انتهى المونديال بتتويج منطقي للألمان ومرارة كبيرة لفرق أمريكا اللاتينية التي دخلت المسابقة بقوة وجعلت كل المتابعين يتوقعون سيطرتهم وحيازتهم للقب ولكن واقعية المانشافت كان لها رأي آخر بإطاحة البرازيل في نصف النهائي والأرجنتين في النهائي ليتربعون على العرش العالمي للمرة الرابعة في تاريخهم. إلا أن هذه الدورة لم تخل أيضا من المفاجآت والنتائج الغريبة والإكتشافات الجديدة وتحطيم للأرقام القياسية وإليكم أبرز مايمكن الإحتفاظ به من كأس العالم البرازيل 2014. ألمانيا بالنجمة الرابعة إستحق الألمان التتويج أول أمس بكأس العالم للمرة الرابعة في تاريخهم بعد مردود منتظم منذ بداية الدورة على الرغم من وقوعهم في مجموعة صعبة في الدور الأول واصطدامهم بفرنسا في الربع النهائي والبرازيل في المربع الذهبي والأرجنتين في المباراة الختامية، وفي كل هذه اللقاءات كان أبناء المدرب لوف الأفضل والأجدر من منافسيهم لما يتمتعون به من ثقة كبيرة في النفس دفاعا بقيادة الحارس نوير ولاعب الخط الخلفي ماتس هوميلز وإمكانيات بدنية وفنية عالية في خط الوسط على غرار طوني كروس المنتدب الجديد لريال مدريد والمخضرم باستيان شفاينشتايغر الذي كان أحد أبطال مباراة النهائي باندفاعه الكبير على الكرة وإصراره على مواصلة اللعب رغم الإصابة في الركبة ومعاناته من نزيف في الوجه، دون نسيان الدهاء الهجومي لكل من مولر وكلوزه في إستغلال أنصاف الفرص، كل هذا بقيادة إطار فني من أعلى طراز كانت معظم خياراته ناجحة منذ بداية الدورة وحتى نهايتها عندما أقحم غوتزه في أواخر الشوط الإضافي الأول ونجح هذا الأخير في تسجيل الهدف الوحيد في المباراة ليقود بلده إلى التتويج بأول كأس عالم يفوز بها منتخب أوروبي على الأراضي الأمريكية. إسبانيا تخيب الآمال أبرز هذه المفاجآت هي خروج بطل العالم إسبانيا مبكرا من الدور الأول بعد هزيمتين في لقاءيه الأولين أمام هولندا بخماسية وأمام تشيلي بثنائية قبل أن يحفظوا ماء وجههم بفوز معنوي على أستراليا لا يسمن ولا يغني من جوع ليعجز أبطال العالم عن تجاوز محطة الدور الأول على منوال إيطاليا التي فازت بمونديال 2006 وخرجت من الدور الأول في 2010 ليعود إنييستا وزملاؤه إلى العاصمة مدريد وهم يجرون أذيال الخيبة معلنين نهاية جيل سيطر على الكرة الأوروبية والعالمية منذ سنة 2008. الإنقليز والطليان على نفس المنوال الإسبان لم يكونوا الوحيدين الذين تذوقوا مرارة الفشل في هذا المونديال ليحذ وحذوهم كل من الإنقليز والطليان. هذا الثنائي ورغم وقوعه في نفس المجموعة ترك الأفضلية لكل من الأوروغواي وكوستاريكا ظاهرة كأس العالم. المنتخب الإنقليزي بقيادة العجوز روي هودجسن ورغم الآمال الكبيرة المعلقة عليه خرج بنقطة وحيدة وتذيل الترتيب بهزيمتين وتعادل. أما منتخب الأزوري فبدايته الجيدة في الدورة بالفوز على الإنقليز لم تكفه للمرور إلى الدور الثاني وإنقاد لخسارتين متتاليتين أمام كوستاريكا والأورغواي مما جعل المدرب برانديلي ورئيس الإتحاد الإيطالي يقدمان إستقالتهما مباشرة بعد هذا اللقاء. عضة «سواريز» مباراة إيطاليا والأوروغواي شهدت أحد أغرب اللقطات في تاريخ المسابقة وهي عض المهاجم لويس سواريز لكتف الإيطالي كيليني في أواخر الدقائق وعدم تفطن الحكم المكسيكي رودريقيز للقطة جعل الفيفا لا يتردد في الإعتماد على مقاطع الفيديو ومعاقبة نجم الأوروغواي بأربعة أشهر كاملة و تسع مباريات دولية مما أثار ردود فعل غاضبة من أحباء ووفد منتخب « السيليستى» الذين حرموا من مشاركة أفضل لاعبيهم في الدور الثمن النهائي أمام كولومبيا لينهزموا بهدفين دون رد ويودعون البطولة. الأفارقة في الموعد والكامرون الإستثناء المنتخبات الأمريكية لم تكن الوحيدة التي صنعت الحدث لأن الفرق الإفريقية كذلك نجحت في تقديم كرة قدم ممتازة جابهت بها أعتى المنتخبات العالمية بإستثناء الكامرون الذي خرج من المونديال من الباب الصغير بعد ثلاث هزائم بنتائج عريضة. أما بقية المنتخبات فقد كانت في المستوى على غرار الكوت ديفوار التي كانت قاب قوسين أو أدنى من التأهل لأول مرة في تاريخها إلى الدور الثاني لولا دهاء الإغريق وتحصلهم على ضربة جزاء في أواخر دقائق اللقاء، وكذلك الشأن بالنسبة للمنتخب الغاني الذي أبلى البلاء الحسن رغم تذيله لترتيب مجموعة الموت والتي ضمت كلا من ألمانيا والبرتغال والولايات المتحدة ويكفيها فخرا بأنها المنتخب الوحيد الذي أحرج المانشافت بطل العالم بالتعادل معه بهدفين. أما الثنائي نيجيريا والجزائر فقد نجحا في المرور إلى الدور الثاني محققين رقما قياسيا جديدا للقارة السمراء بتواجد فريقين في ثمن نهائي المونديال لكن مشوارهما توقف أمام كل من فرنساوألمانيا. الجزائر فخر العرب لئن تعتبر نيجيريا متعودة على التأهل إلى الدور الثاني بعد نسختي 1994 و1998 فإن مرور المنتخب الجزائري شكل المفاجأة السارة في المونديال لأنه الأول في تاريخ الخضر في كأس العالم بعد تخطيهم لكل من كوريا الجنوبية وروسيا محتلين المرتبة الثانية في المجموعة خلف بلجيكا. تأهل الممثل العربي الوحيد في الدورة لم يكن محض الصدفة لأن المدرب البوسني وحيد حليلوزيتش يمتلك مجموعة متكاملة فنيا وبدنيا متعودة على النسق العالي على غرار مهاجم نادي سبورتينغ لشبونة البرتغالي إسلام سليماني ومتوسط ميدان نادي فالينسيا سفيان فيغولي ومدافع نادي نابولي الإيطالي فوزي غولام، هؤلاء اللاعبون وغيرهم أدخلوا الفرحة على الجزائريين وعلى كل العرب وحققوا الحلم الذي انتظروه طويلا. كوستاريكا ظاهرة المونديال يبقى منتخب كوستا ريكا ظاهرة هذا المونديال بلا منازع بعد وصولها المفاجئ إلى الدور ربع النهائي وإطاحتها لكل من إيطاليا ، الأوروغواي وإنقلترا قبل تخطي اليونان في الثمن النهائي لتصل لأول مرة في تاريخها إلى مثل هذه المرحلة المتقدمة من كأس العالم لكنها إصطدمت بسوء الحظ في مباراتها ضد هولندا وانهزمت بركلات الترجيح. هذا المنتخب فاز خلال المونديال بتعاطف كل العالم بتفوق تكتيكي ودفاعي بقيادة الحارس نافاس وتطبيق ممتاز لخطة الهجمات المرتدة السريعة بالإعتماد على مهاجم نادي أرسنال جويل كامبيل وكان قريبا من الإطاحة بمنتخب الطواحين والتأهل إلى المربع الذهبي لولا تدخل ذكاء المدرب فان خال بإقحامه للحارس العملاق لنادي نيوكاسل الإنقليزي تيم كرول الذي تصدى لركلتي جزاء قادتهم إلى النصف النهائي. إصابة نيمار أبكتهم وسباعية ألمانيا قضت على أحلامهم من جهة أخرى كان المنتخب الكولومبي من أفضل المنتخبات في المسابقة بعد تربعه على المجموعة الثالثة أمام اليونان والكوت ديفوار واليابان وإطاحته بالأورغواي في الدور الثاني لكن مسيرته الوردية توقفت ضد منظم الدورة في الربع النهائي رغم مباراة بطولية شهدت إصابة نجم السامبا الأول نيمار داسيلفا بكسر في إحدى فقرات الظهر كادت تودي بمشواره الكروي وشكل تدخل المدافع الكولومبي زونيغا الذي تسبب في هذه الإصابة ردود أفعال عنيفة من البرازيليين الذين توعدوه وهددوه بالقتل لأنه حرمهم عمدا حسب ظنهم من أفضل لاعب في آخر مباراتين في المسابقة. إحدى هذه المباريات كانت مواجهة نصف النهائي أمام ألمانيا والتي شهدت أعرض نتيجة في مثل هذا الدور في تاريخ كأس العالم، سبعة أهداف كاملة دكها الألمان في شباك البرازيلين أبكت أسياد الكرة ومنعتهم من الوصول إلى النهائي والتتويج لأول مرة على أرضهم باللقب قبل أن يزيد الهولنديون من أحزانهم بالإنتصار عليهم بثلاثية في اللقاء الترتيبي ليخرج المستضيف بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها عجلت برحيل الإطار الفني بقيادة سكولاري. إكتشافات المونديال هذا المونديال كان أيضا فرصة ليكتشف مواهب كروية جديدة على غرار الكولومبي جيمس رودريقيز هداف البطولة والحارس المكسيكي غيليرمو أوشوا والهولندي الظهير الأيسر دالي بليند ومتوسط الميدان الألماني توني كروس والمهاجم الكوستاريكي جويل كامبيل. إلى جانب بعض النجوم التي قادت منتخباتها بعيدا على غرار الأرجنتيني ليونيل ميسي والألماني توماس مولر والهولندي أريين روبين الثلاثي الأفضل في الدورة بحسب إحصائيات الإتحاد الدولي لكرة القدم. نجوم اختفوا في كأس العالم لم تظهر جملة من النجوم الكبيرة بمردودها الذي تعودت تقديمه مع أنديتها لتمر مشاركتها مرور الكرام في هذا المونديال على غرار الإسبان وفي مقدمتهم دييقو كوستا وسيرجيو راموس وإنييستا بالإضافة إلى البرازيليين داني ألفيس وفريد ومهاجم المنتخب الإيطالي بالوتيلي والنجم الإنقليزي واين روني وخاصة أفضل لاعب في العالم البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي لم يفلح في قيادة منتخب بلاده للمرور إلى الدور الثاني ليخرج مبكرا من المسابقة.