استمعت أمس لجنة الطاقة والقطاعات الإنتاجية بالمجلس الوطني التأسيسي إلى رأي دائرة المحاسبات في مشروع القانون المتعلّق بالمصادقة على ملحق الاتفاقية الخاصة برخصتي البحث عن المحروقات «زارات» و«أميلكار»، وذلك قبل حسم اللجنة التشريعية فيه، وعرضه على الجلسة العامة. وقد أبرز مستشار دائرة المحاسبات حسين بوصندل ل«التونسية» وجود عديد «الملاحظات» حول الظروف المحيطة بالتصرّف في الرخصتين وطول أمدهما المتواصلين لأكثر من عشرين سنة أثناء عملية البحث والتقصي في منظومة الغاز الطبيعي، مبيّنا أنّ عنصري التمديد والتجديد المُتتالييْن والمتواترين في الرخصتين طيلة سنوات مضت لم تكن متوافقة بالأساس مع الاطار العام المنظم لمجال البحث، ملاحظا أنّ مبدأ المصادقة عليهما قبيل ثورة 14 جانفي 2011 كان يتمّ من خلال الاعتماد على الملاحق، وهو ما يمثل خرقا للقانون عبر «القانون» على حدّ وصفه، كما أنّه أمر يحد من استقرار التشريع في مجال المحروقات، ولا يؤشر على جدية الأطراف المعنية، «خاصة اذا اعتبرنا أنّ هناك التزامات لم يقع الايفاء بها» على حدّ قوله. خروقات أخرى وفي ذات السياق، أكّد ممثل دائرة المحاسبات وجود خروقات عديدة ومتنوعة في نطاق «الامتيازات» الممنوحة في رخصتي البحث والتنقيب «زارات» و«أميلكار»، من ذلك حرق ما يقدّر ب 11 بالمائة من الغاز الوطني المنتج أثناء استخراج النفط، وهو رقم اعتبره ممثل دائرة المحاسبات كبيرا خاصة في ظلّ وجود شحّ في الموارد الوطنية من المحروقات. وأشار بُوصندل إلى وجود ما أسماها ب«السيطرة الواضحة» على الحقول الهامة والتي لا يمنعها التشريع التونسي على حدّ تعبيره، ذاكرا بالمثال شركة بريتش غاز التي أشار الى أنّها في وضعية سيطرة مطلقة على منابع الثروة النفطية مقارنة بالشركات التونسية، داعيا إلى ضرورة الحدّ من هذه الظاهرة ومنعها مستقبلا لما لها من تأثير مطلق ومباشر على الأمن الطاقي ناهيك عن مساهمتها في اضفاء عنصر التبعية. كما لم ينسَ ممثل دائرة المحاسبات الاشارة إلى اخلالات أخرى على اتصال بقطاع الطاقة والمحروقات، من ذلك الخروقات في مستوى حوكمة القطاع وغياب استراتيجية طويلة المدى، وعدم تفعيل المجلس الوطني للطاقة، وغياب نظام معلومات متكامل حول منظومة المحروقات، والضعف الشديد الذي تشكو منه المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية في الموارد البشرية وما له من تأثير على دورها الرقابي في استغلال الرخص، دون اعتبار للإطار القانوني المنظم لها وغير المتطابق مع طبيعة دورها أثناء تعاملها مع الشركات الأجنبية . مخزون طاقي منهوب من جانبه، انتقد شفيق زرقين رئيس لجنة الطاقة والقطاعات الانتاجية خلال تصريح له أدلى به ل«التونسية» مطالبة الشركات النفطية بالتمديد في رخص التنقيب عبر الملاحق المتعدّدة، والمناقضة للقانون 85 والذي لا يسمح بالتمديد الا لسنتين، من خلال طلبها تنقيح فصل من فصول الاتفاقية لإضفاء عنصر الشرعية على التجاوزات الحاصلة، أثناء فترة استغلال الرخص، مشيرا الى امكانية رفض النواب التجاوب مع طلب الشركات، على اعتبار أنه نهب واضح ومفضوح للثروات الوطنية، التي اعتبر مخزونها هائلا وكبيرا، مكذّبا في ذلك الأرقام الرسمية التي تصرّح بها الدولة، ومنطلقه في ذلك ما جاء في تقارير دائرة المحاسبات وعدم أخذ النصيب المطلوب من أنبوب غاز الجزائر المتجه لإيطاليا، داعيا في هذا الصدد إلى مزيد التعمق في الأمر، وضرورة افتكاك الدولة لهذه الرخص لما خلّفته من خروقات وسرقات للمخزون الطاقي على حدّ قوله.