بقلم : الدكتور عبد المجيد المسلمي (عضو«الجبهة الشعبية») تعيش المستشفيات الجهوية وبصورة خاصة في الشريط الداخلي حالة صعبة. فهي لا تزال تشكو من غياب الأطباء المختصين و النقص في الإطار شبه الطبي و ضعف التجهيزات أو تقادمها وسوء صيانتها و تداعي البنايات وحالتها الرثة في بعض الأحيان ونقص الأدوية الضرورية....ويترتب عن جل هذه المظاهر خدمات صحية متردية مثل طول الانتظار و إلإقامة في ظروف صعبة وغياب الأدوية والتجهيزات الضرورية للتشخيص والعلاج مما يدفع العديد من المرضى إما للقبول بالأمر الواقع أوالتنقل إلى المدن الساحلية مع ما يتطلبه ذلك من عناء ومصاريف. لقد أصبح من الضروري والعاجل القيام بإصلاحات جذرية في المستشفيات الجهوية في إطار إصلاح شامل للمنظومة الصحية. توفير أطباء الاختصاص إن من أكبر المشاكل الموجودة في المستشفيات الجهوية النقص الفادح في الأطباء المختصين. ورغم التشجيعات فإن الإقبال لا يزال للأسف ضعيفا من طرف هذا الصنف من الأطباء. ويبدو أن الحل الأنجع يتمثل في إرساء العمل الوجوبي للأطباء المختصين المتخرجين حديثا بالمستشفيات الجهوية لمدة سنة أوسنتين. فهؤلاء الأطباء الذين تكونوا بعرق أبناء الشعب والأموال العمومية لهم دين تجاه الشعب وثورته بأن يعالجوا أبناءه وبناته في أي شبر من تراب الوطن مثلهم مثل رجال التعليم ورجال الأمن والجيش ومختلف الأسلاك الإدارية. وبهذه الطريقة نضمن في المدى المتوسط تغطية جميع مناطق البلاد بالأطباء المختصين.. مستشفيات جامعية وكليات طب وصيدلة إننا نعتبر أنه من الضروري أن يتم تحويل المستشفيات الجهوية وبصورة تدريجية ومدروسة إلى مستشفيات ذات صبغة جامعية . فهذا الإجراء سيمكن من فتح مراكز للأساتذة المساعدين والأساتذة المحاضرين في تلك المستشفيات. وهو ما من شأنه أن يعزز تواجد الأطباء المختصين فيها كما من شأنه أن يساعد على تشكيل نواتات استشفائية جامعية قارة ومتينة تهيئ الظروف الضرورية لإحداث كليات طب وصيدلة في الجهات الداخلية. فكليات الطب الموجودة حاليا تعود إلى 40 سنة...والحاجة لتكوين الأطباء هامة ومتزايدة علما بأن مئات الطلبة التونسيين يدرسون بالخارج كما ان عديد الطلبة المغاربة والأفارقة يقبلون على دراسة الطب في بلادنا....كما أن كلية الصيدلة الوحيدة وكلية طب الأسنان الوحيدة تأسستا منذ 40 سنة وأصبحتا عاجزتين عن استيعاب الطلبة التونسيين والأجانب...إن من شأن إنشاء كليات طب وطب الأسنان وصيدلة في الجهات الداخلية بطريقة مرحلية أن يرفع من مستوى ومن نوعية الخدمات الصحية في تلك الربوع ويعزز الأقطاب الجامعية فيها ويساعد في التنمية الشاملة المنشودة في تلك الجهات...إضافة إلى أن ذلك يندرج ضمن التوجه الإستراتيجي حتى تصبح تونس مركزا وقطبا إقليميا للخدمات الصحية والتكوين الجامعي... إصلاح التنظيم المالي والإداري للمستشفيات الجهوية إضافة إلى دعم الرصيد البشري بات من الضروري وضع مخطط لبناء أو لإقامة أشغال تهيئة وتوسيع وصيانة وبناءات جديدة بالمستشفيات الجهوية وتزويدها بالتجهيزات الأساسية وتوفير الأدوية التي عادة ما يعتريها النقص في تلك المستشفيات . إلا أنه لا يمكن ان يكتب النجاح لإصلاح أوضاع المستشفيات الجهوية بالتنظيم الإداري والمالي الحالي للمستشفيات الجهوية التي لا تزال منذ 40 سنة مؤسسات عمومية إدارية . وهي طريقة تسيير وتصرف بيروقراطية وبالية عفى عنها الزمن. لذا وجب استبداله بتنظيم إداري ومالي جديد يتميز بحد كبير من الاستقلالية والفاعلية والنجاعة والسلاسة قد يكون مستوحى من نظام المؤسسات العمومية الصحية المعمول بها في المستشفيات الجامعية الحالية بعد أن يكون قد تم التخلص من سلبياته.