كنّا من البداية مع رئيس حكومة من خارج «النداء» ننتظر إصلاحات كبرى وكفانا صراعات حاورها:عبد السلام لصيلع أكدت السيدة سميرة مرعي فريعة القياديّة بحزب «آفاق تونس» وعضو مكتبه السّياسي مواضيع هامّة في الحوار الذي جمع «التونسية» بها ان مشاورات حزبها مع «النداء» حول تشكيل الحكومة متواصلة معتبرة أنّ تونس الآن في حاجة إلى حكومة مسنودة سياسيّا برئاسة شخصيّة مستقلّة تفهم في السّياسة... ولا تقصي الكفاءات وتتّسم بالجُرأة والقدرة على إدارة المرحلة وتحقيق البرامج... وقالت ضيفتنا إنّ الإهتمام بحلّ المشاكل الاجتماعية القائمة على غلاء المعيشة والبطالة يأتي في مقدّمة أولويات الحكومة المقبلة، داعية القوى السّياسية المختلفة الى التمسك بالحوار المتواصل والتشاركيّة للنّجاح في المرحلة القادمة. وفي ما يأتي كامل الحوار: «آفاق تونس» حزب جديد وصغير، رغم ذلك فاز بثمانية مقاعد في مجلس نوّاب الشعب... فكيف تحصل على هذه المقاعد؟ حزب «آفاق تونس» منذ انطلاقه في 2011 كان له خطّ سياسي واضح. وبالنسبة إلينا السياسة هي عمل ومسؤوليّة من أجل الشعب ومصالحه، وهدف رسالة السياسي خدمة الشّعب. ودخلنا هذا العمل على أساس أنّ لتونس مكتسبات حقّقها بورقيبة. وقلنا إنّ الثّورة في 14 جانفي قامت على المشاكل الإقتصادية والإجتماعية. واليوم لا يمكن القطع مع الماضي لأنّ لنا تاريخا ومكتسبات يجب أن نحافظ عليها ونضيف إليها ونبني عليها مكتسبات جديدة. ولتونس منذ الاستقلال سياسة لم تتطوّر وبقيت كما هي بإقتصاد مكبّل لأنّ كل شيء كان يمرّ عبر القصر... ولم يكن في نظامها السياسوي تحرير للاقتصاد، كان هناك ناس لهم الإمكانيات لإنجاز مشاريع، بينما ناس آخرون لم تكن لهم الامكانيات... وذلك ما جعل تونس تسير في مسار غير سليم أدّى إلى تفاقم البطالة وتحولت السياسة الى خدمة المصالح الشخصية. وهذا ما جعلنا نؤمن بأنّ تونس تستحق اصلاحات كبيرة، وهو ما دعانا الى العمل من أجل برنامج واضح، أعددناه بهدف القيام بإصلاحات هيكليّة وتشريعيّة كبيرة. لذلك قدمنا برنامجا يتضمن ضرورة تحرير الإقتصاد لان تونس لا تملك موارد طبيعية في حين ان فيها الموارد البشرية، ليكون المواطن في نفس الوقت الوسيلة والهدف، بتقديم التسهيلات الكاملة في الادارة لازالة العراقيل أمام القيام بالمشاريع والتخلّص من الحواجز البيروقراطيّة الادارية. تقدمنا ببرنامجنا الى الناس فاقتنعوا بنا. وإعتمدنا على أسلوب الاتصال المباشر مع الناس في كل المناطق التي زرناها وتجاوبوا معنا ومع برنامجنا. في الانتخابات الرئاسية دعمتم الباجي قائد السبسي. ماهي الوعود التي منحها لكم مقابل هذا الدعم؟ هي ليست مسألة وعود أو مصالح. نحن تعاملنا مع سي الباجي ودعمناه بعد الانتخابات التشريعية عندما رأينا أن هذه الانتخابات أعطت نجاحا لحزب «نداء تونس» ولكنّها لم تكن فيها هزيمة لحزب «حركة النهضة» الذي جاء في المرتبة الثانية. وهذا أمر هامّ. لذلك لم تكن هناك أغلبية مريحة بالنسبة للقوى الديمقراطية التي تريد القيام باصلاحات... وحتى حركة «النهضة» نرى أنّها يجب ان تكون طرفا في تحقيق هذه الاصلاحات. لذلك قلنا إنّه لايجب أن تكون معارضة على رأس السلطة التنفيذية. وقد رأينا ذلك وعشناه... صراعات سياسية ونزاعات... ينبغي ان نتخلص منها اليوم بإحداث تناغم بين رأسي السلطة التنفيذية رئاسة الجمهورية، ورئاسة الحكومة وعندها حقيقة يكون لدينا نظام برلماني، وتكون بلادنا قد تجنبت الأزمات السياسية. ماذا عن المشاورات معكم للمشاركة في الحكومة القادمة؟ هناك مشاورات لكن ليس حول الاشخاص، وفي هذه المشاورات أكدنا أنّنا لا يهمنا كثيرا الحديث عن أشخاص... لأنّ الحكومة بالنسبة إلينا هي قبل كل شيء برامج... ورئاستها... ثم تركيبتها وليس الاشخاص، مع طريقة العمل بأسلوب الاقطاب، أي تكوين قطب اقتصادي وقطب اجتماعي، وإلى غير ذلك.وقد بدأنا المشاورات حول البرامج وهناك عديد من النقاط نتّفق فيها مع «نداء تونس»... وهناك نقاط نختلف فيها... نحن نعتقد من جانبنا أنه يجب أن تكون هناك جرأة لنصارح الشعب بالحقيقة ونحدّث الناس بالتّشخيص الصّحيح ونقول لهم ما الذي نستطيع القيام به وما الذي لا نستطيعه حسب امكانياتنا... ونعرف أنّنا سنمر بفترة صعبة... لأنّنا اليوم لانعمل لعام بل لخمس سنوات... وعلى الحكومة المقبلة أن تقول لنا ما الذي ستفعله وتصارح الشعب. ما هي نتائج هذه المشاورات وهل تلقّيتم عرضا معيّنا لحقائب وزاريّة معيّنة من الحبيب الصيد؟ تحدّثنا في البرامج وفي إصلاحات التّعليم والصّحة، وغيرها، نحن مثلما قلت لك، نلتقي في موضوع الاصلاحات الاجتماعية. ونعتبر أن على شخصية رئيس الحكومة أن يكون لها تأثير كبير... حتّى يستطيع العمل بكل ثقة وجرأة وإستقلاليّة، وعن الحقائب الوزاريّة لم نصل بعد الى تناول هذا الموضوع...نحن مازلنا نتحدّث عن البرامج. كيف ترون الحكومة القادمة حزبية أم حكومة وحدة وطنية أم حكومة إئتلاف موسّعة؟ أهمّ شيء بالنسبة إلينا أن يكون لها سند سياسي كبير، فحتّى لو تكون حكومة «ترويكا» جديدة سوف لن تنجح... لأنّ الحكومة يجب أن تكون مسنودة بمختلف الأطراف... أي حكومة وحدة وطنية لا تقوم على محاصصة حزبيّة. و المناسب لنا ربما أن تكون حكومة إئتلاف موسّعة مع تفاهم على برنامج. أمّ عن الاشخاص، ففي تونس كفاءات كبيرة. قبل تكليف الحبيب الصيد، هل كنتم مع أن يكون رئيس الحكومة من «النداء» أم من خارجه؟ فعلا، كنّا مع رئيس حكومة من خارج «النداء»... وكان هناك تفاهم على ألا يكون رئيس الحكومة من «نداء تونس»... و من ناحيتنا كنّا منذ البداية عبّرنا عن رأينا بوضوح، وقلنا إنّه من الأفضل ألّا يكون رئيس الحكومة من «النداء»... وفي ذلك رسالة، وقد بقينا أكثر من شهر نتحدّث عن التغوّل... ولم نكن مقتنعين بما كان يقال عن التغوّل من هنا وهناك... لن يكون هناك تغوّل... بالعكس الآن هناك مناخ إنسجام بين رأسي السلطة التنفيذية... يعني أنّكم كنتم منذ البداية مع شخصية مستقلّة؟ نعم من خارج «النداء» لأنّ رئيس مجلس نوّاب الشّعب من «النداء» وكذلك رئيس الجمهورية من «النداء» حتّى لايكون حزب واحد هو المهيمن. وفي ذلك رسالة طمأنة الى التونسيين جميعهم. المواصفات التي يجب أن تتوفر في رئيس الحكومة حسب رأيك ماهي ؟ يجب أن يكون شخصية سياسية... وإلّا لماذا نشكّل حكومة أخرى، ولتبقى حكومة مهدي جمعة الحالية. ثمّ عليه أن يتّصف بالجرأة والكفاءة حتّى يكوّن حكومة قويّة ومتضامنة ومنسجمة ومتكاملة... وأن تكون شخصية توافقيّة بسند سياسي قويّ مثلما بيّنت لك... لتكون حكومة توافقيّة. وما هي أولويات الحكومة القادمة في نظرك؟ في مقدّمة الاولويات الاهتمام بحلّ المشاكل الاجتماعية القائمة اليوم على غلاء المعيشة والبطالة. وفي ميدان التعليم نرى حاليا إصلاحات ترقيعيّة... هناك مشاكل في هذا الميدان، ومشاكل في الصحّة، ومشاكل في موارد الدولة وهو ما يتطلّب اصلاح الجباية وخاصّة النظام المصرفي... وهناك ملف الطاقة... بالاضافة الى مشاكل التنمية في الجهات. وماذا عن السّياسة الخارجيّة؟ في الميدان الديبلوماسي، فإنّ السياسة الخارجية هي بيد رئيس الجمهوريّة... ونحن فرحون لأنّ السيد الباجي فاز في الانتخابات لفائدة تونس لأنّنا نعرف أنّه سيعيد الثّقة والفعاليّة إلى الديبلوماسية التونسيّة... وتونس اليوم هي بلد 2014... ويؤلمني أنّنا لا نوظّف ذلك كشعار في الخارج لفائدتنا، وخاصّة لخدمة السياحة، لتسويق الديمقراطية الناشئة في تونس، لنقاوم بها الارهاب وترسيخ الأمن والاستقرار... على الحكومة القادمة أن تهتمّ بهذا الامر أكثر وتركّز عليه. نحن لم نر تغييرا كبيرا من حكومة التكنوقراط،ورأينا منها تشخيصا للأوضاع، هذا صحيح... ورأينا أعضاء في الحكومة لهم كفاءة كبيرة لكن ليس لهم حنكة سياسية... فالسياسة تتطلّب جرأة... وهم ليسوا سياسيين ولم يكن لهم سند سياسي... لهذا السبب بقي كل شيء كما هو عليه. بماذا تتوجّهين إلى رئيس الجمهوريّة الجديد؟ أريد أن أهنّئ كلّ الشّعب التونسي على نجاح المسار الانتخابي رغم أنّنا اضعنا وقتا كبيرا، وفي أربع سنوات دفع التونسيون الثّمن في المشاكل الاجتماعية التي لم يقع حلّها، لكن ربحنا في هذه السنوات أنّنا ثبتنا ركائز الدّيمقراطية، وهذا انجاز كبير جدّا، لأنّه ليس من السّهل في بلد عربي عاش أكثر من خمسين سنة تحت نفس الحزب الواحد أن يحقّق تعدّدية وتنجح فيه انتخابات مع تداول على السلطة، كلّ هذا يضع مسؤولية كبيرة على رئاسة الجمهوريّة، مسؤوليّة الدّيمومة، لنبقى في نفس نسق الديمقراطية وحريّة الاعلام واستقلاليّة القضاء لإرساء دولة القانون والتفريق بين السّلط، التنفيذيّة والتشريعيّة والقضائيّة. أنا متفائلة بأنّ سي الباجي سيدعم ويحمي كلّ ذلك. ما هو المطلوب من القوى السياسية المختلفة في هذه المرحلة؟ مطلوب منها الحوار المتواصل والاستمرار في النظّرة التشاركيّة مع المجتمع المدني وكل الاطراف السياسية والمنظّمات... وهذا هو سرّ النّجاح... ويجب علينا مزيد التقارب من بعضنا بعضا... وأعتقد أنّنا تعلّمنا الكثير من السّنوات الاربع الماضية التي عشناها بكل ما فيها ، من بينها أنّ المعارضة أصبحت تعرف حدودها... ترشّد خطابها وعرفت ما لها وما عليها... ما هي آمالك في العام الميلادي الجديد 2015؟ من آمالي في 2015 أن يكون لنا نموّ إقتصادي يشعر من خلاله كلّ التونسيين أنّ هناك تغييرا، لأنّ السياسييّن شعروا بهذا التغيير من 2011 إلى 2014... لكن المواطن الذي يعاني من المشاكل الاجتماعية لا يأكل ديمقراطيّة حتّى يعيش... هذا من الاشياء التي جعلت الثقة تنقص كثيرا لدى المواطن. وأرجو أن يكون اقتصاد اجتماعي قويّ في بلادنا، لأنّنا في «آفاق تونس» نؤمن بالقيم وفي مقدّمتها قيمة التضامن... فبلا تضامن بين التونسيين لا نستطيع تحقيق أهدافنا في النموّ الاقتصادي والتقدّم الاجتماعي، فالتضامن الذي لمسناه في ثورة 14 جانفي 2011 تراجع كثيرا، يجب أن يعود في هذه الفترة بقوّة.