مازالت تبعات الهزيمة المفاجئة التي تكبّدها الترجي الرياضي التونسي في مباراة سطيف تلقي بغيومها على الجوّ العام للفريق حيث لا حديث داخل كواليس الأحمر والأصفر سوى عن حرب الأحلاف التي اندلعت على غفلة من الجميع بين أجانب الترجي ونعني كوادره الفنية التي لاح جليّا أنها تبحث عن التموقع في الواجهة لترفع سبّابتها علنا وتشير الى تعاظم الأنا بعيدا عن مصلحة الفريق وما تمليه الضمائر... الترجي يجهّز نفسه لموقعة المهيري هذا السبت ضدّ اهلي بن غازي لكن لغة الاقدام قد لا تكفي بمفردها لطيّ صفحة الاخفاق وعودة المارد الاصفر الى صولاته وجولاته فالأذهان لازالت شاردة ومصدومة بما حدث عقب انتهاء مباراة سطيف من رجّات عكسية أثّرت سلبا على محيط الفريق وعدّلت عناوين خارطة الطريق نحو اللقب داخل حجرات الملابس التي شهدت مشاحنات وانقسامات وثورة غضب حاك فصولها رئيس الفريق حمد المدّب الذي تخلّى عن رصانته المعهودة وردّ الصاع صاعين لكلّ المتقاعسين... بالنسبة لجماهير الترجي فهي تعي جيّدا ان فريقها يمرض لكنه لا يموت وهي تدرك جيّدا انّ بطل تونس يملك كافة الادوات والآليات للعودة الى طريق الجادة واستعادة ثوابته التي أهّلته ليكون كبيرا على الدوام لكن مع ذلك تبقى الهواجس والمخاوف مشروعة طالما انّ رقعة الخلافات والانقسامات داخل الفريق تتسّع يوما بعد يوم وهذا ما لم يعهده شيخ الاندية التونسية الذي لم يتعوّد على مثل هذه الهزات وهو الذي رسم لنفسه منذ سنوات طويلة قانونا خاصا به يلزمه هو فقط دون غيره...قانونا يجرّم الانفلات ويحرّم غياب الانضباط ولا يعترف سوى بلغة «الصبّاط»... لذلك تبدو الاحداث المتواترة تباعا من وراء أسوار الحديقة «ب» صادمة لكلّ العائلة الترجية التي يعكرّ صفوها وينال من ثباتها و يخلخل استقرارها مثل هذه الهزّات حتى ولو كانت عابرة فهي التي لم تعهد أبدا خروجا مماثلا عن النصّ وحتى ان حصل فانّ جدران البيت من الداخل تتصدّع لكنها تمنع تسرّب الخبر...ما حصل في حجرات ملابس الترجي ليلة السبت الفارط يقيم الدليل على ان الامور ليست على أحسن ما يرام فعندما يتسلّح المدّب بعصا المؤّدب ويعتدي بالعنف على مهاجمه أحمد العكايشي ومن ثمّة على قائد الفريق خليل شمام فهذا يعني انّ الوضع بات خارجا عن السيطرة وانّ الهزيمة لم تكن مجرّد عثرة بل كانت نتاجا طبيعيا لحرب الاخوة الاعداء وهذا ما تفطّن له رئيس الفريق الذي حاول إنقاذ الموقف على طريقته بتمرير رسالة شديدة اللهجة عنوانها « أنا حاكم روما»... زلزال سطيف لم يأت على حجرات الملابس فقط بل طال صداه بنك الترجي كذلك فالرسالة وصلت الى المدرّب الهولندي رود كرول الذي أيقن أخيرا انه ليس سوى رقم عابر في دفاتر الفريق ومهما علا شأنه يظلّ قريبا من الباب تماما كغيره من اللاعبين والمسؤولين... الهزيمة لم تحرّك سواكن الرئيس فحسب بل نالت كذلك من رئيس فرع كرة القدم بالترجي رياض بالنور الذي اغتاظ كثيرا من مردود الفريق خاصة من لاعبي المحور لذلك اختار المرور الى الخطّة «ب» وهي تفعيل خطوات الميركاتو المرتقب والبداية كان بزيارة خاطفة الى محمد علي اليعقوبي مدافع النادي الافريقي...بالنور تحوّل ليلة السبت الفارط مباشرة بعد نهاية المباراة الى «حومة» اليعقوبي وقد كان مرفوقا بفاعل خير دلّه على البيت وهناك اقترح بالنور على مدافع الافريقي عرضا مغريا لتقمّص زيّ الترجي ينال بمقتضاه ابن الشبيبة سابقا 450 الف دينار في الموسم الواحد...اليعقوبي لم يعط كلمته النهائية بما انّه رهين فلسفة وكيل أعماله لكن الصفقة مرجحة لان ترى النور بما ان الافريقي رفض الخضوع لإملاءات مدافعه كما انّ قدوم بالقروي قد يوصد الباب نهائيا في وجه اليعقوبي الذي قد يجد نفسه مجبرا على الارتماء في أحضان الجار في صورة تلاشي حلم الاحتراف بالبطولة الفرنسية...مباراة اهلي بن غازي هذا السبت ستكون مؤثرة بشكل كبير على مستقبل الترجي ليس فقط في مشواره القاري بل حتى على مستوى التسيير العادي للفريق فالشيخ لا يحتمل ضغوطا إضافية لذلك قد ننتظر تحرّكات في هذا الجانب أو ذاك من أجل ترتيب البيت من جديد حتى لو كان الامر على حساب فرق الجوار... بالنسبة للخلاف بين كرول ودوسابر يمكن اعتباره من الماضي بما انّ المدّب أعاد كلّ طرف إلى حجمه الطبيعي ومن حسن حظّ «المكشخين» انّ دوسابر يمتثل للاوامر بينما لا يشغل الهولندي سوى رصيده البنكي وهذا ليس بعسير على رئيس الترجي...