أسدل الستار أخيرا وكما هو معلوم على ملف اللاعب الغابوني «ابراهيما ديديي ندونغ» وحسمت القضية لصالح النادي الصفاقسي في الطور الاخير من درجات التقاضي بالوصول الى أروقة هيئة التحكيم الرياضي التي قالت كلمتها وانتهى الامر بعد ان كانت الكفة تميل لصالح فريق جوهرة الساحل ورغم انّ القرار النهائي أصبح باتا وغير قابل للطعن بإعادة نقاط المباراة الى رصيد فريق عاصمة الجنوب فإن تبعات هذه القضية الحدث مازالت تلقي بضلالها على الساحة الرياضية في ظلّ اصرار بعض الاطراف على استثمار ورقات القضية وتحويلها لرصيد هذا المسؤول أو ذاك... الحديث الآن عن حكم الكناس ونقضها لقراري الرابطة ولجنة الاستئناف بات في حكم الماضي واجترار حيثيات القضية بالسلب أو الايجاب لن يغيّر في واقع الامور شيئا وكلّ ما يتناثر هنا أو هناك من تبريرات أو تعلّات لن يسمن ولن يغني من جوع ونصّ التعليل بات في متناول الجميع ومن تدفعه سواكنه مجدّدا للنبش في أرشيف القضية ما عليه سوى مراجعة الحكم الصادر ذات صباح غادر ليقف على نفس المسافة من الجميع حتى يكون بعيدا عن حكم العواطف وعن حديث الكواليس وترتيبات الغرف الموصدة... إلى هنا يبقى الجدال القائم بين الطرفين ونعني فريقي النادي الصفاقسي والنجم الساحلي طبيعيا فصوت الجماهير الذي يعلو بلا استحياء و يدفع لتغليب كفّة هذا الفريق أو ذاك يبقى دائما مسموعا حتى لو خانته لغة القوانين وخذلته مرافعات المحامين غير انّ ما نعيبه على كبيري كرة القدم التونسية هو ما يأتيه بعض المسؤولين المحسوبين على الفريقين في ظلّ حرب التصريحات والتصريحات المضادة التي تنطلق من حناجر تعوّدت النفخ في رماد الفتنة... حناجر لا تتحرّج مطلقا في تهييج الشارع غير مبالية بطبيعة الظرف وحساسية المرحلة التي تعيشها البلاد... غير عابئة بفتاوى الخراب التي تشرّع لقانون الغاب وتقبر بين جنباتها صوت القانون وحكمة العقلاء... قضيّة ندونغ كشفت بعمد أو دونه بعض الجوانب المظلمة في شخصية كلّا من حسين جنيح المدير التنفيذي لفريق جوهرة الساحل والناصر البدوي المدير الرياضي لفريق عاصمة الجنوب...كلا الاسمين استأثرا بحديث الشارع في الآونة الاخيرة وصارا عنوانا شرفيا لكلّ أطوار القضية فالاوّل لا يجيد الحديث سوى عن نظرية المؤامرة واستهداف الساحل والثاني يصّر على النزول إلى الرصيف واستلهام مفردات الشارع... الأوّل يحوّل نصّ الهزيمة الى عنوان فخري يتباهى به على مسامع جماهير النجم الوفيّة التي تستسلم طواعية لشعارات البطولة ولحرب مزعومة مع ألوان أخرى يكفيها عنوان البطولة... والثاني يلوك بين شفتيه شعار البطل الذي تترصّده النوايا الخبيثة والنفوس المريضة, هو يتهكّم على الجميع لا لشيء سوى لأنّه في موضع قوّة وحملته الظروف ليصير ناطقا باسم البطل... بين جنيح الصغير والبدوي الرحالة تتباين المواقف والآراء... لكل منهما فلسفته ونظرته للحياة ولكل منهما تكوينه وطريقته في معالجة الداء...لكن، رغم تناقضهما واختلافهما عقليا وجسمانيا ورياضيا يجتمعان في نفس البلاء...فهما سبب العناء ومصدر الشقاء لأنهما مسؤولان غير مسؤولين يفتقدان لنواميس التسيير الرياضي ولسمعة القميص الذي يمثلانه... جنيح الابن وعلى خلاف بقيّة العائلة الساحلية لا يجيد سوى التباكي على كرة لا تحترم قواعدها ويصّر دائما على الزجّ بملفات سياسية في قضية رياضية خالصة... هو يدفع بنفسه في حرب خاسرة عمادها وقود الجهويات ليظهر في صورة الزعيم وحامي الحمى والدين... على النقيض منه يتحدّث «ابن الدومان» الناصر البدوي بخطاب شعبوي صرف يمتزج فيه العناد بنبرة التحدّي... خطاب ساخر يطال صداه كلّ «الفيراج» ليكون هو في الآخر ناطقا باسم الجمهورية الصفاقسية... هما يتناقران كالديكة في صراع بيزنطي لا غالب فيه ولا مغلوب...صراع أساء لهما أكثر ممّا رفع من قيمتهما ومن شأنهما وصار مادة إعلامية دسمة لعديد البلاتوهات الرياضية التي تنتعش بوجود مراهقين مماثلين ينجذبان لسحر الكاميرا وتأسرهما الاضواء فيفرغان كل ما في جعبتهما من كلام محشي بعطر المقاهي ونسيم الحواري... من حقّ كل مسؤول الدفاع عن راية فريقه ومن حقّ أي طرف كان الإستماتة في تغليب وجهة نظره كلّفه ذلك ما كلّفه خاصة إذا كانت من زاوية قانونية طالما انه يرى القانون في صفّه وطالما انّ فريقه فوّضه للحديث باسمه لكن ان يستحيل الحال الى فوضى عارمة ونزال سوقي شعاره «من يبكي أكثر» كهذا الذي نعاينه من حين الى آخر فهذا أصل الداء ومربط الفرس... حسين جنيح يتحدّث لغة غريبة عنّا وعن كرتنا...لغة لم يفهمها الجمهور بما فيهم رضا شرف الدين رئيس النجم الساحلي الذي تبرأ مرارا وتكرارا من خطاب التصعيد الذي ينتهجه «ابن جنيح» والذي تقوده حماسة الشباب واندفاعه المتسارع نحو كرسي الرئاسة الى خسارة كلّ شيء بما فيهم دعم مؤيدي والده ومشروع التوريث الذي يطبخ على مهل...على الطرف المقابل يقف الناصر البدوي « شايل بين فكيّه لسانه السليط» ينال من حرمات الجميع بلا حياء ولا استثناء و يميل بحكم ثقافة «البطاحي» التي صقلت موهبته الى ملاسنة خصومه واستفزازهم بتعلّة أنّه جندي من جنود البطل...البدوي أيقن أخيرا أنّ الهجوم سلاح الاقوياء وأنّ بطولة ما بعد الثورة تلعب بعيدا على حافة الميدان حيث يخفت صوت الاقدام وتتعالى صيحات الاستهجان... فتنطق من هول الخور «حيوط رادس»...وتكتمل بالتالي فصول بطولة العار... لذلك صحّ القول « كي سيدي كي جوادو»