الجامعة التونسية المشتركة للسياحة : ضرورة الإهتمام بالسياحة البديلة    عاجل/ بلاغ رسمي يكشف تفاصيل الإعتداء على سائق 'تاكسي' في سوسة    الحمامات: الكشف عن شبكة مختصة في تنظيم عمليات الإبحار خلسة    التونسيون يستهلكون 30 ألف طن من هذا المنتوج شهريا..    السنغال تعتمد العربية لغة رسمية بدل الفرنسية    الرابطة الأولى: تفاصيل بيع تذاكر مواجهة النادي الإفريقي والنادي الصفاقسي    عاجل : وزير الخارجية المجري يطلب من الاتحاد الأوروبي عدم التدخل في السياسة الداخلية لتونس    فيديو : المجر سترفع في منح طلبة تونس من 200 إلى 250 منحة    إنهيار سد يتسبب في موت 42 شخصا    عاجل : تأجيل قضية رضا شرف الدين    الرابطة الثانية: برنامج مباريات الجولة الثامنة إيابا    مليار دينار من المبادلات سنويا ...تونس تدعم علاقاتها التجارية مع كندا    رئيس الجمهورية يلتقي وزير الشؤون الخارجية والتجارة المجري    عاجل/ حادثة إطلاق النار على سكّان منزل في زرمدين: تفاصيل ومعطيات جديدة..    بنزرت: طلبة كلية العلوم ينفّذون وقفة مساندة للشعب الفلسطيني    "بير عوين".. رواية في أدب الصحراء    بعد النجاح الذي حققه في مطماطة: 3 دورات أخرى منتظرة لمهرجان الموسيقى الإلكترونية Fenix Sound سنة 2024    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    الحماية المدنية: 17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    الخارجية الإيرانية تعلّق على الاحتجاجات المناصرة لغزة في الجامعات الأمريكية    وزير الخارجية الأميركي يصل للسعودية اليوم    نشرة متابعة: أمطار رعدية وغزيرة يوم الثلاثاء    سليانة: 4 إصابات في اصطدام بين سيارتين    17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    عاجل/ تعزيزات أمنية في حي النور بصفاقس بعد استيلاء مهاجرين أفارقة على أحد المباني..    منوبة: تقدّم ّأشغال بناء المدرسة الإعدادية ببرج التومي بالبطان    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    تصل إلى 2000 ملّيم: زيادة في أسعار هذه الادوية    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    غوارديولا : سيتي لا يزال أمامه الكثير في سباق اللقب    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    كاتب فلسطيني أسير يفوز بجائزة 'بوكر'    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حمّادي الجبالي ل«التونسية»:خرجت من «النّهضة» تجنّبا ل«عركة كبيرة» وسأؤسّس حزبا
نشر في التونسية يوم 05 - 01 - 2015


منطق الباجي دكتاتوري لأنّه لا يطيق المعارضة
أؤمن بالتّدافع السلمي لا بتدافع يقود إلى الكلاشنيكوف
«نداء تونس» شعر بجسامة المسؤولية وبات يُطالب بالتّهدئة
حياد «النهضة» خطر عليها، وتفرّد «النّداء» بالحُكم خطر على الحرّيات
حاورته: جيهان لغماري
حمادي الجبالي، هذه الشخصية التاريخية لحركة «النهضة» (الاتجاه الإسلامي سابقا) بدا في قراراته المختلفة بعد انتخابات المجلس التأسيسي ثم الانتخابات التشريعية والرئاسية، الأخيرة أنّه يسبح ضدّ التيار السائد. من فتى يافع كان يرتاد حلقات العمل السري، وبعد سنوات عذابات السجن الطويلة ووصوله إلى كرسي الأمانة العامة لحركة «النهضة» فرئاسة الحكومة، تخلّى اليوم عن كل منصب لم يرتح فيه: استقالة من كرسي «القَصَبة» وها هو اليوم يستقيل لا فقط من الأمانة العامة لحركة «النهضة» بل خرج منها. كيف؟ لماذا؟، وماذا يريد بالضبط؟ وما رؤيته لمتطلّبات المرحلة المقبلة؟ في هذا الحوار المطوّل، يكشف حمادي الجبالي عن أدق تفاصيل تجربته في «النهضة» وفي رئاسة الحكومة. لم يغفل عن «الترويكا» وأخطائها ولا عن «نداء تونس» ولا عن التجمعيين. أجاب عن كل الأسئلة دون احتراز أو رفض. ورغم طرحنا لبعض الأسئلة عمدا في صياغتيْن مختلفتيْن، فقد كانت إجاباته واحدة وواضحة. ملف المحمودي البغدادي، شكري بلعيد، بن جعفر، المرزوقي، الغنوشي، رسالته الجديدة ل«النهضة» التي سينشرها قريبا، تأسيسه لحزب جديد والعديد من المواضيع الهامة تحدّث فيها الجبالي كما لم يتحدّث من قبل.
أسباب استقالتكم من حركة «النهضة» بقيت مبهمة... ما الذي يدفع رجلا أعطى الكثير لهذه الحركة منذ سبعينات القرن الماضي للتضحية بكل شيء؟
الأسباب التي دخلت من أجلها الى الحركة في السبعينات هي نفسها التي جعلتني أقدم استقالتي.. يعني المشروع الذي اتفقنا عليه هو قضية الحريات في بلادنا.أنا كنت طالبا في فرنسا وعشت تجربة اليسار الفرنسي منذ بداية السبعينات الى نهاية الثمانينات، وككل شاب تونسي، طمح ان يعيش الحرية في بلاده لأنها نقطة البداية والمفتاح والحل لشعوبنا في المنطقة العربية الاسلامية وغياب الحريات يعني الاستبداد والفساد والمظالم..
البعض يعتبر هذا المفتاح الرئيسي ترفا وكمالية ويتساءلون ماذا فعلت لنا الثورة وماذا فعلنا بالحريات؟... نريد الخبز والشغل.هذا الموقف غير صحيح ومغالطة كبرى لأنه بلا حريات لن يكون هناك شغل ولا خبز والحكومة التي تقمع الحريات تعني حكومة فاسدة تسرق وتخطف...
اتفقنا داخل الحركة «النهضة» على مشروع الحريات واعتبر ان ما حققته الثورة من انتخابات ومؤسسات دستورية مهم جدا لكن الخطوة لابد ان تتواصل وتفرّد حزب «نداء تونس» بالحكم مسألة خطيرة ولو كانت «النهضة» تفرّدت بالحُكم وهيمنت على الساحة بعد الانتخابات لقُلتُ نفس الكلام... .
كيف ذلك؟
لبناء الديمقراطية، لابد من معارضة قوية وسلمية واذا لم توجَد معارضة لا بد من إيجادها...«النهضة» الآن بتصرفها الانتخابي (التشريعية) وبعد الانتخابات الرئاسية أخَلَّتْ بهذا الموقع الذي يجب ان تكون عليه سواء في الحكم أو في المعارضة وهو التوازن. الباجي قائد السبسي أوجد هذا التوازن في الساحة التونسية منذ أكثر من سنتيْن بتأسيسه لحزب وهذا جيد مهما كان اختلافي مع هذا الحزب، لذا لا يجب ان نفرّط في هذا التوازن.
أقول ل«النهضة» وللرأي العام، عليكم باليقظة والمراقبة، نحن نغامر وليس بالضرورة أن «نداء تونس» سيستبدّ بالسلطة لكن تفرّد حزب ما بالسلطة يؤولُ دائما بالتجربة، إلى التسلط والدكتاتورية والسلطة بطبيعتها ميّالة الى التفرد والاستقواء.
لماذا كل هذا الخوف من اللون الواحد في قرطاج والقصبة مع أنّ الدستور «قَلَّمَ» أظافر كل من يريد إعادة الاستبداد وكان نتاج توافق داخل التأسيسي وبأغلبية مريحة أغلبها من «الترويكا» وأساسا «النهضة»؟
الدستور مجرد نص ودساتير الانظمة العربية مليئة بنصوص الحريات والديمقراطية والتداول السلمي، لكن هذا النص لا وزن له إلا بتطبيقه والمحافظة عليه. لست متفقا مع التصريحات القائلة بأنّه لدينا دستور يضمن الحريات ..لا يكفي النص والخُطب والتمنيات.
أ تخشى حقا على الحريات بعد فوز «نداء تونس»؟
بطبيعة الحال !..من يعارض قد يتهمونه بالإجرام والسلفية والجهادية و«سي الباجي» قال اكثر من مرة أنت معايا أو أنّك ضدّي وهذا دليل على أنهم لا يُطيقون المعارضة ممّا يجعلني أخشى على الحريات في الفترة القادمة. الآن يتحدثون عن حكومة وحدة وطنية لكن الطرف الذي يخرج عنها أو يمارس النقد، ينعتونه بعدو الوحدة الوطنية، هذا خطاب الدكتاتورية!...أنا خائف على مجلس نواب الشعب لأنه ليس هناك من يقول «لا».
تعتبرون المجلس خال من المعارضة؟
نعم ، اذا «النهضة» انضمت الى الحكومة. لديّ مثال على ما حدث داخل مجلس الشعب الجديد ابان مناقشة ميزانية الحكومة التي تمت المصادقة عليها وفي 24 ساعة بالأغلبية («شيحولنا الريق متاعنا على كل فصل من فصول الميزانية والتدخلات المجانية» عندما كنا في رئاسة الحكومة) وهذا مؤشر على غياب المعارضة القوية والحقيقية.
مؤشر آخر، ما يحدث الآن حول هيئة الحقيقة والكرامة ومجلس نواب الشعب صامت بلا حراك ولم يتم اثارة المسألة في المجلس. بعد ذلك سوف تُعطى تعليمات بعدم تسليم الأرشيف ثم سيمنّ علينا «قائد السبسي» بالسماح للهيئة لتسلم الارشيف.
هذا المشهد يقلقني ويعيدني الى الوراء (انتظروا سيادة الرئيس سوف يعطيكم ويمنحكم ويمنّ عليكم...)نريد أن نفهم لماذا لم تتسلم الهيئة الأرشيف باستحقاق، فهي هيئة دستورية منحناها ثقتنا بثلثيْ الاصوات. انا ائتمن الهيئة ولا استطيع ائتمان غيرها لأن في غيرها مصلحة أخرى وهناك مؤشرات أخرى مثل حبس المدوّن ياسين العياري.
تقصد ان التونسيين سيندمون على فترة حكم «الترويكا»؟
التونسيون سيذكرون ولو بعد حين ورغم الطمس والتعتيم والاتهام بالفشل وسيفهمون بالضرورة (لكنهم لن يصرحوا بذلك) اننا لم نسجن أحدا ولم نتدخل لا في القضاء ولا في الاعلام رغم صلوحياتنا ..لم نعالج ظلما بظلم. شخصيا،ما انتصرتُ لنفسي بل أردتُ وضع لبنة صحيحة ومتواضعة.
البعض يعتقد أنّ الجبالي خرج من «النهضة» يوم قدّم استقالته من رئاسة الحكومة ثم من الأمانة العامة ل«النهضة»، وأنّ قراركم هذه الفترة ما هو إلاّ للتوضيح النهائي لا أكثر ولا أقل؟
صحيح لم أكن منذ استقالتي من الأمانة العامة في علاقة طبيعية ولم أمارس مهامي كأمين عام لاعتبارات داخلية وخارجية... هناك خلاف لكن أردت تسيير هذا الخلاف بطريقة ديمقراطية. لم أسع ولن أسعى الى حد هذه الساعة إلى تحطيم «النهضة» أو إثارة المعارك. احترمت مؤسساتها وقراراتها وخياراتها لكني قلت «لا» ولم أوافق وهذا من حقي، تماما مثلما قلت في الحكومة لا اوافق على هذا التمشي وطريقة تسييرها. وقتها، حين ترأستُ الحكومة واعترضت «النهضة» و«المؤتمر» (قالولي افهم روحك رانا مختلفين معاك) وأنا(فهمت روحي) وكان بإمكاني التشبث برأيي حسب الدستور الصغير وأجبر «النهضة» و«المؤتمر» على تقديم لائحة لوم وتحدث الفضيحة عندها، لكني اخترت الممارسة الديمقراطية الراقية.
لكن اسمك ارتبط تاريخيا ب«النهضة»، كما «النهضة» ارتبطتْ باسمك في علاقة بَدَتْ لا فكاك منها، بصراحة ما هو وقع قراركم عاطفيا ونفسيا عليكم؟ وهل من السهولة اتخاذ مثل هذا القرار؟
لم يكن القرار سهلا (لحظات طويلة من التأثّر والصمت). كان أخطر وأصعب قرار، قرار الطلاق بين رجل وامرأة صعب فما بالك بقرار خروجي من «النهضة».. هذا كياني منذ كان عمري 22 سنة، ساهمت في بنائه في كل المراحل خاصة العسيرة منها، لهذا المسألة ليست بسيطة ووقعها كبير. لسنا معبدا لتقديس الهيكل، كل تنظيم هو أداة لإبلاغ فكرة وتجسيدها وعندما نختلف يصبح من الافضل لهذا الكيان أن يتوضّح وأن يتخفّف. اعتبر أنّ ارقى التصرفات هو عدم هدم البيت على أصحابه الذين رضوا بحالته الآن.أنا...أغادرها بأسف كبير!.
ألا يعتبر ذلك هروبا... خاصة أنّ كل الأحزاب من كل التيارات، لا «النهضة» فقط، تعيش مخاضا صعبا لاستيعاب واقع جديد بعد الثورة، والخلافات الداخلية تصبح عادية في هذه المرحلة، ألم يكن حريّا بكم وأنتم اسم تاريخي للحركة، البقاء داخلها والدفاع عن أطروحاتكم؟
لا لا!... هذا السؤال الملح طُرِح عليَّ وأنا اغادر من داخل «النهضة» ومن خارجها... .(علاش ما تقعدش وتصلّح من الداخل)...انا دافعت عن اطروحاتي،ربما قصرت، ربما لم ابلغ بالكيفية المؤثّرة، ربما لم استطع الاقناع لكن اعتبر انّ عَقْدا يربطنا وعندما يختلّ هذا العَقْد هناك خياران إمّا البقاء وتنتصر لرأيك فتهدم البيت على من بداخله أو الانسحاب وأنا اخترت الحَلّ الثاني.
تقصد ان بقاءك في «النهضة» كان سيهدم البيت على اصحابه؟
كانت ستحصل (عركة كبيرة)، إمّا ان ارضى وارضخ... وإمّا !.كنت استطيع الرضوخ في قضايا بسيطة (تعيين، تسيير....). سأذيع لك سرّا، أنا كتبت رسالة سأنشرها للعموم (ويقصد رسالة أخرى غير بيان استقالته المنشور في موقع تواصله الاجتماعي «الفايسبوك») في وقت لاحق الى قيادة «النهضة».
حين ترأست الحكومة، قلت لهم انتم تعرفون اختلافي معكم في قضايا تسيير الحُكم وعلاقة الحزب بالحكومة وما اسميه فقه الحُكم. نحن لسنا حزبا عاديا، نحن حزب يحكم فما هي العلاقة بين الحزب والحكومة؟. رئيس الحكومة كان واحدا منكم مناضلا وقياديا وكان يشمله القانون الداخلي ل«النهضة» لكنه الآن رئيس الحكومة وليس ملك «النهضة» بل ملك للتونسيين جميعا. هكذا إذن تغيّرت شروط التعامل. أنا مثلا وقتها لو رضيتُ أن يأتيني القرار فقط من مجلس شورى «النهضة» وبعد ذلك يأتيني «قرار» من «المؤتمر» و«التكتل» وكلاهما بنفس المعنى: هذا قرار من حزبي. ماذا يريدونني أنْ أفعل في تلك الوضعية؟ حتى الوزراء الذين يشتغلون معي لا يأتمرون بأمر مؤسسة الحكومة كسلطة دستورية ولا ينضبطون لقراراتها!!.
كانت هناك تجاذبات كبيرة بين احزاب «الترويكا» في تسيير الحكم؟
أنا لم أرض بمنهجية التسيير في الحُكم وهذه السلبية ليست في «النهضة» فقط بل سنجدها في الاحزاب الحاكمة في الفترة المقبلة وعلى الأقل «النهضة» لم تهيمن على الحكم ..
نعود الى الرسالة التي ستنشرها في الأيام القادمة؟
تحدثت لهم في الرسالة عن محاذير تتمثل في بروز قوة جديدة في البلاد بصرف النظر هل تعجبني أم لا،كل المؤشرات تدل على أنّ «نداء تونس» بدأ يتقدم .. «قلتلهم حذاري 9 / 10 ل«نداء تونس» لأنّني مقتنع بأنّ المرحلة التأسيسية تقتضي التوازن... انتم تتوقعون ان حمادي الجبالي يبحث عن الرئاسة لكن اذا كنت أردتها لبقيت في رئاسة الحكومة ولترشحتُ وربما كنت حققتُ نتائج لا تتوقّعونها!...قلتلهم سأريحكم وأريح نفسي: أنا غير معني بالترشح للرئاسة كي لا أشقّكم لكن اذا رشحتم شخصا آخر سأدعّمه وهذا بيت القصيد... اذا انتم رأيتم انكم لا تريدون الترشح نظرا للتوازنات، قوموا بدعم شخصية أخرى وسي «مصطفى بن جعفر» كان أولى لأسباب كثيرة فهو شخصية ديمقراطية خبرناها منذ عام 1981 ولكنه ليس الوحيد وحذار من الحياد (لا ترشحوا ولا تدعموا). إذا فعلتم ذلك فإني في حَلّ من كل علاقة بكم. عندها، وقف قيادي بارز في «النهضة» لا اريد ذكر اسمه وقال لي (سي حمادي نحب نعرف) اذا حركة «النهضة» قررت الحياد ماذا انت فاعل؟ قلت له سأستقيل» الحياد خطر على «النهضة».
علاقتكم برئاسة الجمهورية؟
انا تعبتُ مع «سي المنصف» وكانت اختلافاتنا كبيرة. نحن اتفقنا منذ البداية الحكومة للحزب الاول، الرئاسة للحزب الثاني، والمجلس التأسيسي للحزب الثالث وهذا التقسيم لم يحدث في أيّة دولة عربية ان يكون هناك حكم مشترك...
وهذا لا يعني اني كنت متفقا مع «سي المنصف» أو «سي مصطفى» .. «المرزوقي» كان يتصرف بمفرده وهذا لا يعني انه كان مستبدا لكن لم يكن لنا تأثير عليه..لقد تجاوز صلوحياته في اكثر من مرة في دعوته للوزراء في مبادرات وفي لجان...
لماذا؟
ربما لانه لم يهضم النظام البرلماني أو المجلسي ويعتبر ان هناك صلاحيات من حقه وكنت اقول له انهم لا يحكمون بالدستور القديم بل بالجديد وهناك ضوابط منها تسليم البغدادي! .. «سي المنصف» الى حد الان يصرح انه تم التعدي على صلوحياته لكن هذه الصلوحيات في الدستور القديم التي تنص على أنّه لرئيس الجمهورية الحق في العفو والتسليم لكنه تناسى أنّ الدستور الصغير الجديد الذي سيّر الدولة في المرحلة التأسيسية أعطى له حق العفو فقط. أمّا التسليم فيمر عبر قرار حكومي، ربما هذا الامر نسيه أو حاول تناسيه وهو لم يكن ضد التسليم بل كان خائفا من قتل البغدادي في المطار أو تعذيبه... قال لي(كيفاش نسلّموه.. راني حقوقي يا حمادي)، فأجبته (راك رئيس جمهورية ولست حقوقيا فقط ولابد من مراعاة مصلحة البلاد).بعثنا لجنة يترأسها السيد وزير الدفاع السابق وبعض الحقوقيين واكدت لنا ان كل الضمانات موجودة وشافية.
نعود الى «النهضة» ألهذه الدرجة، أصبحت في توجهاتها الحالية في تناقض تام مع تصوراتكم، جعلكم تنسحبون منها؟، ألم يبق ولو رابط صغير كان من الممكن أن يغيّر من قراركم؟
لا بالعكس، بل تدعّم موقفي بعد قرارات وتصريحات «النهضة» الأخيرة ولا اريد التعليق عليها لأنّي آليت على نفسي ألّا اسقط في ردود الفعل...(ولازم الصمت)..
هل هناك عناصر من «النهضة» دفعت نحو اقصائك وهمشت دورك التاريخي من اجل الحصول على منصب الامانة العامة؟
إطلاقا... أنا لم يجبرني أحد على مُغادرة الحركة ..
حتى الأخوين العريض؟
بالعكس كانا يلحان على حضوري وبقائي واحترامي و«سي علي» لم يكن في يوم من الايام يبحث عن الامانة العامة او رئاسة الحكومة .ليس هناك قيادي واحد دفعني الى باب المغادرة أو قال (ارتحنا منو) بل بالعكس هناك من وجه لي لوما على ترك الحركة واتخاذ هذا القرار.
لو انتفت الأسباب، هل ترى أنّ باب العودة مازال مفتوحا؟
يصمت برهة... هذا السؤال بدأ يُطرح بإلحاح لا اعرف هل فات الوقت أم لا ؟ اذا انتفت الاسباب هل أعود أو من الافضل أن أترك «النهضة» تشق طريقها دُوني... أنا ضد الدور الحياتي للأشخاص في الاحزاب اي ارتباط حزب بشخص ما وهذا ما نعيشه اليوم. بورقيبة قال ان الشعب ذرات تراب وكان يعتبر تونس ملكه وهذا ما جعله لا يأخذ لنفسه لأنه المجاهد الاكبر. انا كنت معارضا لبورقيبة هل انافق نفسي فهناك من يتساءل كيف ننقد بورقيبة؟. هو مارس قناعاته فهل(أنا باش نبيّض بورقيبة؟)، كان دكتاتورا وأهلك تونس سياسيا.جاء بن علي قال (ما ثمّاش مرا في تونس تنجّم تجيب بن علي آخر غيري ماكانش السماء باش تهبط علينا)... الآن، استمع إلى هذا الكلام أو يكاد، 12 زعيما أيّدوا «الباجي» في ندوة صحفية ولا أحد منهم قال أؤيدك بشرط أو حتى الافصاح عن منهجية برنامجك... لا أسمع الا عبارات من نوع «كان صمام الأمان» و«لولا هذا الرجل لضاعت تونس» وغيرها..بصرف النظر عن الشخص وقيمته، لماذا عبادة الاشخاص؟.
أعود لاستقالتي، اقول انها ربما حررتْ «النهضة» أكثر من حمادي الجبالي لتكون «النهضة» ولادة لرجال الدولة سواء في المعارضة أو في الحكم وهذا الفرق بين الدكتاتور والديمقراطي: الدكتاتور يكره الزعامات من حوله وبن علي كان يقتل فكرة الزعامة من حوله.
قابلت واحدا منهم (من أنظمة ما قبل الثورة) وقلت له : تريدون الرجوع وهذه ليست مشكلة اذا اختاركم الشعب التونسي لكن سأقول لك بعض النصائح قبل أن تعودوا: الاولى، قراءة نقدية لتاريخكم الاسود في المجال السياسي (هناك من خرج وقال بن علي يده نظيفة ولا احد منكم بما فيهم الباجي قام بقراءة نقدية لتاريخه وتاريخ حزبه). ثانيا، الالتزام للشعب
التونسي بالنهج الديمقراطي والتسليم بالتداول على السلطة والانتخابات الحرة الديمقراطية والحوكمة الرشيدة. ثالثا، هناك وجوه لابد ان تضمحل وتختفي عن المشهد السياسي.وختمتُ له بالقول: لكنكم لم تفعلوا شيئا من هذه النقاط الثلاث، لم تعتذروا وعدتم بنفس الوجوه !.
من تقصد بالضبط؟
كل الوجوه التجمعية التي تقدمت للانتخابات.عند زيارتي لبعض وزراء وأعوان بن علي في السجن، الوحيدان اللذان اعتذرا هُمَا السرياطي والحاج قاسم... أمّا البقية فكانوا يتسابقون على عبارة «أنا خاطيني».
معارضة اقتراحكم حكومة تكنوقراط من طرف «النهضة» كان قويا، لماذا لم تعمل على محاولة الإقناع بطَرحك؟ أم أنّ التيار كان قويا ضدك؟
كان شبه اجماع على رفض الاقتراح، تعللوا بقضية الشرعية وكيف يفرطون في الحكم. انا الوم نفسي لعدم قدرتي على إقناعهم أو ربما لم أجد الوقت الكافي لاقناعهم بأنّنا نواجه مخاطر جمّة وبأنّ الأطراف المقابلة كانت بصدد دفع البلاد الى الضياع ولابد من عدم منحهم هذه الفرصة.
كان بالامكان صياغة الدستور بسرعة والذهاب الى الانتخابات بسرعة.الغلطة الاولى التي ندمت عليها قبولي بتشكيلة حكومية حزبية، كنت افضل حكومة كفاءات وتغليب مصلحة الوطن على المصلحة الحزبية.
لو قبلت «النهضة» مقترحكم ماذا كنتم ستربحون؟
كنا سنربح الكثير من الوقت.. كنت أريد الذهاب الى الانتخابات بحكومة كفاءات وليس بحكومة «الترويكا» كي يطمئن بال التونسيين.
من كان أكثر شخص معارض لقرارك؟
(يضحك) تريدين احداث ازمة... الكثير منهم وسيأتي الوقت لأتحدّث عنهم بالتفصيل.
الشيخ راشد، هل كان منهم؟
(موش وقتو الآن...) الشيخ يريد أن يتفهم ويفهم والمسائل كانت صعبة الفصل والقرار.بعدها اقتنع الى حد كبير.
هل تتوقّعون انسحاب قيادات تاريخية اخرى في المدة القادمة؟
ضعف «النهضة» وانشقاقها ثمنه باهظ جدا، حتى عدوك لا تتمنى له ذلك اذا كانت مصلحة الوطن تتطلب ذلك فيجب ان يبقى، أنا أعرف جيدا نقاط ضعف «نداء تونس» ونقاط قوته، التركيبة اللامتجانسة امر صعب لانهم (رؤوس) أي زعامات ولكن لا يجمعهم شيء.
حقيقة انا لا اتمنى خروج قيادات تاريخية من حركة «النهضة» فليست قضية شخصية. يقولون إنّ الخارج من «النهضة» سيدخل حزب الجبالي، أنا لست طامعا وأنا أخشى على «النهضة» من ذلك وخشيتي من ضعفها الذي لن يخدم البلاد.اريد التأكيد هنا ان انقاذ المشروع الوطني يتطلب وفاقا ووحدة وطنية واطراف قوية لكن ليس بالضرورة ان تحكم مع بعض وعندما تختلف وتعارض لا تدمر بعضها وهذه ابجديات الحكم الديمقراطي. هذا المعنى القرآني الجميل التدافع ، اليسار يطلقون عليه تسمية الصراع . التدافع نوعان: التدافع المنظم الراقي وهو سلمي المجتمع، نقابات، صحافة ومجتمع مدني كي لا يطغى طرف على طرف وهذا في كتاب ابن خلدون. والتدافع غير المحمود هو عندما لا يجد هذا التدافع قنوات لتصريفها سلميا بالرأي والرأي المخالف وصناديق الانتخابات فيلجأ الى الكلاشنيكوف وهذا ما يحدث حولنا (بلدان شقيقة).
ليس في صالح البلاد ان تتحطم «النهضة» لا قدّر الله وأرجو ألاّ يساهم خروجي منها في ذلك. أنا مقتنع تماما بأنّني لم أكن سببا في ذلك ولن أكون سببا في ذلك. يجب الارتقاء بخلافاتنا داخل الحركة أو خارجها .
هناك قيادات عبرت عن امتعاضها مما يحدث داخل الحركة خاصة بعد خروجك؟
نعم هناك... لا أنفي ذلك خاصة من المعترضين على بعض السياسات والخيارات...
الشيخان؟ (شورو واللوز)
يصمت... سأكون واضحا في رؤيتي، انا لم اغير قناعاتي كالاعتدال والوسطية والابتعاد عن التجاذبات الدينية والايديولوجية والاهتمام بقضايا العدل... من لم يشاطرني هذا الرأي وخرج من «النهضة» لا أعتقد أنّ له مكانا في حزبي...
بصراحة، هل ستؤسس حزبا؟
نعم سأكوّن حزبا... ........ خاصة إذا اضطرتني الساحة السياسية! الحزب «c'est un appel d'offre» يعني أني لم أنم وأصحو وقلت سأؤسس حزبا يعيش يومين ثم يندثر.... لا تنسي اني من سوسة هذه المدينة التي تلد وتصنع الحكام.
الآن وأنتم خارج «النهضة»، بصراحة هل تغيّر شيء في تصوراتكم بعيدا عن الانضباط الحزبي؟
شعرت اني تخففت من المسؤولية... وادعي اني رجل ديمقراطي وعندما اكون مسؤولا في حزب التزم بقراراته ..وهناك نوعان من القرارات ، الاول الالتزام بالقرارات الجماعية والثانية القرارات التي اعتبرها تتناقض مع قناعاتي فأنسحب. لكن هناك شيء تغير وهو اني كنت احمّل اخوتي داخل الحركة عبئا كبيرا عندما اقوم باتخاذ قرارات معاكسة فاحرجهم ولكن احرج نفسي اكثر ..هذا التناقض لم استطع المواصلة فيه.
حسب اعتقادكم ما هي الاسباب الحقيقية وراء خسارة «النهضة» في الانتخابات التشريعية؟
هناك 3 أسباب، واقعية وذاتية وموضوعية... ابرزها ان كل حزب يمارس الحكم خاصة في المراحل الانتقالية، يخسر في الانتخابات القادمة ويضعف وهذا ينطبق على «النهضة» وعلى كل الاحزاب .نحن ايضا كنا ضحيّة الحكم والواقع الاقتصادي والاجتماعي الى جانب اخطاء «النهضة».
حتى «نداء تونس»؟
حسب الوضع وطريقة تصرفه خاصة وأنّ الوضع صعب جدا. وعلى فكرة «نداء تونس» الآن شعر بجسامة المسؤولية وبدأ يحاول التهدئة ويطالب بالوفاق وبحكومة وحدة وطنية، أتساءل هنا لماذا لم تضعوا انفسكم مكاننا بعد 23 اكتوبر2011؟ «نداء تونس» يطالب الآن بهدنة اجتماعية لكننا نحن واجهنا حربا اجتماعية وسيذكر التاريخ ذلك بالارقام والاماكن والله لم يتركوا لنا النَفَس أصلا!
لا أعرف إن كانوا واعين وعيا كاملا بالوضع الصعب جدا (وربي يعيننا باش منقولش ربي يعينهم). نحن تركنا عجزا في الميزانية بنحو 4 مليارات دينار ومهدي جمعة يتحدث عن 7 مليارات دينار ووهم الصدقات والاعانات والهبات ولن اتحدث في التفاصيل ..مسكين من سيحكم تونس والله اشفق عليه لأني اعرف معنى ممارسة الحكم في ظروف صعبة.
لو تصفون لنا كيف عشتم المرحلة التي تلت اغتيال شكري بلعيد؟ وهل كان رفض مبادرتكم من «الترويكا» فقط أم خارجها أيضا خاصة أنّ البعض شكك فيها واعتبرها مجرد محاولة لتخفيف النقد وحتى الاتهام لحركة «النهضة»؟
ذلك اليوم المكثف... .(يصمت برهة ثم يواصل) اعترف ان كل الاطراف في السلطة وخارج السلطة تسببوا في ذلك الجو المشحون وكأنهم هيّأوا ظروف المشاحنات والبغضاء والتوتر.
قبل ذلك اليوم كنا نتباحث حول التحوير الوزاري ذلك المسلسل المكسيكي، واعتبر ان المشكلة انطلقت منذ ذلك الحين ..بعد ما شعرت بالخطأ في كيفية قبولي بتشكيلة الحكومة بتلك الطريقة، تداركت الوضع واقترحت على «الترويكا» تقييما موضوعيا كل 6 أشهر واستعدادي لتشريك فريق مختص لتقييم عمل الحكومة مع وضع نفسي على ذمة هذا التقييم واقترحت على كل الوزراء خلال هذا التقييم تقديم استقالتهم دون تاريخ. عندما يصدر التقييم، على كل وزير أخلّ في عمله، الانسحاب والامضاء على استقالته فقمنا بهذا التقييم لعدد من الوزارات.
يوم اغتيال بلعيد في 6 فيفري انتهت مهلة الاسبوع التي منحتها للأحزاب الثلاثة حول التحوير الوزاري وكان الردّ كتابيا من هذه الاحزاب بعدم الموافقة على هذا التحوير فأخبرتهم في لقائي بهم الساعة الثامنة صباحا اني سأجمع مجلس الوزراء يوم الخميس وسأعلن فشلي في هذا التحوير واقناع «الترويكا» به وأنّي لم أعد أطيق المواصلة وقد قررت يوم الجمعة تقديم استقالتي الى رئيس الجمهورية .
لكن الساعة الثامنة والنصف وأنا بصدد ترتيب استقالتي ..تغيرت المعطيات حيث اتصل بي وزير الداخلية «علي العريض»ليخبرني باطلاق الرصاص على شكري بلعيد ثم استشهاده... كان قراري موجودا مسبقا كما فسرتُ سابقا رؤيتي لمردود الوزراء، أي الاستقالة. فالاستقالة، كانت جاهزة قبل اغتيال شكري بلعيد.اجتمعت بعديد المستشارين واطلعت على الكثير من التقارير حول الاحداث في جميع الولايات واقتنعت بأنّ هناك ارادة لدفع الشارع الى الدم والنار وزادت تصريحات بعض اطراف المعارضة بتحميلنا مسؤولية الاغتيال في ارتفاع منسوب الاحتقان.
جاءتني التقارير بان البلاد تشتعل وبأنّه ليس بمقدورنا السيطرة عليها... لهذا قررت تحمل مسؤوليتي الدستورية وقررت اعلام المرزوقي وبن جعفر بقراري ثم اعلام مجلس الوزراء ثم الاجتماع بمجلس الأمن الأعلى لإعلامهم ايضا وكنت سأذهب في السابعة مساء الى التلفزة الوطنية لإعلامهم بقرار استقالتي. لم يكن أمامي حل غير الاستقالة، لو وضعت هذا الامر موضوع نقاش أو مفاوضات لضاعت البلاد... وأنا المسؤول عن ذلك وليس رؤساء الأحزاب.. أخذت قراري وإن شاء الله أصبتُ في ذلك.
الغنوشي قال منذ مدة في خطاب أمام أنصار «النهضة» ما معناه أن كل من يخرج من «النهضة»، ينتهي! (في تجمع جماهيري بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة). الآن وأنتم خارجها، ما هو رأيكم؟
اذا كان لدي غرض شخصي اكيد سأنتهي،اذا كنت اريد مصلحة لنفسي والبروز فاني سأخرج من التاريخ، اما اذا كنت أريد القيام مستقبلا بدوري لفائدة بلادي اي إنجاح التجربة الديمقراطية في تونس كدولة متمدنة ومتطورة في سلم مع نفسها دون ضغوط او تطرف في الحريات ،فأكيد سأنجح.
قلتم أنكم رغبتم في تقديم «النهضة» مرشّحا رئاسيا من داخلها حتى وإن لم يكن شخصكم، لماذا؟
اعتبر ان الحزب يتبارى من اجل سلطة ديمقراطية وهذه هي ماهية الحزب.
يعني ان «النهضة» اخطأت عندما لم تقدم مرشحا؟
هوخطأ فادح ..هناك قوتان في البلاد، وتمنيت أن يكون هناك أكثر. «النهضة»، قبل أربعة أشهر، كان لديها مؤشرات من مؤسسات سبر الآراء التي تشير إلى أنّ «نداء تونس» سيفوز بالتشريعية (ليست مؤسسة «فلان» بل مؤسسات كبرى) ومنحتها الظروف إجراء الانتخابات التشريعية قبل الرئاسية وهذه نقطة جيدة لصالح «النهضة»، قلت لقياداتها ضعوا أسوء النتائج أي أنّ «النهضة» لم تربح التشريعية (خاصة انكم قمتم بعملتيْ سبر اراء من شركات عالمية وكانت نتائجها لصالح «نداء تونس» بحوالي 17 نقطة)، انتم حزب كبير وتعرفون ان البلاد تنجح بالتوازنات ستخسرون «التشريعية» فكيف لا تتقدمون ل«الرئاسية»؟ نصحتهم بالمشاركة في التشريعية والرئاسية وقلت لهم اذا ربحتم التشريعية، اسحبوا ترشحكم من الرئاسية لأنكم حريصون على التجربة الديمقراطية وعلى عدم التغول وامنحوها هدية لتونس وبذلك تقدمون درسا في الديمقراطية واذا لم تربحوا التشريعية خوضوا معركة الرئاسية وحتى ان لم يربح مرشحكم، ستكون النتائج قريبة جدا في حدود 48 بالمائة أي نصف التونسيين معكم.
لو تقدمت «النهضة» بمرشح ل«الرئاسية» هل كانت ستفوز؟
لا أظن، ليس هذا المهم .. حتى لو خسرت «النهضة» بأي وزن ستخسر هذا هو المهم ..والان خسرت «التشريعية» و«الرئاسية».. ماذا صنعت «النهضة» فرطت في قواعدها وشتّتتهم! لمن تركتهم ولماذا؟ ها قد ذهبوا الى المنصف المرزوقي الذي لم يقدّم ل«النهضة» حتى الشكر... خسرت «النهضة» وربح المرزوقي.
في قراءة تأويليّة، يرى البعض أنّ حياد «النهضة» الرسمي مقابل انتصار القواعد للمرزوقي كان مخططا له لجرّ القواعد من هنا أو هناك إلى ثنائية وحيدة تجمع السبسي والمرزوقي لضمان انتصار الباجي، لأنّ أيّ مرشّح آخر غير المرزوقي كان سينتصر على السبسي في الدور الثاني، ما هو رأيكم؟
لا.. هذا التأويل غير صحيح... لا يمكن ان تقوم «النهضة» بهذه اللعبة لأنها ستكون اول الخاسرين . انا متأكد من أنّ قرار «النهضة» كان هو نفسه داخليا وخارجيا.
الا تعتقد ان المرزوقي اخطأ وتسرع في توقيت الاعلان عن حراك «شعب المواطنين» خاصة ان الوضع في تونس مازال هشا ولا يتحمل الكثير من التجاذبات السياسية؟
نعم تعجل في ذلك لكنّي أتفهّم عجلته بسبب خوفه من ان ينفرط هذا الجمع. فإن لم يفعل ذلك يومها سيحاصر اعلاميا وسياسيا وربما تستعيد «النهضة» بعد فترة قواعدها.
مستقبل حمادي الجبالي، نريد إجابة واضحة: هل ستواصلون العمل السياسي بصيغته المباشرة أم لا؟ ولماذا؟
لو نقيس على مستوى عائلي وشخصي افضل ان ارتاح واتفرغ لبعض شواغلي وأسعد أيّامي لكن إذا لم اقتنع بأنّ مسار الحريات والديمقراطية وصل الى نقطة لا يمكن معها العودة الى الوراء، سأواصل مسؤوليتي من أجل تونس
هذه المسؤولية تجعلك تؤسس حزبا؟
ضروري، الفكرة موجودة والتموقع واضح بالنسبة لي. أنا مع بناء المؤسسات الوطنية وضد العنف ، ضد قمع الحريات.
حسب آخر التسريبات... «النداء» و«النهضة» توافقا على الزبيدي رئيسا للحكومة. ماهو موقفكم من هذا التقارب وهذا الاختيار؟
التقارب يجب ان يكون على اسس صحيحة وبأحجام متوازنة. أمّا اختيار الصديق عبد الكريم، ان صح ذلك، سأقول له (ربي يعينك) وانا مشفق عليك. اكيد ان الذي سيتحمل منصب رئاسة الحكومة معرّض على المستوى الشخصي لكل شيء.أمّا على المستوى المنهجي ومن محض التجربة اذا لم يتصرف رئيس الوزراء في فريقه الحكومي على ضوء برنامج واضح وبصلوحيات واضحة دون املاءات او ضغوطات وبعيدا عن التأثيرات الحزبية والجهوية والفئوية... إذا لم يُحترم هذا الرئيس بصلوحياته سنعود الى ما كنا عليه.
لو عرض عليكم هذا المنصب مرة اخرى هل ستقبلون؟
لا ابدا ..كان لي هذا المنصب وتخليت عنه وغير اسف على ذلك.
حين تنظرون وراءكم، في تجربة الاتجاه الإسلامي ثم «النهضة»، دخلتموها فتى يافعا، العمل السري، السجون والعذاب، الأمانة العامة،ثم كرسي رئاسة الحكومة وأخيرا الاستقالة في هذه السن من الحركة، ماذا تبقّى داخلكم وكيف تحكمون على كل مساركم؟
أنا راض على مسيرتي.. وأشعر أني قدمت الحد الادنى الصحيح ..بطبيعة الحال الاشياء لو عادت لكانت غير ذلك.. لكن الحمد لله أعتبر أنّني لم أخن مبادئي وكلمة السرّ هي أن تكون دائما مناضلا في كل حالاتك.
هل ندمتم في كل هذا المسار على شيء؟
لا ابدا....
ماذا تقولون لهؤلاء:
المرزوقي: التجرد وعدم العجلة
السبسي: أن يعتبر بالتاريخ
الغنوشي: أن يرفق بمن حوله لأنه ربما يرى أشياء وأمورا أخرى تبدو صحيحة لكن لابد أن يُقنع بها، الخوف من أن ينفرط هذا الصف..لا تتعجلْ بإعطاء الهدايا فلنا في التاريخ عبرة!
حمة الهمامي: أن يتخلص من عقدته وعقدة حزبه ويخرج من الدغمائية والقوالب الجاهزة
قواعد «النهضة»: الصبر على بعضكم البعض وعدم التسرع في الحكم على قيادات «النهضة»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.