كثيرات هن اللاّتي أعمى الطمع بصيرتهن وخطف بريق المال ومعسول الكلام والوعود الكاذبة ألبابهن... كثيرات هن الحالمات ب«الفارس» الثري القادم من زمن الأساطير ممتطيا سيارة «مرسيدس» فخمة ليحرّر أميرته من براثن الفقر والحرمان ويطير بها إلى «جنة السعادة» حيث لا شيء غير رغد العيش والسفرات والسهرات وإصدار التعليمات إلى «الجاريات» الساهرات على راحة «الأميرة» والترويح عنها إذا ما اختلجها أدنى شعور ب«كفر الملل» وكثرة المال وقلة الأعمال وطيب العيش...هو حلم يراود «حواء»منذ نعومة أظافرها ويكبر معها يوما بعد يوم حتى يكاد يسيطر على اغلب تفكيرها ووقتها وجهدها،فماذا لو ضل «الفارس» طريقه إلى «أميرته» المفترضة ووقع في شباك أخرى؟ ألا تطوي شبابها في انتظار زائر قد لا يأتي وحلم قد لا يتحقق؟... وماذا لو سيطر شبح العنوسة على كيانها ؟أسئلة قد تخرج الفتاة من «سلبية» الانتظار وتدفعها إلى الاعتماد على ذكائها بل ودهائها للإيقاع بمن ترى فيه مواصفات «ابن الحلال» و« فارس الأحلام» بكل الطرق لعل أولها فتنة جمالها وطغيان أنوثتها. « الأنترنات» هو آخر سلاح بعضهنّ للعثور على شريك العمر ولو كان على حساب التقاليد والأعراف بتعلة أنه « مايلزّك على المرّ كان اللّي أمرّ منّو». اليوم وأمام انفتاح الشباب التونسي على الحضارات الغربية وارتفاع عدد مستخدمي شبكة الانترنات التي «غزت» كل البيوت التونسية،تقريبا بمختلف أوساطها بشكل صارت فيه ال«connexion» ضرورة ملحة في حياة التونسي مثلها مثل الأكل والشرب..بات بالإمكان اختصار المسافات وبناء العلاقات أو نسخها (صداقة،حب،زواج،طلاق..) وحتى عقد اللقاءات الغرامية الحميمة والاسهاب في التعبير عن العواطف في عالم افتراضي حبكت خيوطه خارج أطر الزمان والمكان...عبر شبكة الانترنات بات من اليسير تجاوز النقائص وإنجاح العلاقات بعد ان صار بإمكان الخجول أن يتجاوز خجله بالحديث من وراء «قناع» او صورة تبعث فيه الثقة بالذات وتدفعه إلى خوض غمار تجربة عاطفية نتيجتها غير مضمونة 100 ٪ . كما بات بإمكان من يشتكي من ضيق الوقت وكثرة الشواغل والأعمال ان يعثر على ضالته متى سنحت له فرصة «الإبحار» بفضل تعدد مواقع «الدردشة» والمحادثة والزواج... وكل ذلك «en ligne». «أوله حلم..و آخره كابوس...تبدأ بتحبني ونحبك.. وتنتهي بكارثة»..هذا ما اتفق حوله عدد من النسوة التونسيات المتزوجات بأجانب في حديث جمعهن ب«التونسية» عبر مواقع التواصل الإجتماعي (فايسبوك) وبعض المواقع المخصصة للزواج نظرا للشح في المعلومة الواردة علينا في هذا الموضوع من طرف القنصليات التونسية بالخارج... واختلفن في القصص التي روينها إلا أنهن اجمعن كلهن علىِ «كذب الازواج الاجانب ونفاقهم»،و في هذا السياق تقول مدام سندس(اسم مستعار) متزوجة بمصري تعرفت عليه عبر شبكة الانترنات:«لقد أغراني كلامه المعسول ولهجته المصرية التي الفناها في مسلسلاتهم وأفلامهم،كنت احسبه مثال الزوج الرومنسي الامثل الى ان...تزوجت به ويا ليتني ما تزوجته ولا ذهبت بصحبته الى مسقط رأسه، اذ تحولت الشقة التي وعدني بها الى كوخ من الطوب والسيارة الى حمار اقطع على ظهره عشرات الكيلومترات لاجلب الماء الصالح للشرب واكتشفت أن «الجنّة» التي وعدني بها ليست سوى جحيم». «الفاتحة»على الفايسبوك... والوجهة نحو المجهول و من ضمن اللواتي تحدثن عن الخداع الذي تعرضن له من قبل ازواجهن الاجانب،قالت «نجود»(مطلقة) انها تعرفت ذات يوم في موقع من مواقع الزواج على شاب خليجي تقدم لها بطلب للتعرف عليها بتعلة انه معجب بالتزامها بتنزيل الايات القرآنية والاحاديث النبوية عبر صفحتها الشخصية ب«الفايسبوك»،مضيفة:« في بادئ الامر رفضت طلبه خاصة أنني على غاية من الخجل والحياء،و لكن أمام إلحاحه وبعد استشارة بعض المقربات مني،سمحت له بأن يرى صوري ويتحدث إلي،و من كلمة الى سلام فموعد فلقاء،اذ سرعان ما تطورت العلاقة بيننا حتى صرنا نقضي اغلب ساعات اليوم في الحديث والدردشة عبر «السكايب»و... ذات يوم قال انه يريد ان نقرأ الفاتحة حتى يطمئن على أنني من نصيبه فطلبت منه ان يتحول الى تونس حتى يتعرف على عائلتي بشكل أفضل ولنقرأ الفاتحة بشكل مباشر لكنه رفض بتعلة أنه مشغول ولا يمكنه التخلي عن مشاريعه وأعماله و..و..و.. فما كان مني الا ان دفعتني طيبتي ان جمعت كل افراد العائلة حول الحاسوب وتمت قراءة الفاتحة عبر «الانترنت». و تواصل «نجود»:«مرّ على قراءة الفاتحة اقل من السنة قبل أن يخبرني ذات مرة انه قادم لعقد القران ولأذهب معه إلى بلده في ذات اليوم...و هكذا سارت الامور اسرع مما كنت اتصور...فرحت كثيرا لانني نلت الزوج الذي طالما حلمت به..و لكن ما هي إلا أيام قليلة عن الزواج حتى بان على حقيقته وصار يعاملني معاملة مهينة مذلة ويظهر عدائية بل وعنصرية ضدي بتلعة انني لا اتقن طهو اكلاتهم او انني لا اشرفه بلهجتي غير المفهومة امام زملاء عمله واصدقائه...ورغم كل ذلك تجلدت بالصبر عسى ان يهديه الله ...و لكن القطرة التي افاضت الكأس انه صارحني ذات يوم بانه ينوي الزواج بأخرى بتعلة انها قريبته وتحسن طهو الاكلات التي يحبذها وهو ما رفضته رفضا قطعيا وطلبت الطلاق قبل ان اعود الى تونس مصدومة نادمة على ما فعلت». «فرحة الطلاق... أكبر بكثير من فرحة الزواج» قصة «نجود» لا تختلف كثيرا عن قصة «فاطمة» التي شددت على درجة الصدمة التي تعرضت لها حينما انتقلت الى منزل زوجها باحدى دول الخليج حيث اكتشفت انه اب ل3 ابناء من زوجته الاولى الميتة وهو ما لم يصارحها به قبل ان تنتقل معه الى بلده،مضيفة:«لو اخبرني منذ البداية ما كنت لأرفضه بل كنت سأقدره لصراحته ولكن ان يكذب علي هو ما صدمني فعلا...و جعلني قلقة على مستقبلي معه خاصة ان مثلنا الشعبي في تونس يقول «من يكذب مرة يكذب الف»...فعلا صدقت امثلتنا فقد اتضح انه ليس مدير شركة كما كان يدعي بل كان مجرد موظف يتقاضى اجرا لا يسمن ولا يغني من جوع وحتى الشقة الفخمة التي ولجتها للمرة الاولى اتضح أنها ليست ملكه وانما تسوغها لمدة شهر...و بعد ان اكتشفت كل اكاذيبه تقريبا صارت الحياة معه لا تطاق وكثرت المشاكل ممّا دفعه في اخر المطاف إلى افتكاك جواز سفري واجباري على العمل بديار الأثرياء كمعينة منزلية...أصبحت الحياة معه لا تطاق وقد فرحت بخبر الطلاق بعد سنة من الزواج أكثر من فرحتي بالزواج منه». من ملحد إلى مسلم..و من مسلم الى «ملحد» و من بين القصص المأساوية التي سردتها علينا بعض المتزوجات بأجانب عبر الأنترنات connexion ،ان احدى التونسيات (رفضت الافصاح عن اسمها) تزوجت من ايطالي ابدى استعداده لاعتناق الاسلام في سبيل الزواج بها وهي الفكرة التي شجعت عائلتها على الموافقة وأضافت محدّثتنا قائلة: «و لكن ما إن ذهبت معه الى فرنسا حتى اتضح ان اسلامه لم يكن الا خدعة للإيقاع بي...فهو يريدني معينة منزلية مطيعة لا غير...نعم أعلن إسلامه ولكن تصرفاته «الإلحادية» لم تتغير فهو سكّير ويسخر مني لأنني أؤمن بوجود الاه يراقب أعمالنا ويحاسبنا من اجلها..بل وأكثر من ذلك تعددت المناسبات التي يعود فيها الى المنزل مثمولا بمعية إحدى فتيات الشوارع ليقضي الليل معها...بل اكثر من ذلك فهو «ديوث» لا يشعر بالغيرة عليّ حيث تكررت مناسبات الاعتداء علي من قبل بعض اصدقائه المخمورين من دون ان يحرك ساكنا...و هو الأمر الذي أشعرني بالاهانة وسوء المعاملة لا لشيء غير انني مسلمة واحمد الله على ذلك..صراحة لم اجد من حل غير مغادرة المنزل والهروب إلى تونس »-على حد تعبيرها-. و لعل من بين أهم مشاكل ومسببات الطلاق التي اشتركت فيهامثل هذه الحالات هو سوء معاملة الأزواج لزوجاتهم ،حيث يعمد الزوج في كثير من الاحيان الى سرقة جواز سفر زوجته حتى «تظل تحت رحمته ولا تفكر في الهرب مهما فعل بها» –او هذا ما يذهب الى ظن اغلبهم-بل وهناك من الازواج من عمد الى تمزيق جواز السفر وضرب زوجته والاعتداء عليها كلما صارحته بانها اشتاقت الى اهلها في تونس وترغب في زيارتهم على حدّ تعبير بعض من خضن تجربة الزواج « en ligne » .