استبشرت عائلة النادي الافريقي الموسّعة بتنصيب ابن الفريق منتصر الوحيشي في خطّة المدير الرياضي بالنظر الى ما يمتلكه الرجل من مخزون كروي وفني كبير وجال بخاطر كلّ «الكلوبيستية» انّ عناوين الفشل في ميركاتو التعاقدات ولّت دون رجعة على اعتبار ان سيرة الوحيشي خالية من كلّ دنس ومن أيّ شبهات سواء كانت مالية أو رياضية... وقد ساهم قرار التنصيب هذا في تهدئة الخواطر وعودة الهدوء الى مركّب الحديقة «أ» بعد العاصفة التي كادت تأتي على الاخضر واليابس في الفريق ونالت من ثبات الرئيس بالأمس القريب بعد تتالي الخيبات والكبوات... سليم الرياحي استجاب أخيرا الى نداء الجماهير وسلّم الحقيبة الاهمّ في النادي وهذا ما يحسب له على الاقلّ الى منتصر الوحيشي الذي أخذ القطار وهو يسير وبدأ العمل تحت وابل من الضغوطات سواء من داخل الفريق أو من خارجه ومن خبر جيّدا كواليس النادي يدرك انّ الوحيشي يقف على أرض ملغومة قابلة للانفجار بين الحين والآخر فالأسماء المعزولة حديثا ساءها الاكتفاء بالفرجة عن بعد وهي المتعوّدة على تحريك دواليب الفريق دون حسيب أو رقيب... لذلك عادت لتجميع قواها على أمل غير بعيد... سلوكات العادة... تغيّر موازين القوى في القلعة الحمراء دفع جبهة المبعدين الى التحرّك في العتمة كما كان عليه الحال دائما وممارسة سلوكات العادة مع تغيير التكتيكات... كلّ ذلك لوضع العصا في العجلة على أمل إفشال مشروع «الوحيشي» وإجباره على الخروج من الباب الصغيّر لتنكسر بالتالي تلك الصورة المثالية للمدير الرياضي الجديد وينضاف طواعية الى سلسلة المسؤولين الفاشلين الذين غادروا غير مأسوف عليهم... بالنسبة لمنتصر الوحيشي كانت الامور تسير على أحسن ما يرام والرجل وضع على طاولته جملة من الملفات لأسماء لها باع وذراع في الكرة على غرار ياسين الميكاري وحسين ناتر ووسام يحيى وأحمد خليل وكذلك نضال سعيد وغيرهم من اللاعبين الذي يسيلون لعاب أيّ مسؤول وما يحسب له أنّه طوّق جشع السماسرة وفرض قانونه على الطاولة... الى هنا كانت الأمور تسير على أحسن ما يرام... والبداية كانت موفقة والمحادثات سارت في الطريق الصحيحة لكن فجأة خسر منتصر الوحيشي إحدى أهمّ أوراقه ونعني نضال سعيد الذي اختار التوقيع للنجم بمبلع أٌقلّ بكثير ممّا رصدته هيئة الافريقي رغم الاتفاق مع اللاعب على كلّ الجزئيات بما فيها المنح والامتيازات لكن حصل ما لم يكن في الحسبان... ودون الخوض في امكانيات نضال سعيد والوقوع في فخّ التقييمات التي لا تسمن ولا تغني من جوع أثار سقوط الصفقة في الماء حفيظة كلّ «الكلوبيستية» لانّ النجم لم يكن ذلك المنافس القادر على قرصنة الصفقة أو استمالة اللاعب خاصة أنّ المال يلعب لصالح الأفارقة والسؤال المطروح هنا لماذا وكيف فشل منتصر الوحيشي في أوّل امتحان له..؟؟؟ هل تكون بداية النزيف...؟ ما حصل مع نضال سعيّد ليس سابقة ويحصل في كلّ الجمعيات لكنه قد يكون بداية فرار جماعي لفيلق النجوم الذي اتفق معهم الافريقي والسبب هو لجوء المدير الرياضي للافريقي الى التعامل بالكلمة فقط... دون عقود ولا مال...فقط مجرّد تطمينات وحديث عن مشروع الافريقي الجديد... وهو أسلوب عقيم بما انّ أي لاعب لا يثير سواكنه سوى رنين الدينار ولا يغريه الحديث عن المؤسسات الرياضية بقدر ما يشغله حسابه البنكي المرتقب... في هكذا حال لم يخطئ الوحيشي لأنّه مارس صلاحياته بالكامل بل تحرّك يمينا وشمالا وبذل مجهودات كبيرة لتأمين حاجيات الفريق للموسم القادم لكن جيوبه كانت فارغة خاوية لا تقدر سوى على «المنياوي» لانّ الأخير مستعد لتقمّص زيّ الافريقي مجانا... منتصر الوحيشي تردّد كثيرا قبل القبول بهذه المهمّة وتسلمّ حقيبة تبدو في ظاهرها ملغومة لانّ كلّ التجارب السابقة كان عنوانها الفشل في ظلّ تواصل تحركات الخلايا النائمة وجبهات المعارضة الناشطة على ضفاف البحيرة... والغريب في الامر أنّ رئيس الافريقي لا يبالي بكلّ ما يحدث من حوله بل ساهم عمدا أو دونه في تعطيل كلّ الصفقات وربمّا خسارتها جميعا... خسارة صفقة نضال سعيّد قد لا تعني الشيء الكثير بالنسبة لفريق يرصد ميزانية ضخمة من أجل الفوز بامضاءات لاعبين دوليين لكن تحرّكات الكواليس وصمت الرئيس يفتحان باب التأويل على مصراعيه خاصة إذا علمنا انّ الرياحي المتواجد منذ فترة طويلة خارج الديار لا يتواصل كثيرا مع مديره الرياضي كما أنّ هذا الاخيرلا يملك صلاحيات التوقيع لذلك تبقى كلّ الامور مؤجلة الى حين عودة الرئيس الذي حلّ بيننا منذ أسبوعين لالتقاط صور تذكارية في نهائي كرة السلة ثمّ توارى مجدّدا عن الانظار في عاصمة الضباب... نظرية المؤامرة... وبعيدا عن نظرية المؤامرة التي نجتهد في خلقها ونتلذذ بسردها سويا, هناك حقيقة واحدة في الافريقي لا جدال فيها وهي وجود أطراف داخل الفريق تسعى جاهدة لعرقلة منتصر الوحيشي لكن ما يثير مخاوف الجماهير هو ان يكون سليم الرياحي متورّطا في الموضوع لغاية في نفسه...هناك من يرى انّ قرصنة صفقة نضال سعيدّ كانت بفعل فاعل ونتاج نيران صديقة وهذا طرح مردود على أصحابه لانّ البلّي ليس قاصرا كما انّ سعيّد ووكيل اعماله يعرفان جيّدا مصلحتهما ولا يمكن لهما بأيّة حال من الاحوال الدخول في لعبة الاخوة الاعداء...في حين يرى البعض الآخر انّ الرياحي تعمّد الدفع بالوحيشي على خطّ المواجهة بلا مال ولا عتاد حتى يخسر على كلّ الواجهات ويخيب ظنّ الجماهير فيه فيكون الطلاق أبغض الحلال ويعود اسم الرئيس في الواجهة بعد ان سلب منه الوحيشي الأضواء... عندما تتحدّث الى الكاتب العام للفريق حول شأن يخصّ النادي يرشدك الى هاتف منتصر الوحيشي بكثير من السخرية...وعندما تبحث عن استفسار في موضوع ما بعيد كلّ البعد عن الجوانب الفنية يمتنع أبناء الدار عن الكلام ويتعللون بأنّ «سي» منتصر هو الفاتق الناطق...ردود فعل تترجم حالة عدم الرضا التي تنتاب الجماعة بسبب تواجد المدير الرياضي في مركب الفريق ولا نخال هؤلاء يتحدثون هكذا بكلّ عفوية بل تمهيدا لفتح كشف الحساب قريبا أو هكذا يتمنون... تجربة المدير الرياضي الجديد للإفريقي يمكن ان تكون فاشلة فقط إذا خابت قريحة الوحيشي وكانت صفقاته دون المستوى المطلوب لكن الحديث عن الفشل في ملّف استمالة اللاعبين وترويضهم بالكلمة هو تجنّ على الرجل لأنّ المال هو قوام الاعمال والكلمة لا سلطان لها سوى في قاموس الشرفاء وهذا ما يدركه بل ربّما ما يريده رئيس الافريقي...