تونس الصباح كما كان متوقعا كانت سهرة نجمي روتانا فضل شاكر وشيرين عبد الوهاب على ركح المسرح الأثري بقرطاج استثنائية بكل المقاييس لا سيما في ظل ما يتمتع به الفنانان من شهرة وما يحظيان به من قاعدة جماهيرية كبيرة في بلادنا وهو ما أكده نفاد التذاكر المخصصة لحفليهما مبكرا ونشاط السوق السوداء اذ بلغ ثمن التذكرة 3 اضعاف سعرها الحقيقي تقريبا. كان نصيب الفنان اللبناني فضل شاكر الجزء الاول من الحفل اذ استهل السهرة باداء وصلة غنائية افتتحها «بمعقول أنساك» وضمّنها «ميعاد عالبال» و«افترقنا» و«يا غايب» و«مجروح» و«أكذب عليك» وغيرها من الاغاني الاخرى. وكان الامتياز في الجزء الاول من الحفل للجمهور الذي افحم الفنان على الركح فردد كل اغانيه ورقص وتمايل على كل الانغام الى حد ان صوت الجمهور كان اقوى واعلى وابلغ من صوت المغني. ثم ان اغلب الاغاني التي غناها على امتداد ما يقارب ساعة ونصف كانت ذات مضامين حزينة وكأننا بفضل شاكر يحمل رسالة معينة لجمهوره خاصة بعد ان صرّح مؤخرا بانه سيعتزل الغناء قريبا، اذ لم تهدأ الأجساد عن التمايل ولم تكف الحناجر عن الغناء والصراخ على امتداد فترة وصلته الغنائية. شيرين ورهان الجمهور الجزء الثاني من الحفل انطلق بعد خمس عشرة دقيقة من مغادرة شاكر للمسرح لتستقبل شيرين عبد الوهاب جمهورها باغنية «افتكرت كلامك» وسط هالة من التصفيق من الجماهير التي لم تكتف بما قدمه لها «فنان الهمس» فضل شاكر من فيض للأحاسيس لتشرئب اذانها واجسادها للاستمتاع بلون آخر من الانعام والموسيقى التي عرفت بها شيرين. هذه الفنانة لم تحد عن انتظارات الجماهير الغفيرة الحاضرة على مدرجات المسرح وعلى جنباته بان استجابت لرغباتها وطلباتها بأداء اغانيها القديمة المعروفة ك«آه يا ليل» و«مابتعرفشي» و«الله بحبّك انت» و«عينك عالريحة» و«كلمة منك» وغيرها من الاغاني الايقاعية السريعة التي رقص على انغامها الحاضرون. وشيرين التي خبرت المسارح والجماهير العربية ومن ثمة التونسية استطاعت ان تكسب رضى الجمهور بتقديم بعض اغانيها الجديدة التي تضمّنها ألبومها الاخير «اخيرا تجرّأت» «كتوعدني» و«سكت عليه» و«تعمل ايه» وغيرها من الاغاني الأخرى وكانت تحاور الجماهير بين الفينة والأخرى وهو ما جعل الطرفين ينصهران وحفّز شيرين لتطيل وصلتها على الركح لما يقارب ساعتين غنت على امتدادها دون توقف وراوحت بين الاغاني الرومانسية والموسيقى الهادئة والايقاعية الراقصة. ولعل النجاح الذي حققه هذا الحفل من حيث الاقبال الجماهيري الكبير يحسب لاختيارات هيئة مهرجان قرطاج.. وينعش خزينتها ايضا.. اثنان في واحد.. تخمة المستفيد الأكبر من هذا الحفل هو الجمهور الحاضر الذي تسنّى له الاستمتاع بعرض من نوع «اثنين في واحد» حيث تابع اغاني نجمين من نجوم الاغنية العربية في الوقت الحالي مقابل معلوم تذكرة واحدة في حين ورغم ما حققه هذا الحفل من ايرادات مالية كان الأجدى «ربحيا» ان يخصص لكل واحد منهما حفل مستقل بذاته لان كلا منهما قادر على ضمان اقبال عدد مقارب من الجماهير لتكون بذلك روتانا وادارة مهرجان قرطاج قد اهدرتا فرصة ضمان مرابيح اضافية على كل الرابح الوحيد هو جمهور قرطاج.