بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة تفادي النزول): حكام مباريات الجولة الثامنة    لاعب الترجي : صن داونز فريق قوي و مواجهته لن تكون سهلة    هلاك كهل في حادث مرور مروع بسوسة..    وزارة المرأة : 1780 إطارا استفادوا من الدّورات التّكوينيّة في الاسعافات الأولية    أجور مساعدي الصيادلة مجمدة منذ 2022 ماالقصة ؟    التشكيلة المنتظرة للترجي في مواجهة صن داونز    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يواجه صن داونز .. من أجل تحقيق التأهل إلى المونديال    حريق بشركة لتخزين وتعليب التمور بقبلي..وهذه التفاصيل..    عاجل/ منخفض جديد وعودة للتقلّبات الجويّة بداية من هذا التاريخ..    الاطاحة بعنصر خطير نفذ سلسلة من "البراكاجات"..وهذه التفاصيل..    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    جندوبة : اندلاع حريق بمنزل و الحماية المدنية تتدخل    مؤسس "باينانس" قد يواجه السجن لمدة 3 سنوات    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب هذه المنطقة..    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    بطولة انقلترا : مانشستر سيتي يتخطى برايتون برباعية نظيفة    البطولة الايطالية : روما يعزز آماله بالتأهل لرابطة الأبطال الأوروبية    قوات الاحتلال الإسرائيلية تقتحم مدينة نابلس..#خبر_عاجل    الإعلان عن نتائج بحث علمي حول تيبّس ثمار الدلاع .. التفاصيل    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    "ألفابت" تتجه لتجاوز تريليوني دولار بعد أرباح فاقت التوقعات    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    تواصل نقص الأدوية في الصيدليات التونسية    رحلة بحرية على متنها 5500 سائح ترسو بميناء حلق الوادي    طقس الجمعة: سحب عابرة والحرارة تصل إلى 34 درجة    مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    زيتونة.. لهذه الاسباب تم التحري مع الممثل القانوني لإذاعة ومقدمة برنامج    هذا فحوى لقاء رئيس الجمهورية بمحافظ البنك المركزي..    اليابان تُجْهِزُ على حلم قطر في بلوغ أولمبياد باريس    الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي تتراجع بنسبة 3ر17 بالمائة خلال الثلاثي الأول من سنة 2024    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه في زرمدين: القبض على الفاعل الرئيسي    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث عدد الباحثين    رئيس الجمهورية يتسلّم أوراق اعتماد سفير تونس باندونيسيا    قرابة مليون خبزة يقع تبذيرها يوميا في تونس!!    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    سعر "العلّوش" يصل الى 2000 دينار في هذه الولاية!!    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    عاجل: غرق مركب صيد على متنه بحّارة في المهدية..    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    طقس الخميس: سحب عابرة والحرارة بين 18 و26 درجة    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في خطاب الترشح للرئاسية
نشر في التونسية يوم 19 - 11 - 2014


بقلم: صالح مصباح
(المجلس الوطني: حركة «نداء تونس»)
تابعنا الحملة الانتخابية الرئاسيّة التي يقوم بها المترشحون. وقد لفت نظرنا تصريف الخطاب السياسي الذي اختاره المترشحون لاستقطاب الأنصار استقطابا مشروعا من حيث الأصل. لكنّ خطط الخطاب بدت لدى عموم المترشحين غير منسجمة مع الوظيفة الرمزيّة والسياديّة التي تتجه إليها مهجُ المترشحين.
إنّ خطط الخطاب لدى هؤلاء تقبل التقسيم إلى أربع، ثلاث منها خاطئة أو خطيرة، وواحدة صائبة. إنّها خطط التمويه والانتقاء والتقسيم والتأليف.
1 خطاب التمويه
يعمد لفيف من المترشحين إلى مخاطبة الناس بما يسلّط الضّوء على أوجه الضّيم في معاشهم، فينطلق هؤلاء المترشحون في رسم وعود وبرامج، تخصّ التشغيل والبنى التحتيّة والبيئة الخ... وليس يخفى أنّ هذا الخطاب هو تمويه خالص يُقارب التحيّل السياسيّ. فأغلب الواعدين لم ترشّحهم أحزاب محقّقة لحصيلة برلمانيّة، لنفهم أنّهم يقصدون إلى الدّفع المعنويّ لحكومة أحزابهم، نحو تلك المصاعب الاجتماعية. ذلك أنّ تلك الوعود إنّما تتعلّق بمجالات ليست من سلطات رئيس الدّولة المضبوطة ضبطا دستوريّا.
ولعلّ نصف المترشحين قد وقعوا في هذه الخطة الخطابية التّمويهية، سواء عن حسن نيّة، وهذا مستبعد أو عن تعمّد، وهذا لا يجوز.
2 خطاب الانتقاء
من ذلك أنّ المترشّح السيد الهاشمي الحامدي يتوجّه الى أنصاره المحتملين بخطاب انتقائي بيانه أنّه مرشّح «الفقراء» ولسان حالهم و«محاميهم». ولسنا ندري بأيّ حزب حاكم وبأيّة مقاعد برلمانيّة سيرفع الفقر عنهم بخطط تنمويّة سحريّة. كان عليه أن يعلن أنّه مترشّح «ماويّ» يدافع عن «الفلاحين» الفقراء و«البروليتاريا الرثة». لكنّه، إزاء هذه النبرة الخطابية «الشيوعية»، يروّج لكونه سيجعل «الشريعة مصدرا للقوانين». وها هنا ينتقي، مرّة أخرى، لخطابه متلقّين مخصوصين، وهم أولئك الذين قد يحوّكهم تديّنهم الصادق الى تقبل هذا التحيّل الكلاميّ. فقد حسم الدستور الأمر. وإذا أراد هذا المترشح إن فاز أن يغيّر الدستور، فهل يمتلك حزبه ثلثي النواب!؟ فلو وزّع كرسيّه اليتيم ذرّات وهباءات لم يفز بما به يعدل الدستور.
وعلى النهج نفسه، وإن اختلفت الخطة، يسير خطابُ المترشح السيد محمّد الفريخة. فقد حدّد دائرة أنصاره المحتملين في أنصار حركة «النهضة» مروّجا أنّه يشاركهم في المرجعية العربية الاسلامية، حتى كأن هذه المرجعية حكر عليه وعليهم. وفوق ذلك ترشح تشريعيا باسم هذه الحركة وترشح رئاسيا بادّعاء «الاستقلالية»، فهو خلطة عجيبة لا يُفكّكها «عزام» في يده حاسوب.
فقد أهمل هذا وذاك أنّ المترشح للرئاسيّة محكوم أوّلا بالتوجّه بخطابه الى عامّة التونسيين، أنصاره وغير أنصاره، لأنّه في حال الفوز، سيكون رئيس التونسيين كافة، وسيكون رمزا لدولتهم التي هي عماد عقدهم المجتمعي. لكأن هذا الخطاب إنّما يصدر عن «مشاريع رؤساء» ينوون أن يكونوا رؤساء لناخبيهم المحتملين دون سواهم.
3 خطاب التقسيم
هو أخطر ما ظهر من خطط تصريف الخطاب السياسيّ، وقد تورّط فيه على الأقلّ مترشحان اثنان تورّطا متفاوتا. يخاطب المترشح السيد الهاشمي الحامدي ناخبيه المحتملين بأن امرأته ستكون أولى النّساء المتحجّبات في قصر قرطاج. هو بذلك يمارس مكرا خطابيا ساذجا لكنه خطير من جهّة مقاصده التقسيمية. فهو يقسّم نساء تونس الى متحجّبات، هنّ له ناخبات، وأخريات بخلافهن، لسن بانتخابه معنيات. وفي هذا الفحوى المضمّن، محاولة استقطاب لقسم من التونسيات دون قسم. وأساس ذلك أنّ علّة انتخاب هذا المترشح لا تنطلق من إشعاعه وإنّما من تقسيم الناخبات تقسيما سيميولوجيا.
فالمتحجّبة نصيرة له لأنها متحجّبة، وغيرها ليست كذلك لأنّها غير متحجّبة، ولمّا كان الحجاب حمّال دلالة دينية زائفة في الأصل ، ولمّا كان ذلك في نطاق سباق انتخابي محكوم بدستور قد نصّ على مدنيّة الدولة، فإن هذا المترشح يكون قد خاطب المواطنات بخطاب لا يستقيم دستوريا، فضلا عن كونه خطاب تقسيم للنسيج المجتمعي.
وعلى النحو نفسه جاء خطاب المترشح نفسه من حيث التقسيم للمجتمع التونسي تقسيما جغرافيا. قال لناخبيه المحتملين: إنّه سيكون أوّل رئيس للجمهورية من الجنوب. فهو بهذا الخطاب قد قسّم التونسيين تقسيما جغرافيا ذا تبعات ثقافية واجتماعيّة. ذلك أنّه لاحظ ضآلة حظوظه كرئيس محتمل لكلّ التونسيين، ينتخبه عموم التونسيين، فصرف خطابه الى النّفخ في جذوة الحميّات الجهويّة الخطيرة. وبيان ذلك إذا كان هذا المرشّح أو ذاك مرشح الشمال أو الساحل، فإنّ السيد الحامدي مرشح الجنوب. وعليه، فانتخابه لا يصدر عن إشعاعه على ناخبيه. لقد عكس المنحى عكسا يناقض مغزى المواطنة ودستوريّة الرئاسة، هو يستعدّ، لو فاز، ليكون رئيسا لجزء من تونس ولقسم من التونسيين. كان على هيئة الانتخابات أن تتدخّل لوقف هذا الاستقطاب الجغرافي الاجتماعي الخطير الذي يمارسه هذا المترشح.
وبصيغة أخطر، استعمل المترشح السيد المنصف المرزوقي، هذا النّمط من الخطاب التقسيميّ. لقد أظهر أنّه سياسيّ انقساميّ خطير الخطاب والذهنية، وأنّه لا يترفّع عن استخدام كلّ الوسائل لتحقيق هدفه، ولو كان رئاسة على أنقاض الوحدة الوطنيّة.
ذلك أنّه ذو خطاب ينفخ في جذوة الجهويّة، ويستميل أنصار حركة «النهضة»، لا بصفتهم مواطنين ناخبين وإنّما بصفتهم تشكيلة اجتماعية منفصلة عن عموم التونسيين. كما تماهى هذا المترشح تماهيا وهميّا مع «الثورة» واستعملها خط تقسيم للتونسيين الى «أنصار للثورة» و«أعداء لها». وقرن هذا التقسيم بآخر يشمل «الحريّة»، مدّعيا أنّه أبوها وأمّها، وأنّ منافسه السيد قائد السبسي، هو مطلّقها ثلاثا. فقد تجاهل أنّ مناخ الحريّة بعد الرابع عشر من جانفي 2011، قد هبّ على البلاد، على أيّام السيد قائد السبسي وزيرا أوّل.
وعلى ذلك شيّد المترشح السيد المرزوقي جدارا تقسيميّا آخر، طرفاه «النظام القديم» من جهة، و«النظام الثوريّ» من جهة ثانية. إنّ هذا الخطاب يعمل على إيقاظ أوهام «تحصين الثورة» الذي تخطّاه الدستور والنظام الانتخابي والذي همّ سابقا بإشعال فتنة في البلاد.
كما لم يترفّع هذا المترشّح «الحقوقيّ جدّا» عن استعمال أرهاط من المنحرفين الحاملين للهراوات والأسلحة البيضاء، وهذا ما وثّقته بالصورة أجهزة أمنية بمناسبة إتيان هذا المترشح لمدينة صفاقس. وقس على ذلك عصابات «رابطات حماية الثورة» التي أيقظها هذا «الحقوقيّ» لنصرته بعد أن منعها حكم قضائي.
وفي الإطار نفسه يتنزّل استعماله «للدّعاة» الذين خبرنا ضلوعهم في الخطاب التقسيميّ والتكفيريّ. إنّ هذا المترشح قد فقد البوصلة التي كان له منها العشر. إنّه على وشك أن يشعل ثنائية استقطاب خطيرة، لعلّها تنذر بوخيم العواقب.
4 خطاب التأليف
أظهر مترشحون كثّر وعيا عميقا بأعراف الخطاب الانتخابيّ في منافسة مدارها رئاسة الدّولة. وقد يحسن أن نمثّل لهؤلاء بخطاب المترشح عن حركة «نداء تونس» السيد الباجي قائد السبسي.
لقد كشف خطاب هذا المترشح عن معدن صاحبه السياسي ذلك المعدن الذي يدرك مغزى الترشح لرئاسة الدّولة. ففي خطاب افتتاح الحملة الرئاسية بالمنستير، لم يعرض بكلمة واحدة لحزبه ولحصيلته التشريعية. لقد وجّه الخطاب وجهة رئاسية خالصة، وجهةمن يستعدّ، في حال الفوز، ليكون رئيسا للتونسيين كافة.
وعلى هذا الأساس، وجّه الخطاب نحو مفهوم الوحدة الوطنية ونحو فكرة الدولة الجامعة بعقدها، المؤلّفة بمغزاها للمواطنين، بصرف الأنصار عن هويّاتهم الفرعيّة. وتنصيصا على النضج السياسي المستوجب لدى منافس في الرئاسة، خصّ هذا المترشح منافسيه الحزبيين بما يفيد أنهم لم يعودوا كذلك في المنافسة الرئاسية. إنهم مواطنون ناخبون، يؤلّف بينهم حقّ الاختيار لرئيس دولتهم. إنّ في ذلك إداركا لكون الترشح للرئاسة ينبغي أن يتقمّص صاحبه خصال الرئاسة. ذلك أن هذا التقمّص هو رسالة اطمئنان يتلقّاها المواطنون الناخبون. إنّ خطاب السيد قائد السبسي هو فعلا خطاب رئاسيّ، لا يقتطع من التونسيين جماعة لنصرته، ولا يضمّن أن أخرى ليست من ناخبيه المحتملين. ذلك أنّ الرئيس يعلو على هذه القسمة. لقد ظهر فعلا من يختصّ بخصال الرئاسة. وإنّ يوم الاقتراع هو يوم الاظهار لذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.