مثل وضع الصحافة المغاربية في ظل التغيرات السياسية والإجتماعية التي تعيشها المنطقة احد أهم محاور المنتدى الثاني للصحافة المغاربية الذي التأم يوم أمس بمدينة الحمامات. المنتدى الذي انتظم تحت شعار «ماذا يهدد الصحافة المغاربية اليوم؟» بمبادرة من مفوضية الاتحاد الأوروبي وجمعية مديري الصحف ناقش الصعوبات التي يعيشها الإعلام ولا سيما المكتوب منه في دول المغرب العربي والدول التي شهدت ثورات الربيع العربي بالتحديد . وأكد السيد الطيب الزهار رئيس جمعية مديري الصحف في افتتاح الملتقى أن حرية الصحافة لا يمكن أن تحجب مسؤولية وسائل الإعلام في دعم إعلام حرفي يحترم أخلاقيات المهنة، وأشار الزهّار إلى أهمية البرنامج التكويني الذي تم وضعه مع الإتحاد الأوروبي لتنمية قدرات الإعلاميين وتقييم حرية الإعلام في البلدان المغاربية خاصة في مثل هذه المرحلة التي تعيشها بلدان المنطقة. وأضاف الزهار أن الهدف الأول من هذا البرنامج هو تقييم التجارب الإعلامية في البلدان المعنية ونقدها والعمل على إصلاح الواقع الصحفي وذلك بالتعاون مع خبراء من ذوي الكفاءة والقدرة على النقد البناء، إلى جانب البحث عن الحلول المشتركة والدفاع عن حرية التعبير مهما كانت نوعية التهديدات والتحديات التي تتعرض لها الصحافة في البلدان المغاربية . الأنظمة الدكتاتورية تستهدف الإعلام من جانبها قالت السيدة لورا بايزا سفيرة ورئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس إنّ حرية التعبير والحريات الأساسية يجب أن تكون محل نقاش مستفيض في بلدان الديمقراطية الناشئة مشيرة إلى أنّ الأنظمة الدكتاتورية تستهدف مباشرة حرية التعبير حتّى تعتّم على تجاوزاتها وتمنع الإعلاميين من أداء واجبهم تجاه المجتمع والرأي العام . واعتبرت رئيسة بعثة الإتحاد الأوروبي أن الصحافة ليست فقط مهنة بل هي خدمة من أجل إيصال المعلومة والبحث عن الحقيقة وحث السلط التشريعية والتنفيذية والقضائية على أداء مهامها في كنف الشفافية. ولم تنكر «لورا بايزا» التحديات الجسام التي تواجهها الصحافة المكتوبة في الدول المغاربية وبقية دول العالم بسبب زحف الإعلام الإلكتروني وإقبال القراء على المحامل الالكترونية التي أغرقت العالم بالمعلومة مشيرة إلى أنّ ذلك أدى إلى اختفاء العديد من العناوين ووضع عناوين أخرى في وضعية مالية صعبة وإحالة صحفيين على البطالة القسرية . كما دعت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي الصحفيين ولا سيما صحفيي الإعلام المكتوب إلى تطوير طرق عملهم والاشتغال على منتوج إعلامي ذي جودة عالية لا يقتصر على الخبر المتداول ملاحظة أنّ ذلك يتطلب تطوير مهارات الصحفيين وقدراتهم على إنتاج مادة إعلامية على درجة كبيرة من الحرفية تضمن إقبال القارئ على المحامل المكتوبة معتبرة أن تطوير مضامين الجرائد الورقية هو مسؤولية مشتركة بين جميع الهياكل المتدخلة في المهنة. إعلام المتناقضات الأكاديمي الصادق الهمامي وصف الإعلام في تونس من خلال الدراسة التي أجراها حول وضعية الإعلام بأنها صحافة المتناقضات مشيرا إلى أن حرية الإعلام تتطلب جملة من الشروط التي تمكّن الصحفي أو المؤسسة الإعلامية من احترام أخلاقيات المهنة وتوفير مادة اعلامية حرفية. وأشار الهمامي إلى أنه لا يجوز الحديث عن اعلام حر وحرفي في غياب مؤسسات إعلامية صلبة معتبرا أن هشاشة المؤسسات الإعلامية والوضع الإجتماعي للصحفيين قد يجعل منهم أداة سهلة تستغل في التوجيه السياسي والإقتصادي. الهمامي تحدّث أيضا عن الأزمة الإقتصادية التي تمر بها المؤسسات الإعلامية ولا سيما الصحافة المكتوبة معتبرا أن هذه الأزمة تعود إلى أسباب هيكلية وليست ظرفية وهي تراجع عدد القراء وغياب الإحصائيات الرسمية والحقيقية لعدد قراء الصحافة المكتوبة إلى جانب التدفق الكبير للمعلومة المجانية عبر المواقع الإلكترونية ومواقع الواب وتطور الإعلام المرئي و اقتصار الإصلاحات التشريعية على الإعلام المرئي وضعف انفتاح الصحافة التونسية على القطاع العمومي . وأرجع الهمّامي التحديات التي يُواجهها الإعلام المكتوب في تونس إلى ضعف سوق الإشهار وتأثره بالأزمة الإقتصادية التي تمر بها البلاد وهو ما جعل عائدات الإشهار في الإعلام تتراجع سنة 2013 بنسبة 18,3 بالمائة إلى جانب غياب شبه كلي للإشتراكات مع غياب مقاييس واضحة في إسناد الإشهار العمومي أو أيّ دعم مباشر أو غير مباشر من الدولة . وخلص الهمامي إلى أن الإطار القانوني للاعلام المكتوب الذي تجدد كليا بعد الثورة عبر المرسوم 115 لسنة 2011 لم يحل حسب المهنيين دون تواصل الوضع الهش للقطاع وأكدوا على أن انتفاء الرقابة العمومية لا يعتبر نهاية للتهديدات التي تتربص بالقطاع والتي قد تصدر عن السلطة التنفيذية أو الأحزاب السياسية أو اللوبيات الإقتصادية . إيمان الحامدي