دعا المشاركون في الملتقى الدولي حول المستجدات الامنية والاستراتيجية الذي نظمه أول أمس في تونس منتدى ابن رشد المغاربي والمعهد الاورومتوسطي للدراسات وجمعية« نور» إلى اعتماد مخططات من قبل الحكومات والمجتمع المدني في تونس والبلدان المغاربية والعربية والاسلامية تكرس «تطلعات الشعوب الى الاصلاح والديمقراطية والتنمية الشاملة لمواجهة «أجندات بعض القوى الاجنبية» التي استغلت الحراك الشعبي مغاربيا وعربيا لمحاولة «تغيير خارطة المنطقة سياسيا » والمضي في مخططات «تهميش القضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي» وجر الشعوب الى صراعات ثانوية وحروب استنزاف متعددة الاشكال تحت يافطات «طائفية» وقبلية ودينية وعرقية ولغوية … ووفق بيان صادر عن كمال بن يوسف رئيس منتدى ابن رشد وقيس خنفير الكاتب العام لمنتدى « من أجل جمهورية جديدة» و المنصف السليطي رئيس المعهد الأورو متوسطي للدراسات طالب عشرات الجامعيين والحقوقيين والسياسيين العرب والأجانب والتونسيين المشاركين في هذا اللقاء بدعم « الاحزاب والقوى السياسية الوطنية » التي تناضل من أجل الحريات والتغيير « دون الوقوع في فخ اجندات قوى الاحتلال الاسرائيلية و«بعض الدول الاطلسية» التي اتهمها بعض المحاضرين مثل الخبير الفلسطيني سيف الدين درين وعضو الامانة العامة للمؤتمر القومي العربي أحمد الكحلاوي ب« الضلوع في مؤامرات تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ» في الوطن العربي والعالم الاسلامي وفي بلدان المعسكر الاشتراكي السابق ..من يوغسلافيا وتشيكسلوفاكيا السابقتين الى اوكرانيا .وحذرت عدة مداخلات من مخططات بعض « القوى الاستعمارية الجديدة » التي قد تكون تسعى الى دفع المنطقة نحو ما سبق أن سماه بعض صقور« المحافظين الجدد» في أمريكا «الفوضى الخلاقة » في اشارة الى العنف والارهاب اللذين استفحلا في العراقوسوريا وليبيا واليمن ومصر والسودان ومناطق عديدة « تورطت فيها بعض العواصم الاطلسية في تدمير الدولة المركزية » وجيشها وقوات أمنها لكنها لم تساعدها على جمع اسلحة « الثوار» السابقين والمجموعات الارهابية و« التكفيرية»..وأكدت محاضرتا السيدة فيوليت داغر رئيسة اللجنة العربية لحقوق الانسان والناشط الحقوقي التونسي زهير مخلوف الكاتب العام لفرع منظمة العفو الدولية بتونس سابقا على ضرورة أن تتفاعل السلطات وقوى المجتمع المدني ووسائل الاعلام في الدول العربية والاسلامية مع مطالب الشعوب التي تتطلع الى توسيع هامش الحريات والى المضي بنسق أسرع في التنمية البشرية والاقتصادية وتحقيق إصلاحات سياسية « هيكلية» و«جذرية».لكنهما حذرا من « ركوب» بعض ساسة الدول المهيمنة عسكريا واقتصاديا عالميا لنضالات الشعوب السلمية ومحاولاتها « توظيفها» لضرب رموز « القوى الوطنية » وجر الشعوب والحكومات الى صراعات هامشية مدمرة تؤدي الى «مزيد تقسيم الدويلات الموروثة عن مرحلة الحربين العالميتين » وخاصة عن «مؤامرة اتفاق سايكس بيكو »..وخصصت الندوة حيزا مهما لتقييم المستجدات في ليبيا وسوريا بعد « الربيع العربي » وانعكساتها على الاوضاع الامنية والاقتصادية والتنموية «عربيا ومغاربيا ..واجمعت المداخلات على انتقاد «الاقليات » التي تسعى في ليبيا الى نشر العنف والارهاب داخل تونس وخارجها ..بما في ذلك عبر « اختطاف الديبلوماسيين التونسيين»..وفي هذا السياق دعا الخبير في الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية الاستاذ حاتم بن سالم «صنّاع القرار السياسي والديبلوماسي» في تونس وليبيا والدول المغاربية والعربية الى اعطاء اولوية مطلقة لمحاربة الارهاب والقضاء على اسبابه العميقة .. وحمّل بن سالم الحكومة التونسية مسؤولية التوصل الى حل قريب في «معضلة اختطاف ارهابيين لديبلوماسيين في ليبيا » ..وطالب بن سالم الساسة التونسيين والعرب باستيعاب عمق التحولات الخطيرة في اولويات الولاياتالمتحدة وبلدان اوروبا الغربية في منطقتي البحر الابيض المتوسط والخليج بعد تحقق المصالحة الايرانيةالامريكيةوالايرانية الاوروبية ..معتبرا ان « مكانة البحر الابيض المتوسط الاستراتيجية» تراجعت وستنقص بعد 3 اعوام مع تحسن هامش استقلالية اقتصاد امريكا عن النفط والغاز العربيين ..وقدم عدد من العسكريين السابقين والخبراء الاستراتيجيين خلال مداخلاتهم قراءات حذرت من سيناريو تقسيم سوريا وليبيا ومن الانعكاسات السلبية المرتقبة لمثل هذا السيناريو على تونس والبلدان المغاربية ..في هذا السياق حذّر الباحث في شؤون الاحزاب السياسية والحركات الاسلامية الليبية والمغاربية علي اللافي من « مخاطر الخلط بين الاطراف السياسية التي تحترم القانون وتعمل علنا والجماعات المسلحة القريبة من «تنظيم القاعدة » والجماعات « الارهابية» والفصائل المسلحة ..وطلب المتدخلون في الملفين الليبي والسوري من صناع القرار العرب والاجانب تجنب كل سيناريوهات « اعادة رسم خارطة المنطقة» واعتبروا ان «محاولة تاسيس دويلات مفتعلة» على اسس عرقية ( مثل « دولة للاكراد ») أو طائفية أو قبلية عشائرية سيؤدي الى مزيد انتشار العنف والارهاب ..كما قد يؤدي الى بروز مزيد من الحركات الانفصالية والمجموعات التي تتورط في خدمة « اجندات استعمارية » هدفها مزيد تقسيم كثير من دول العالم الاسلامي مثل ايران وتركيا وباكستان والوطن العربي وبلدان المعسكر الاشتراكي السابق . يذكر أن الجلسة العلمية الاولى للملتقى كانت برئاسة العميد الصادق بلعيد والجلسة الثانية برئاسة الخبير لدى الاممالمتحدة واستاذ القانون د.حاتم قطران..وقد واكبهما عشرات الصحفيين والمثقفين والاكاديميين .