الولايات المتحدة: مصرع شخصين وإصابة 5 آخرين بإطلاق نار قرب ملهى ليلي    عاجل: التونسي معز الشرقي يفوز ببطولة Saint Tropez الفرنسية للتحدي    الملعب التونسي سنيم الموريتاني (2 0) انتصار هام ل«البقلاوة»    مطار بروكسل يطلب من شركات الطيران إلغاء نصف الرحلات المغادرة غدا: الأسباب    هذا ما تقرر في حق الارهابيان يحي الغزالي وعادل الغندري    في اليوم عالمي للزهايمر: هذه توصيات وزارة الصحة    من بينها 5 عربية.. ترامب يدعو قادة 5 دول إلى اجتماع بشأن الحرب على القطاع    الرابطة الثانية.. نتائج الدفعة الثانية من مواجهات الجولة الأولى    الدورة السادسة من تظاهرة "الخروج إلى المسرح" من 26 سبتمبر إلى 2 أكتوبر 2025    قابس: انطلاق الاستعدادات للموسم السياحي الصحراوي والواحي الجديد    عاجل: حارس الإفريقي ينقل للمستشفى بعد تدخل عنيف    الشمال والوسط تحت الرعد: أمطار قوية تجي الليلة!    محرز الغنوشي: ''درجات حرارة ليلية مقبولة...والمليح يبطى''    الحوت الميت خطر على صحتك – الهيئة الوطنية تحذر    عاجل: ثلاثية نظيفة للترجي على القوات المسلحة وتقدم كبير نحو الدور الثاني!    عاجل/ ثلاث دول جديدة تعترف بدولة فلسطين..    عاجل/ هيئة السلامة الصحية للمنتجات الغذائية تحذر من خطورة استهلاك هذه الأسماك..    مشاركة 1500 عداء وعداءة في ماراطون بالمرسى عائداته مخصصة لمجابهة الانقطاع المدرسي المبكر    الكيني ساوي يفوز بماراطون برلين ويحافظ على سجله المثالي    الكاف: تزامنا مع زيارة والي الكاف إلى السوق الأسبوعية تسجيل مخالفات وحجز مواد متعفنة    وزير الخارجية يترأس الوفد التونسي في أشغال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة    وزير البيئة في زيارة غير معلنة لمعاينة الوضع البيئي بالشريط الساحلي بسليمان    كأس الكنفدرالية الإفريقية: النتائج الجزئية لذهاب الدور التمهيدي الأول    أسطول الصمود :هيئة التسيير تكشف اخر المستجّدات    المراقبة الاقتصادية تحجز 55 طنا من الخضر والغلال ببرج شاكير والحرايرية    قلة النوم تهدد قلبك.. تعرف شنو يصير لضغط الدم!    بحسب التوقعات: تونس الكبرى وزغوان تحت الخطر...أمطار بين 60 و90 ملم!    عاجل- تذكير: آخر أجل لإيداع التصريح بالقسط الاحتياطي الثاني للأشخاص الطبيعيين يوم 25 سبتمبر 2025    تونس تشارك في مؤتمر التعاون الثقافي والسياحي الصيني العربي    أمطار الخريف ''غسالة النوادر''.. شنية أهميتها للزرع الكبير؟    الجمعية التونسية للطب الباطني تنظم لقاء افتراضيا حول متلازمة "شوغرن"    تونس ممكن على موعد مع 45 ألف حالة زهايمر قبل 2030!    انتشال جثتي طفلين توفيا غرقا في قنال مجردة الوطن القبلي    سوسة: جلسة عمل لمتابعة وضعية شركة الألبان الصناعية بسيدي بوعلي    المؤتمر الدولي للمعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر،"الاستقلال، نضالات ، مفاوضات والبحث عن السيادة" ايام 26و27،و28 مارس 2026    عاجل/ حجز مئات الكيلوغرامات من المخدرات داخل حاوية بميناء رادس والنيابة تفتح تحقيق..    بوعرقوب: انتهاء موسم جني الكروم بنسبة 100%    محمد علي: ''الأسطول يقترب كل دقيقة من غزة.. أما أنتم؟ مجرد أصابع ملوثة على لوحة مفاتيح''    فيتنام بالمركز الأول في مسابقة إنترفيجن وقرغيزستان وقطر في المركزين الثاني والثالث    إدارة ترامب تلغي المسح الوطني السنوي للجوع    قريبا انطلاق أشغال مشروعي تهيئة الملعب البلدي بمنزل فارسي وصيانة المحولات الكهربائية بالملعب الاولمبي مصطفى بن جنات بالمنستير    الأستاذ خليل النغموشي رئيسا للفرع الجهوي للمحامين بجندوبة    الموساد تسلّل إلى معقلهه: الكشف عن تفاصيل اغتيال نصر الله    أولا وأخيرا... سعادتنا على ظهور الأمّهات    تونس ضيف شرف مهرجان بورسعيد السينمائي الدولي: درة زروق تهدي تكريمها إلى فلسطين    كاس الكنفدرالية: الملعب التونسي يفوز على الجمعية الثقافية نواذيبو الموريتانية 2-صفر    عاجل: إيقاف اكثر من 20 ''هبّاط'' في تونس    عاجل: شيرين عبد الوهاب أمام القضاء    اليوم العالمي للزهايمر: التأكيد على أهمية حماية المُعين من العائلة ومن الإطار شبه الطبي للمصابين بالزهايمر من الانهيار النفسي    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    عاجل/ بشائر الأمطار بداية من هذا الموعد..    تكريم درة زروق في مهرجان بورسعيد السينمائي    السبت: أمطار متفرقة بالجنوب الشرقي وسحب عابرة    القيروان.. 7 مصابين في حادث مرور    استراحة «الويكاند»    ما تفوتهاش: فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة!    وخالق الناس بخلق حسن    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في خطاب الترشح للرئاسية
نشر في التونسية يوم 19 - 11 - 2014


بقلم: صالح مصباح
(المجلس الوطني: حركة «نداء تونس»)
تابعنا الحملة الانتخابية الرئاسيّة التي يقوم بها المترشحون. وقد لفت نظرنا تصريف الخطاب السياسي الذي اختاره المترشحون لاستقطاب الأنصار استقطابا مشروعا من حيث الأصل. لكنّ خطط الخطاب بدت لدى عموم المترشحين غير منسجمة مع الوظيفة الرمزيّة والسياديّة التي تتجه إليها مهجُ المترشحين.
إنّ خطط الخطاب لدى هؤلاء تقبل التقسيم إلى أربع، ثلاث منها خاطئة أو خطيرة، وواحدة صائبة. إنّها خطط التمويه والانتقاء والتقسيم والتأليف.
1 خطاب التمويه
يعمد لفيف من المترشحين إلى مخاطبة الناس بما يسلّط الضّوء على أوجه الضّيم في معاشهم، فينطلق هؤلاء المترشحون في رسم وعود وبرامج، تخصّ التشغيل والبنى التحتيّة والبيئة الخ... وليس يخفى أنّ هذا الخطاب هو تمويه خالص يُقارب التحيّل السياسيّ. فأغلب الواعدين لم ترشّحهم أحزاب محقّقة لحصيلة برلمانيّة، لنفهم أنّهم يقصدون إلى الدّفع المعنويّ لحكومة أحزابهم، نحو تلك المصاعب الاجتماعية. ذلك أنّ تلك الوعود إنّما تتعلّق بمجالات ليست من سلطات رئيس الدّولة المضبوطة ضبطا دستوريّا.
ولعلّ نصف المترشحين قد وقعوا في هذه الخطة الخطابية التّمويهية، سواء عن حسن نيّة، وهذا مستبعد أو عن تعمّد، وهذا لا يجوز.
2 خطاب الانتقاء
من ذلك أنّ المترشّح السيد الهاشمي الحامدي يتوجّه الى أنصاره المحتملين بخطاب انتقائي بيانه أنّه مرشّح «الفقراء» ولسان حالهم و«محاميهم». ولسنا ندري بأيّ حزب حاكم وبأيّة مقاعد برلمانيّة سيرفع الفقر عنهم بخطط تنمويّة سحريّة. كان عليه أن يعلن أنّه مترشّح «ماويّ» يدافع عن «الفلاحين» الفقراء و«البروليتاريا الرثة». لكنّه، إزاء هذه النبرة الخطابية «الشيوعية»، يروّج لكونه سيجعل «الشريعة مصدرا للقوانين». وها هنا ينتقي، مرّة أخرى، لخطابه متلقّين مخصوصين، وهم أولئك الذين قد يحوّكهم تديّنهم الصادق الى تقبل هذا التحيّل الكلاميّ. فقد حسم الدستور الأمر. وإذا أراد هذا المترشح إن فاز أن يغيّر الدستور، فهل يمتلك حزبه ثلثي النواب!؟ فلو وزّع كرسيّه اليتيم ذرّات وهباءات لم يفز بما به يعدل الدستور.
وعلى النهج نفسه، وإن اختلفت الخطة، يسير خطابُ المترشح السيد محمّد الفريخة. فقد حدّد دائرة أنصاره المحتملين في أنصار حركة «النهضة» مروّجا أنّه يشاركهم في المرجعية العربية الاسلامية، حتى كأن هذه المرجعية حكر عليه وعليهم. وفوق ذلك ترشح تشريعيا باسم هذه الحركة وترشح رئاسيا بادّعاء «الاستقلالية»، فهو خلطة عجيبة لا يُفكّكها «عزام» في يده حاسوب.
فقد أهمل هذا وذاك أنّ المترشح للرئاسيّة محكوم أوّلا بالتوجّه بخطابه الى عامّة التونسيين، أنصاره وغير أنصاره، لأنّه في حال الفوز، سيكون رئيس التونسيين كافة، وسيكون رمزا لدولتهم التي هي عماد عقدهم المجتمعي. لكأن هذا الخطاب إنّما يصدر عن «مشاريع رؤساء» ينوون أن يكونوا رؤساء لناخبيهم المحتملين دون سواهم.
3 خطاب التقسيم
هو أخطر ما ظهر من خطط تصريف الخطاب السياسيّ، وقد تورّط فيه على الأقلّ مترشحان اثنان تورّطا متفاوتا. يخاطب المترشح السيد الهاشمي الحامدي ناخبيه المحتملين بأن امرأته ستكون أولى النّساء المتحجّبات في قصر قرطاج. هو بذلك يمارس مكرا خطابيا ساذجا لكنه خطير من جهّة مقاصده التقسيمية. فهو يقسّم نساء تونس الى متحجّبات، هنّ له ناخبات، وأخريات بخلافهن، لسن بانتخابه معنيات. وفي هذا الفحوى المضمّن، محاولة استقطاب لقسم من التونسيات دون قسم. وأساس ذلك أنّ علّة انتخاب هذا المترشح لا تنطلق من إشعاعه وإنّما من تقسيم الناخبات تقسيما سيميولوجيا.
فالمتحجّبة نصيرة له لأنها متحجّبة، وغيرها ليست كذلك لأنّها غير متحجّبة، ولمّا كان الحجاب حمّال دلالة دينية زائفة في الأصل ، ولمّا كان ذلك في نطاق سباق انتخابي محكوم بدستور قد نصّ على مدنيّة الدولة، فإن هذا المترشح يكون قد خاطب المواطنات بخطاب لا يستقيم دستوريا، فضلا عن كونه خطاب تقسيم للنسيج المجتمعي.
وعلى النحو نفسه جاء خطاب المترشح نفسه من حيث التقسيم للمجتمع التونسي تقسيما جغرافيا. قال لناخبيه المحتملين: إنّه سيكون أوّل رئيس للجمهورية من الجنوب. فهو بهذا الخطاب قد قسّم التونسيين تقسيما جغرافيا ذا تبعات ثقافية واجتماعيّة. ذلك أنّه لاحظ ضآلة حظوظه كرئيس محتمل لكلّ التونسيين، ينتخبه عموم التونسيين، فصرف خطابه الى النّفخ في جذوة الحميّات الجهويّة الخطيرة. وبيان ذلك إذا كان هذا المرشّح أو ذاك مرشح الشمال أو الساحل، فإنّ السيد الحامدي مرشح الجنوب. وعليه، فانتخابه لا يصدر عن إشعاعه على ناخبيه. لقد عكس المنحى عكسا يناقض مغزى المواطنة ودستوريّة الرئاسة، هو يستعدّ، لو فاز، ليكون رئيسا لجزء من تونس ولقسم من التونسيين. كان على هيئة الانتخابات أن تتدخّل لوقف هذا الاستقطاب الجغرافي الاجتماعي الخطير الذي يمارسه هذا المترشح.
وبصيغة أخطر، استعمل المترشح السيد المنصف المرزوقي، هذا النّمط من الخطاب التقسيميّ. لقد أظهر أنّه سياسيّ انقساميّ خطير الخطاب والذهنية، وأنّه لا يترفّع عن استخدام كلّ الوسائل لتحقيق هدفه، ولو كان رئاسة على أنقاض الوحدة الوطنيّة.
ذلك أنّه ذو خطاب ينفخ في جذوة الجهويّة، ويستميل أنصار حركة «النهضة»، لا بصفتهم مواطنين ناخبين وإنّما بصفتهم تشكيلة اجتماعية منفصلة عن عموم التونسيين. كما تماهى هذا المترشح تماهيا وهميّا مع «الثورة» واستعملها خط تقسيم للتونسيين الى «أنصار للثورة» و«أعداء لها». وقرن هذا التقسيم بآخر يشمل «الحريّة»، مدّعيا أنّه أبوها وأمّها، وأنّ منافسه السيد قائد السبسي، هو مطلّقها ثلاثا. فقد تجاهل أنّ مناخ الحريّة بعد الرابع عشر من جانفي 2011، قد هبّ على البلاد، على أيّام السيد قائد السبسي وزيرا أوّل.
وعلى ذلك شيّد المترشح السيد المرزوقي جدارا تقسيميّا آخر، طرفاه «النظام القديم» من جهة، و«النظام الثوريّ» من جهة ثانية. إنّ هذا الخطاب يعمل على إيقاظ أوهام «تحصين الثورة» الذي تخطّاه الدستور والنظام الانتخابي والذي همّ سابقا بإشعال فتنة في البلاد.
كما لم يترفّع هذا المترشّح «الحقوقيّ جدّا» عن استعمال أرهاط من المنحرفين الحاملين للهراوات والأسلحة البيضاء، وهذا ما وثّقته بالصورة أجهزة أمنية بمناسبة إتيان هذا المترشح لمدينة صفاقس. وقس على ذلك عصابات «رابطات حماية الثورة» التي أيقظها هذا «الحقوقيّ» لنصرته بعد أن منعها حكم قضائي.
وفي الإطار نفسه يتنزّل استعماله «للدّعاة» الذين خبرنا ضلوعهم في الخطاب التقسيميّ والتكفيريّ. إنّ هذا المترشح قد فقد البوصلة التي كان له منها العشر. إنّه على وشك أن يشعل ثنائية استقطاب خطيرة، لعلّها تنذر بوخيم العواقب.
4 خطاب التأليف
أظهر مترشحون كثّر وعيا عميقا بأعراف الخطاب الانتخابيّ في منافسة مدارها رئاسة الدّولة. وقد يحسن أن نمثّل لهؤلاء بخطاب المترشح عن حركة «نداء تونس» السيد الباجي قائد السبسي.
لقد كشف خطاب هذا المترشح عن معدن صاحبه السياسي ذلك المعدن الذي يدرك مغزى الترشح لرئاسة الدّولة. ففي خطاب افتتاح الحملة الرئاسية بالمنستير، لم يعرض بكلمة واحدة لحزبه ولحصيلته التشريعية. لقد وجّه الخطاب وجهة رئاسية خالصة، وجهةمن يستعدّ، في حال الفوز، ليكون رئيسا للتونسيين كافة.
وعلى هذا الأساس، وجّه الخطاب نحو مفهوم الوحدة الوطنية ونحو فكرة الدولة الجامعة بعقدها، المؤلّفة بمغزاها للمواطنين، بصرف الأنصار عن هويّاتهم الفرعيّة. وتنصيصا على النضج السياسي المستوجب لدى منافس في الرئاسة، خصّ هذا المترشح منافسيه الحزبيين بما يفيد أنهم لم يعودوا كذلك في المنافسة الرئاسية. إنهم مواطنون ناخبون، يؤلّف بينهم حقّ الاختيار لرئيس دولتهم. إنّ في ذلك إداركا لكون الترشح للرئاسة ينبغي أن يتقمّص صاحبه خصال الرئاسة. ذلك أن هذا التقمّص هو رسالة اطمئنان يتلقّاها المواطنون الناخبون. إنّ خطاب السيد قائد السبسي هو فعلا خطاب رئاسيّ، لا يقتطع من التونسيين جماعة لنصرته، ولا يضمّن أن أخرى ليست من ناخبيه المحتملين. ذلك أنّ الرئيس يعلو على هذه القسمة. لقد ظهر فعلا من يختصّ بخصال الرئاسة. وإنّ يوم الاقتراع هو يوم الاظهار لذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.