لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    بعد هجومه العنيف والمفاجئ على حكومتها وكيله لها اتهامات خطيرة.. قطر ترد بقوة على نتنياهو    برشلونة يقلب الطاولة على بلد الوليد ويبتعد بصدارة "الليغا"    ربيع الفنون بالقيروان يُنشد شعرا    في لقائه بوزراء .. الرئيس يأمر بإيجاد حلول لمنشآت معطّلة    الدوري الفرنسي.. باريس سان جيرمان يتلقى خسارته الثانية تواليًا    غدا: حرارة في مستويات صيفية    منير بن صالحة: ''منوّبي بريء من جريمة قتل المحامية منجية''    مؤشر إيجابي بخصوص مخزون السدود    عاجل/ قضية منتحل صفة مدير بديوان رئاسة الحكومة..السجن لهؤولاء..    صفاقس : المسرح البلدي يحتضن حفل الصالون العائلي للكتاب تحت شعار "بيتنا يقرأ"    الأطباء الشبان يُهدّدون بالإضراب لمدة 5 أيّام    بداية من 6 ماي: انقطاع مياه الشرب بهذه المناطق بالعاصمة    الرابطة الأولى: الاتحاد المنستيري يتعادل مع البقلاوة واتحاد بن قردان ينتصر    القصرين: قافلة صحية متعددة الاختصاصات تحلّ بمدينة القصرين وتسجّل إقبالًا واسعًا من المواطنين    سامي بنواس رئيس مدير عام جديد على رأس بي هاش للتأمين    طقس الليلة: الحرارة تصل الى 27 درجة    وزير النقل يدعو الى استكمال أشغال التكييف في مطار تونس قرطاج استعدادا لموسم الحجّ وعودة التّونسيين بالخارج    نادي ساقية الزيت يتأهل لنهائي الكأس على حساب النجم    كلاسيكو اوفى بوعوده والنادي الصفاقسي لم يؤمن بحظوظه    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: المنتخب التونسي يضيف ثلاث ميداليات في منافسات الاواسط والوسطيات    منوبة: 400 تلميذ وتلميذة يشاركون في الدور النهائي للبطولة الاقليمية لألعاب الرياضيات والمنطق    "براكاج" يُطيح بمنحرف محل 26 منشور تفتيش    غدا.. قطع الكهرباء ب3 ولايات    إحالة رجل أعمال في مجال تصنيع القهوة ومسؤول سام على الدائرة الجنائية في قضايا فساد مالي ورفض الإفراج عنهما    بداية من الاثنين: انطلاق "البكالوريا البيضاء"    دقاش: شجار ينتهي بإزهاق روح شاب ثلاثيني    عاجل/ سرقة منزل المرزوقي: النيابة العمومية تتدخّل..    الكلاسيكو: الترجي يحذر جماهيره    بعد منعهم من صيد السردينة: بحّارة هذه الجهة يحتجّون.. #خبر_عاجل    البنك الوطني الفلاحي: توزيع أرباح بقيمة دينار واحد عن كل سهم بعنوان سنة 2024    "البيض غالٍ".. ترامب يدفع الأمريكيين لاستئجار الدجاج    الحج والعمرة السعودية تحذّر من التعرُّض المباشر للشمس    دراسة جديدة: الشباب يفتقر للسعادة ويفضلون الاتصال بالواقع الافتراضي    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    الاستعداد لعيد الاضحى: بلاغ هام من وزارة الفلاحة.. #خبر_عاجل    ترامب ينشر صورة بزيّ بابا الفاتيكان    غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    مقارنة بالسنة الماضية: إرتفاع عدد الليالي المقضاة ب 113.7% بولاية قابس.    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهدي مبروك (وزير الثقافة) ل «التونسية»: الثقافة حصن منيع لمدنيّة الدولة وللتعدّدية... بداية 2014 استئناف أشغال مدينة الثقافة
نشر في التونسية يوم 23 - 11 - 2013


الانقلاب على المؤسسات التأسيسية مرفوض
نجوم عالميون في مهرجان قرطاج القادم
لا بدّ من تخفيف المركزية المفرطة في التصرّف في الآثار لحمايتها من السرقة والنهب
القناة الثقافية في النصف الثاني من العام المقبل
التونسية (تونس)
استقبلنا بحفاوة المثقف وهيبة الأكاديمي التي تنمّ عن حسّ ثقافي وسياسي راق.. انه مهدي مبروك وزير الثقافة... التقته «التونسية» في حوار مطول تطرق فيه الى شواغل قطاع الثقافة: الواقع والآفاق بين أوجاع المبدع وآماله في تكريس هوية ثقافية متطورة وصامدة صمود هذا الوطن... مخاطبنا تطرق كذلك ولأول مرة منذ توليه دفّة الوزارة الى تقاطعات الأزمة السياسية التي تشهدها بلادنا وتعثرات الحوار الوطني وشروط نجاحه وتداعيات الاختراق الحدودي و المخاطر الأمنية وقانون المالية والأوقاف وعديد الملفات الساخنة المطروحة على طاولة الوطن اضافة الى مستقبله السياسي بعد مغادرته الوزارة.
تعيش بلادنا على وقع ايام قرطاج المسرحية فلو تقدمون لنا بسطة عن فعاليات التظاهرة لهذه السنة؟
فعلا انطلقت أيام قرطاج المسرحية من خلال تنظيم الندوة العلمية حول الفن والدين التي حضرها عدة محاضرين من تونس وخارجها. وأمس انطلقت العروض الرسمية للتظاهرة التي بها نختم السنة الثقافية لهذا العام وننتقل الى مرحلة جديدة وهي عبارة عن تقليد جديد من 17 ديسمبر الى 14 جانفي يتمثل في الاحتفاء بذكرى الثورة تنتظم خلاله مهرجانات وفعاليات نسعى ان تكون مواكبة للثورة التونسية بما يقتضيه ذلك من تعبئة بشرية وتنظيمية و ثقافية لإرضاء جميع المواطنين حتى يكون هذا الشهر هو شهر الثقافة بامتياز بعيدا عن كل التجاذبات والأجندات السياسية ودون ابتذال مفرط كذلك رغم اننا قد لا نجد توافقات من مكونات المجتمع المدني ولكننا مصرون على انجاح هذه التظاهرة.
ما هي أهم العروض المبرمجة في فعاليات العرس المسرحي في «الأيام»؟
الأسبوع الفارط تم اختتام الملتقى الدولي للنحت على الأحجار الرخامية بتونس بمشاركة نحاتين تونسيين وعالمين من طراز عال و بناء على ذلك سيقع عرض هذه المنحوتات الضخمة خلال أيام قرطاج المسرحية ولا ننسى ان تونس تعتبر بلدا رائدا تاريخيا في مجال النحت على الحجارة وخصوصا في العهد القرطاجي ونحن حاولنا ان نعطي فرصة للجمهور حتى يتذكر هذا العمق التاريخي الضارب في الحضارة لبلادنا ونرجو أن نسدل الستار على تظاهرات السنة الثقافية بإنهاء برامج الوزارة والإيفاء بأجنداتها الكبرى على أحسن وجه.
أيام قرطاج المسرحية تنتظم دون مسابقة فهل أنتم مع هذا الخيار؟
التظاهرة لا تقوم على الجوائز ولم يقع حجب الجوائز لأنها حجبت خلال عدة دورات ثم عادت لتحجب من جديد كما أن لدينا قناعة بأن المسرح يجب ان يكون كسوق عكاظ من حيث الفرجة والجمالية والإمتاع الفني يجب ان تتوفر المتعة الفنية في هذه التظاهرة وبتذاكر رمزية يمكن للجميع ان يشاهد كل فنون المسرح والى حد هذه اللحظة هناك توجه من المختصين وأهل المهنة لتكون الدورة بلا مسابقات كما ان أهم جائزة في اعتقادنا هي قيمة الأعمال التي ستقدم وحجم الإشادة بها وأثرها لدى المتفرج وأيضا الاقبال الجماهيري والصدى الاعلامي. البلاد تعيش مرحلة انتقالية وعلينا ان نشجع الناس على الذهاب الى المسرح وهذا الأمر أهم من الجوائز.
كيف تقيّمون الدورة الأخيرة لمعرض الكتاب خصوصا و قد شهدت تراجعا في عدد الزوار؟
سنعقد اجتماعا خلال هذا الأسبوع من أجل تقييم أوّلي للدورة الثلاثين لمعرض الكتاب. وفي الحقيقة يوجد بُعدان في هذ التقييم: أولهما هو الجانب التنظيمي وهذا البعد كان ناجحا مقارنة بالدورة السابقة اذ وقع تجاوز جميع الثغرات والنقائص التنظيمية الى جانب ان المضمون كان ذا طابع مزدوج وهذا الجانب توفر لأن البرمجة كانت معتبرة وثرية من حيث المحتوى.
أما البعد الثاني فيتمثل في الجانب التجاري أي المبيعات وفي نظرنا لم يسجل المعرض امتيازا وذلك بسبب انتظام الدورة في مناخ سياسي عام اتسم بالاحتقان وما شهدته بلادنا من أحداث عنف وإرهاب وهذا أثر كثيرا على حجم الاقبال دون ان ننسى أيضا تراجع المقدرة الشرائية للمواطن التونسي على خلفية أعباء العودة المدرسية والعيد وغيرها وربما لهذه الأسباب قد تتجه النية الى ارجاع تاريخ انتظام المعرض الى سالف عهده أي موعده الزمني السابق في شهر أفريل من كل سنة علما أن هذا الأمر هو عملية عسيرة بعض الشيء بسبب تحكم اتحاد الناشرين العرب في رزنامة المعرض وآجال انعقاده ولكننا تحصلنا على وعد منهم للغرض اضافة الى ذلك سيقع تنظيم دورة استثنائية في شكل «صالون للكتاب» في سنة 2014.
وماذا عن غزو الكتب الإخوانية المتطرفة للمعرض؟
كوزارة لم نتدخل مطلقا في المحتوى المعروض خلال التظاهرة فمن حق المواطن أن يقرأ ما يريد سواء في الدين أو غيره.. هناك حرية النشر والفكر ونحن لم نتدخل أبدا في منع أي كتاب بما فيها كتاب «كلب بن كلب» لا وزارة الثقافة ولا الداخلية ولا الديوانة تدخلت في منع دخول الكتب المعروضة هذا الأمر هو من مهام لجنة العارضين. كما أنه تم استبعاد كل الكتب التي تدعو الى العنف او تحرض على القتل والفتن أو تتحدث عن صناعة الأسلحة وغيرها .. ما يحدث هو اننا لم نتنفس بعد الحرية ملء صدورنا إضافة الى ذلك حركة النشر غير متوازنة والكتاب الديني هو حالة من حالات حركة النشر العربية بصفة عامة ولا ينحصر في تونس.
أثار ملف التعيينات في الخطط الثقافية مؤخرا كثيرا من الجدل خصوصا بتعيين مدير عام للنجمة الزهراء وللفرقة الوطنية للموسيقى فما هي المقاييس المعتمدة في هذه التعيينات؟
لا أحد يمكنه ان يجادل في القيمة الفنية لمحمد لسود فهو أستاذ تعليم عال في الموسيقى وملحن وعازف ممتاز ولذلك فتعيينه تم على أساس هذه المقاييس الفنية وللكفاءة التي يتمتع بها.
يتردد أن محمد لسود عين على رأس الفرقة الوطنية للموسيقى بتدخل أحد نواب المجلس التأسيسي عن كتلة «النهضة» وتحديدا وليد البناني, ما تعليقكم؟
هذه اشاعة سيئة الإخراج ..وليد البناني أصيل القصرين ومحمد لسود أصيل بنزرت كما أني لم اسمع بهذا الأمر ولم يرد حتى في خيالي ولا علاقة لي بوليد البناني الا بصفته عضو بالمجلس التأسيسي ولم يحدث مطلقا ان تحدثت معه بخصوص الشأن السياسي أو الثقافي.
كيف تقيّمون نصيب الوزارة من ميزانية 2014؟
نصيب الوزارة ارتفع ب 4 , 3 وهي حالة استثنائية بالنسبة لسنة تتسم بالتقشف وهذا الترفيع يعتبر مرضيا ومحترما ونحن راضون عن هذه الزيادة.
أهم مشاريع وزارة الثقافة للسنة القادمة؟
أولا من الضروري استكمال المجهودات التي قامت بها الوزارة. نحن نؤمن باستمرارية الدولة وقمنا بتقديم رؤى ومقترحات وخطوط عريضة ونترك مجال تفعيل ذلك لخلفنا. ونعتقد انه سيقع احداث ثلاث مؤسسات بعد أن تمت احالتها و التنصيص بشأنها على رئاسة الحكومة وهي «الوكالة الوطنية لإحياء التظاهرات والمهرجانات» و«المجلس الأعلى للثقافة» وهذا الأمر تحاورنا بخصوصه لمدة حوالي 6 اشهر مع الجمعيات و كذلك «المجمع التونسي للرقص والموسيقى» الذي سيجمع الفرق التي تفتقد للهياكل التنظيمية مثل البالي وغيرها وعلى هذا النحو نكون قد وضعنا حدا للفراغ القانوني الذي يلف الجمعيات الثقافية.
أيضا السنة المقبلة ستشهد تنظيم مهرجانات استثنائية في شكل دورات متميزة من بينها الدورة الخمسين لأيام قرطاج السينمائية وكذلك الدورة الخمسين لمهرجان قرطاج الدولي.
حديث عن اسماء عالمية كبرى قد تؤثث ركح مهرجان قرطاج في السنة المقبلة؟
أجل هناك أسماء عالمية كبرى ستؤثث فعاليات الدورة المقبلة لمهرجان قرطاج الدولي وفعلا بدأنا في الاتصال بفنانين من طراز عال ولدينا اتصالات متقدمة مع «اندريا بوتشلي» و كذلك «سيلين ديون» ونجوم عالميين آخرين.
هل سيبقى مراد الصقلي على رأس مهرجان قرطاج للعام المقبل؟
هذا الأمر سابق لأوانه ومع ذلك الصقلي ينطلق بأريحية للبقاء على رأس المهرجان فالدورة الفارطة كانت ناجحة فليس من الواجب او المنطقي استبدال الفريق الناجح.
وبالنسبة لمحمد المديوني هل سيبقى بدوره على رأس أيام قرطاج السينمائية؟ وفي صورة تغييره من سيكون البديل؟
سننظر في هذا الأمر لأننا لا نريد استباق التوصيات بل سنتفاعل معها كما أن التسميات التي تمت هي تسميات قانونية وبالنسبة للمديوني قد يبقى وقد يقع تغييره المهم هو كيفية انجاح الدورة هذا هو الأهم.
وماذا عن وضعية المركز الثقافي الدولي بالحمامات خصوصا أن نشاطه شبه متوقف منذ انعقاد المهرجان الصيفي؟
لقد تم اصدار الأمر المنظم للمركز في شهر جويلية المنقضي وتحول تبعا لذلك الى مؤسسة عمومية ذات صبغة ادارية ولكن رغم ذلك لم يشتغل جيدا نظرا لضعف امكانياته وهو ما يقتضي هيكلة جديدة وكذلك برمجة وتخطيط وتفرغا و هذا الملف سيحظى بعناية خلال الأيام القادمة لغاية النهوض بالمركز وتطويره.
أعلنتم أكثر من مرة عن قرب استئناف أشغال مدينة الثقافة فمتى يتم ذلك؟
لقد تم امضاء الملحق الرابع منذ حوالي أسبوعين وهو ملحق تكميلي بمعنى ان الدولة تتعهد بالتفويض للمؤسسة الأجنبية بالضرر الحاصل عن توقف الأشغال. وهذا الأسبوع عبر لنا البنك التشيكي الممول للمشروع عن رغبته في تجديد التعامل مع الحكومة واستئناف القرض وحاليا العرض التشيكي تحت أنظار وزارة المالية وهناك اتفاقية للغرض سيقع امضاؤها قريبا بعد فض بعض الإشكاليات المتعلقة نظرا لعسر المفاوضات وبناء على ذلك ستنطلق الأشغال في بداية عام 2014.
هل من اجراءات وقائية لحماية متاحفنا وتاريخنا وآثارنا من النهب والتهريب؟
هذا سؤال هام لانه توجد مركزية مفرطة في التصرف في التراث وكل الأمور مرتبطة بالمعهد الوطني للتراث الذي يفتقد لفروع جهوية بكامل جهات البلاد في حين ان كل شبر في بلادنا يعج بالمعالم الأثرية والتراثية. ففي الجنوب مثلا لا يوجد سوى مكتب وحيد للمعهد وكذلك منطقة الساحل وفي الشمال الغربي هناك مكتب وحيد بولاية الكاف وهذا معدل ضعيف جدا كما تلاحظين ولأجل ذلك اي لغاية تخفيف هذه المركزية المفرطة التي هي سبب وجود ظاهرة نهب الآثار والفساد المتفشي في هذا المجال قمنا باتخاذ اجراءات لإعادة هيكلة المعهد الوطني للتراث بتكليف مكتب دراسات للغرض. أيضا لا ننسى وجود نقائص أخرى مثل عدم توفر حراس تراث على غرار حراس الغابات وافتقاد المعهد الى معدات وتجهيزات وغيرها لان الميزانية المخصصة لهذا الأخير غير كافية .
ولتأمين متاحفنا كما أشرت في سؤالك تم بعث خلية يقظة بالتعاون مع وزارتي الداخلية والسياحة للتنسيق وتبادل المعلومات لحماية اثارنا من السرقة والنهب كما تم تنظيم ورشة عمل ستنطلق الأسبوع المقبل حول اجراءات السلامة والوقاية والتصرف الاستباقي في حالة الكوارث بهدف محاربة السطو على تراثنا لا سيما ان «اليونسكو» نبهت الى ان تراث دول الثورات العربية مهدد بأعمال ارهابية.
هل مازال مشروع القناة التلفزية الثقافية حلما يراودكم؟
المشروع جاهز حاليا لكن ما زلنا نتباحث في صيغ التمويل وبانطلاق أعمال المركز الوطني للسينما والصورة ستكون قاطرة التمويل لهذا المشروع جاهزة ونعتقد ان ذلك سيتم خلال النصف الثاني من العام المقبل.
نمرّ من متعة ورونق الابداع الثقافي الى مطبات الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد فبصفتكم وزيرا في الحكومة الحالية كيف تقرؤون تشكلات هذه الأزمة؟
الأزمة السياسية موجودة وتعمقت بسبب عدم وجود رغبة حقيقية في التوافق نتيجة استراتيجيات وحسابات متعددة.. أنا وزير مستقل ولكنّني كمواطن أرى ان هناك ازمة ان تعمقت ستكون نتائجها وخيمة على البلاد وعلى الوضع الاقليمي عموما ونرجو ان تقدر الأطراف السياسية عامل الزمن لان هذا العامل ليس في صالح تونس كما ان استراتيجية التريث والإمهال والانتظار ستؤدي الى عواقب كارثية وهي تفكيك جميع مؤسسات منظومة 23 اكتوبر بدعوى انتهاء شرعيتها وهذا سيناريو يجب تجنبه لان نتيجته ستكون انقلابا أبيض على هذه المنظومة لذلك لا بد من العمل على تعزيز الشرعية الناجمة او المنبثقة عن انتخابات 23 اكتوبر واقصد هنا شرعية المجلس التأسيسي وهذه الشرعية متواصلة ولكن المشروعية هي التي ضعفت أكثر. الحكومة بدورها انبثقت عن «التأسيسي» ولأجل ذلك فالتأسيسي هو السلطة التأسيسية وكذلك الرئاسة وهناك التزام اخلاقي لا قانوني ولذلك نحن نتحدث عن ضعف المشروعية الأخلاقية لأنه لا بد من استمرارية مؤسسات 23 اكتوبر لا استمرارية أشخاص بعينهم و تعزيز هذه الاستمرارية بالتوافق كمصدر للمشروعية.
ولكن هذه الشرعية هي في نظر المعارضة وشريحة واسعة من التونسيين منتهية منذ 23 اكتوبر 2012؟
إلغاء التوافق باسم انتهاء الشرعية غير مقبول والانقلاب الكامل على المؤسسات التأسيسية غير مقبول ولا بد من ايجاد توافقات حول المهام التأسيسية و المسار الحكومي.. هناك رسائل سياسية واضحة وجهت للنخبة السياسية للتنصيص على مهام الحكومة القادمة وأيضا الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وغيرها.
لمن تحملون مسؤولية تعطل او تعثر مسار الحوار الوطني؟
لسنا طرفا في الحوار الوطني لكن بإمكاننا القول ان جميع الأطراف مسؤولة. فالآن يتعطل الحوار بسبب التنقيحات التي أجريت على النظام الداخلي للمجلس التأسيسي وايضا على خلفية قرار المحكمة الإدارية لذلك على جميع الاطراف ممارسة عملية النقد الذاتي وتقديم المقترحات للخروج من الأزمة وتحمل مسؤولياتها وعلى كل الأطراف كذلك تقديم تنازلات لأن صياغة الحوار الوطني لا يجب ان تتم ب «كسر العظم» ولي الأذرع فهذا الأمر من شأنه أن يؤدي الى عواقب غير محمودة.
وأية تقديرات أو استشرافات ترونها ممكنة لنجاح الحوار؟
هناك مؤشرات ايجابية على نجاح الحوار الوطني كما ان حسين العباسي صرح بأن الرباعي لن يفرض اسما لمنصب رئيس الحكومة وهذا يعني ان الرباعي يحمّل الاطراف السياسية مسؤولية التنازل لبعضها البعض من اجل مصلحة البلاد.
الرباعي الراعي للحوار تصرف بحكمة وحياد عكس ما يروج احيانا عن تحيزه لطرف ما ولو كان يخدم اجندات سياسية لكان تسرع في اعلان فشل الحوار ولكن كما قلت لك الرباعي اثبت انه يغلب المصلحة الوطنية.
لأجل كل ما ذكرت لدينا امل كبير في نجاح الحوار رغم وجود صعوبات كما أننا لا نتصور البتة ان نبلغ نهاية شهر ديسمبر المقبل دون رحيل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة جديدة.
يعني انتم على ثقة تامة في استقالة حكومة العريض قريبا؟
لم نشعر مطلقا بأن الحكومة الحالية لن تستقيل. هي فقط وضعت شروطا معينة للاستقالة وحرصت على تسريع المسارات الحكومية والتأسيسية كما ان علي العريض تعهد بالاستقالة حسب ما أعلم.
وماذا عن تنقيحات النظام الداخلي للمجلس التأسيسي؟
هذه التنقيحات تمت في أجواء تتسم بغياب الثقة المتبادلة وفي غياب النواب المنسحبين والحديث عن الانقلاب فيه مبالغة من الجانبين. هي فقط حركة غير محسوبة واجراء غير دقيق قامت به كتلة «حركة النهضة» بالتأسيسي لفرض عدم انسحاب النواب من جديد ولكن القضية ليست الزاما او فرضا أو اجراءات. المسألة أعمق من هذا تتمثل اساسا في ارساء مناخ من الثقة المتبادلة وكان على كتلة النهضة دفع التوافق بتوجيه رسالة طمأنة ايجابية .
قانون ميزانية 2014 وصف بالكارثي ... ما رأيكم؟
لا نعتقد ذلك.. صحيح ان قانون الميزانية تمت صياغته تحت ضغوطات مالية وفي ظل شح كبير لموارد الدولة وموارد الاقتراض. كذلك لا يجب ان ننسى حيز الأولويات في قانون هذه الميزانية كالهاجس الأمني والاشكاليات التي يشهدها الاقتصاد اضافة الى تراجع وضعف التصنيف الائتماني لتونس كل هذه الظروف من شأنها ان تجعل ميزانية السنة المقبلة ميزانية تقشفية ولكن ان تنعت بالكارثية ونتهمها باستهداف الفئات الوسطى والضعيفة فهذه مبالغة لان عدة نقاط قوة ايضا متوفرة في هذه الميزانية مثل اعفاء ذوي الدخل الأقل من 400 دينار من الفائض على الأداءات. كذلك ومن باب العدالة الجبائية سيقع رفع الدعم تدريجيا بالنسبة للبورجوازيين على السيارات ذات الأربعة خيول وغيرها والأهم من هذا كله ان الميزانية ستكون مرفوقة بالمبادرات والمبادلات الاقتصادية مما سيرفع في دخل الفئات الاجتماعية التي هي خارج الهيكلة الأولية طبعا شرط تكثيف المراقبة الاقتصادية.
ولكن البعض يرى ان قانون الميزانية تم وفق املاءات من جهات اجنبية كصندوق النقد الدولي؟
صحيح هناك توصيات من صندوق النقد الدولي لكن هذه التوصيات لم تبلغ حيز التعليمات. ايضا الاصلاح الاقتصادي كإصلاح الجباية و الدعم والعدالة الاجتماعية هو من صنف التوصيات لا التعليمات رغم ان الاداءات والجباية استهدفت قطاعات لم تدر بخلد المواطن التونسي كالسيارات ذات الأربعة خيول ولكن تلك خطوة في اتجاه ترشيد العدالة بأن يدفع الأثرياء اكثر من الفقراء وهذا يدخل في اطار ترشيد التصرف في منظومة الدعم ثم لا ننسى ان مراجعة الدعم هو مشروع الحكومة السابقة التي لم تكن انذاك واقعة تحت ضغوطات مالية أو اقتصادية.
وهل أنتم راضون عما يسمى بقانون الأوقاف؟
جميع الدول الاسلامية بها أوقاف واهم الجامعات في العالم بها أوقاف وعلينا التمييز بين الأوقاف العمومية والأوقاف الخاصة. فالدولة ليست «النهضة» لذلك نحن لسنا ضد هذا القانون بشرط أن يحترم بدوره القانون ويدعم الاقتصاد التضامني ومدنية الدولة وخصوصا ان يقع الفصل بين الأوقاف والجمعيات و الأحزاب السياسية.
جدل واسع حول التعيينات الحزبية الموالية ل «النهضة» في مفاصل الدولة, بماذا تردون؟
المبدأ هو ان تقوم كل حكومة بتعيين مسيّريها وأنصارها ومن ينفذ لها سياساتها بالمؤسسات العمومية على قاعدة الجدارة والكفاءة ولكل حكومة الحق في تعيين من تراه جديرا بذلك وما يتردد حول التعيينات التابعة ل «الترويكا» او «النهضة» بالوظيفة العمومية فيها مبالغة لان هناك قانونا ينظم الانتدابات والتعيينات.
ولكن هذه التعيينات لم تكن عادلة بسبب تمتع أصحاب العفو التشريعي بالأولوية في التوظيف على حساب اصحاب الشهائد العليا المعطلين وجرحى الثورة؟
أجل نسق التشغيل ضعيف بسبب تراجع الانتدابات في 2014 نظرا للمشاكل الاقتصادية التي تمر بها البلاد. أيضا هناك قانون التزمت به الحكومة بالنسبة لشهداء وجرحى الثورة. أمّا المتمتعون بالعفو التشريعي فمن حقهم ايضا الشغل والادماج في الوظيفة العمومية وفي المجتمع بشرط احترامهم للقانون لأنه يجب ضمان حق المواطن قبل كل شيء واذا وقعت من هذا المواطن أو ذلك أية خروقات أو تجاوزات عندها يجب تطبيق القانون اضافة الى ذلك نذكر بان قانون العفو التشريعي وقع سنه في عهد السبسي.
وماذا عن اختراق حدودنا والمخاطر المحدقة بأمننا القومي؟
حدودنا مخترقة والأسلحة تباع في بلادنا والمصالح الأمنية تلقي القبض على العناصر التي تهرّب السلاح أو تبيعه وهذا بسبب ما يحدث بليبيا وننتظر قدوم نازحين اذا تواصلت الحرب في هذا البلد.. على كل نرجو ان تتعافى المؤسسة الأمنية والعسكرية.
وهل مؤسستنا الأمنية مخترقة من الداخل بنظركم؟
هذه المسألة فيها تجاذبات ونحن لا علاقة لنا بها ونرجو ان يتم التحقيق في الأمر حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود كما اننا تسرعنا بتوسعة العمل النقابي بقطاعات ذات حساسية خاصة ومن المفروض ان تستعيد عافيتها اولا علما أن تونس من بين 9 دول في العالم توجد بها نقابات أمنية بما في ذلك الدول المتقدمة ولكن يبقى حسن الظن بالقيادات الأمنية قائما للنأي بالمؤسسة عن التجاذبات السياسية.
ترى بعض الأطراف ان وزارات السيادة لم يقع تحييدها فعليا وان أغلب الوزراء المستقلين هم خلايا نائمة لحركة «النهضة»؟
هم ليسوا من جيلنا ولا نعرف خلفياتهم الإيديولوجية كما اننا كوزراء نشتغل تحت رئاسة الحكومة وهي من تسطر السياسات الكبرى لذلك ليست لدينا اية فكرة حول هذا الأمر. وبالنسبة لنا نقول اننا لم نخضع الى أية ضغوطات ولم نتلق أية تعليمات مطلقا سواء من حكومة الجبالي او حكومة العريض وكل مواقفنا الصائبة والخاطئة كانت من محض اجتهادنا.
وهل انتم مستقلون؟ وهل تفكرون في خوض تجربة سياسية بعد مغادرتكم للوزارة؟
أنا لا أنتمي الى اي حزب وآخر تجربة سياسية خضتها كانت مع الحزب الديمقراطي التقدمي كما أنني لن أنخرط مستقبلا في اي حزب على الأقل على المدى المنظور والمتوسط وكذلك في الانتخابات وسأواصل عملي بالتدريس بالجامعة علما أنني لم أتخلّ عن التدريس حتى وأنا في الوزارة .
أنتم من الوزراء الذين تم الاحتفاظ بهم من حكومة الجبالي, ما السر ؟
التعديلات شملت وزارات السيادة والاحتفاظ بنا لا يعني اننا نجحنا بل ربما لاننا نعمل بصمت ودون ضجة وحتى اعلاميا لم نظهر مطلقا في أية حوارات سياسية واكتفينا بمجالنا الثقافي وهو فقط ما يعنينا فنحن لا دخل لنا بالشأن السياسي رغم ان لدينا خلفيتنا الايديولوجية وهذه هي المرة الأولى التي نتحدث فيها عن السياسة لوسيلة اعلامية.
مهدي مبروك من كرسي الجامعة الى كرسي الوزارة, ماذا تغير؟
تغيرت أشياء كثيرة لأن مسؤولية الوزارة أكبر والقطاع حساس وليس لك الحق في الخطأ. كذلك دائرة العلاقات الاجتماعية تتقلص في حين ان مجال الحريات الاكاديمية فسيح وواسع.
بماذا تختمون؟
تظل الثقافة دوما حصنا منيعا لمدنية الدولة والتعددية واليوم هناك محاولة للإقصاء المتبادل من جميع الأطراف حتى ان جمعية حقوقية عريقة تحدثت مؤخرا عن مفهوم الابادة لذلك من الضروري الانحياز الى قيم الجمال والحرية والتعددية.
حاورته: سنية البرينصي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.