مرّ موعد 15 مارس مرور الكرام ولم يكشف رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم وديع الجريء مثلما وعد به مسبقا عن اسم المدرّب الجديد للمنتخب التونسي ورغم انّ التخمينات كانت تصب جميعها في اتجاه المدرّب الفرنسي رومان دوميناك فإنّ تطورات الساعات الاخيرة التي سبقت ذلك التاريخ قلبت المعطيات رأسا على عقب وأجبرت جامعة الجريء على تأجيل الحسم في هذا الملف الى موعد لاحق... وإذا ما كان تمطيط المفاوضات في ظاهره لن يضرّ المنتخب في شيء على اعتبار البطالة الاجبارية التي يعيشها زملاء حسين الراقد باستثناء بعض المصافحات الوديّة التي يسهر على تأمينها فنيا وإداريا ولوجيستيا فريد زمانه المدير الفني للجامعة يوسف الزواوي فإنّ تعثّر المحادثات يكشف في باطنه عن جملة من الإخلالات التي برع فيها الجريء بامتياز منذ وطأت قدماه مقرّ الجامعة ذلك ان مسألة التعاقد مع مدرّب جديد للمنتخب يأتي بعد جملة من الخيبات والاخفاقات لا يمكن ان يكون نتاج قرار فردي أحادي الجانب أو رهين إملاءات وتحفظات من الطرف المقابل بمعنى انّ رومان دوميناك وغيره من الاسماء الموضوعة على طاولة الدرس من المفروض انها لا تملك الحلّ والربط ولا تمارس طقوس «شرط العازب على الهجالة» فالوقت يلعب لصالحنا والضغط مؤجّل بحكم انتفاء الالتزامات والاستحقاقات وكلّ من يستثني نفسه من سوق العرض يخرج آليا من دائرة الاختيار ليبقى فقط من هو أنسب وأصلح لقيادة المنتخب حسب ما تسطّره الادارة الفنية في الجامعة غير انّ جامعتنا الموقّرة كان لها رأي مغاير وفلسفتها المريبة واختارت توخي سياسة جسّ النبض حتى لحظاتها الاخيرة والنتيجة كالعادة الوقوع في التسلل لتسقط كلّ الحسابات في الماء ويقع الجريء مرّة أخرى في فخّ التسيير العشوائي الذي جنى على كرة القدم التونسية بشهادة كلّ الفنيين... في هكذا ملفات من المفروض ان يكون مدرّب المنتخب القادم مكشوف الملامح والعناوين حيث كشفت التجارب السابقة أن تعاقدات الوقت البديل لا تشفي الغليل وانّ هوية المدرّب الجديد لا تحتمل المزيد من الرتوش ومن مساحيق التجميل فتشخيص الحالة بات مكشوفا للعيان وشروط المبايعة جاهزة بلا زيادة أو نقصان...نريد مدرّبا يملك جملة من المواصفات حيث يجب ان يكون على دراية واسعة بخفايا كرة القدم الافريقية وله رصيد محترم من التجارب في قيادة المنتخبات ومتعوّدا على اللعب على عديد الواجهات وليس اسما وافدا حديثا على عالم التدريب لانّ الوضع لم يعد يسمح بمزيد الاختبارات والمجازفة باتت خطّا أحمر بعد ان استنفد الجريء كل الورقات وتخلّف نسورنا عن ركب بقيّة المنتخبات... ملف المدرّب الجديد للمنتخب مازال يسيل الكثير من الحبر وطالما انّ الأمر رهين مزاجية رئيس الجامعة الذي يحتكر بمفرده سلطة اختيار القرار وطالما انّ الجريء يرى الامور من منظوره الخاص «ألف خطوة ولا تنقيزة» سيبقى الغموض جاثما على سطورنا والى حين تتفتّح قريحة الرئيس وينصاع لطبيعة الظرف وأهمية الرهانات التي تنتظره سيبقى الشارع الرياضي بمختلف انتماءاته والوانه يزكّي هذا الاسم ويبايع ذاك على أمل ان يصل المهدي المنتظر الذي سيخلّص منتخبنا من علامات الوهن ويعيد للنسور لذة التحليق من جديد في الإنتظار سنظلّ نتحسس خطوات الرئيس ونترصدها عسانا نظفر بما يشفي الغليل على أمل ان يكون الصيد وفيرا وليس «جيفة» لفظتها الوحوش وتركتها لمن تعوّد النبش في سلّة المهملات... النجاح في الاستحقاقات القادمة وطيّ صفحة الفشل ليس مرتبطا فقط باسم المدرّب الجديد ولكن بجملة من العوامل التي من المفروض ان تتوّفر حتى تتهيّأ الارضية المناسبة لخطّ أولى حروف النجاح وتشييد أولى لبنات البناء ولكن في قراءة عرضية لتحركات رئيس الجامعة يبدو الامر صعب المنال في ظلّ سياسة الاستقواء والانفراد بالرأي التي يمارسها الرئيس وكذلك فلسفة «القعباجي» التي يتوخاها هذا الاخير فهل يعقل ان يبقى المنتخب بلا مدرّب رسمي وغير مؤقت لأكثر من أربعة أشهر وهل من المعقول ان يعلن رئيس الجامعة عن موعد الاعلان الرسمي عن اسم المدرّب الجديد ثمّ يتوارى عن الانظار وهل من المنطقي ان يقع الحسم في هكذا أمور في «كابينة الدكتور» بمعزل عن بقيّة الكوادر الفنيّة في الجامعة وهل يجوز ترك الخيار والانتظار تحت رحمة الاجنبي الجديد الذي سيملي شروطه مثلما يريد ويبتغي في وقت كان لزاما فيه أن يكون بنك المنتخب شرفا لمن يستحقه وليس «تركة» نروّج لها باستحياء في سوق المنتخبات؟؟؟ أسئلة تنتظر الاجابة تماما كما تنتظر التعليل فقد تعبنا واحتار الدليل...كاستينغ المدرّب الجديد للمنتخب شارف على الانتهاء والفائز بلعبة الحظّ مازال في علم الغيب والخوف كلّ الخوف ان يطول الانتظار أكثر ويجبر الجماعة على اختيار أقصر السبل هروبا من عناوين الفشل فيكون الخراج في النهاية مرّا في طعم العلقم ونعود الى نقطة الصفر حيث يمتهن الجماعة ضخّ مسكّنات التنويم وطرح اسطوانات التقييم المهمّ التنصّل من المسؤولية رغم التشبث بها...