التونسية (تونس) لم يخرج أعضاء لجنة النظام الداخلي من دائرة النقاش والخلاف الذي دام لأكثر من أسبوعين حول تنقيح النظام الداخلي. فلئن أعلن رئيس كتلة حركة «النهضة» الصحبي عتيق عن تراجع كتلته عن تنقيحات النظام الداخلي، فإن عددا من نواب التأسيسي بما فيهم نواب كتلة حركة «النهضة» عبروا في اجتماعهم أمس،عن تشبثهم بموقفهم وهو الابقاء على هذه التنقيحات، موجهين اللوم بل وحتى التهم إلى النواب الذي قرروا تعليق نشاطهم كرد عليها. وقد كان الهدف من اجتماع لجنة النظام الداخلي أمس، هو تقديم مقترحات جديدة لتنقيح التعديلات التي شملت النظام الداخلي لا سيما الفصلين 36 و79، وقد حاولت بعض الأطراف على غرار رئيس كتلة «التكتل» المولدي الرياحي ورئيس كتلة «النهضة» الصحبي عتيق ورئيس الكتلة الديمقراطية محمد الحامدي الذين اختاروا الجلوس إلى جانب بعضهم، الدفع بأعضاء لجنة النظام الداخلي إلى تجاوز كل الخلافات من أجل حلحلة أزمة النظام الداخلي، غير أن الطرف المقابل على غرار النائب عن «ائتلاف سيادة الشعب» أزاد بادي والنائب عن «تيار المحبة» الجديدي السبوعي وعدد من نواب حركة «النهضة» أبوا إلاّ النبش في جروح الماضي وفتح الدفاتر القديمة لتستأثر بالقسط الأكبر من النقاش. خطاب تهدئة ودعوة إلى تجاوز الخلاف فقد ارتأى رئيس الكتلة الديمقراطية محمد الحامدي، التخفيف من حدة التوتر بين النواب من خلال انتهاج خطاب تهدئة لبلوغ الهدف من هذا الاجتماع وهو تقديم مقترحات يتم بمقتضاها الغاء التنقيحات السابقة. وقد تحدث الحامدي عن ضرورة الحرص على التوافق داعيا إلى مراعاة كل طرف الطرف الآخر للخروج بالبلاد من هذه الأزمة، كما أشار إلى أن المجلس الوطني التأسيسي يحتاج إلى التوافق وابعاد كل ما من شأنه أن يشعل فتيل التوتر مرة أخرى لأن أكبر المعوقات في نظره تتأتى من المعارك التي نشبت بين الأطراف السياسية الممثلة داخل المجلس الوطني التأسيسي. ولم تكن مداخلة رئيس كتلة حركة «النهضة» الصحبي عتيق بعيدة عن الخطاب الذي انتهجه الحامدي، حيث أشار إلى أن هناك مسارات كبيرة تنتظر نواب الشعب وان عليهم أن يتجاوزوا الخلافات الجزئية، مؤكدا أن النواب ينتظرهم اجتماع لجنة التوافقات حول الأحكام الانتقالية، بالاضافة إلى قرار المحكمة الإدارية المتعلق بهيئة الانتخابات. وأضاف أن من حق النواب تقديم مقترحات جديدة يتم المصادقة عليها في الجلسة العامة، داعيا إلى ضرورة الابتعاد عن منطق «الغالب والمغلوب ولي الذراع». من جانبه أكد رئيس كتلة «التكتل» المولدي الرياحي على ضرورة تجاوز الخلافات متفهما موقف المعارضين لهم، وأضاف أن الأزمة هي أزمة ثقة وأن انسحاب النواب طيلة ثلاثة أشهر عمّق هوة الخلاف بينهم، مشيرا إلى أن قناعة «التكتل» تكمن في ضرورة تنقيح الفصلين 36 و79 من النظام الداخلي. ويتواصل الخلاف غير أن الدعوة إلى تجاوز الخلاف لم تقنع بعض الأطراف على غرار النائب عن «ائتلاف سيادة الشعب» أزاد بادي الذي جدد تمسك كتلته بالتنقيحات، مشيرا إلى أنها ترفض أن يقتصر دور النواب على المصادقة آليا على قرارات الحوار الوطني مشيرا إلى أن النواب المعلقين نشاطهم يريدون سلاحا بأيديهم لتعطيل المجلس كلما أرادوا ذلك. وقال إن الجميع يتحدث عن التوافق وتشريك المجلس الوطني التأسيسي غير أن رئيس المجلس مصطفى بن جعفر عقد اجتماعين في المجلس الدستوري مع الأشخاص الذين يجلسون في اجتماع لجنة النظام الداخلي جنبا إلى جنب (في اشارة إلى عتيق والحامدي والرياحي)، بعيدا عن وسائل الإعلام لعقد صفقات خارج المجلس التأسيسي. كما انتقد آزاد بادي رئيس المجلس لعدم نشر التنقيحات بالرائد الرسمي للبلاد التونسية، مشيرا إلى أن التنظيم المؤقت للسلط والنظام الداخلي للمجلس التأسيسي لا يمنحان مصطفى بن جعفر سلطة خرق قرارات الجلسة العامة. من جهته دافع النائب عن كتلة «النهضة» أحمد السميعي عن التنقيحات التي أدرجت بالنظام الداخلي وقال إنه كانت هناك ثغرة في النظام الداخلي ساهمت في تعطيل أعمال المجلس لثلاثة أشهر، وهو ما اعتبره غير معقول خاصة في مثل هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد. كما أكد أن النية كانت صادقة وانه كان هناك احساس بالمسؤولية عندما ارتأى النواب المرابطون بالمجلس تنقيح النظام الداخلي، واعتبر أن التراجع عن هذه التنقيحات هو الخطر عينهُ وطالب النواب المعلقين نشاطهم بالاعتذار للشعب. كما قال النائب عن تيار المحبة الجديدي السبوعي إن التوافق لا يعني فرض املاءات ونزوات أطراف معينة خدمة لمصالحها، مستنكرا سبب رغبة النواب المعلقين نشاطهم وتشبثهم بضرورة التراجع عن التنقيحات، مشيرا إلى أن التراجع عنها أمر مهين. ودعت النائبة عن كتلة «النهضة» دليلة الببة إلى احترام مواقف الكتل التي لم تشارك في الحوار الوطني والتي تضم أكثر من 40 نائبا، مشيرة إلى أن الجلسة العامة سيدة نفسها وانه يجب بناء على ذلك احترام القرارات التي تتمخض عنها. وتجدر الإشارة إلى أن الكتلة الديمقراطية تقدمت بمقترحات تعديل تتمثل في استنساخ الفصلين 36 و79 من النظام الداخلي في صيغتهما الأولى قبل القيام بتنقيحهما وقدمت إلى رئيس اللجنة هيثم بن بلقاسم للنظر فيها في ما بعد.