صادق المجلس الوطني التأسيسي أمس على القانون الانتخابي، بعد أن حسم في أبرز النقاط الخلافية والمتعلّقة أساسا باقرار مبدإ التناصف في القائمات الانتخابية، وتمويل الحملات الانتخابية، وخاصة منها العزل السياسي في الفصل 167 والذي تسبّب اسقاطه قبل يومين في فوضى عارمة وارباك شديد جعل رئاسة المجلس ترجئ الحسم النهائي فيه اثر عريضة ممضاة من طرف 87 نائبا طالبوا فيها بضرورة اعادة التصويت عليه طبقا للفصل 93 من النظام الداخلي. وفي مفتتح الجلسة العامة التي ترأستها محرزية العبيدي النائب الأول لرئيس المجلس وحضرها 173 نائبا، تقدّمت كتلة حركة «وفاء» بمقترح إضافة باب كامل للتحصين السياسي للثورة في مشروع القانون الانتخابي قوبل بالرفض بعد أن حالت أصوات المتحمسين للعزل السياسي دون بلوغ النصاب المطلوب من الأصوات لتمرير مضمون المقترح والمقدّر ب109 أصوات. وقال آزاد بادي رئيس كتلة «حركة وفاء» في تعليق له على تقديم المقترح للتصويت إنّ كتلته لن تتخلى ولن تتنازل عن مطلب عزل أزلام النظام السابق و«التجمع» مهما كانت المقايضات والمزايدات، مشيرا إلى أن اسقاط الفصل 167 من مشروع القانون الانتخابي قبل يومين أعاد قتل الشهيد، مؤكدا أنّ حركته ستظل على العهد حتى لو أصبحت ضدّ التيار، قائلا في هذا السياق «بيعوا وخونوا لن نتنازل وواصلوا الركوب على الثورة». التشديد على العزل السياسي مثّل أول أمس إسقاط الفصل 167 من القانون الانتخابي بفارق صوت واحد صدمة كبرى لنصف نواب المجلس الوطني التأسيسي خصوصا منهم «المؤتمر من أجل الجمهورية» و«حركة وفاء» و«التيار الديمقراطي» و«الجبهة الشعبية» وشق هام من كتلة حركة النهضة، وجعل النواب ال108 الذين صوتوا لصالح القانون يكيلون تهم خيانة الثورة لزملائهم المتحفظين على الفصل، ومهدّدين رئاسة المجلس بمقاطعة التصويت على القانون برمته في حال عدم اقرار وتضمين مبدإ العزل السياسي وتحصين الثورة في المسار الانتخابي، وهو مطلب أرغم مكتب المجلس على اعادة عرض الفصل على التصويت من جديد. وفي هذا الاطار، إعتبر النائب بشير النفزي عن كتلة حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» إسقاط الفصل 167 خيانة للثورة وفشلا ذريعا للمجلس في حمايتها، محملا في ذلك حركة «النهضة» المسؤولية الأخلاقية. قانون انتخابي رافض للاقصاء ورغم اعادة عرضه على التصويت، ومحاولة بعض النواب المستميتة لاقرار مبدإ اقصاء التجمعيين في الانتخابات التشريعية، لم يحظ الفصل 167 المثير للجدل بالنصاب المطلوب لتمريره، وذلك بعد أن حصد فقط 100 صوت، تقبّله شق هام من النواب بفرح شديد خصوصا منهم المنتمون ل «نداء تونس» و«الكتلة الديمقراطية»، ولتتم المصادقة اثرها بصفة سريعة على القانون برمته ب134 صوتا. وعقب المصادقة على القانون الانتخابي ورفض اقصاء التجمعيين، عبّر النائب خميس قسيلة عن حزب «نداء تونس» في تصريح أدلى به ل«التونسية» عن سعادته بإسقاط الفصل 167، وفي تعليق على استبسال بضع من نواب «النهضة» و«حركة وفاء» و«المؤتمر» و«التكتل» في إيجاد حيلة قانونية لإعادة تمريره، قال قسيلة إن «القرارات الجريئة والموجعة تتخذ في الربع ساعة الأول للثورات» متهما «الترويكا» وخاصة بن جعفر ونواب كتلته الذين يدعون إلى تمرير فصل العزل السياسي بتفويت فرصة تفعيل العدالة الانتقالية التي تعتبر التحصين السليم للبلاد وهي الحل المنصف لتصفية تركة النظام السابق.