بتنظيم من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس وبالاشتراك مع مخبر الدراسات الفلسفية والثقافية والتكنولوجية "الفيلاب" والنادي الثقافي الطاهر الحداد ومخبر البحوث النسائية بإشراف الأستاذة منية الرقيق وفي بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة وإحياء لذكرى وفاة المفكر التونسي الطاهر الحداد يوما دراسيا بعنوان " الطاهر الحداد رائد الفكر النسوي الحديث في تونس"وستتولى الأستاذة منية الرقيق رئيسة مخبرالبحوث النسائية الإشراف على هذه التظاهرة التي ستنتظم بفضاء النادي الثقافي الطاهر الحداد يوم السبت 6ديسمبر بداية من الساعة الحادية عشر صباحا . الحداد "سبق زمنه بقرنين "
ومما لاشك فيه أنه من باب التجني أن نحصر شخصية الطاهر الحداد في قضية المرأة واختزاله كمصلح نادى بتحرير المرأة فالحداد هو بمثابة الشخصية الموسوعية فهو مفكر وشاعر ونقابي وسياسي وكان له الريادة في محاولة تطوير المجتمع التونسي في كل المجالات في مطلع القرن العشرين ويحفظ له التاريخ أنه نشط في المجال النقابي وناضل من أجل حقوق العمال ومن باب الحيف أن تقتصر الذاكرة الجماعية عند الحديث عن الحركة النقابية محمد علي الحامي وفرحات حشاد ويتم تجاهل الطاهر الحداد وقد ألف في هذا الصدد كتاب "العمال التونسيون وظهور الحركة النقابية " كما كانت له إسهامات في مجالي التعليم والثقافة لخصها في كتابه " التعليم الإسلامي وحركة الإصلاح في جامعة الزيتونة " بالتوازي مع نضاله من أجل تحرير المرأة التونسية ويظل كتابه "امرأتنا بين الشريعة والمجتمع " خير شاهد وأفضل أثر للفكر الإصلاحي للحداد وقد قال عنه الأديب طه حسين "لقد سبق هذا الفتى زمنه بقرنين " ولكن والحال وأنه لانبيُ في قومه لم يلقى كتاب "امرأتنا بين الشريعة والمجتمع" القبول وكان بمثابة الصدمة لجيل كامل من المتحفظين والمتزمتين وتم نعته بالزندقة والمروق وكان من أبرز منتقديه الشيخ محمد صالح بن مراد ظلت عبارته شهيرة إلى حد الآن تولى خلالها انتقاده " هذه دفعة على الحساب حتى أقرأ الكتاب " قبل أن يؤلف كتابا للرد عليه بعنوان " الحداد على امراة الحدُاد " والشيخ عمر البري المدني الذي ألف كتابا بعنوان" سيف الحق على من لا يرى الحق . وما يهمنا إثر استعراض أبرز محطات المصلح والمفكر الطاهر الحداد ونحن نحتفل باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة هو إسهاماته في مجال تحرير المرأة والنهوض بها بصفة خاصة , وفي هذا الصدد تضمنت ورقة العمل الخاصة باليوم الدراسي إشارة إلى عمق تفكير هذا المفكر الاستثنائي الجرئ التي لا تزال أفكاره التنويرية الحداثية تواجه الجمود الفكري و الانحسار الثقافي و الحضاري للمجتمع العربي الإسلامي. هذا المفكر الذي كان ضحية عنف المنظومة الدينية التقليدية المحافظة التي حكمت عليه بالعزلة و الموت الاجتماعي لكنها لم تقدر على طمس جذوة الثورة الحداثية في فكره خصوصا في مجال حقوق المرأة. "المرأة أم الإنسان " عبارة لخص فيها الحداد جوهر الفكر النسوي الحديث منذ قرنين تقريبا إذ لأول مرة في تاريخ تونس الحديث من تجرأ على إخراج المرأة من ذلك الكائن المستتر و المتخفي من وراء الحجب كوعاء لإمتاع الرجل لا تعي ما حولها إلى جعلها كائنا مساويا في إنسانيتها للرجل. معتبرا أن لا تقدما ولا مدنية حديثة للمجتمع التونسي إلا عبر تحرر المرأة و تكريس مبدأ المساواة في مختلف أوجه الحياة الشخصية و الاجتماعية. وهو ما يفسر إصراره على فضح المسكوت عنه و الحديث لأول مرة في تلك الفترة على إبراز أعتى أنواع العنف المسلط على المرأة هو العنف الرمزي الذي يعتبر المرأة كائنا جعل لإمتاع الرجل و في ذلك جرأة على فك رموز الثقافة الذكورية و فضح عقدها . كما تمادى في تحليل البني السلطوية و امتيازات الذكورة تحت غطاء ديني ساذج. إذ عمل على كسر "قانون الصمت" و إنهاء القبول الثقافي و الاجتماعي لممارسة العنف ضد المرأة بمختلف أشكاله و تجلياته .