حديقة الحيوانات بطرابلس تحوّلت إلى مأوى للمهاجرين التونسية/ كمال الشارني بلغ عدد الجثث التي لفظها البحرالى حدّ يوم أول أمس في ميناء الكتف قرب مدينة بن قردان على الحدود مع ليبيا 48 جثة، ورجحت مصادر مطلعة في طرابلس أن يتوالى ظهور الجثث بعد غرق مركب كان على متنه ما لا يقل عن 200 شخص. وقال شهود عيان صبيحة أول أمس إن أغلب الجثث التي لفظها البحر في الساعات الأخيرة كانت في حالة تعفن متقدم، نظرا لحرارة الطقس وماء البحر في مثل هذا الوقت، وأن المصالح الحكومية والهلال الأحمر في بن قردان اضطرّا إلى التحذير من لمس الجثث أو إخراجها من الماء دون حضور وإشراف المختصين والأطباء، خوفا من المخاطر الصحية التي تمثلها خاصة الجثث المتحللة، فيما سارعت سلطات المدينة بدفن الجثث في مكان مخصص لمجهولي الهوية، مع إمكانية استخراجها بعد ذلك بطرق قانونية بعد الحصول على إذن من النيابة العمومية للتعرف على هويات أصحابها بفحص الحمض النووي. وتبعا لمعلومات متواترة من أوساط مطّلعة في ليبيا، فإن مركب صيد ليبي انطلق منذ منتصف الأسبوع الماضي بطريقة سرية من الشواطئ الغربية في ليبيا، وترجّح هذه المصادر أن يكون أبحر من المنطقة الواقعة بين زوارة وبو كماش، حاملا ما لا يقل عن 200 شخص منهم 29 امرأة وأطفال لا يعرف عددهم، أغلبهم من السوريين، هاربين نحو شواطئ إيطاليا وخصوصا جزيرة لامبيدوزا. وتضيف هذه المصادر أن حالة الحرب الأهلية والانفلات الأمني اللذين تعيشهما ليبيا حاليا، جعلت مهربين من كل نوع ينظّمون رحلات إبحار سرية من الشواطئ الغربية المحاذية لتونس لقربها من إيطاليا. أما عن غلبة الجنسية السورية على هذه الرحلات، فقالت مصادرنا إن كثيرا من السوريين الهاربين من جحيم الحرب في بلادهم طافوا عدة دول عربية وإفريقية لم ترحب بهم، وان هدفهم الحقيقي كان دائما إدراك السواحل الأوروبية، وانهم لمّا علموا أن السواحل الليبية لم تعد محروسة توجه العشرات منهم إليها على أمل المشاركة في رحلة إبحار سرية رغم مخاطرها. بالتوازي مع ذلك، تحدثت مصادر تونسية عن أعداد من السوريين ظهرت في ولاية قفصة قادمة من الجزائر في اتجاه ليبيا رغم هذه الظروف الصعبة، واضافت انه هناك شبكات إجرامية منظمة تستغل مثل هذه الوضعيات لتنظيم رحلات بحرية سرية نحو ايطاليا على متن مراكب صيد متهالكة، يعجز الكثير منها عن الصمود في وجه التيارات البحرية والعواصف الخريفية، وهو ما يفسّر غرق مركب الصيد الليبي الذي كان محمّلا بما لا يقل عن 200 شخص. وفي قرية ليبية على بعد 60 كلم شمال غرب طرابلس، لفظ البحر يوم 22 أوت جثث 170 شخصا أغلبهم من الأفارقة كانوا قد أبحروا سرا تحت إشراف مجموعة من المختصين في الرحلات السرية، وقد تناقلت وقتها وكالات الأنباء العالمية صورا مروعة عن الجثث المتحللة التي بقيت سجينة المركب بعد أن انقلب وجرفه التيار البحري حتى شاطئ قرية صيادين صغيرة، وعانى السكان المحليون الكثير من الصعاب لإخراج الجثث من المركب في ظل ضعف وغياب السلطات. ويقول شهود عيان يعملون في منظمات إغاثة بليبيا إن آلاف المهاجرين الأفارقة يأتون عبر الحدود الجنوبية لليبيا التي لم يعد يحرسها أحد تقريبا، من أجل هدف واحد، وهو الإعداد لرحلة بحرية سرية إلى شواطئ إيطاليا، وأن شبكات إجرامية متخصصة في هذا المجال أصبحت تنشط علنا، بما حوّل غرب ليبيا إلى مركز إفريقي عربي متوسطي لتهريب البشر. ويضيف العاملون في منظمات الإغاثة أن عددا كبيرا من الأفارقة والسوريين الراغبين في الهجرة السرية فقدوا أموالهم ومدخراتهم في رحلاتهم الشاقة عبر عدة بلدان، وبعضهم تعرّض للنهب أو التحيّل، وان مراكز الإيواء لم تعد قادرة على استيعابهم حتى أنهم هجموا على مقر حديقة الحيوانات في طرابلس واكتسحوها وحولوها إلى مقر إقامة. وجاء في آخر تقرير لمنظمة «فرونتاكس»، وهي منظمة أوروبية تعنى بمراقبة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، أن عدد المهاجرين غير الشرعيين على الشواطئ الإيطالية قد ارتفع من حوالي 10 آلاف شخص سنة 2012 إلى 31500 سنة 2013 وهي آخر إحصائية متوفرة على موقع المنظمة على شبكة الانترنيت، مع الإشارة إلى أن انحلال السلطة وحالة الحرب الأهلية في ليبيا ساهمتا في تضاعف العدد ثلاث مرات وتنامي نسبة المهاجرين السوريين. وتتوقع مصادر أخرى أن يرتفع العدد الجملي للمهاجرين السريين من جنوب المتوسط إلى الشواطئ الإيطالية إلى أكثر من 50 ألف في 2014، فيما يشير تقرير رسمي إيطالي إلى أن البحرية الإيطالية تتوقع أن يصل العدد الجملي للمهاجرين السريين في 2014 الى ما لا يقل عن 100 ألف شخص. ويقول التقرير إنه تم إحصاء ما لا يقل عن ألفي جثة آدمية في المياه الإيطالية دون اعتبارتلك التي جرفتها التيارات البحرية إلى أماكن أخرى أو التي غرقت بعيدا عن المياه الإقليمية الإيطالية.