«شرف الدين الجوّالي» شاب تونسي لا يتجاوز سنه 24 سنة من عائلة معوزة، حلم كغيره من الشباب ببعث مشروع بسيط ينتشله من الظروف المعيشية الصعبة ويعيل به أسرته البسيطة خصوصا بعد وفاة والده الذي ترك في كفالته والدته المسنة وشقيقه المريض. يقول «الجوّالي» إنّه فاز بعرض إستغلال «منتزه نهلوشة» عن طريق بتّة عمومية وأكدّ انه فضاء عائلي يقع قبالة المبيت الجامعي وكذلك امام كلية العلوم وبالقرب من مبيت النخيل وملعب قابس ويعود بالنظر الى ديوان الخدمات الجامعية بالجنوب. ويضيف شرف الدين: «كانت حالة المنتزه في البداية سيئة للغاية وكان فضاء للعربدة ومعاقرة الخمر ومكانا يؤمّه المنحرفون وأصحاب السوابق العدلية». وقال محدّثنا إنّ المنتزه لم يكن» مهيأ» ويفتقر لأبسط الضرورات من ماء وكهرباء، وأضاف: «قمت بصيانته وترميمه وتركيب الحنفيات وإيصال الكهرباء، وكان هدفي الأساسي ان يجد الطلبة مكانا نظيفا يزورونه ويقضّون به أوقات فراغهم، مع العلم أنّ الفضاء يتكوّن من مقهى ومساحات خضراء ويؤمها الزوار من شتى الفئات العمرية. وأضاف :»عندما بدأت المشروع كان بجواري عديد المحلات، وكانوا أقدم مني بالمكان فهناك من لديه 9 سنوات وآخرون 8 سنوات وهم يدفعون معاليم الكراء لمقتصد المبيت الجامعي...». وأشار إلى أنهم يدفعون 120 دينارا معلوم الإيجار وأن لديهم عديد الامتيازات كالماء في حين أنه يدفع 350 دينارا شهريا معلوم الكراء. وأكدّ انه لم يتم منحه اي إمتياز يذكر. وقال «اجتهدت وعملت بمفردي، وصرفت قرابة ال30 الف دينار بعنوان مصاريف صيانة وتهيئة الفضاء ونجحت في إعادة الحياة إلى مكان ظل لسنوات مهجورا»، وأضاف «كنت اعمل ليلا نهارا لأنجح ولأعيد «البسمة» لعائلتي التي كنت عائلها الوحيد، كما ان علاقتي كانت طيبة بجميع الطلبة وحتى الوافدين». واعتبر محدثنا ان التضييقات انطلقت من قبل بعض الأطراف بالجهة وكانت بداية المناوشات بمطالبته بدفع ثمن فاتورة ماء قبل أن يحلّ بالمنتزه وهو ما رفضه بشدة مضيفا: «ثم بدأت التهديدات بإخراجي خاصة أن عقدي مع ديوان الخدمات الجامعية بالجنوب ينتهي في 15 مارس 2014». وقال: «أخبرتني المديرة الجهوية للديوان أنه لا يمكن تجديد البتة لأن العرض حدّد لمرة واحدة، وتساءل: «ما هو ذنبي بعد سنة من الإستغلال والصيانة ؟ ولقد استجبت للقانون وشاركت في «بتة» في حين ان بقية المستغلين للفضاءات المتاخمة لم يشاركوا في أيّة بتة ومع ذلك لم يطالبهم أي طرف بالخروج أو الإمتثال للقانون؟». وأكدّ ان «معتمد» قابس الجنوبية سانده كثيرا باعتباره شابّا من الشباب المهمشين وقال انه يعرف قضيته جيدا، ويعرف كيف كان المنتزه في السابق وكيف نجح في تحويله الى متنفس للطلبة والزوار. وباتصالنا بالسيد «إبراهيم الذويبي» معتمد قابس الجنوبية قال ل«التونسية» ان هذا الفضاء كان مهملا وانه فعلا كان وكرا للفساد ومكانا للمنحرفين، وانه بعد حصول «شرف الدين» على المنتزه تمت صيانته وتهيئته وذلك بمساعدة السلطات المحلية بالجهة وأكدّ انه المتنفس الوحيد بالجهة وانه يزوره أكثر من 20 ألف طالب بحكم وجوده في مكان مخصص للطلبة ويقع بالقرب من المطاعم الجامعية، وقال إنّ الإشكال يكمن في بعض الجزئيات والتفاصيل التي قد تكون وراء عدم رغبة المديرة الجهوية في تجديد العقد مع هذا الشاب. وأضاف المعتمد ان هذا الشاب صغير وربما اندفاعه جعل من عملية التواصل بينه وبين الجهات المعنية شبه مستحيلة ولذلك لم يتّم التوصل الى حلول ترضي الطرفين رغم ان الحلول تبقى ممكنة. وأشار المعتمد إلى انه كسلطة محلية تعاطف كثيرا مع هذا الشاب وحاول مساعدته قدر الإمكان وانه اتصل بالمديرة الجهوية ولكنها أصرت على عدم تجديد العقد. وقال: «لا أعلم من الناحية القانونية مدى مشروعية هذا القرار؟ ولا أعرف كيفية التعامل وتجديد الكراء بالنسبة إليهم؟ وما إذا كانت هناك إجراءات أخرى يجب القيام بها؟». وأضاف المعتمد ل«التونسية»: «على حدّ علمي وما بلغني من معلومات فقد طلب في السابق من المستغل عدم كراء الفضاء لإقامة الأعراس والحفلات الخاصة صيفا ولكنه قد يكون قام بكرائه وهو ما قد يكون تسبب في غضب المديرة الجهوية». وعبرّ المعتمد عن أمله في إيجاد حل لهذا الشاب الذي يحسب له مجهوده الكبير في تحسين المنظر العام والدور الذي لعبه في جمالية المكان وقال: «نأمل أن يتمّ تجاوز الإشكاليات التي أعاقت تجديد العقد».