صحيح أنّ الحضور الجماهيري يعدّ مقياسا لنجاح حفل الفنّان لكن هناك أيضا مقاييس أخرى منها تصرّفات الفنّان على الرّكح خاصّة إذا كان هذا الرّكح هو لمهرجان عريق كمهرجان قرطاج الدولي وكذلك التحضيرات التي تتواصل على امتداد أسابيع لتكون السهرة في مستوى الجمهور الذي يحضر بأعداد غفيرة ليستمتع بأغاني فنّانه المفضّل، وهو ما حدث في حفل الفنّانة المصريّة شيرين عبد الوهاب الذي قدّمته يوم السّبت 9 أوت ضمن فعاليات الدّورة الخمسين من مهرجان قرطاج الدولي. ويبدو أنّ شيرين «استسهلت» هذا المهرجان وقد تبيّن ذلك حتّى قبل موعد الحفل حيث لم تلتزم بقواعد المهرجان ولم تعقد ندوة صحفيّة رغم التزام كلّ الفنّانين الذين شاركوا في هذه الدّورة بذلك ومن بينهم الفنّان اليوناني العالمي «ياني» والفنّان مارسيل خليفة - ولا أظنّ أنّ هذان الفنانين يقلاّن قيمة عن «بنت النيل». وقد يحاول البعض ايجاد عذر لشيرين لكن لسائل أن يسأل لماذا لم تعقد ندوة صحفيّة رغم أنّها وصلت إلى تونس صباح يوم الجمعة ؟.. هل هي خائفة من مواجهة الصحافيّين أم أنّها لا توليهم اهتماما أم أنّ التحضيرات و«البروفات» أخذت كلّ وقتها؟ شيرين ليست دائمة الحضور في مهرجاناتنا ولم تصافح جمهورها في قرطاج منذ سنوات لذلك خلنا أنّ العرض الذي ستعود به سيكون مميّزا ومختلفا لكن يبدو أنّ تكهناتنا لم تكن في محلّها، فصحيح أنّ الحاضرين ملؤوا مدارج قرطاج ولكن هناك عدّة أشياء لم تكن في مستوى المهرجان وربّما لا يستطيع أن يلاحظها الجمهور العادي ومن بينها عدم التنسيق والتناغم الذي لاحظناه بين الفرقة والفنّانة المصريّة وهذا ينمّ عن نقص في التحضيرات، وما زاد الطّين بلّة هو تصرّفات شيرين التي وإن كانت عفويّة فإنّها وصلت إلى حدّ «الميوعة» حيث تحدّثت عن صوت أخيها «الوحش» ولا نعرف ما إذا كان ذلك الأمر يهمّنا وتحدّثت أيضا عن موزع الأغاني «توما» الذي تعاملت معه في ألبومها الأخير وقدّمته للجمهور ثمّ قالت إنّه كان مشروع مطرب «بس شعره ما ساعدوش» ، كما ارتدت نظارة أحد أعضاء فرقتها وسألت الجمهور عمّا إذا كانت «حلوة» ثمّ أعادتها إليه وقالت له: «ما تجيب البنطلون»، زد على ذلك تحرّكاتها على المسرح وإدارة ظهرها للجمهور بين الحين والآخر في محاولة منها لإبراز فتحة فستانها من الخلف وعلم تونس الذي كان في شكل «اكسسوار» . أظنّ أنّ شيرين نسيت أنّ لمهرجان قرطاج الدولي طقوسه ورهبته وكذلك هيبته وأنه على خطوات وتصرفات كل فنان أن تكون مدروسة عند وقوفه على هذا المسرح. وما يمكن قوله هو إنّ الفنّانة المصريّة شيرين قدّمت عرضا ناجحا جماهيريّا لكنّه ليس في مستوى خمسينيّة قرطاج من الناحية الفنيّة إذ أنّها وبعد تأخير بحوالي نصف ساعة لم تقدّم سوى عدد من الأغاني التي عرفت بها ومن بينها «آه يا ليل» التي تفاعل معها الجمهور كثيرا وغيرها من الأغاني الأخرى على غرار «بطمّنك» و«كثر خيري»، في حين اكتفت بأغنيتين أو اثنين من أغاني ألبومها الجديد من بينها أغنية «مشاعر»، كما ردّدت أيضا مجموعة من أغاني الفنانتين وردة وفائزة أحمد».