*محمد بوغلاب لا أريد أن أسبب أي أذى للفنان عبد المجيد الأكحل، ولا أحب أن أكون سببا في شعوره بالإحراج، ولكن حين تضيق السبل نولي وجهتنا نحو من يمسك بمقاليد السلطة ممن نتوسم فيهم الخير قبل أن ننظر إلى أعلى طالبين الغوث من السماء... لقد تعرض الفنان عبد المجيد الأكحل لأزمة صحية في شهر جوان من العام الماضي تعافى منها جزئيا بعد إقامة مطولة بالمستشفى، ولكنه إذ عاد إلى بيته الذي لا يملك منه سوى الذكريات لم يستطع العودة إلى بيته المسرحي بعد أن خانته الصحة، و"السيد المفتش" كما عرفه الجمهور طيلة سنوات في سلسلة "إبحث معنا" لا يتقاضى سوى تقاعد هزيل بعد عقود من العمل مسرحا وتلفزة وسينما ، تقاعد لا يكفي لتسديد معلوم كراء السقف الذي يؤويه...ولكن ماذا يفعل سي عبد المجيد ليقتني أدوية مرض السكري وماذا يفعل ليعيش مثل سائر بني آدم؟ خلاصة الأمر أن عبد المجيد الأكحل الذي بدأ حياته ممثلا منذ كان طفلا في الثامنة من عمره ﴿ولد سنة 1939 ببنزرت وقضى طفولته وشبابه في حمام الأنف﴾ لم يتمكن من تسديد الكراء لعشرة أشهر خلت ولا شيء يمنع صاحب البيت من طرده دون أن يرف له جفن لولا بعض حياء ... فهل يعقل أن يطرد فنان أسعد التونسيين عقودا طويلة من البيت الذي يؤويه؟ كلنا يتذكر الأداء الرائع لعبد المجيد الأكحل لشخصية الواثق بالله الحفصي ؟ دور استحق عنه جائزة أفضل ممثل في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون، كما نتذكر أدواره السينمائية في "عزيزة" و"كش مات" و"الأوديسة" ...فضلا عن عشرات المشاركات المتميزة في أفلام عالمية لروسي وزيفرلي... هذه المسيرة الطويلة لم تشفع للرجل وهو يعيش وحدته غريبا في بلده ...وقد علمنا انه سبق ان اشعر بعض اصدقاء الرجل والمتعاطفون مع وضعيته السيد وزير الثقافة بما يعانيه المبدع الشيخ من ضنك وسوء حال لكن يبدو ان ملفه لا يستدعي التدخل او لا يتمتع بالأولوية . لذلك رأينا أن نتظلم نيابة عنه لرئاسة الحكومة لتشمله بلمسة تعاطف وعرفان وليحسّ المبدعون في هذا الوطن أن لهم سقفا يحميهم اذا غدر الدهر بهم و تنكرت لهم الايام .