لا شك ان تحمل كل مسؤولية يفرض أولا الالتزام بها وفي هذا الصدد فإن تواصل عملية لي الذراع بين وزارة الثقافة وأعوانها دخل طورا جديدا بل نفقا مظلما لا يمكن التكهن بكيفية الخروج منه في ظل الجدل البيزنطي الذي رافق الحوار بينهما ويمكن القول بان المراهنة على السيناريوهات المعدة مسبقا من طرف الوزارة كضرورة منحها الوقت للاطلاع على المطالب ودراستها لم تعد توافق رغبة أعوان القطاع من جهة او تسكن من جوعهم أو تصبر أوجاعهم ولا تندرج إلا في إطار مزيد ربح الوقت مما من شانه ان يطعن في سلامة النية وصدق القول ...خاصة أن الأطراف النقابية وبعد أن اكتوت بخيبة المفاوضات مع الوزير السابق المهدي مبروك وطاقمه لا تريد أن تلدغ من الجحر مرة أخرى مع الوزير الحالي مراد الصكلي الذي ما فتئ يردد بأنه وزير مؤقت وان مهمته تنتهي في شهر جانفي القادم وبمعنى يلمح بأنه لا يريد ان يمنح ما لا يملك وإن ملك صلاحية اتخاذ قرار رفع الفيتو عن استقدام المطربة نانسي عجرم لمهرجان قرطاج بعد أن أكد سلفه أن صعودها على ركح قرطاج سيكون على جثته ...تباينت الأذواق إذا ولكن اتحدت المواقف في مسألة عدم فتح جذري لملف الثقافة والمنظومة الثقافية وبدرجة أولى في استقراء واقع القطاع الثقافي ومحاولة إصلاحه ومما لا شك فيه أن التمادي في تجاهل استحقاقات أعوان قطاع الثقافة يسهم بلا ريب في تفشي الاحتقان في صفوف العاملين في هذا القطاع وفي ظل التخفيض الواضح في ميزانية وزارة الثقافة لتصبح صفرا ومعه فاصل مقابل الترفيع في ميزانية مهرجان قرطاج وبطبيعة الحال فإن الكيل بمكيالين يسهم ايضا في تنمية بذرة الاحتقان وتبعا لذلك لم يجد العاملون في القطاع الثقافي بعد إضراب الأيام الثلاث الحل إلا في مزيد التلويح بالتصعيد خلال الهيئة الإدارية للنقابة العامة للثقافة المنعقدة مؤخرا من خلال تنفيذ وقفة احتجاجية يوم افتتاح مهرجان قرطاج ومقاطعة التظاهرات الثقافية علاوة على اعتماد التوقيت الإداري الخاص بالوظيفة العمومية في ظل عدم اعتراف الوزارة بخصوصية القطاع وفي ظل عدم وجود امتيازات خاصة للأعوان خلال العمل ايام السبت والأحد وفي العطل على غرار ما هو معمول به في القطاعات الأخرى كالإعلام وغيرها حيث تعطى امتيازات مالية للعاملين خارج التوقيت العادي والخلاصة أن التعويل على عامل الوقت للتنصل من تفعيل الاتفاقيات السابقة قد يصطدم بالإجراءات التصعيدية للطرف النقابي الذي يرى أنه استنفذ كل الحلول ولم يلبث يرزخ تحت وطأة التجاهل لاستحقاقاته وبدون شك فإن فاقد الشيء لا يعطيه ومن العبث الحديث عن حراك ثقافي أو نهضة ثقافية والعاملين في القطاع يعانون التهميش ومن غير المنطقي أن تتبنى وزارة الثقافة نظرة استشرافية للنهوض بالمتاحف والآثاروالجماد دون أن تقرأ حسابا للعباد وللعاملين في القطاع باعتبارهم عماد أي نهضة وتطور واي معنى للحديث عن إمكانية استقدام "شاكيرا" ووجود عرض راقص من الهند وعرض للباليه الصيني و العاملين في قطاع الثقافة يدركون انهم لا يحتاجون بالاساس لعرض من الهند وقد طال مسلسل مفاوضاتهم على شكل الأفلام الهندية وقد كتب عليها "صنع في الصين".. وماذا يعنيهم استقدام "كارول سماحة " وهم يدركون أن الوقت لم يعد يسمح لهم بمزيد من "السماحة" أو التحلي بالصبر .