يتعرض طالب الحقوق إلى إقصاء ممنهج منذ عقدين من الزمن، يحول دونه والإلتحاق بمهنة المحاماة، وذلك إبتداء من تاريخ إصدار منشور وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والذي يحرم الطالب من مواصلة التعليم بالمرحلة الثالثة إذا قضى أكثر من 5 سنوات للحصول على الأستاذية. هذا الإجراء أقصى مئات الطلبة وأحالهم على البطالة الإجبارية فارتفع بذلك عدد أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل. وقد أثبتت سياسة الإقصاء مرة ثانية بمقتضى القانون عدد 30 لسنة 2006 المتعلق بإحداث المعهد الأعلى للمحاماة الذي تتم من خلاله محاولة لجم المحامين وغربلة القطاع، دون الأخذ بالحقوق المكتسبة لطلبة المرحلة الثالثة «نظام قديم». وبعدما استبشر هذا الصنف من الطلبة بثورة 2011 ممنين النفس بعودة حقوقهم فوجئوا بإقصاء ثالث تمثل في المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة والذي لم يُقصهم فقط من الإلتحاق بمهنة المحاماة بل حال دون إلتحاقهم بالمعهد الأعلى للمحاماة وذلك بتحديده سنا قصوى على طلبة حكمت عليهم ظروف متعددة بعدم الحصول على شهائدهم العلمية في وقت مبكر. مع العلم إن طلبة الحقوق قاموا بالعديد من التحركات النضالية منذ سنة 2011، تمثلت في الإعتصامات الإحتجاجية داخل كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس وأمام المجلس التأسيسي وتقديم عرائض في الغرض إلى السلط المعنية، كما تمت مقابلة رئيس وزراء حكومة ما قبل 23 أكتوبر 2011 السيد الباجي قائد السبسي، والسيد نور الدين البحيري وزير العدل في الحكومة الإنتقالية الأولى والسيد حافظ بن صالح وزير العدل الحالي، وعرضت هذه المظلمة على العديد من الكتل في المجلس التأسيسي. وكان الإجماع على ضرورة تنقيح المرسوم المنظم لمهنة المحاماة وتبعا لذلك قدم طلبة الماجستير قانون «نظام قديم» عدة مشاريع تتمحور حول ضرورة تنقيح الفصل 3 من المرسوم عدد 79 لسنة 2011 كان آخرها بتاريخ 17 جويلية 2013 وذلك لإستثناء الطلبة المتحصلين على الماجستير في القانون «نظام قديم» من الشروط الإقصائية موضوع الفصل 3 من مرسوم 2011 وإرجاع حقهم المكتسب المتمثل في التسجيل بجدول المحاماة مباشرة بعد الحصول على شهادة الماجستير قانون «نظام قديم». وقد توجه طلبة الماجستير مؤخرا في تحرك ثان للمجلس التأسيسي للمطالبة بإستعجال النظر. مشروع تنقيح القانون نص الفصل 3 من المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المؤرخ في 20 أوت 2011 والمتعلق بتنظيم مهنة المحاماة أنه يشترط في طالب الترسيم بجدول المحاماة أن يكون بالغا من العمر 23 عاما على الأقل و40 عاما على الأكثر كما انه يجب ان يكون متحصلا على شهادة الكفاءة لمهنة المحاماة مسلمة من المعهد الأعلى للمحاماة لم يمض عليها أكثر من سنة من تاريخ تقديم المطلب، ويعفى من هذه الشهادة المتحصل على شهادة الدكتورا في الحقوق أو العلوم القانونية أو ما يعادلها من الشهائد الأجنبية في الحقوق أو العلوم القانونية والذي له رتبة أستاذ تعليم عال أو أستاذ محاضر في القانون. ويعفى من موجبات هذين الشرطين كل من باشر القضاء لمدة 10 سنوات ما لم يكن معزولا لأسباب مخلة بالشرف. وهو ما أثار سخط العديد من الطلبة المتحصلين على شهائد الماجستير فقدموا مشروع تنقيح لقانون المحاماة حيث يحتفظ المرسوم بكل فصوله مع إضافة تعديل بسيط يتجسم في أنه يعفى من موجبات هذين الشرطين كل من مارس القضاء لمدة 10 سنوات وكل من تحصل على شهادة الماجستير أو شهادة الدراسات المعمقة مع الأستاذية في الحقوق أو العلوم القانونية أو ما يعادلها من الشهائد الأجنبية في الحقوق والعلوم القانونية على أن يتقدم بمطلب ترسيمه خلال أجل 6 أشهر من تاريخ هذا القانون. ويبرر طالب الماجستير «نظام قديم» رمزي صولة الأسباب التي أدت إلى إقتراح إدخال تعديل الفصل 3 من المرسوم 79 لسنة 2011 بأنه يجب الحفاظ على الحقوق المكتسبة لطلبة الحقوق نظام قديم كحقهم في الترسيم مباشرة بجدول المحامين حال تحصلهم على شهادة الدراسات المعمقة أو الماجستير في الحقوق أو العلوم القانونية مثل من سبقهم في الترسيم المباشر بالمحاماة، مشيرا إلى أن أجل ال 4 سنوات المنصوص عليها صلب الفصل4 من القانون عدد 30 لسنة 2006 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة غير سليم، باعتبار أنه إقصاء واضح لطلبة الدراسات المعمقة والماجستير في الحقوق أو العلوم القانونية مع الأستاذية في الحقوق «نظام قديم» المتحصلين على شهائدهم العلمية بعد 2010 بإعتبار أن المدة المحددة غير كافية. ويضيف صولة أن يجب تكريس مبدإ المساواة بين حاملي نفس الشهادة العلمية بإعتبار علوية النص الدستوري المكرس لهذا المبدإ، إضافة إلى عدم المس من مبدإ عدم رجعية القوانين بإعتبار أن الفصل 4 من القانون عدد 30 لسنة 2006 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة كان له تأثير رجعي على مراكز قانونية مكتسبة، والأهم إعتماد مبدأ العدالة والإنصاف بين حاملي نفس الشهائد. نواب «التأسيسي» مع تنقيح القانون وقد قدّم طلبة الماجستير مقترحاتهم إلى المجلس التأسيسي حيث نالوا مساندة من العديد من الكتل النيابية كحركة «النهضة» والكتلة الديمقراطية و«التكتل» و«وفاء» و«المؤتمر» من أجل «الجمهورية» ومجموعة «الجمهوري». وفي هذا الإطار عبرت النائبة سلمى بكّار ل«التونسية» عن موافقتها التامة للمشروع قائلة أن توقيعها على مقترح التنقيح جاء بعد الحديث مع الطلبة واقتناعها بأن لتونس كفاءات كبيرة ويجب دعمها مشيرة إلى أنه لا مبررا لإقصائهم خاصة وأننا نعاني اليوم من مشكل بطالة الشباب من أصحاب الشهائد العليا. ويقول النائب فاضل موسى «للتونسية» أنه منذ أن وقع إحداث المدرسة العليا لتكوين المحامين، أثير هذا الموضوع : «وفي رأيي إحداث هذه المدرسة يقوم على أساس تكوين الجيل الناشئ الجديد من المحامين وتثقيفهم بالثقافة الكافية حتى يكونوا محامين أكفاء، لكن بالرجوع للتاريخ نجد أن عددا كبيرا من المحامين والذين لم يقوموا بدراسات معمقة لهم مستوى مرموق وأعطوا وأثروا المحاماة في تونس بحيث لا توجد بالضرورة علاقة بين تكوين خاص بهم والأداء كمحامين أمام القضاء». ويضيف فاضل موسى «طبعا هذه معادلة صعبة في الحقيقة بين موقفين، لكن أنا متحمس لفكرة أن العديد من هؤلاء الشباب لهم مستوى ممتاز وقادرون على القيام بمهامهم ولكن من جهة أخرى قانون المحاماة قائم وموجود ونرجو أن نتمكن من إدخال التعديلات بطريقة أو بأخرى، لكن في كل الحالات أنا متحمس لهؤولاء الشباب حتى يمارسوا مهنة المحاماة.» استعجال النظر أما أزاد بادي النائب بالمجلس التأسيسي عن حركة «وفاء» فقد قال ل «التونسية» إنه «في إطار إستعجال النظر في بعض القوانين التي نريد أن ينتهي منها المجلس الوطني التأسيسي قبل أن يسلم مهامه إلى مجلس نواب الشعب، هناك مشروع قانون يتعلق بتنقيح وضعية بعض المحامين في ما يتعلق بإدماجهم بالمهنة، وهم مجموعة من المحامين الذين ظلوا عالقين بين المنظومة القديمة والتنقيح الجديد». ويضيف بادي «لقد أمضينا مع بقية الكتل النيابية على عريضة لإستعجال النظر في مشروع القانون حتى نمكنهم من حقوقهم ومن التمتع بما يمكن أن يخوله هذا القانون بعد أن يقع تنقيحه في اللجنة والجلسة العامة في إطار الإنتهاء من بعض المشاريع التي يجب ألاّ تظل عالقة إلى حين تسليم المشعل للمجلس القادم». من جانبه عبّر وليد البناني النائب بالمجلس التأسيسي عن حركة «النهضة» ل«التونسية» عن موافقته على مشروع التنقيح وعن دعم كتلته للطلبة. وقال البناني « أنا مع أن يقع استعجال النظر بطبيعة الحال، وفقا لكون رؤساء الكتل النيابية متفقين على ذلك» مضيفا «استعجال النظر طريقة من الطرق التي نمرر بها مشروع قانون للمصادقة عليه صلب المجلس الوطني التأسيسي، وبناء على ما قدمه الأخوة المحامون وبناء على توافق رؤساء الكتل، فنحن دائما مع التوافق الذي دائما وأبدا هو شعار المرحلة وأيضا نحن مع القضايا التي يمكن ان نساهم في علاجها في هذه الفترة النيابية من المجلس الوطني التأسيسي وبالتالي مساهمتنا كانت في الموافقة على إستعجال النظر ووقعنا على ذلك من أجل مساعدة شبابنا طبعا».