تشرع لجنة فرز الترشحات لعضوية هيئة الحقيقة والكرامة بالمجلس الوطني التأسيسي هذا الأسبوع وتحت اشراف رئيس المجلس مصطفى بن جعفر في دراسة مجموعة الطعون والاعتراضات المقدّمة من طرف مكونات المجتمع المدني ضدّ بعض الوجوه الحقوقية المتوافق عليها في التركيبة النهائية المشكّلة للهيئة والمعلن عنها يوم 2ماي. وتتكون القائمة المختارة لهيئة الحقيقة والكرامة التي ستشرف على مسار العدالة الانتقالية والتي أعلن المجلس التأسيسي في الأيام الماضية عن تركيبتها عبر آلية التوافق من 15 فردًا يتوزعون على اختصاصات القضاء العدلي والقضاء الإداري والعلوم الشرعية والمحاماة والمالية والقانون والطب والإعلام والإتصال والأرشيف والعلوم الإجتماعية والسياسية وممثلين عن جمعيات الضحايا وجمعيات حقوق الإنسان، تم اختيارهم من بين 288 مرشحًا. وبرزت في الأيام الفارطة موجة من الانتقادات الحادة لقائمة ال15، مرتكزها الأساسي مخالفة لجنة فرز الترشحات لبعض الاجراءات الترتيبية وخرقها للفصل 22 من قانون العدالة الانتقالية المتعلّق بموانع الترشح واعتمادها على المحاصصة الحزبية حسب ما يؤكّده عدد من ناشطي المجتمع المدني. ومن ضمن الوجوه التي تحوم حول تواجدها في قائمة ال15 ريبة، وأودعت في حقّهم اعتراضات، مدعومة بالوثائق نجد كلاّ من خميس الشماري وخالد الكريشي وعلا بن نجمة. موانع وتحجيرات وأكّد كمال الغربي رئيس الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية ل«التونسية» تقديمه لاعتراض على اسم خميس الشماري كمرشح لهيئة الحقيقة والكرامة. وأوضح رئيس الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية أنّ خميس الشماري أمامه موانع تحجيرية وفق الفصل 22، من منطلق أنّه ترشح عن حزب الديمقراطيين الاشتراكين في انتخابات 1994 وفاز بمقعد نيابي عن دائرة بن عروس ضمن 10 مرشحين فازوا من نفس الحركة، مشيرا الى أنّ اسمه موجود في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 42 لسنة 137 بتاريخ 31 ماي 1994 في الصفحة 985. وأضاف الغربي، أنّه نظرا إلى وجود هذا المانع مدعوما بالوثائق الرسمية، يتعين على لجنة الفرز تطبيق الفصل 24 من قانون العدالة الانتقالية، وتعويض خميس الشماري بمترشح آخر في القائمة المتبقية. وهذا الاعتراض نفسه عبرت عنه نبيهة الجويني عضو بجمعية الكرامة للسجين السياسي وإحدى المترشحات لهيئة الحقيقة والكرامة، والتي بيّنت في تصريح لها أنّ هناك منهجا معمولا به داخل لجنة الفرز يعتمد على المحاصصة الحزبية والعلاقات الشخصية والتوافق المغشوش والاعتماد على تقارير البوليس السياسي التي أقصت ممثلي الضحايا المحسوبين على حزب «النهضة»، حسب تقديرها، مشيرة الى أنّه تم تجاوز الجانب النضالي بخصوص عديد المترشحين وقبول ترشحات أشخاص لا يمتون بصلة الى العدالة الإنتقالية على غرار خالد الكريشي الذي كان قياديا في حزبه ولم ير له تحرك أو عمل يتصل بالعدالة الإنتقالية، لتتساءل: «لمَ لم يقع نشر معايير ومقاييس الإختيار والفرز وأين هؤلاء الذين ناضلوا ووثقوا الانتهاكات وعملوا على مدى ثلاث سنوات من أجل تفعيل مسار العدالة الإنتقالية ذاكرة منهم ممثلي وممثلات النساء الديمقراطيات والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وغيرهم ممن واكبوا الأحداث التي سبقت احداث القانون المنظم للعدالة الإنتقالية. مهامّ الهيئة ومسار العدالة الانتقالية وحسب الآجال التي وضعها القانون الأساسي المنظم للعدالة الانتقالية، يبدوا أنّ تسمية أعضاء الهيئة وانطلاق مسار العدالة الانتقالية قد يكون موفى هذا الشهر، إذ نصّ الفصل 26 من قانون العدالة الانتقالية على أن «تتم تسمية أعضاء الهيئة بأمر في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ إحالة القائمة على مصالح رئاسة الحكومة» أي بعد قبول الاعتراضات والبتّ فيها نهائيا ثم المصادقة على تركيبة الهيئة من قبل المجلس الوطني التأسيسي، ومن ثمّة الشروع فعليا في انجاز المهام المنوطة بعهدتها والتي حدّدها قانون العدالة الانتقالية في أحد فصوله ولخّصها في عقد جلسات استماع سرية أو علنية لضحايا الانتهاكات ولأي غرض متعلق بأنشطتها، والبحث في حالات الاختفاء القسري التي لم يعرف مصيرها وفقا للبلاغات والشكاوى التي ستقدّم إليها وتحديد مصير الضحايا، وجمع المعطيات ورصد الانتهاكات وإحصاؤها وتثبيتها وتوثيقها من أجل إحداث قاعدة بيانات وإعداد سجل موحد لضحايا الانتهاكات، وتحديد مسؤوليات أجهزة الدولة أو أية أطراف أخرى في الانتهاكات المشمولة بأحكام هذا القانون وتوضيح أسبابها واقتراح المعالجات التي تحول دون تكرارها مستقبلا، ووضع برنامج شامل لجبر ضرر فردي وجماعي لضحايا الانتهاكات يقوم على الإقرار بما تعرض إليه الضحايا من انتهاكات واتخاذ قرارات وإجراءات جبر الأضرار لفائدتهم مع مراعاة كل ما تم اتخاذه من قرارات وإجراءات إدارية أو قضائية سابقة لفائدة الضحايا وضبط المعايير اللازمة لتعويضهم وتحديد طرق صرف التعويضات وتراعى في ذلك التقديرات المخصّصة للتعويض واتخاذ إجراءات إحاطة وتعويض وقتية وعاجلة للضحايا.