اثار ظهور بحيرة مؤخرا حجم مياهها حوالي مليون متر مكعب ممتدة على مساحة تبلغ هكتارا، وبعمق يتراوح بين 10 و18 مترا بشكل مفاجئ بجهة أم العرائس بولاية قفصة ضجة داخل وخارج الوطن لتطرح هذه «الظاهرة» الغريبة اكثر من نقطة استفهام حول مصدرها وخطورتها خاصة بعد ما ورد في صحيفة «نيويورك بوست» الامريكية مؤخرا من احتواء هذه البحيرة على اشعاعات مسرطنة سببها القيام بعمليات تنقيب غير قانونية بحثا على «غاز الشيست» وكذلك اعتماد اسلوب التنقيب الافقي لاستخراج «الفسفاط». ولإلقاء الضوء على هذا الموضوع اتصلت «التونسية» بالخبير الدولي التونسي في مجال الطاقة مصطفى شبح عيساوي للإجابة عن مختلف هذه التساؤلات. k هل تنصح الاهالي بالسباحة في البحيرة الجديدة بقفصة؟ بالاتصال بأهالينا القاطنين بالقرب من بحيرة أم العرائس أو عين الدوارة التي شهدت نشاطا ملحوظا خلال الأيام القليلة الماضية علمنا عن نمو الطحالب بشكل ملحوظ حول البحيرة وتغيّر لونها .. وهذا يدل على أنها نشطة بيولوجيا وعليه فإني أنصح الأهالي بعدم السباحة فيها مؤقتا حتى يتم تحليل المياه والتربة والتأكد من خلوها من كل ما من شأنه الإضرار بالصحة سواء بسبب الكائنات البيولوجية النشطة أو بسبب الإشعاعات والمواد الكيمياوية إن وجدت .. وظاهرة الطحالب على اطراف البحيرة تعود لخصوبة الأرض وتشبعها بالكائنات المجهرية وتغير طعم المياه يكون عادة من إفرازات هذه الطحالب بعد تكاثرها والتي تعرفونها في الواحات والتي تنمو أيام الحر ويتوقف نموها أيام البرد وكل هذه أمور تبقى في حيز العادي الذي لا خوف منه ولكن الخوف الحقيقي هو من البكتيريات النشطة أو من المواد الكيمياوية والمواد المشعة... وهذه أمور يحددها التحليل. لا نريد نشر الفوضى بين الناس ولكن نريد تحليل هذه المياه وتربة العين ضمانا لسلامة أهالينا بالمنطقة علما أن هذه العين تقع ضمن شبكة أفلاج أرضية ومسارات طبيعية لمياه السيول المتأتية من الجبال والمسطحات المحيطة بالمنطقة وخاصة ما يتأتى من جبل عرباط وجبل يونس وبقية جبال المنطقة وأيضا من وادي مزاب الذي يتغذى من ذوبان ثلوج جبال الأطلس الشرقية دون أن ننسى ثراء هذه المنطقة بالمياه الجوفية. k هل تعتقد ان هذه البحيرة خطيرة وسامة ؟ معهد التغذية وفروعه بالجمهورية قادر على عمل التحاليل اللازمة وتحديد «السباكتر الحيوي» للماء والتربة في هذه البحيرة. مبدئيا لا اعتقد أن في هذه العين خطورة ووجود الطحالب كعنصر حيوي طبيعي يشجعنا على القول بعدم وجود سمية في مياهها لان الطحالب لا تتكاثر في محيط سمّي... ولكن إحتياطا فإني أقترح تحليل الماء والتربة ضمانا لسلامة الناس وحتى نضع حدا لهذا المزاد الذي فتحته بعض الأطراف .. التحليل سيضع حدا لكل المزايدات وحالة الفوضى التي سببتها المعلومات التي زرعها بعض الدخلاء هداهم الله. يقال ان من أسباب ظهور البحيرة استخراج غاز الشيست هل هذا صحيح؟ ربط هذه البحيرة باستخراج غاز الشيست لا يستقيم وهو أمر لا أساس له من الصحة ولا يوجد أي دليل فني أو علمي على ذلك نظرا لبعد مناطق استخراج غاز الشيست عن هذه المنطقة ونظرا لكون نشاط الشيست يكون عادة في أعماق سحيقة (4500 - 5000 متر) كذلك تعويم البترول يكون هو أيضا في أعماق لا تسمح للماء بالظهورعلى السطح - التحركات الجيولوجية عادة تبتلع المياه وتغورها ولا ترسلها للسطح سواء كانت بسبب التهتيك الجيولوجي لزيادة جدوى حفريات الشيست أو تفجيرات سيسمية ثلاثية الأبعاد .. كلها تقع على أعماق كبيرة ولا تساعد على صعود المياه الى السطح. k اذن الى ما يرجع ظهور البحيرة حسب خبرتكم ؟ يرجع ذلك الى نشاط طبيعي لعين الدوارة التاريخية المرتبطة بعيون القطار وبجبل عرباط وما يتولد عن وادي بياش من تغذية للمائدة الأرتوازية ولعل انحصار نشاط السي بي جي في غسيل الفسفاط يكون سببا في فيضان هذه المياه. كذلك التضييق على وادي الباي والينابيع الأخرى الموجودة في قفصة يجعل المياه تتسرب الى متنفسات اخرى .. ايضا بإمكان التفجيرات التي تستخدمها شركة الفسفاط التأثير على مسارات الأفلاج السطحية التي توجد في مستوى لا يتجاوز بعض عشرات من الأمتار من سطح الأرض – هذه الافلاج هي المسؤولة عن تغذية الواحات بالمياه وهي المسؤولة عن تشكل شط الجريد حاليا (بحر الجريد سابقا) ولعل أفضل مثال يفهمه أهل المنطقة هو «وادي الباي» الذي تتعرج أفلاجه تحت مدينة قفصة ويكون شبكة متكاملة من الأفلاج الجارية بالمياه الحلوة التي تنتهي بالميضة والمسبح الروماني ذي النخلة الشهيرة ثم يذهب للجر ( الشجر ) المحيط بالمدينة من جنوبها وغربها ولا أدري كيف حاله الآن بعد التغييرات التي حصلت والعبث الذي تم في مساره ومسار عديد الأفلاج بالمنطقة. كل هذا يحتاج الى دراسة ميدانية لتحديد مصدر المياه وكيفية تسربها وما إذا كانت تشكل خطورة بوزنها على مسارات هذه الأفلاج .. لماذا لم يتم الى حد اليوم تحليل مياه البحيرة من قبل السلط المعنية ؟ نعم كنا ننتظر وما زلنا نترقب قيام السلطات ذات العلاقة بواجبها ضمانا لسلامة المواطنين ومنعا لفوضى الإشاعات التي يروجها بعض الدخلاء ... نطالب بعمل التحاليل اللازمة وتحديد السباكتر الحيوي والكيميائي لمياه العين وتربتها في أقرب الآجال... ما رأيكم في ما نشرته صحيفة «نيويورك بوست» الامريكية عن بحيرة قفصة؟ هناك تصريح مهم لأحد المسؤولين بمركز البحوث بشركة فسفاط قفصة وهو السيد يونس الحاجي الذي نفى صحة ما ورد في صحيفة «نيويورك بوست» الامريكية بتاريخ 02 اوت من ان الحكومة التونسية قامت بعمليات التنقيب عن غاز الشيست بطريقة غير قانونية واعتماد طريقة التنقيب الافقي لاستخراج الفسفاط. ونفى ايضا ما راج من اخبار حول احتواء البحيرة التي ظهرت بين ام العرائسوقفصة على اشعاعات مسرطنة وأكد ان بركة المياه التي ظهرت مؤخرا بين قفصةوام العرائس هي تجمع لمياه الامطار في مكان استغلته شركة فسفاط قفصة في 2002 مشددا على ان نسبة اليورانيوم الموجودة في معدن الفسفاط التونسي ضئيلة جدا مقارنة بالنسب الموجودة في بلدان أخرى.