الأضواء,الموسيقى ,الجمهور ... كلها علامات أوحت عشية أول امس بأن العاصمة على موعد مع المسرح.وعلى إيقاع الطبول ووقع العروض الموسيقية والفرجوية و«مباركة» المنحوتات الفنية...فتح المسرح البلدي أبوابه لاحتضان أيام قرطاج المسرحية في دورتها ال 16. وفي تلك الليلة احس الحاضرون انّ المسرح رفع رأسه في شموخ وتحدّ وتساءل : «ن قال إن جمهوري هجرني ؟مشيرا إلى ازدحام عشاقه أمام أبوابه . ذلك انه بالرغم من كل شيء مازال للمسرح في زماننا ...مكان وله عشاق الأوفياء. لا وزير الثقافة مهدي مبروك ألقى كلمة أوتحية ...ولا مدير الدورة وحيد السعفي رحّب بالضيوف ...ولا شيء دلّ على افتتاح رسمي لأيام قرطاج المسرحية كما جرت العادة في سابق الدورات ! وحدها الاحتياطات الأمنية تكثّفت وتعززت في هذه التظاهرة المسرحية تحسبّا لأي طارئ أوضيوف غير مرغوب فيهم ... أما ضيفة الدورة المبجّلة فقد قدمت من القاهرة,عاصمة «أم الدنيا».. انها الفنانة القديرة المعروفة مسرحيا وسينمائيا وتلفزيا... «سميحة أيوب». فوضى... و«تسونامي»للإعادة السجاد الأحمر على درجات المسرح البلدي والمفترض أن يكون طريق عبور الضيوف والمشاهير ... داسته الأقدام وغطّته جموع الغاضبين والمحتجين على منعهم من الدخول ...لأنهم لا يحملون دعوات فلا شفاعة للشارات ولا لغيرها . ولكن حتى الدعوات كانت فوق طاقة احتمال مقاعد المسرح ,فبقي كثيرون في الخارج ! وكان اللغط والهرج والفوضى أبطال «تدشين» المحفل المسرحي التونسي على مرأى ومسمع من الضيوف الأجانب, فأي أصداء سيحملون إلى أوطانهم عنّا ؟ ومرّة أخرى يصاحب تظاهراتنا الثقافية شبح أسود يدعى: سوء التنظيم ! وأمام كلّ ما جرى قررّت إدارة أيّام قرطاج المسرحية إعادة عرض الافتتاح أي مسرحية «تسونامي» لفاضل الجعايبي للمرّة الثانية في ليلة البارحة لتدارك ما حدث وتمكين أكثر عدد ممكن من الجمهور من مواكبة آخر أعمال فاضل الجعايبي إخراجا وجليلة بكار كتابة. مواكبة ...أجنبية يبدو أن أصداء المسرح التونسي ضربت الأمصار في شرق الأرض وغربها وقدحت رغبة أهل الاختصاص في اكتشاف خصوصية الفن الرابع في بلد علي بن عيّاد ...ومن بين هؤلاء المفتونين بإلابداعات الركحية التونسية المسرحي الليبي «منصور سرقيوه» الذي التقت به «التونسية» أمام المسرح البلدي وهو يستعد لمواكبة عرض «تسونامي», فصرّح قائلا في حماس: «جئت خصيصا من ليبيا صحبة أحد زملائي لمواكبة أيّام قرطاج المسرحية للمرّة الأولى بعد أن بلغ بي الشوق للتعرّف على المسرح التونسي حدّا كبيرا... فكثيرا ما بلغت مسامعي أنباء الجوائز التي افتّكها المسرح التونسي عن جدارة في المهرجانات الدولية وكثيرا ما مدح لي مسرحيون عرب فنيّة الطرح المسرحي التونسي وجماليته... فلم أفوّت فرصة اكتشاف أكبر عدد من العروض لمسرح يعدّ من بين أهم المسارح الطلائعية في العالم العربي». وأضاف هذا المخرج والممثل الليبي أنّ أسماء «فاضل الجعايبي» و«محمد إدريس» و«منصف السويسي»...لها وزنها الخاص لدى أهل المسرح في ليبيا الشقيقة. وأردف قائلا في ألم وحسرة: «جئنا إليكم وإلى مسرحكم... عسى أن ينسينا إشعاع مسرحكم انتكاسة مسرحنا وحال ليبيا اليوم ...كما تعلمون !». حياة ثقافية ...حركية اقتصادية «أنا مسرحي دما وروحا وهوى ...لهذا جئت رغم أني غير مشارك في هذه الدورة من أيام قرطاج المسرحية ...فمن واجب الجميع إنجاح هذه التظاهرة « بهذه الكلمات قدّم المسرحي «سليم الصنهاجي» حضوره فعاليات انطلاق أيام قرطاج المسرحية منذ ساعاتها الأولى. وأضاف قائلا : «كم هوجميل أن يتجمّع الناس أمام المسرح وللمسرح ...في عزف لأنشودة الحياة بشارع الحبيب بورقيبة ,الشارع الذي لطالما كان منبرا للمظاهرات وخطابات الكراهية ...وبهذه التظاهرات الثقافية نعيد الجمهور من جديد إلى الفن ...فيكفي أن نفتح أبواب الثقافة حتى يقصدها التونسي وإن لم يكن اليوم ...فغدا». ولم يخف الصنهاجي سعادته بعودة الحياة إلى قلب العاصمة بعد أن صارت تقفل أبوابها باكرا ...مشيرا إلى الحركية الاقتصادية التي ستبعثها أيام قرطاج المسرحية في المطاعم والمقاهي والمحلات... لا دعاية ...فكيف نعلم؟ استفزّت العروض التنشيطية والفرجوية بشارع الحبيب بورقيبة وأمام قصر المسرح الوطني فضول المارة ...فتجمّعوا بأعداد محترمة للفرجة , للترفيه ,للترويح عن النفس...ولكنّ كثيرا منهم كانوا يتفرّجون ولا يعلمون شيئا عن المناسبة فانبعثت التساؤلات من هنا وهناك : « آش ثمّا ؟...زعمة شنيّا لحكاية ...لازم ثمّا حاجة ...؟! ومنهم من ينصرف بعد نصيب من الفرجة دون أن يعرف ما هي هذه «الحاجة»؟ فهل يتابع التونسيون أخبار المسرح ؟ وهل تعنيهم التظاهرات الثقافة؟وهل بلغتهم أصداء انطلاق الدورة 16 لأيام قرطاج المسرحية؟سؤال طرحته «التونسية»على عدد من الحاضرين. وكان من بين المستجوبين «سعيد» (عامل بنزل) الذي صرّح: «لم ألحظ معلّقة تدّل على انطلاق أيام قرطاج المسرحية ولا أذكر أنّي شاهدت ومضة إشهارية تعلن عن هذه التظاهرة الهامة... واليوم فقط علمت بالأمر ,فالذنب ليس ذنبي». ليلى بورقعة