التونسية (تونس) الزمان يوم السبت 28 جوان 2014 والمكان فضاءات المدارس الابتدائية في كل شبر من البلاد التونسية والحدث ليس الا توزيع «دفاتر النتائج المدرسية» على التلاميذ من السنة اولى الى حد السنة السادسة مع شهائد الشكر والشرف للمتميزين وجائزة التفوق لصاحب المرتبة الاولى بقسمه واحيانا ما يتحصل عليها التلاميذ اصحاب المراتب الثلاثة الاولى حسب الامكانيات المالية للمدرسة. في هذا اليوم دبت الحركة في المدارس الابتدائية منذ الصباح الباكر وقدم كل التلاميذ يرافقهم الآباء والامهات والاخوة والجيران واختلط الحابل بالنابل وعلا الضجيج وغمر الصياح ساحات المدارس ولم يقدر المعلمون على كبح جماح تلاميذهم ولا صد اندفاع الاولياء من يصرّون على الاسراع بتوزيع الدفاتر للاطلاع على نتائج ابنائهم والتي تتعلق اساسا باعداد ومعدلات الثلاثية الثالثة مدعمة بالمعدل السنوي حتى يدركوا مستواهم في صلب المجموعة.. وهي للامانة نتائج «فيها» و «عليها» وتتطلب التدخل العاجل قبل فوات الاوان ضمن مشروع تحسين المنظومة التربوية لان النجاح صار يشمل الجميع مهما ضعفت الامكانات والقدرات الفكرية حيث يفرض الكم نفسه على الكيف والنسب المائوية للارتقاء في مدارسنا الابتدائية تعادل تقريبا 90٪ والرسوب نادر ولا يهم الا حالات قليلة خاصة في قسم السنة السادسة لان المرتقين سينتقلون الى المدارس الاعدادية ويجب ان يكون لديهم الحد الادنى من المكتسبات.. ولهذا نرى ان الضجة و «الشوشرة» التي تعم المدارس الابتدائية في هذا اليوم طابعها مزيف لا روح فيه وانما هي مفتعلة ومتصنعة ومفبركة حيث يرى فيها الاولياء متنفسا للتمرد على قيود المدرسة ونظامها اليومي ودفع ابنائهم الى التحرر من ضغط الدروس ليطالبوا بدفاترهم التي ستصبح ملكا لهم يحتفظون بها نهائيا.. يتسلمونها على صوت زغاريد الامهات وخاصة لمن تحصل احد ابنائهن على شهادة تقدير او جائزة تكريم حيث تتهاطل عليها التهاني وعبارات الشكر والامتنان رغم ان اعداد ابنها «منفوخة» ومضخمة لقاء مواد التربية الاجتماعية والفنية والبدنية حيث تتراوح عادة الاعداد بين 15 و19 من 20 لتطير معها المعدلات وتكبر دون ان تعكس حقيقة المستوى المعرفي للتلميذ.. والامثلة كثيرة وتتعلق بحالات غريبة على غرار تلميذ تحصل على 7 من 20 في الرياضيات و8 من 20 في القراءة و9 من 20 في الايقاظ العلمي ولكنه تحصل على 19 من 20 في التربية البدنية و18 من 20 في التربية الموسيقية ليكون معدله 12٫20 من 20 وهو معدل محترم قياسا بأعداده المحدودة في المواد الاساسية وهو امر يثير الحيرة والشك لأن مثل هذا التلميذ تتهاطل عليه التهاني ويشيرون له بالبنان وتحتفي به عائلته في المنزل كأحسن ما يكون رغم انه حسابيا لو اعتمدنا اعداد المواد الاساسية لحصل على معدل 8 من 20 ولشمله الرسوب .. ولهذا قلنا ان «الزغاريد..اكثر من الكسكسي». .