى مؤشر مجموعة التغذية و المشروبات بنسبة 1.1% حيث شهدت أسعار بعض المواد الغذائية ارتفاعا. وسجلت نسبة التضخم لشهر سبتمبر 2013 تراجعا ب0.2 نقطة للشهر الثالث على التوالي حيث استقرت هذه النسبة في حدود 5.8% بعد أن كانت في حدود 6.4% في شهر جوان 2013 و 6.2% في شهر جويلية 2013 و 6.0% في شهر أوت 2013. و يعود هذا التراجع في نسبة التضخم لشهر سبتمبر 2013 بالأساس إلى التراجع المسجل في نسق ارتفاع الأسعار بين شهري سبتمبر و أوت من سنة 2013 وسنة 2012 حيث ارتفعت الأسعار بين شهري سبتمبر و أوت من سنة الحالية بنسبة 0.5% مقابل 0.7% السنة المنقضية و هذا ناتج بالأساس إلى التعديل الذي وقع اعتماده في شهر سبتمبر 2012 على مستوى أسعار المحروقات. من ناحية أخرى تعود نسبة التضخم 5.8% المسجلة في شهر سبتمبر 2013 بالأساس إلى ارتفاع أسعار مجموعة التغذية و المشروبات بنسبة 7.7% مقارنة بشهر سبتمبر 2012 حيث ارتفعت أسعار اللحوم بنسبة 8.6% و الزيوت الغذائية بنسبة 20.5% و الغلال و الفواكه الجافة بنسبة 10.1% و مشتقات الحليب و البيض بنسبة 5.3%.كذلك ارتفعت أسعار المشروبات بنسبة 5.4% و المشروبات الكحولية بنسبة 14.2%. والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو انه بعد تسجيل ارتفاع ملحوظ لمؤشر الأسعار منذ شهر سبتمبر الماضي هل سيلجأ وزير التجارة القيام بتسعير جديد لمجموعة من المواد الغذائية؟ وقد أكدت مصادر من وزارة التجارة أن للوزير المكلف بالتجارة ووفق ما ينص عليه قانون المنافسة والأسعار له كامل الصلاحيات للقيام بتحديد أسعار بعض المنتوجات والمواد الغذائية إثر ملاحظته شططا وغلاء في الأسعار على غرار ما حصل منذ مطلع سنة 2013. وأضافت ذات المصادر أن عملية تحديد الأسعار التي شملت 9 مواد غذائية دخلت حيز التطبيق منذ شهر أفريل الماضي تطلبت القيام بأكثر من 30 اجتماعا مع المهنيين قصد إقناعهم بأهمية التقليص من هامش الربح والضغط على الكلفة لإيصال المنتوج النهائي إلى المستهلك بسعر مقبول. وللتذكير فإن تطبيق التسعير المحوكم شهد منذ الأيام الاولى لتطبيقه جملة من الإشكاليات على مستوى عدم تطبيق أغلب التجار للتسعيرة الجديدة بتعلة غلاء الكلفة وتراجع هامش الربح. وكشف أحد المراقبين الاقتصاديين أن عملية تسعير المواد الغذائية لم يقع احترامها بالشكل المطلوب والكافي مؤكدا أن السعار المتداولة حاليا أقل بكثير من التسعيرة وفق رأيه. وأوضح مصدر آخر من وزارة التجارة أن جل التجار على علم بانتهاء عملية تسعير المواد الغذائية ملمحا إلى الغرف النقابية الوطنية المهنية والقطاعية غير مستعدة للدخول في تجربة جديدة في عملية التسعير المحكوم. غير أنه أمام اشتداد الأزمة السياسية وتأثيرها على الوضع الاقتصادي والتجاري وانشغال وزير التجارة بتقدم الحوار الوطني باعتباره قيادي في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية من جهة وانشغاله في المشاكل اليومية للوزارة، هل سيلجأ مجددا إلى القيام بتسعير المواد الغذائية لا سيما وأنها سجلت ارتفاعا ملحوظا مع شهر سبتمبر وتداعياتها في شهر أكتوبر الجاري؟