فلاّحون يتّهمون... الديوان يردّ ومنظمة المستهلك تقترح في رسالة امدّتنا بنسخة منها قالت إنها وجّهتها الى رئيس الحكومة والى وزراء الفلاحة والبيئة والصناعة والتكنولوجيا والتجارة والصناعات التقليدية اشتكت مجموعة من الفلاحين واصحاب معاصر لزيت الزيتون من سيطرة ما أسمته «لوبيات» معينة على قطاع الزيت واحكام قبضتها على مسالك التوزيع بطريقة جعلت بضاعتهم صعبة الترويج وامكانية وصولها الى المواطن التونسي بسعر مناسب لمقدرته الشرائية امرا مستحيلا . وقالت نفس المجموعة انه على الرغم من قرب انطلاق الاعداد لموسم جني الزيتون الجديد فإن كميات هامة من زيت صابة الموسم الفارط لم تروج بعد وظلت حبيسة معاصرهم. وأضافت مجموعة الفلاحين انه امام اكتفاء ديوان الزيت بكميات محدودة تخصص في مجملها للتصدير وامام انخفاض جودة الزيوت للموسم الفارط تعمقت ازمتهم ووجدوا انفسهم عاجزين عن ترويج منتوجهم على الرغم من ان زيت الزيتون مفقود بالفضاءات الكبرى ولا يصل الى المستهلك الاّ باسعار مرتفعة تصل الى 8 دنانير للتر الواحد على حد تعبيرهم. كما طالبت مجموعة الفلاحين واصحاب المعاصر في الرسالة الموجهة الى المسؤولين المذكورين بتفعيل دور الديوان الوطني للزيت والهياكل المتدخلة في ترويج زيت الزيتون المعلب في السوق المحلية حتى يصل الى المستهلك بسعر يتماشى وقدرته الشرائية. وتساءل الفلاحون في رسالتهم لماذا لا تعوض قوارير زيت الزيتون البلورية التي اعتاد التونسي ان يجدها «عند العطار» أو في الفضاءات التجارية بأسعار معقولة قوارير الزيت النباتي المستورد بالعملة الصعبة والذي لا يخضع للأداء على القيمة المضافة عند دخوله الى بلادنا؟ ولماذا لا يتدخل ديوان الزيت لتوفير زيت الزيتون للمنتجين والمعلبين بأسعار التكلفة مع هامش ربح معقول؟ ولماذا لا تلعب الاطراف المسؤولة دورها في تعديل سعرزيت الزيتون وفي التحكم في مسالك التوزيع بطريقة تضيّق فيها الخناق على المحتكرين وتضع بذلك حدا لازمة عانى منها الفلاحون على امتداد مواسم طويلة؟ «التونسية» حققت في هذا الملف الساخن بدءا بشكاوى الفلاحين وأصحاب المعاصر الى رأي ديوان الزيت ومنظمة الدفاع عن المستهلك فكان التحقيق التالي: أكد السيد توفيق عبيدة رئيس الغرفة الوطنية لاصحاب المعاصر أن الاشكال الذي يعاني منه الفلاحون ومنتجو زيت الزيتون هو وجود كميات كبيرة من زيت صابة الموسم الفارط ذات جودة منخفضة من الصعب ان يتم تصديرها على تلك الحالة مشيرا الى ان عوامل طبيعية معينة اثرت على ثمار الزيتون بصفة جعلت زيتها يفتقد لأبرز الخصائص. وقال توفيق عبيدة: «توجهنا نحن أصحاب المعاصر الى سلطة الاشراف لايجاد حل لترويج تلك الكمية داخل السوق المحلية بأسعار تكون في متناول المستهلك التونسي كما عقدنا جلسة مع مدير ديوان الزيت من اجل الاعداد للموسم المقبل الذي سيكون موسما واعدا حسب عديد المؤشرات». وأضاف ان المشكلة لا تكمن في حجم الانتاج بقدرما تكمن في كيفية ترويجه مشيرا الى انهم اقترحوا على مدير ديوان الزيت خطة تساهم في تسهيل ترويج منتوج الزيت وطلبوا منه التدخل بتوفير الاعتمادات الضرورية لاقتناء وتجميع كميات تتناسب وحجم الاستهلاك الوطني من زيت الزيتون وتوفيرها على ذمة مصانع تعليب الزيوت النباتية المدعمة على مدار السنة وتحفيز هذه المصانع على تعليبها وترويجها بنفس هامش الربح المعتمد في الزيوت النباتية المدعمة ليصل زيت الزيتون التونسي بأسعار معقولة الى كافة شرائح المجتمع ممّا يحقق فائدة للمستهلك الذي سيتمتع بالمنتوج بأسعار قريبة من سعر التكلفة ويخفف في نفس الوقت الطلب على الزيوت النباتية المستوردة على حد تعبيره. وأشار توفيق عبيدة الى أنه بإمكان كل مصنع من مصانع تكرير الزيت النباتي على سبيل المثال اضافة الى كميات الزيت المدعم التي يقوم بتكريرها اقتناء 5 اطنان من زيت الزيتون والاشراف على تعليبها وتوزيعها على كافة مناطق الجمهورية وبذلك يمكن استيعاب كميات الزيت الموجودة بالمعاصر من جهة وقطع الطريق على المحتكرين من جهة أخرى. ديوان الزيت... الحاضر الغائب من جهته أكد طارق الفقي منتج زيوت وفلاح وصاحب معصرة أن ديوان الزيت فقد وظيفته الاساسية و«خرج مالطرح مرة وحدة» واصبح مجرد «وساق» يكتفي بشراء كمية محددة من زيت الزيتون لتصديرها الى الخارج مشيرا الى انه على عكس الخواص الذين يحضرون المعارض ويروجون جيدا لبضاعتهم يفتقد الديوان لهياكل تسويقية جيدة على حد تعبيره. وقال طارق ان ديوان الزيت كان يشتري زيت الزيتون بسعر الجملة (6دنانير في ذروة الموسم و3 دنانير في اشهر جانفي وفيفري ومارس ) ويطرحه للبيع في السوق المحلية بأسعار مناسبة لكن بوجود «لوبيات» أصبحت تتحكم فيه حسب قوله فقد الديوان تلك المهمة وسهّل عملية إغراق السوق بزيوت نباتية غير مدعمة تشترى بالعملة الصعبة ويكون هامش الربح فيها مرتفعا ممّا ساهم في ارتفاع سعر لتر زيت الزيتون الذي اصبح يباع في الفضاءات التجارية الكبرى بسعر 8 دنانير ونصف على حد قوله وهو زيت معدّ أصلا للتصدير . وتساءل الفقي عن اختفاء نوع من انواع زيت الزيتون والذي يعبر عنه باللهجة الدارجة ب «الفضيخ» وهو زيت لا هو رديء ولا هو جيّد جدّا وهو صالح للطبخ وذو مذاق خاصّ على حدّ قوله وقال ان الديوان كان يشتريه من المعاصر ويوجهه الى المصانع المشرفة على تكرير الزيت النباتي لتتولى تعليبه وإيصاله الى كامل تراب الجمهورية بعد ان تتولى وزارة التجارة تسعيره. وقال الفقي: « يتمنى اغلب المواطنين اقتناء زيت الزيتون في قوارير بلورية عادية مماثلة لقوارير الزيوت النباتية وذلك بعد ان اصبح زيت الزيتون لا يروج الا في قوارير فاخرة جدا وموجهة للتصدير يصل سعرها في بعض الاحيان الى 8 دنانير». وأضاف طارق الفقي انهم باتصالهم بديوان الزيت طلب منهم هذا الاخير إعانته على التصدي للمحتكرين وللمتلاعبين بالقطاع مذكرا انه بامكان التونسي ان يتمتّع بزيت الزيتون بسعر مناسب إن استطاعت الدولة القضاء على المحتكرين والمتحكمين في مسالك التوزيع. هؤلاء همّشوا القطاع من جهته قال رياض شعبان فلاّح وصاحب معصرة ومصدّر زيت إنّ أصحاب الشركات المورّدة للزيوت النباتيّة هم أكثر الأشخاص الذين يقفون وراء تهميش قطاع زيت الزيتون في تونس واصفا إياهم ب«اللوبيات» التي تقف دون مصلحة التونسي وعدم تمكينه من منتوج صحّي وبتكلفة أقل على حدّ تعبيره. و أضاف رياض أنّ الزيوت النباتية «تفشّت» في السنوات الأخيرة في بلادنا بصفة كبيرة واكتسحت الأسواق مرجعا السبب إلى رفع المعاليم الديوانية عنها فترة نظام الرئيس المخلوع مستنكرا ان يتمّ الترويج لزيوت هي أقل نفعا من الزيوت المحلية مشيرا إلى انّ قرابة احد اصحاب الشركات بأحد المسؤولين عن تكرير الزيت هي التي أدّت إلى رفع المعاليم الديوانية مؤكّدا انّ نفوذ هذا الشخص (في إشارة إلى صاحب شركة توريد الزيوت النباتية) وصلت به إلى حدّ توعّدهم وتهديدهم فترة نظام المخلوع مضيفا أنه مازال إلى حدّ اليوم يعمل على إستغلال نفوذه دون وجود رادع لتصرّفاته التي أضرّت بقطاع زيت الزيتون وتوزيعه في تونس. وأشار شعبان إلى أنّه يوجد اليوم فائض في إنتاج زيت الزيتون بعد أن عمل ديوان الزيت على تحديد الكميات التي يأخذها من الفلاحين موضّحا أنّه توجد في الوقت الراهن أنواع من زيت الزيتون لا تقلّ جودة عن تلك التي تصدّر إلى اوروبا مؤكّدا انّ الفلاح مستعدّ لبيعها بأسعار قد تصل إلى نصف الأسعار التي تباع بها الزيوت النباتيّة. وأفاد شعبان أنّ الفلاح يتكبّد خسائر كبرى سنويّا نتيجة إكتساح السوق من طرف ما أسماها لوبيات ملاحظا ان ذلك ألحق أيضا أضرارا مادية ومعنويّة بالدولة كذلك على المستوى العالمي مقارنة بإيطاليا وإسبانيا واليونان ليطالب ديوان الزيت بتفعيل دوره وإتخاذ إجراءات من شأنها حماية حقّ الفلاح وحقّ المواطن التونسي على حدّ السواء. أمّا مرسي (فلاح وصاحب معصرة) فقد أشار إلى انّ كافّة أهل القطاع على إقتناع تامّ بأنّ عمليّة بيع زيت الزيتون تضرّرت جرّاء اغراق السوق بالزيوت النباتيّة إضافة إلى عدم تحرّك ديوان الزيت وإتخاذه الإجراءات اللازمة. وأوضح مرسي أنّ الدولة تتكبّد خسائر تصل إلى 400 وحتى 600 مليون دينار جرّاء توريدها لزيوت نباتية مدعّمة لا تستعمل في الإستهلاكات الآدميّة مبيّنا انها تجلب لصناعة الدهن والعلف وان النوع الثاني الذي تجلبه الدولة هو زيت نباتي غير مدعّم ومعفى من المعاليم الديوانية وأشار إلى أنّ «لوبي كبير» يتمثّل أساسا في مكرّرين للزيوت ومعامل للتصنيع وأصحاب شركات يقفون وراء اكتساح هذه الزيوت للسوق وتسهيل قدومها إلى بلادنا ممّا ساهم في غياب قوارير زيت الزيتون العادية (قارورة بلتر) من المحلات والمغازات الكبرى رغم انّها تباع بأسعار بخسة مقارنة ببعض الزيوت النباتية كزيت الذرة وغيره من الزيوت. وأشار مرسي إلى انّ خسائر الفلاح عامّة ومنتج زيت الزيتون خاصّة في تفاقم جرّاء عدم إيلاء سلطات الإشراف مشاكل هذا القطاع اهتمامها ونتيجة عدم وضعه في سلّم إهتماماتها مقارنة ببعض المجالات الأخرى مؤكّدا أنّ خسائره شخصيّا تصل إلى 200 ألف دينار سنويا جرّاء الإبقاء على اكثر من نصف كميات الزيوت التي ينتجها سنويّا مضيفا أنّ مصلحة المواطن تقتضي النظر في هذا الأمر ممّا يستدعي من ديوان الزيت إتخاذ إجراءات وتفعيل دوره. كما طالب بضرورة إرجاع الضرائب التي كانت توظّف على إدخال الزيوت النباتيّة مؤكّدا انّ ذلك سيضمن مداخيل جديدة للدولة والقضاء على مشكلة التعليب قائلا: «لا بدّ من إرجاع ال TAX موش تورّد بالعملة الصعبة وتقتل منتوجك المحلّي».