بقلم: مصطفى قوبعة يحيي اليوم الشعب الليبي الشقيق الذكرى الثالثة لثورة 17 فبراير 2011 وسط اجواء يصعب التكهن بخواتمها. فما تزال ليبيا جريحة ثورة 17 فبراير التي اطاحت بحكم العقيد معمر القذافي فقوضت القديم ولم تبن الجديد، حتى ان ولاية المؤتمر الوطني العام الليبي المنتخب انتهت يوم الجمعة الماضي وسط اصوات تنادي بعدم التمديد لمهام المجلس وأخرى تتمسك به وتدافع بقوة عن التمديد لولايته باعتباره «سيّد نفسه» ليعيش الاشقاء الليبيون تنازعا شبيها بما عشناه في تونس بين شرعية صناديق الانتخاب والخشية من الفراغ من جهة وبين المشروعية السياسية والأخلاقية من جهة اخرى. غير ان الوضع في ليبيا قد يزداد تعقدا نتيجة استقالة عدد من اعضاء المؤتمر الوطني استجابة للمظاهرات الاخيرة التي عمت كبرى المدن الليبية والتي طالبت بعدم التمديد للمؤتمر الوطني بعد تعثره في انجاز استحقاقاته وفي ظلّ حالة الاستقطاب الثنائي بين كتلة تحالف القوى الوطنية وكتلة حزب العدالة والبناء الذراع السياسي لحركة الاخوان المسلمين في ليبيا التي كبلت المجلس مثلما كبلت عمل حكومة زيدان انسجاما واداء. ومن نتيجة هذه التداعيات ان ضعفت الدولة الليبية وعجزت عن بسط سيطرتها وتأمين خدماتها على كامل التراب الليبي وعن تفكيك المجموعات المسلحة التي تشكلت اثناء وبعد الثورة الى درجة ان الوضع الداخلي في الشقيقة ليبيا بما يحمله من مخاطر متزايدة اصبح خطرا على ليبيا وعلى جيرانها على حدّ سواء. السذج فقط سارعوا بالتنديد بانقلاب مزعوم في ليبيا لم يحدث اصلا لأنه ببساطة ليس ثمة بعد قرار دولي بالتدخل العسكري المباشر او غير المباشر اولا وثانيا لأن المؤسسة العسكرية الليبية وهي بصدد التشكّل ليست جاهزة بعد للقيام بأي دور سياسي في الفترة الراهنة. ولهذه الأسباب فإن هذا الانقلاب لا يعدو ان يكون سوى مناورة اعلامية نسجتها قناة اخبارية عربية منافسة لقناة عربية أخرى. ولكن في كل الأحوال، فلا الاشقاء الليبيون راضون عن الاوضاع الداخلية، ولا الغرب الذي أنفق الكثير للاطاحة بحكم العقيد القذافي مطمئن على مآل مصالحه في ليبيا خاصة في ما يتعلق بالأطماع الجديدة لاستغلال الثروة النفطية والغازية وبالمشاريع الكبرى لإعادة الاعمار، ولا جيران ليبيا مرتاحون لأمن حدودهم بعد التوسع التدريجي لرقعة فوضى السلاح ولتحرك المجموعات المسلحة دخولا وخروجا الى ومن ليبيا والمحسوبة على المجموعات الجهادية. انتهت ولاية المؤتمر الوطني العام دون ان يُنجز دستور الشعب الليبي، ولئن يرفض الكثير من الليبيين مبدأ التمديد له، فانهم يمارسون نوعا من الضغط الشعبي السياسي لدفع هذا المجلس لأن يعمل بأكثر جدية واغلب الظن ان غالبية الليبيين سيتجهون الى منح المؤتمر العام مهلة اضافية لمدة شهرين تبدأ مباشرة بعد استكمال انتخاب لجنة الستين يوم 20 فيفري وهي الهيئة التأسيسية المكلفة بصياغة الدستور وبعدها لكل حادث حديث. بعد ثلاث سنوات من ثورة 17 فبراير، تبدو الشقيقة ليبيا على رمال متحركة حارقة للجميع، للشعب الليبي ولجيرانه وللغرب وخاصة للدور التركي القطري في مرحلة ما بعد الاطاحة بحكم العقيد ولنظرية ثورات الربيع العربي عموما على امل ان يكون بهذه المناسبة غدُ ليبيا وشعبها أفضل من الحاضر.