عاجل/ سياسي جديد يدخل في إضراب جوع    عاجل/ فنزويلا تقرّر الرد على "الإمبريالية" الامريكية    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    صفعة عمرو دياب لشاب مصري تعود للواجهة من جديد    عاجل/ تونس تُبرم إتفاقا جديدا مع البنك الدولي (تفاصيل)    عاجل/ غلق هذه الطريق بالعاصمة لمدّة 6 أشهر    مشروع كبير في مطار قرطاج: يتكلّف 3000 مليار وخط مترو يوصل العاصمة    فريق من المعهد الوطني للتراث يستكشف مسار "الكابل البحري للاتصالات ميدوزا"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الأديب والمفكر الشاذلي الساكر    الفواكة الجافة : النيّة ولا المحمّصة ؟ شوف شنوّة اللي ينفع صحتك أكثر    11 نوفمبر: العالم يحتفل ب''يوم السناجل''    عاجل: تونس وموريتانيا – 14 ألف تذكرة حاضرة ....كل ما تحب تعرفوا على الماتش!    عاجل: ليفربول تفتح ملف رحيل محمد صلاح!    تونس تتمكن من استقطاب استثمارات أجنبية بأكثر من 2588 مليون دينار إلى أواخر سبتمبر 2025    عاجل-شارل نيكول: إجراء أول عملية جراحية روبوتية في تونس على مستوى الجهاز الهضمي    الأخطر منذ بدء الحرب/ شهادات مزلزلة ومروعة لاغتصاب وتعذيب جنسي لأسيرات وأسرى فلسطينيين على يد الاحتلال..    علماء يتوصلون لحل لغز قد يطيل عمر البشر لمئات السنين..    كريستيانو رونالدو: كأس العالم 2026 .. سيكون الأخير في مسيرتي    عاجل: اقتراح برلماني جديد..السجناء بين 20 و30 سنة قد يؤدون الخدمة العسكرية..شنيا الحكاية؟    عاجل/ في عمليتين نوعيتين للديوانة حجز هذا المبلغ الضخم..    رسميا: إستبعاد لامين يامال من منتخب إسبانيا    عاجل-وزارة الدفاع الوطني: انتدابات وزيادة في الأجور    عاجل/ سقوط سقف إحدى قاعات التدريس بمعهد: نائب بالمجلس المحلّي بفرنانة يفجرها ويكشف..    عاجل: منخفض جوي ''ناضج'' في هذه البلاد العربية    حجم التهرب الضريبي بلغ 1800 م د في صناعة وتجارة الخمور بتونس و1700 م د في التجارة الالكترونية    عشرات الضحايا في تفجير يضرب قرب مجمع المحاكم في إسلام آباد    المحكمة الابتدائية بتونس تحجز ملف المحامية سنية الدهماني لتحديد موعد الجلسة القادمة    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    عاجل : تحرك أمني بعد تلاوة آيات قرآنية عن فرعون بالمتحف الكبير بمصر    نابل: توافد حوالي 820 ألف سائح على جهة نابل - الحمامات منذ بداية السنة الحالية    QNB تونس يفتتح أول فرع أوائل QNB في صفاقس    سليانة: نشر مابين 2000 و3000 دعسوقة مكسيكية لمكافحة الحشرة القرمزية    عاجل: معهد صالح عزيز يعيد تشغيل جهاز الليزر بعد خمس سنوات    عاجل/ وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تنتدب..    نائب رئيس النادي الإفريقي في ضيافة لجنة التحكيم    بعد أكثر من 12 عاما من إغلاقها.. السفارة السورية تعود إلى العمل بواشنطن    غدوة الأربعاء: شوف مباريات الجولة 13 من بطولة النخبة في كورة اليد!    المنتخب التونسي يفتتح الأربعاء سلسلة ودياته بمواجهة موريتانيا استعدادًا للاستحقاقين العربي والإفريقي    من فصول الجامعات إلى مجال الاستثمار والتصدير : كيف تستفيد تونس من تعاونها مع الصين؟    عاجل: اضطراب وانقطاع المياه في هذه الجهة ..ال sonede توّضح    عاجل/ وزير الداخلية يفجرها ويكشف عن عملية أمنية هامة..    المنتخب التونسي لكرة السلة يتحول الى تركيا لاجراء تربص باسبوعين منقوصا من زياد الشنوفي وواصف المثناني بداعي الاصابة    عاجل: حبس الفنان المصري سعد الصغير وآخرين..وهذه التفاصيل    حاجة تستعملها ديما...سبب كبير في ارتفاع فاتورة الضوء    النقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص تنظم يومي 13 و14 ديسمبر القادم فعاليات الدورة 19 لأيام الطب الخاص بالمهدية    الكنيست الإسرائيلي يصادق على مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين في القراءة الأولى    ياخي الشتاء بدا يقرّب؟ شوف شنوّة يقول المعهد الوطني للرصد الجوي!    مجلس الشيوخ الأمريكي يقرّ مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومي    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    المهرجان العالمي للخبز ..فتح باب الترشّح لمسابقة «أفضل خباز في تونس 2025»    جندوبة: تتويج المدرسة الابتدائية ريغة بالجائزة الوطنية للعمل المتميّز في المقاربة التربوية    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    بنزرت: إنتشال 5 جثث لفضتها الأمواج في عدد من شواطئ بنزرت الجنوبية    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    طقس اليوم؛ سحب أحيانا كثيفة مع أمطار مُتفرقة بهذه المناطق    محمد صبحي يتعرض لوعكة صحية مفاجئة ويُنقل للمستشفى    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيدة زهرة الأدغم ل «التونسية»:للمُتدسترين الجدد أقول: «لا سبيل لمحاولة استرجاع عذرية مفقودة»
نشر في التونسية يوم 01 - 04 - 2014

مؤامرة هلسنكي سيناريو سيئ الإخراج للتغطية على «شيراتون غايت»
محمد الصياح زيّف التاريخ وطمس زعامة والدي
العزل السياسي ليس بدعة تونسية وإلاّّ وجب محو الثورة

أقدّر موقف وزير الخارجية الجديد حول ردّ الاعتبار للديبلوماسيين المظلومين
على الأحزاب الديمقراطية الدخول في تحالف انتخابي لتقويض بذور التيارات التيوقراطية الرجعية
مجلة الأحوال الشخصية جزء من السيادة الوطنية ولا سبيل للمسّ بها
حوار: أسماء وهاجر
هي من مواليد 6 نوفمبر 1957 تخصصت في التاريخ والعلاقات الدولية. عملت في الجامعة العربية بتونس ثم بجنيف وبالتحديد في مكتب جامعة الدول العربية لدى الامم المتحدة حيث كلفت بالعديد من الملفات من بينها لجنة حقوق الإنسان commission des droits de l'homme وذلك من 1983 الى عام 1990.
عملت بوزارة الخارجية من 90الى 92 وعينت قنصل تونس بباريس ثم مستشارة بسفارة تونس بباريس في اواخر التسعينات ثم كقائمة بالاعمال بسفارة تونس بباريس بعد الثورة 2011 و2012 ثم قائمة بالاعمال كرئيسة بعثة تونس بهلسنكي عاصمة فنلندا...مارست نشاطها الجمعياتي كمستقلة وهي طالبة في سن العشرين وأسست جمعية collectif des femmes tunisiennes بباريس كما كانت عضوا في «جمعية 26جانفي» – التي تأسست بباريس بعد أحداث 20جانفي 1978- وعينت نائبة رئيس المنظمة الإفريقية غير الحكومية بجنيف في اواخر الثمانينات ...تابعت العديد من المؤتمرات الدولية والافريقية والأممية رفيعة المستوى ولديها تجربة واسعة في الميدان القنصلي والعلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف ,كما مارست مهنة الصحافة حيث كانت رئيسة تحرير مجلة «الديبلوماسي»... إنها السيدة زهرة الادغم التي التقتها «التونسية» بعد تصريحات السيد وزير الخارجية الجديد والتزامه برد الاعتبار لها بعد المؤامرة التي تعرضت لها كقائمة أعمال في هلسنكي وحاورتها حول واقع الديبلوماسية التونسية وصورة تونس اليوم في خضم المخاض العسير الذي عاشته البلاد مع حكومتي «الترويكا» ومكاسب المرأة وزعامة الباهي الادغم وغيرها من النقاط الأخرى ...
صرح وزير الخارجية الجديد انه سينظر في كل المظالم والاعفاءات التي تمت في عهد رفيق عبد السلام فما تعليقك على ذلك ؟
علمت ان وزير الخارجية الجديد مباشرة اثر تعيينه وعلى اثر مقابلة الكاتب العام للنقابة السيد حامد ابراهيم صرح انه سينظر في جملة من الملفات المتعلقة بمظالم تعرضت لها مجموعة من زملائي الديبلوماسيين وتعهد بإرجاع الاعتبار الاداري والخطط الوظيفية للمظلومين بما فيهم شخصي وارجاعهم لاستكمال وظائفهم التمثيلية بالخارج وهو ما اعتبره موقفا مسؤولا ينتظر التجسيم وألمس فيه اختلافا واضحا مع الوزير السابق عثمان الجرندي الذي كان يسير على هدي رفيق عبد السلام اي ان سياسته كانت مواصلة لسياسة المحاصصة الحزبية حيث رفض رغم اقراره بالمظلمة مساندتي... لكني ورغم الجحود الذي لاقيته من ابن وزارة الخارجية الذي يعرف شخصي جيدا لا انفي ان هناك من ساندني في محنتي واتقدم لهم بأسمى معاني الامتنان من زملائي بوزارة الخارجية ومن نقابة السلك الديبلوماسي وعلى راسها الكاتب العام للنقابة «حامد ابراهيم» وجمعية الديبلوماسيين التونسيين ممثلة في شخص معز المحمودي -الذين اعتبروا ان ما تعرضت له مساس ليس بشخصي فحسب وانما مس بالسلك الديبلوماسي وبصورة تونس في الخارج وهيبة الدولة وكذلك كثير من اطارات في الدولة ,مكونات المجتمع المدني ,وسائل الاعلام وحتى من المواطنين العاديين الذين عبروا لي شخصيا عن تجاوبهم واستنكارهم للمظلمة التي تعرضت لها .
ماهي قراءتك لما سماه بعض الصحف المحلية والعالمية ب «مؤامرة هلنسكي»؟
تعاني المرأة في مواقع القرار أو في الساحة السياسية والتمثيلية الديبلوماسية من الدسائس والمؤامرات إذا علا شأنها و لنا عبرة في تجربة المرحومة السفيرة فائقة فاروق وهي من أوائل السفيرات المتميزات التي عينها بورقيبة سفيرة بلندن والتي تم اقصاؤها بسبب تهمة اخلاقية لا اساس لها من الصحة وانا بدوري كنت من ضمن من تعرضن الى مؤامرة مشابهة وما اسهل ان تضرب المرأة في اخلاقها ويعزى ذلك في نظري الى مرجعية متعصبة «ميزوجينية» ترفض ان تكون المرأة في مستوى تمثيلية عليا. ومن ناحية اخرى فان ما تعرضت له كان ضريبة حقد دفين لأنني ابنة مناضل ينتمي للحركة الوطنية يحاول البعض طمس رموزها وينكر لها الدور الريادي لمحدودية ثقافتهم السياسية واحساسهم بالتاريخ الوطني ....زيادة على ذلك فان هذه المظلمة تزامنت مع قضية«شيراتون غايت» وهذا التزامن ليس في تقديري اعتباطيا بل مقصودا غايته اشغال الرأي العام عنها بسيناريو سيئ الاخراج بامضاء سائق ينتمي للسلفية الجهادية واعتبره شخصيا ليس مجرد جريمة ثلب فقط بل هو محاولة اغتيال معنوي من نوع خاص جدا يندرج في نطاق تصفية حسابات سياسية مع حزب معين كان ينتمي اليه شقيقي اثر تصريحاته حول قضية«فضيحة شيراتون» بدعم كشف هذا الملف ... لكن ما اقوله ان هذه التجربة كانت محرارا لقياس درجة نضجي وتعاملي مع الاوضاع مهما كانت وهو ابتلاء قبلته وتجاوزته بكل سواكني والحمد لله فكما كنت عصية على التطبيع مع منظومة بن علي ودفعت ثمن ذلك باقصائي من نيل الترقيات والتدرج الوظيفي والتعيينات في الخارج لأني كنت لا أؤمن أن الديبلوماسي هو مجرد موظف اداري آلي وجندي منظومة لدى الدولة ينفذ فقط التعليمات بل كنت أرى انه صاحب مشروع دولة ويحمل امانة صورة تونس على عاتقه ...
بوصفك ديبلوماسية كيف هي صورة تونس اليوم في العالم ؟
الآن وفي اعتقادي الشخصي صورة تونس اليوم تعيش تراجعا عمّا كانت عليه قبل الثورة التي وان كانت في طور النمو اقتصاديا واجتماعيا فإنها تفتقر للديمقراطية وحقوق الانسان. فالصورة التي كان يقدمها نظام بن علي كانت صورة مجملة بضخامة وتمّ التسويق لها بأرقام واحصائيات غير مطابقة للواقع وروجت صورة لتونس على انها دولة حقوق انسان في حين انها تفتقر الى ذلك وبالتالي فان المقارنة بين صورة تونس في العالم ايام بن علي والان بعد الحكومة غير الرشيدة ل «الترويكا» هي مقارنة بين السيئ والأسوأ وفي رأيي تونس شهدت تراجعا في ديبلوماسيتها منذ عهد بن علي على كل المستويات سواء كانت سياسية أو اقتصادية.
لكن بعد الثورة سلطت الاضواء على تونس البلد الصغير الذي تحرر من استبداد بن علي وكانت كل الآمال معلقة على تونس في تحقيق انتقال ديمقراطي مثالي الى ان وقعت الانتخابات التشريعية ثم جاءت سلطة «الترويكا» التي كانت مخيبة للامال بسبب فشل الحكومة في تسيير مهامها مما ادى الى انهيار اقتصادي وارتفاع نسبة البطالة والتضخم المالي وتفقير الطبقة الوسطى وظهور التطرف الديني وتفريخ الارهاب في بلد لقب بالبلد الامين ثم كان اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي ثم جاءت واقعة استشهاد الجنود البواسل الى جانب تراجع السياحة والخوف على مكاسب المرأة وحركات احتجاجية شعبية من كل مكونات المجتمع المدني كل ذلك كان سببا مباشرا في تدعيم تراجع البريق الذي نثرته الثورة عن تونس ...
هل صحيح ان تونس تعيش تراجعا في ديبلوماسيتها ؟
الديبلوماسية في أول عهد بورقيبة كانت رائدة في البلدان النامية بحكم وضوح الاختيارات في تلك الفترة والوعي بالمسائل والقضايا المطروحة في الستينات والتي تتمثل اولا في الدور الفعال الذي لعبته الديبلوماسية التونسية في استقلال الجزائر ثم انتمت لجامعة الدول العربية كبلد مستقل في العالم العربي ومن ثمة لمنظمة الامم المتحدة ومنظمة الاتحاد الافريقي,ثم حركة بلدان عدم الانحياز و دعم القضية الفلسطينية حيث اقترح بورقيبة في خطابه في اريحا القيام بمفاوضات تشبه سياسة المراحل التي اعتمدها في تونس في استقلالها إلا انه لم يتم استيعاب مقترحه في ذلك الظرف لطغيان الناصرية والقومية العربية وارادة الشعوب العربية التي كانت متجاوبة مع القضية الفلسطينية قلبا وقالبا ففكر بورقيبة يمكن ان يفهم على انه رأي استشرافي واختزال للوقت مقارنة مع الخيار الذي اتبعته منظمة التحرير الفلسطينية انذاك. وحسب اعتقادي أنا داعمة لموقف المنظمة الفلسطينية والحجة قدمها لنا التاريخ فمعاهدة اوسلو للسلام لم تلتزم بها إسرائيل ونكثت كعادتها بوعودها والفلسطينيون عانوا الامرين إلى اليوم في دويلتهم ,اما في عهد بن علي فقد تراجعت الديبلوماسية التونسية لأنها اكتفت بما تم تركيزه في عهد بورقيبة دون ان تطوره.
صحيح انها انضمت الى الاتحاد المغاربي لكن دون تفعيله ... كما كانت هناك ارادة لان تكون تونس عضوا شريكا membre associéفي الاتحاد الاوروبي منذ اخر التسعينات دون أية نتائج ملموسة ...
ولعل اهم ما ميز الديبلوماسية في عهد بن علي توظيفه لمكاسب المرأة ومحاربة التيار الاسلامي والارهاب الناتج عن التطرف الفكري بغاية نيل رضى الغرب لجلب الاستثمار ومحافظته على كرسي رئاسة الجمهورية. ولإنجاح مخططاته ادخل نوعا من الديبلوماسية الموازية التي كانت تمارس في مكاتب وكالة الاتصال الخارجي وكانت مسخرة لتجميل صورته وصورة تونس وكذلك دعم ارساء الديبلوماسية الموازية بتوطيد علاقات خاصة مع لوبيات امريكية واوروبية مالية وصحافيين مرتزقة ... لكن ما آلمني كثيرا هو ان بن علي مارس سياسة النفاق السياسي وازدواجية الخطاب والممارسة السياسية ازاء القضية الفلسطينية اذ كان يتظاهر بمساندتها في حين ان الحقيقة هي عكس ذلك تماما ...
اما بعد الثورة فهناك ركود كلي وتام للديبلوماسية التونسية -ما عدا الاشعاع الوحيد المنبثق كونها دولة مازالت حديثة العهد بالثورة وانتخابات افرزت مجلسا تأسيسيا تم اختيار نوابه من قبل الشعب في انتخابات تاريخية تمت في كنف الشفافية –باعتبار الاخطاء الفادحة التي ميزت اداءها كوزارة ذات سيادة خاصة في عهد رفيق عبد السلام الذي كانت تصرفاته كوزير لا تليق بصفته ممثلا للديبلوماسية ولصورة تونس في المحافل الدولية وتقاليد وزارة الخارجية فضلا عن تصرفه غير السليم في المال العام في المهمات الديبلوماسية وتعمده اهانة السفراء التونسيين خاصة منهم السفيرات وهن سيدات محترمات ذوات كفاءات وخبرات عالية واخلاقهن رفيعة بانهاء مهامهن بصفة اعتباطية وبمظالم تمس بكرامتهن وشرفهن. ولعل ما تعرضت له شخصيا كقائمة بأعمال سفارة تونس بفنلندا بهلسنكي اكبر دليل على ذلك والذي لم يكن مهينا لشخصي فقط بل اساء للديبلوماسية التونسية عامة ولصورة تونس في العالم بعد عملية التشهير المقصودة عبر وسائل الاعلام المحلية والعالمية وعبر شبكات التواصل الاجتماعي وبالنسبة لبقية السفيرات بقيت المظالم التي تعرضن لها في نطاق اداري مضيق وفي نطاق المكاتب المغلقة وهذا مؤسف جدا لهن ...
ولكن بتسمية الوزير الجديد «المنجي حامدي» الذي هو كفاءة مستقلة برز أمل جديد لوزارة الخارجية في استرجاع هيبتها وسيادتها وكرامتها كوزارة سيادة وفي تصريف أعمال الديبلوماسية في الخارج على المستوى السياسي والاقتصادي بكرامة تتلاءم ومطالب الشعب واولويات البلاد حتى يتم النهوض بهذا الانحدار التنموي واستعادة ولو جزء يسير من صورة تونس الناصعة والكريمة ...وعلى المستوى الداخلي اي صلب الوزارة هناك أمل كبير في تسوية الاوضاع الادارية والمأساوية العالقة بعديد الموظفين وإعطاء فرصة للإطارات السامية بالوزارة هناك ممارسة مهامهم على الوجه الاكمل ...
ما رأيك في ما يعتبره البعض «سمسرة» بإرث رواد الحركة الوطنية من طرف الاحزاب ذات المرجعية الدستورية؟
رأيي أن هذا التيار الذي ينسب لنفسه صفة وريث الحركة الوطنية على مستوى القيادات هم في الحقيقة مسؤولو «التجمع» المحلّ الذين لا علاقة لهم بالقيم والمبادئ الوطنية التي قادت مسيرة الزعماء التاريخيين للحركة الوطنية واعتبرهم شخصيا جيل «المتدسترين الجدد» وحسب تقديري هؤلاء معرفون دون اسماء واعتبرهم متقمصين لأدوار اصحاب الشعارات ويستثمرون أهدافا ومبادئ لم يشاركوا في تأسيسها أو في ترسيخها ويسمحون لأنفسهم باستعمال رصيد العصر الذهبي من النضالات ,من بناء الدولة العصرية التونسية من مكاسب المرأة والتنمية وكأنها اصل تجاري...
واقول لهم ان الفكر الدستوري ليس «بينز» يعلّق على الملابس ,هؤلاء عليهم استيعاب ان الشخص عندما ينتمي الى منظومة تابعة لنظام سياسي استبدادي لا يعترف بحقوق الانسان ويقوم على الرشوة والفساد عليه ان يتحمل مسؤوليته امام الشعب التونسي والتاريخ فلا مجال لمحاولة استرجاع «عذرية مفقودة»عبر استغلال فجوة غضب الشعب التونسي ورفض حكومة «الترويكا».
كابنة زعيم سياسي ولك ثقافة سياسية خاصة هل انت مع قانون العزل السياسي؟
هذا القانون يطرح اشكالا يتمثل في ان العزل السياسي يتضارب مع قواعد اللعبة الديمقراطية ولكن لا نستطيع ان نمحي ثورة وقعت في البلاد ضد حزب الدولة parti Etat الاستبدادي المتعارض مع حقوق الانسان والذي كرس الفساد بأنواعه ...وقانون العزل ليس بدعة تونسية فالعديد من بلدان العالم التي عاشت الثورات على انظمة استبدادية طبقت هذا القانون فالذين تقلدوا المهام صلب حزب الدولة ليس بإمكانهم دخول الحياة السياسية من جديد لان هذا مناف لقواعد الاخلاق السياسية .
فبالنسبة لي شخصيا كابنة زعيم سياسي وفتحت عيني منذ نعومة أظافري على فطاحلة السياسيين أنا مع قانون العزل السياسي بالنسبة للمسؤولين في المكتب التنفيذي واللجنة المركزية ل «التجمع» ,الذين تقلدوا مهام الولاة وكل من تقلد مهام وزارية وكان جزءا من المنظومة وله انتماء للتجمع الدستوري وهذا لا يعد اقصاء وانما يدخل في نطاق تمشي الانتقال الديمقراطي الذي ينبثق من مطالب شعبية ولا مجال ان نسبح ضد التيار ...
هل تعتبرين كما يروج لذلك بعض الملاحظين السياسيين ان الزعيم بورقيبة احتكر كل أضواء الشهرة وانه تم طمس وتغييب دور والدك الباهي الأدغم؟
صحيح أنه تم طمس زعامة والدي في الحركة الوطنية ابتداء من السبعينات عندما احتكر الزعيم بورقيبة كلّ الأضواء بعد أن مات بعض الزعماء و اغتيل زعماء اخرون وخير زعماء الاستقالة حيث كتب التاريخ بطريقة مزيفة من طرف السيد محمد الصياح وغيره من المؤرخين الذي انساقوا في مفهوم تقديس الشخصية وهذه سمة موجودة في بلدان ودول العالم الثالث التي عاشت الاستعمار والمنبثقة عن الحركات الوطنية وفيهم يتواجد العديد من الزعامات اذ يبرز احدهم ويحتكر الاضواء لكن هناك شهود عيان على العصر شهدوا لوالدي بدوره الريادي من بداية تكوين الحركة الوطنية بكل مراحلها من نضال وطني داخل أصعب المعتقلات (سجن حراش, لامباز)، أطر المناضلين في عهد الاستعمار فضلا عن دوره الكبير في التعريف بالقضية التونسية بالأمم المتحدة والتحسيس بها وكسب تعاطف العديد من الدول. فقد بسط والدي القضية التونسية في 3دورات وتم تسجيلها اثر ذلك في جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك ومرتين امام مجلس الامن وهي سابقة من نوعها وباكورة ديبلوماسية –واستطيع أن أقول أن الباهي الادغم أول ديبلوماسي مناضل -قبل انطلاق الديبلوماسية التونسية وقد كان لدوره الفعال اثر ايجابي في تراجع فرنسا عن موقفها من الاحتلال العسكري وهو أيضا أول من بلغ اصوات الشعوب المنسية ليمهد بذلك لاستقلال الجزائر والمغرب.
ثم في فترة الاستقلال قاد والدي المفاوضات الاخيرة للوصول الى وثيقة الاستقلال وقد تم اختياره لقدرته الفائقة على الاقناع والمفاوضة – بشهادة بورقيبة نفسه- وامضى وثيقة الاستقلال صحبة الطاهر بن عمار لينطلق دوره كرجل دولة حيث تولّى بعد الاستقلال توْنسة الاراضي الفلاحية وأسس منظومة الجيش الوطني التونسي واشرف على إجلاء اخر جندي فرنسي من التراب التونسي وباعتباره اول رئيس وزراء لتونس المستقلة ارسى هيكلة الادارة التونسية.
على الصعيد المغاربي العربي والافريقي واكب والدي كل نضالات وكفاحات التحرير ولعب دورا فعالا في أزمة «أيلول الأسود» عام 1970 وفاوض بامتياز في المسألة
الفلسطينية في الاردن حيث كان رئيس لجنة التفاوض ما بين العاهل الأردني الملك حسين ومنظمة التحرير الفلسطينية وأنقذ عرفات والفلسطينيين والمناضلين اللاجئين من الموت والإبادة وهي إحدى ملاحم الباهي الادغم التي ضاعفت من إشعاعه في العالم العربي ودعمت علاقته بياسر عرفات وبزعماء ورؤساء الدول العربية وهو ما اثر على علاقته ببورقيبة لينتهي إلى اتخاذه قرار الاستقالة من منصبه كوزير أول ...
أما على الصعيد الإفريقي فقد ساعد الباهي الادغم مانديلا الذي قدم لتونس في الستينات طالبا من الدولة التونسية حديثة العهد بالاستقلال أن تساعده لوجيستيا وقابل والدي في المنزل الذي تجاوب مع مطلبه دون الرجوع إلى بورقيبة ومن بين الأشياء التي اريد ذكرها أن مانديلا طلب لقاء والدي عام 1992 في نطاق قمة منظمة الوحدة الإفريقية المنعقدة بتونس في 1992وهو رئيس دولة جنوب إفريقيا بعد قرابة ثلاثين سنة وانا كنت شاهدة عيان ونالني شرف الحضور باقتراح من والدي لأنني كنت شديدة الإعجاب بهذه الشخصية الأسطورية وكان لقاء تاريخيا قويا,سياسيا, حارا وحميميا جدا تذكرا خلاله لقاءهما الأول وتجاذبا أطراف الحديث ...
واعتبر شخصيا بكل موضوعية وهي شهادة للتاريخ وللذاكرة الوطنية ان الباهي الادغم وهب شبابه وكرس ثلاثة ارباع حياته لخدمة الوطن دون مقابل والشعب التونسي بروح توافقية وبكل تواضع. كما خدم الدولة التونسية بنزاهة وخرج بأياد نظيفة والحمد لله ...والباهي الادغم هو الزعيم الوحيد الذي اجتمعت عليه كل الآراء من اليمين إلى اليسار وكل اطياف الشعب التونسي وانا معتزة ولم يترسب في ذهني وذاكرتي إلا المعنى الايجابي الذي صرح به بورقيبة يوما بعد أن استقال الباهي الادغم من الحكومة -وبكل سوء تقدير لقيمته السياسية ,المعنوية والانسانية وتناسي العلاقة الوطيدة التي ربطته به كرفيق درب في محنة الحركة الوطنية وفي خضم النضال الوطني وفي الصعوبات والامتحانات الكبرى التي واجهها معه بكل مسؤولية واخلاص والتحديات الكبرى والمختلفة في بناء الدولة العصرية التي نتمتع بها الآن - حيث وصفه ب«النفس المومنة» وبالنسبة لي النفس المؤمنة هي النفس التي تتسم بالايمان بالله وبالمثل الكبرى والمبادئ العليا وطهارة التمشي والفعل والصدق في القول والعمل ...
هل صحيح اننا اليوم ازاء بقايا مكاسب للمرأة في ظل عودة ثقافة التشييء؟
قانونيا ليس هناك اي مس من مكاسب المرأة خاصة بعد دسترة المساواة وبقاء أحكام مجلة الاحوال الشخصية شامخة وصامدة باستثناء الأحكام المتعلقة بالارث والتي تستحق الحسم ....فالمساواة كمفهوم ليست مجرد فصول قانونية مكتوبة فقط بل هي فكرة مترسخة وجزء لا يتجزء من تركيبة عقلية المرأة والرجل منذ 57سنة وهذا أمر تتفهمه وتعيه المرأة في مواقع القرار لكن ليس كل التونسيات محاميات وطبيبات وقاضيات وأستاذات جامعيات وقائدات طائرات فهناك الفلاحات والكادحات اللاتي يسعين لكسب ارزاقهن وهن في اغلبهن رئيسات عائلات والنساء البسيطات لكن كلهن يعلمن أنهن محميات بالقانون في حياتهن العامة والخاصة باختلاف مستوياتهن...
ما أقوله أن «الثقافة المتطفلة» التي تتمظهر في إطار تنظيمات سياسية وأحزاب ذات مرجعية دينية متشددة لتنفث سموم أفكارها الرجعية والتي تريد أن تقفز إلى الوراء بالمرأة عبر محاولة تشييئها لن تنجح لان هناك أشواطا كبيرة قطعت. فتركيبة المجتمع التونسي عصية عليهم والمرأة التونسية بالمرصاد لن ينالها ضرر في حقوقها وان ما نراه من محاولات فاشلة لتشييئها ستظل استثناءات شاذة والشاذ يحفظ ولا يقاس عليه وفي كلمتين فان مجلة الاحوال الشخصية جزء من السيادة التونسية ولا سبيل للمسّ بها...
هل ترين أن تونس قادرة على الوصول الى بر الامان بعد الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي أضحت فيه؟
أنا متفائلة ومتفائلة جدا وانا ضد تجارة اليأس والسياسية بطبيعتها ايجابية لان السياسية تحمل دائما مشروعا مستقبليا استشرافيا ...
صحيح ان الوضع صعب على جميع الاصعدة فمنذ اندلاع الثورة مرورا بفترة تقلد الباجي قائد السبسي رئاسة الحكومة تواصلت الانفلاتات الامنية ,الحدود المفتوحة ,تهريب الاسلحة ,دخول الارهابيين للتراب التونسي خلسة وعلنا, الدعاويون الذين حرضوا على العنف والتكفير وقد وصل الامر حد وجود معسكرات تدريب في عهد «الترويكا» بإمضاء احفاد الشيخ زعيم الحزب صاحب الاغلبية في الحكم ,تفريخ للإرهاب في بلد لقب بالأمين واغتيالات سياسية لديمقراطيين وطنيين فضلا عن اعمال ارهابية متواترة اسفرت عن استشهاد اعوان من الامن والحرس والجيش التونسي وتغول الجريمة المنظمة وتكاملها مع الإرهاب .
نفس الخور نلمسه على الصعيد الاقتصادي: ارتفاع نسبة البطالة ,تضخم مالي ,تفقير للطبقة الوسطى ,احتقان اجتماعي الانحرافات في اعلى مستوياتها زادته تعقيدا التجاذبات بين الاحزاب والصفقات السياسية تحت الطاولة ...
ورغم هذه اللوحة القاتمة فانا متفائلة وحسب اعتقادي وعلى مدى متوسط أرجو الاّ يكون مدى طويلا فان الوضعية برمتها ستتبلور الى ما هو احسن شريطة وعي الشعب اولا بضرورة تكاتف الجهود من اجل النهوض بكل الاوضاع وثانيا ان تكون الارادة السياسية متماهية مع المطالب الحياتية للشعب لأنها تبقى غير كافية لوحدها وارجاع قيم العمل والانضباط لانعاش الاقتصاد الوطني من سباته خاصة ان استعدادات المؤسسات المالية الدولية لمنح قروض للتنمية ضعيفة ومشروطة –قروض الاتحاد الاوروبي ,partenariat de dauville وهي خلية تكونت من اجل مرافقة الدول العربية التي قامت بثورات والنامية وفي حالات خاصة مشابهة لحالة تونس قبل الثورة نكثت بوعودها باعتبار ان منح القروض كان مشروطا بتركيز اسس الديمقراطية والدولة المدنية وقد كنت شاهدة عيان عندما كنت قائمة بالاعمال بسفارة تونس بباريس في سبتمبر 2011ويعود ذلك الى فشل الطرف التونسي في تحديد حاجياته واولوياته في الفترة اللاحقة للثورة -...ثالثا واعتبره امرا مفصليا هو وجوب تحالف الاحزاب الديمقراطية للدخول للانتخابات في كتلة واحدة من اجل تقويض كل بذور التيارات الرجعية التيوقراطية التي لا تتماشى مع حداثة الدولة وتحديث المجتمع .
وختاما فان ثقتي كبيرة في ارادة الشعب بكل فئاته مع مكونات المجتمع المدني في ارجاع الامور الى نصابها وترتيب قواعد البيت التونسي وتحقيق انتخابات نزيهة وشفافة وتحقيق الانتقال الديمقراطي بالعقلنة والمثل الديمقراطية كما تقتضيها الممارسة السياسية الصحيحة. فوطننا العزيز وشعبنا يستحقّان عيشا كريما وحرية مسؤولة في كنف الامن والامان وآفاق تبشر بعودة ركب التنمية والوصول بباخرة تونس الى بر الأمان...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.