رفضت لجنة الطاقة والقطاعات الإنتاجية بالمجلس الوطني التأسيسي التمديد في رخصة البحث عن المحروقات «زارات»، بعد أن حسمت نتيجة التصويت في مشروع القانون عدد 52 لسنة 2013 في الصراع الدائر بين شقين اثنين لا ثالث لهما، الأول يرى ضرورة منع التمديد ويتزعمه رئيس اللجنة محمد شفيق زرقين وتأييد عدد من النواب يرون في المسألة تجاوزا قانونيا وخرقا صريحا للتشريع الجاري به العمل، والثاني يرى عكس ذلك ويتزعمه مقرّر اللجنة والقيادي في حركة «نداء تونس» عبد العزيز القطي وعدد من الأعضاء أبرزهم نعمان الفهري القيادي في حزب «آفاق تونس». 6 ضد التمديد، و3 مع التمديد، و2 متحفظان هي النتيجة النهائية التي أفضى إليها التصويت صلب لجنة الطاقة والقطاعات الانتجاية حول القانون عدد 52 لسنة 2013 والمتعلّق بملف «زارات» الشائك، قبل طرحه على الجلسة العامة للحسم فيه عبر الرفض، نظرا لأنّ الأخذ برأي اللجان في المسائل القانونية العالقة والحسّاسة قبل تصويت الجلسة العامة عليها كان من السمات التقليدية والمتأصلة في قرارات الجلسة العامة لأكثر من سنتين. ومضة عن المشروع مشروع القانون عدد 52 لسنة 2013 هو مبادرة من الحكومة تتضمن فصلا وحيدا لتمديد رخصة البحث بحقل «زارات» البترولي بخليج قابس وهو حسب آخر المعطيات التي أعلنتها الشركة البترولية الكندية «صوند رسورسس كورب» في 2011 عن الحقل احتواءه على احتياطي هام من البترول والغاز الطبيعي مما سيمكن من استغلاله والدخول في مرحلة التسويق. ويغطي حقل «زارات» ما يناهز 768 ألف هكتار، أما احتياطاته فتقدر ب 362 مليون برميل من البترول و981 مليار متر مكعب من الغاز. كما أنّ ملحق مشروع القانون الذي أثار حفيظة عدد هام من النوّاب موقّع من طرف وزير الصناعة الأسبق محمد لمين الشخاري في 12 مارس 2013 ومسجل بالقباضة في 18 مارس من نفس الشهر، في حين أن الوزير المستقيل منذ 19 فيفري 2013 اثر استقالة حمادي الجبالي رئيس الحكومة الأسبق هو في حكم تصريف الأعمال، أي أنه وقّع الاتفاقية يوما فقط قبل تولي خلفه (رئيس الحكومة الحالي) مهدي جمعة حقيبة الصناعة في 13 مارس تاريخ منح حكومة علي العريض الثقة بالمجلس التأسيسي وبدوره أحال جمعة المشروع على أنظار المجلس التأسيسي مع طلب استعجال النظر فيه. رفض مطلق للتمديد إثر الملاحظات والتوصيات التي طرحتها دائرة المحاسبات على لجنة الطاقة والقطاعات الانتاجية قبل يومين في خصوص رخصة البحث عن المحروقات ب«زارات» والتي بيّنت خلالها أنّ الأعمال الرقابية التي أجرتها الدائرة كشفت عديد الاخلالات والخروقات، وأنّه لم يتم الالتزام في عديد الحالات بالمقتضيات التشريعية الجاري بها العمل في ما يتعلّق بالتمديد والتجديد في مدّة صلاحية رخص البحث، تعالت عديد الأصوات المنادية برفض مقترح التمديد في الرخصة والتي دعت الحكومة المكلفة الى الاستعجال فيها. وقال عضو لجنة الطاقة والقطاعات الانتاجية النائب محمد ناجي الغرسلي ل«التونسية» إنّ مرد الرفض المطلق للقانون هو حجم التجاوزات الحاصلة في رخصة البحث «زارات» طيلة 23 عاما، لم يدخل فيها الانتاج حيز التنفيذ، ولم تستفد منه الدولة ولا الشعب التونسي، رغم الاستغلال الحاصل من قبل الطرف المعني بالرخصة على حدّ قوله، وذلك من خلال 3 تعديلات و8 تمديدات في الرخصة ناهيك عن الملاحق والتي درّت على الشريك الأجنبي منفعة كبيرة تقدّر بالمليارات، على حساب المصلحة الوطنية، دون نسيان عنصر النهب في الثروات الوطنية والذي وصفه الغرسلي بالتحصيل الحاصل جرّاء تغاضي الطرف التونسي على حجم التجاوزات وغياب الرقابة التي أشار الى أنّها بفعل فاعل. وهو رأي توافق معه زميله في اللجنة والناطق الرسمي باسم «تيار المحبة» سعيد الخرشوفي، الذي أوضح ل»التونسية» أنّ الكم الهائل من الاخلالات التي ارتكبتها هذه الشركة البترولية، بالتعاون مع الشركة التونسية للأنشطة البترولية والوزارات في العهد السابق مسّ بالجانب القانوني والشكلي والمضموني في الاتفاقية، مما أدّى الى فساد مالي، وهو أمر «يجعلنا نقول إنّه لا فائدة من التمديد لهذا النوع من الشركات، باعتبارها قد دأبت على تجاوز القانون والاتفاقيات المبرمة، وينطبق عليها قول المسيح عليه السلام «من ثمارهم تعرفونهم انك لا تجني من الشوك عنبا» على حدّ قوله، ومشيرا الى أنّ الرفض في التمديد هو البعث برسالة إيجابية لهذه الشركات حتى تحسن من شروطها التفاوضية. لوبيات متعدّدة مقرر لجنة الطاقة والقطاعات الانتاجية بالمجلس الوطني التأسيسي والقيادي في حركة «نداء تونس» عبد العزيز القطي هو من المؤيدين لمسألة تمديد الرخصة حيث لا يرى أي تجاوز قانوني في المسألة موضحا ل«التونسية» أن لوبيات وسماسرة يقومون بعمليات قذرة ويمارسون ضغوطات على النواب وأعضاء لجنة الطاقة حتى لا تتمّ عملية التمديد في رخصة البحث عن المحروقات ل«زارات». وأضاف القطي ان هؤلاء الأشخاص معروفون وان وزارة الصناعة تعرف هوياتهم وغاياتهم مشدداً على وجود وعي كبير لدى النواب في كيفية التعامل معهم، مبيّنا أنّ عملية التمديد ل «زارات» هي مسائل قانونية.