مهرجان أبو ظبي السينمائي من مبعوثنا الخاص مالك السعيد طالبنا بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية فجنينا العنف والإرهاب والفقر والبطالة المعارضة خيّبت الآمال أياما قليلة بعد اغتيال النائب بالمجلس الوطني التأسيسي محمد البراهمي، وجّهت هند صبري رسالة للرأي العام عبرت فيها عن مخاوفها مما يجري في تونس، وسألت هند بمرارة عمن يتحمل المسؤولية؟ مسؤولية العنف المستشري في الجسد التونسي ومسؤولية مجاهدات النكاح ومسؤولية تعثر المسار الإنتقالي، ... كان يمكن لهند صبري أن تهنأ بنجوميتها في مصر وتعيش في كنف عائلتها الصغيرة بمنأى عن وجع الرأس خاصة أن الموقف السياسي مكلف ومن السهل أن تواجه مواقف هند بتذكيرها بأنها مناشدة لبن علي على الرغم من تأكيدها المرة تلو الأخرى بأنها لم توقع أية وثيقة رغم تعرضها للتهديد من طرف صهر بن علي بلحسن الطرابلسي ... وهند التي لاقيناها هذه المرة هي غير هند الحذرة المتوجسة من الصحافة التونسية بعد أن زال سوء التفاهم في لقاء سابق جمعنا خارج تونس وفي مهرجان أبو ظبي السينمائي قبل بضع سنوات، ولذلك خصّتنا هند هذه المرة بلقاء هو الوحيد الذي منحته للصحافة المكتوبة، تحدثت خلاله بعفوية، و ضحكت بشكل طفولي وتألمت ولم تخف خوفها من الآتي، واستقطعت بعض الوقت لتهاتف «حماتها» بمناسبة عيد ميلادها وتسأل عن بنتيها الصغيرتين، ثم عرضت علينا مرافقتها إلى العرض الأول لفيلم «باستاردو» لنجيب بلقاضي على متن سيارتها ...وخلال هذه الرحلة من قصر الإمارات إلى «المارينا مول» ردت هند على كل تحية واستجابت لمن رغب في التقاط صورة معها دون أن تبدي أي ضيق... لم تفوت هند أية لحظة خلال زيارتها الخاطفة لأبو ظبي بمناسبة عرض فيلم «صمت القصور» ضمن البرنامج الخاص، ولم تخف خيبتها لتخلّف مفيدة التلاتلي عن حضور عرض الفيلم الذي كان بوابة إطلاق مسيرة فنانة أصبحت اليوم نجمة سينمائية من الطراز الأول في ما يلي فحوى لقاء «التونسية» الخاص بهند صبري... كنت من بين قلة من الفنانين التونسيين الذين أدلوا بمواقف إزاء الوضع الذي تمر به البلاد، فكيف ترين القادم مع تطور الحوار الوطني برعاية الإتحاد العام التونسي للشغل والمنظمات الوطنية(أعراف، محامون، رابطة حقوق الإنسان)؟ «نشوف الأيام الجاية صعيبة ياسر»، هناك أشياء شعرت بها لم أكن أتصور أن يأتي يوم ويواجهها التوانسة، لم أتوقع أن يأتي يوم أخاف فيه على سلامتي الجسدية وسلامة أمي وأبي وأفراد عائلتي ، لم أتوقع أن يأتي فيه اليوم الذي يخاف فيه التونسيون على حياتهم وهم في الشارع أو في أي فضاء عام «عمري ما كنت نتصوّر يجي نهار نخاف على الدولة وعلى كيان الجمهورية التونسية»، «أنا اليوم خائفة، وشاكة في كل شيء كيما برشة توانسة» على الأقل الذين أعرفهم، ربما هناك من هو غير منشغل بما يجري لكن هؤلاء ما نعرفهمش ولم أصادف أيا منهم، الذين أعرفهم ليسوا واثقين من مآل الحوار الوطني ومدى جديته وجدية التنازلات التي ينتظر أن تقدمها الأطراف المشاركة فيه. إلى هذه الدرجة تبدو لك الصورة قاتمة؟ أعطني أي مؤشرات تجعلني أغيّر رأيي، عندي مخاوف كبيرة. ما هو أفضل سيناريو في رأيك لتجاوز الأزمة؟ لست سياسية ولذلك لا يمكنني أن أجيب عن سؤالك، آمل أن نتجنب سيناريو عودة الناس إلى الشارع. تخشين السيناريو المصري في تونس؟ لا يمكن للسيناريو المصري أن يحدث في تونس، الظروف الموضوعية مختلفة، كما أن المؤسسة العسكرية التونسية مختلفة عن القوات المسلحة المصرية، وربي يحفظ لنا الجيش الوطني الذي بات مهددا ومن واجبنا جميعا مساندته لأنه ضامن لوحدة الدولة وهيبتها كما علينا أن نقف إلى جانب المؤسسة الأمنية وهي بدورها مستهدفة، لكن ليس لدينا المؤسسة العسكرية أو الأمنية التي تملك الحل السياسي ، نحن لدينا الإتحاد العام التونسي للشغل الذي يمكنه أن يشكل السلطة المضادة وآمالنا فيه كبيرة «إن شاء الله ما يخيبهاش». والمعارضة؟ خيبت كثيرا من الآمال. حتى الذين صوت لهم في إنتخابات 23 أكتوبر 2011؟ نعم، حتى هؤلاء أقولها دون تردد، ربما أخطأت، «ما كناش نعرفو وقتها»، كما أن ما بدا لنا من ثوابت في ذلك الوقت تغيّر، عند الانتخابات كان المشهد السياسي بصدد التشكل، لم تكن أمامنا خيارات كثيرة وأعتقد أن عددا كبيرا من الناخبين قد ندموا اليوم على إختياراتهم السابقة، لكننا اليوم بلغنا مرحلة لم يعد مسموحا فيها بعقد الصفقات والتنازلات، الأمر يتعلق بتونس، تكون أو لا تكون، هذا هو تقديري لما يحدث. هل تعرضت لمضايقات بسبب مواقفك وتصريحاتك «السياسية»؟ بصراحة لا، لم أتعرض لأي إزعاج من أية جهة كانت. هل تلقيت أي إتصال من طرف سياسيين؟ لا كيف تفسرين سلبية تعامل الفنانين والمثقفين التونسيين عموما إزاء ما يحدث؟ أشعر بأننا نحن التونسيون لا نحب المواجهة، والذين لاقيتهم من الفنانين التونسيين لا يترددون في القول»ça va ça va إن شاء الله تتعدى الأزمة» عموما آمل أن تتبلور هذه الإيجابية فعلا على أرض الواقع وتكون ça va «ممكن انا نشوف في حاجات» لا يرونها ولكن الثابت أن مخاوفي ليست من فراغ وأكثر ما يدعوني للقلق هو الإرهاب الذي لا يمكن اجتثاثه ببساطة بعد أن تربّى وترعرع خلال سنة ونصف السنة، لا أريد أن أصدّر تشاؤمي للآخرين ولكن من واجبي أن أدعو إلى التيقظ والحذر لمواجهة المخاطر التي تهدد بلادنا ، صحيح اني أقيم في القاهرة ولكني لا أرى مستقبلي منفصلا عن مستقبل بلادي (تصمت قليلا وتبدو على وجهها علامات الحيرة ثم تستأنف الحديث) سؤالي اليوم هل تعطى الحرية لأعداء الحرية؟ من بين الأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة لمن تميلين؟ لا أميل لأحد ( يزي ما ملت ) اسمعني مع احتراماتي لكل الأسماء المطروحة ولكن أتمنى أن تطرح أسماء تحت سقف الخمسين. أحمد المستيري في الثامنة والثمانين ومحمد الناصر على عتبة الثمانين؟ لا شك في وطنية هاتين الشخصيتين وتاريخهما ولكن أتمنى أن يحكم تونس من هو تحت الخمسين مثلما يحدث في كل بلاد العالم الديمقراطي حيث يغادر الرئيس الحكم وهو في الخمسين. ولكننا نحتاج إلى خبرة الشيوخ؟ الشباب هم موضوع البطالة والإرهاب يستقطبهم هم بالدرجة الأولى ... الشباب في حاجة إلى من يملك لغة مشتركة معهم ليحكم البلاد. تم اختيارك في شهر سبتمبر ضمن قائمة أجمل 6 تونسيات سحرن العالم في قائمة أصدرها موقع (هافينغتون بوست) ، وقبلها ضمن أقوى 100 إمرأة عربية خلال سنة 2013، فماذا يعني لك هذا التميز؟ (تضحك) شيء قوي ...كشكل لا أعتبر نفسي منافسة لكنزة فوراتي او ريم السعيدي أو عفاف جنيفان ...هنّ يمثلن الجمال التونسي تبارك الله عليهن. ربما تمثلين الجمال الذي يفكر؟ (تفكر قليلا) حلوّة هاذي، أعجبتني الفكرة ربما كان ذلك كذلك ... أنت في مهرجان أبو ظبي بمناسبة عرض فيلمك الأول «صمت القصور» هل كنت تخططين لهذه المسيرة في فيلمك الأول؟ أبدا، أنا هنا لأتأكد مما حققته خلال عشرين سنة ... إنها ذكريات لا تمحى ، حبيت نشوف مفيدة التلاتلي ولكن مع الأسف مفيدة ليست بيننا ، «صمت القصور» غير حياتي اختار المنظمون «عصفور سطح» و«صمت القصور» ضمن باقة الأفلام العربية الأولى لمخرجيها، ألا ترين أن البرمجة ظلمت «ريح السد» للنوري بوزيد؟ «ريح السد» هو أحد أفلامي المفضلة ، هو فيلم كبير ، أعتقد أن المبرمجين اختاروا فيلمين من مدرستين مختلفتين ، «عصفور سطح» فيلم يبعث على البهجة. كنت رئيسة لجنة تحكيم مهرجان الدوحة تريبكا سنة 2012 ثم وقع إلغاء المهرجان في صيغته السابقة، هل من تعليق؟ (ضاحكة) زعمة عتبة عليهم تقول إنت ؟ أي مهرجان يحذف خسارة للثقافة ولكن أعتقد أنه بالنسبة لمهرجان الدوحة تم تغيير صيغة المهرجان لا حذفه ... وهنا لا بد من كلمة حق، مؤسسة الدوحة للأفلام ساهمت في إنجاز عدد من الأفلام العربية وهذا مجهود لا بد من التنويه به وهي افلام في كثير من الأحيان تختلف عن توجه قطر نفسها كأفلام مرزاق علواش. ستشاهدين «باستاردو» لنجيب بلقاضي؟ طبعا ، نجيب له عالمه الخاص ولا يقلد أحدا «هذاكة علاش نحبو» وليلي Lili(تقصد ليلى بوزيد إبنة النوري بوزيد) فرحت لها كثيرا ببرمجة فيلمها في مسابقة الأفلام القصيرة، وانا سعيدة بحضور أربعة أفلام تونسية في هذه الدورة من مهرجان ابو ظبي ( أفلام نادية تويجر وحمزة العوني ونجيب بلقاضي وليلى بوزيد) أثارت مشاركتك في «قصص النساء في القرآن» الانتباه بقبولك أداء دور إذاعي في سلسلة من الكرتون(صور متحركة)؟ وأين وجه الغرابة في مشاركتي؟ هي تجربة متميزة والكرتون حضوره ضعيف في العالم العربي وشبه منعدم ، مشاركتي كانت تشجيعا لهذا الصنف الفني كما أني شاركت في هذا العمل لتبليغ رسالة لمن يهمه الأمر وهي أن أفكاري ليبرالية ولكن ذلك لا يعني ان أكون منبتة عن ثقافتي وديني خاصة أن السلسلة اهتمت بالمرأة. كيف ترين الوضع في مصر؟ الصورة أقل ضبابية مما نعيشه في تونس، على الأقل حسمت الأمور و وضعت الحدود حتى لا يتم التلاعب بالوطن، الآن هناك معركة حريات لا بد من استكمالها تماما مثل ثورتنا ،طالب التونسيون بالحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية فجنينا العنف والإرهاب والفقر والبطالة والجرب « حاشاكم» شيء يبكي، ما نعيشه غصة جماعية . كيف تختمين هذا الحوار؟