تحطّمت، فجر أمس، طائرة عسكرية ليبية من نوع «أنتونوف 26» في منطقة «نيانو» بمعتمدية قرمبالية بولاية نابل اثر نشوب حريق بأحد محركاتها. وقد أسفر الحادث عن وفاة جميع ركاب الطائرة وعددهم 11. وتفيد المعلومات التي تحصلت عليها «التونسية»، أن طاقم الطائرة قام لحظات قبل الحادث بالاتصال ببرج المراقبة بمطار قرطاج للإعلام عن اشتعال احد محرّكي الطائرة فيما حاول قائد الطائرة إنزالها في منطقة خالية من السكان قرب ضيعة فلاحيّة بعد تعطّل أحد محركيها واشتعال النار فيه. وقد تدخلت وحدات من الجيش الوطني وطاقم طبي من الصحة العسكرية وعناصر من الحماية المدنية لإخراج الجثث المتفحمة ونقلها الى مستشفى شارل نيكول بالعاصمة للتثبت في هوياتها فيما جرى بعد ذلك البحث عن الصندوق الأسود لتحديد أسباب سقوط الطائرة. وتضاربت، في البداية، المعطيات والمعلومات المتعلقة بضحايا الطائرة الليبية حيث تناقلت بعض المصادر الإعلامية الرسمية وغير الرسمية المحلية والأجنبية قائمات مختلفة لأسماء الضحايا، خاصة تواجد اسم مفتاح مبروك عيسى الدوادي، القيادي في تنظيم «القاعدة» بليبيا والعضو السابق في الحكومة الانتقالية الليبية، ضمن ضحايا الطائرة حيث نفى القائم بأعمال السفارة الليبية بتونس مختار دريرة الأنباء التي أشارت إلى وجود أحد عناصر تنظيم «القاعدة» على متن الطائرة العسكرية الليبية التي سقطت مشيرا الى ان مثل هذا النوع من الطائرات يستعمل في أغراض نقل المرضى للعلاج. لكن مصادر رسمية ليبية أكدت بعد ذلك ان مفتاح الدوادي كان على متن الطائرة العسكرية الطبية التي تحطمت مشيرة الى أنه كان «مريضا» ومتوجها الى تونس للعلاج. فيما أكد فؤاد التكبالي رئيس منظمة «أحرار طرابلس» أن الشيخ مفتاح الداودي ليس ارهابيا ولا ينتمي إلى أنصار الشريعة معتبرا إياه أحد الثوار الليبيين وأنه جاء إلى تونس للعلاج. مؤتمر صحفي واثر الحادثة، عقد الحبيب الأمين وزير الثقافة الليبي مؤتمرا صحفيا أكد فيه ان طائرة ليبية توجهت إلى تونس حاملة على متنها فريقاً فنياً يترأسه رئيس مصلحة الطيران المدني لمباشرة التحقيقات مع السلطات التونسية في تحطم طائرة عسكرية ليبية فجر أمس أدت إلى مقتل جميع ركابها ال11. وأشار الأمين إلى أن الطائرة عسكرية من طراز «أنتونوف» تستعمل كطائرة إسعاف كانت تحمل على متنها 11 شخصاً ما بين طاقمها ومجموعة من المرضى للعلاج والاستشفاء في تونس. وذكر الوزير أسماء الركاب وتبين أن من بينهم مفتاح الدوادي، أحد أعضاء الجماعة المقاتلة الليبية التي لها ارتباطات بتنظيم «القاعدة» والذي قضّى سنوات طويلة في سجون النظام السابق . ويشار إلى أن الدوادي كان شغل منصب وكيل وزارة أسر الشهداء بعد ثورة 17 فيفري . وقال الوزير «نأمل أن تظهر التحقيقات الأسباب التي أدت إلى تحطم هذه الطائرة بمنطقة قرمباليةالتونسية رغم أن المعلومات الأولية تشير إلى اندلاع النيران في محركها، حسب آخر اتصال أجراه الطيار مع برج مراقبة مطار تونسقرطاج» . وأشار الأمين إلى أن طائرة أخرى توجّهت إلى تونس لنقل جثت الضحايا. الداخلية توضح في المقابل، كشفت وزارة الداخلية في بيان لها أنّ التحريات الأولية اكدت أنّ تحطّم الطائرة الليبية بجهة نابل ناتج عن حريق في احد محركاتها. و أوضحت الوزارة أنّ الطائرة عسكرية متوسطة الحجم تابعة للجيش الليبي غادرت مطار معيتيقة باتجاه مطار تونسقرطاج. و أفادت الداخلية التونسية أنّه تمّ توجيه مخبر متنقل من قبل الشرطة الفنية والعلمية لإجراء المعاينات اللازمة لرفع الآثار والأدلة المادية ولإجراء مختلف التحاليل والاختبارات. وأضافت الداخلية انه كان على متن الطائرة 11 شخصا لقوا جميعا حتفهم وهم: طاقم الطائرة:- صلاح رشيد المسلاتي - وليد خليفة السيفاء - عامر صالح الجالي - جمعة محمد أبو رويص - أحمد محمد الكندي- مصباح محمد عقيل. المرضى: نور الدين علي الصيد- مفتاح مبروك عيسى . المرافقون: عبد الحكيم علي الصيد - وليد صالح الصيد - الطاهر عبد المولى الشريف. وراجت، بعد الحادث، معلومات تشير الى ضلوع تنظيم «القاعدة» في هذه الحادثة لكن مختار بالنّصر العميد المتقاعد من وزارة الدّفاع أكد أنّ الغموض مازال يحفّ بهذه الحادثة وأن وزارة الدّفاع بصدد التّحقيق في ذلك، مضيفا أنّ المعلومات الأوّليّة تقول أنّ اشتعال محرّك الطائرة هو السّبب في تحطّمها وان الأبحاث جارية في هذا الإطار وانه لا يمكن تأكيد أنّ «القاعدة» وراء هذه الحادثة بمجرّد الاشتباه في وجود أحد عناصرها ضمن الضّحايا. من هو مفتاح الداودي؟ الدوادي هو وكيل وزارة رعاية الشهداء والجرحى والمفقودين ورئيس المجلس العسكري لصبراته. سجن سابقا في بوسليم بعد تورطه مع مجموعات تنظيم «القاعدة» المسؤولة عن أعمال إرهابية وتفجيرات أدت إلى قتل مواطنين في شرق ليبيا. وهو من كبار مؤسسي الجماعة المقاتلة، كان في أفغانستان أين أسّس معسكر «الأنصار» وأصبح أميرا للجماعة ويلقّب بأبي عبد الغفار. ويذكر أنّ أيمن الظواهري كان قد أعلن انضمام الجماعة الليبية المقاتلة لتنظيم القاعدة سنة 2007 تحت إمرة أسامة بن لادن. وقد كان هدف الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة الإطاحة بنظام القذافي لإقامة دولة إسلامية، إلا أن السلطات الليبية تمكنت من كشفها عام 1995، وهو ما دفع الجماعة إلى الإعلان عن نفسها لتستمر المواجهات المسلحة مع النظام حتى عام 1999، حينما أعلن القذافي قضاءه على الجماعة. وقد حاولت الجماعة الليبية المقاتلة اغتيال العقيد معمر القذافي في منتصف التسعينات، لكن هذه العملية باءت بالفشل، وشنت قوات الأمن الليبية حينها حملة شرسة على الإسلاميين الليبيين أدت إلى اكتشاف تنظيم الجماعة الإسلامية. وقامت فيما بعد السلطات الليبية بالافراج عن أفراد الجماعة المعتقلين حتى بعد اندلاع الثورة الليبية في 17 فيفري 2011.