بقلم : أبو غسان حصيلة إقبال التونسيين على التسجيل في القائمات الانتخابية هزيلة جدا ومخيبة للآمال وتنبئ بفشل كبير على مستوى نسب المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة إذا ما تواصلت الأمور على هذا النحو . حملة التسجيل للانتخابات تهم أكثر من نصف عدد من يحق لهم الانتخاب في تونس أي نحو خمسة ملايين مواطن تونسي، أكثر من أربعة ملايين منهم تخلفوا عن التسجيل في انتخابات أكتوبر 2011 وحوالي 800 ألف شاب وشابة بلغوا أو سيبلغون ال18 من عمرهم قبل يوم موعد الانتخابات المقبلة. وبعد أسبوعين من انطلاق هذه العملية لم يقع تسجيل سوى 90 ألف ناخب جديد أي أكثر بقليل من 10 بالمائة من عدد الناخبين الجدد. ولكن هل يمثل الأمر حقا مفاجأة... ؟ إن كل من يحاول الإيهام بأنه تفاجأ بهذه النتائج إما أنه بعيد عن واقع البلاد اليوم ومشاغل أهلها ومشاكلهم ، ولا يعرف عقلية المواطن التونسي، أو أنه يفعل ذلك تنصلا من المسؤولية . فقد تجمعت عديد العوامل التي جعلت الحصيلة هزيلة .. وهي عوامل في أغلبها من مسؤولية الأطراف المعنية بالعملية الانتخابية من هيئة مستقلة عليا وأحزاب ومجتمع مدني. فتوقيت حملة التسجيل سيئ فهو جاء في أوج فصل الصيف وشهر رمضان.. بل إن تخصيص حملة في وقت محدد لم يكن خيارا صائبا وقد كان بالإمكان ألا تتوقف عمليات تسجيل الناخبين بعد أكتوبر 2011 وكان بإمكان هيئة الانتخابات السابقة أن تواصل القيام بهذه المهمة من خلال حضور محدود ولكن مستمر على مدار العام في كل الولايات لتسجيل الناخبين . كذلك فإن الحملة الإعلامية للتشجيع على التسجيل جاءت ضعيفة وباهتة سواء من حيث المضمون أو من حيث الكثافة والانتظام ولم تعتمد على رسائل بسيطة وواضحة يمكن أن تحرك التونسيين وتدفع بهم نحو التسجيل. أما الأحزاب السياسية فهي لم تقم بأي شيء يذكر للتشجيع على التسجيل، بل يبدو أن بعضها مرتاح جدا لهذا الضعف في الإقبال على التسجيل ويجد أنه ينسجم مع حساباته الانتخابية. أما جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالشأن الانتخابي فهي تحركت دون تنسيق في ما بينهما مما جعل الجهود تتشتت ولا تحقق النتائج المرجوة . إن ما يجري اليوم بخصوص تسجيل الناخبين هو عبارة عن محاولة يائسة للتدارك والتعويض في حيز زمني ضيق جدا وفي ظروف موضوعية غير مواتية بالمرة. وهذا يسمى بلغة الرياضيين لعب في الوقت بدل الضائع بعد أن مر الوقت الأصلي دون تحقيق أي نقاط تذكر. وواضح أن هذا الوقت بدل الضائع مهما مددنا فيه لن يكفي للتعويض، ولن يتحقق فيه شيء ذو معنى. وهو ما يفرض على هيئة الانتخابات التفكير من الآن في تلافي هذه الحصيلة الهزيلة في التسجيل وإيجاد صيغ عملية أخرى تضمن مشاركة أغلب التونسيين في الانتخابات المقبلة.