بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الكيلاني (أمين عام الحزب الاشتراكي) ل «التونسية» : «نداء تونس» سعى لقتل «الاتحاد من أجل تونس»
نشر في التونسية يوم 16 - 10 - 2014


صرصار «نفس مومنة» والهيئة في حاجة ل «ثعبان»
وضع اليسار سيكون صعبا لأن كل الرياح ضدّه
المجتمع المدني... C'est fini
القانون الانتخابي فُصّل على مقاس «الكبار»
حاوره: عبد السلام لصيلع
السيّد محمّد الكيلاني صديق قديم من أيام التعليم الثانوي في السّتينات من القرن الماضي... هو مناضل غنيّ عن التعريف، ناضل بشراسة في العهدين السابقين من أجل قناعاته وأفكاره ومبادئه...وهو الآن الأمين العام للحزب الإشتراكي ورئيس قائمته في دائرة نابل 1 للإنتخابات التشريعيّة القادمة.
في لقاء جمع «التونسية» به تحدث محمد الكيلاني عن القانون الانتخابي وحظوظ اليسار في اللعبة الانتخابية. كما تعرض إلى واقع التنمية والاقتصاد بالبلاد. وتطرق إلى تجربة «الاتحاد من أجل تونس» وأسباب خروج حزبه منه. وعبّر الكيلاني أيضا عن رأيه في هيئة الانتخابات وحال منظمات المجتمع المدني بعد دخول الدول الكبرى على خط التجربة الديمقراطية في تونس.
أنت تترشّح للإنتخابات التّشريعيّة رئيسا لقائمة الحزب الإشتراكي في دائرة نابل 1، فبأية رهانات تدخل هذه الانتخابات ؟
الرّهان الوحيد الموجود عندي في «مخّي» ولدى عموم المناضلين هو أن نابل 1 تركناها منذ تأسيس الحزب إلى حدّ الآن ولم نقم فيها بأي عمل وكان لنا في ما سبق حضور وتأثير في منزل تميم وقليبية وقربة وأضعنا علاقاتنا كلّها. لذلك نحاول اليوم إعادة الروح للحزب في المنطقة هذا من ناحية .
ومن ناحية ثانية فإن الرّهان الثّاني هو بالنسبة إلينا أنّنا نسعى إلى أن نفوز لأن الفوز في ظلّ صراع العمالة (Les Titans) كما يقال يعني أنه لا يتبقّى شيء للآخرين أي لبقيّة المتنافسين الذين لا يترك لهم شيء كبير باعتبار أنّ القانون الانتخابي مصنوع كذلك، هو مصنوع ليخدم الكبار ولا يخدم الأحزاب الصّغيرة ولا يخدم الأحزاب التي ليس لديها مال، بما في ذلك حتى الهيئة العليا للانتخابات خضعت لهذا المنطق...هذه الهيئة تقدّم لنا نصف المنحة، ولا تقدّم لنا النّصف الثّاني إلاّ بعد الإنتخابات...لكن أنا ماذا سأفعل به عندما أتسلّمه بعد الانتخابات؟ هل أنا في حاجة إلى «الفلوس»؟. أنا لست في حاجة إلى «الفلوس» أنا في كامل حياتي فقير وسأظلّ كذلك...ولا حاجة لي إلى أيّ مليم من أحد إذن، أنا عندما أتجوّل في الأرياف والمدن بجهة الوطن القبلي ودخلة المعاوين لا أرى إلاّ جبروت المال. نحن لسنا موجودين... لذلك، بالنسبة إلينا، يكاد يكون الأمر صراعا مصيريا عندما تستطيع أن تمرّ قائمتنا وتفتكّ مقعدا...كأنّه صراع موت...وليس هناك شيء آخر...لهذا أنا موضوع في درجة ثانية لكنّ أهمّيته تجعل منه عنوة درجة فوق الدّرجات...لأنّه سيعيد إلى المهمّشين في الوطن القبلي مكانتهم...في مناطق الظلّ تحت الجبل كلّها... أيّ كلّ مناطق جبل سيدي عبد الرحمان تعيش مهمشة عن التنمية منذ الاستقلال إلى الآن...شهدت قليلا من التّحسن ثم انهارت...وكان التّحسن الذي رأته في علاقة ب «أطفال بورقيبة»، يعني بالنسبة إلينا خارج قرية «أطفال بورقيبة» ليس لها أي شيء...لكنّها تشكّل مركزا استقطابيّا كبيرا كان بإمكانه أن يتطوّر ويفعل، لكن «اللّه غالب» بما أنّه لا توجد استراتيجية تنمية تتعلّق بتلك المناطق... أي المناطق «المزمّرة» الفقيرة والمحرومة والمهمّشة، لا بدّ من وضع هذه المناطق في ركاب التنمية وليس الموضوع إعادة اعتبار...هذه هي اتسراتيجيّتي الانتخابية، ولهذا السبب ترشحت في النهاية...ترشحت من أجل التنمية في تلك المناطق...إذا استطعنا الفوز في هذه الانتخابات...وإذا لم نتمكّن من الفوز، «اللّه غالب» عليّ وعليهم..
إلى جانب قائمة نابل 1 هل للحزب الاشتراكي قائمات أخرى داخل بقية ولايات الجمهورية ؟
نعم، لدينا قائمات أخرى، في نابل 2 برئاسة نوفل الزّيادي، وفي جندوبة برئاسة عبد السلام العوني، وفي الكاف برئاسة عز الدّين بن عامر، وفي سليانة برئاسة عادل العلوي، وفي القصرين برئاسة عمري الزّواوي، وفي سيدي بوزيد برئاسة فرحات الردّاوي، وفي المنستير برئاسة نهلة الزّيدي، وفي سوسة برئاسة عامر معطاء اللّه وفي زغوان برئاسة أيمن رواق، وفي بن عروس برئاسة إيمان شوشة، وفي تونس 1 برئاسة غزالة القاسمي.
ملّ المواطن التونسي الخطاب السياسي وعزف عن الأحزاب ولم يعد يثق في الوعود الانتخابية التي تقدّم إليه من قبل كلّ المترشحين. وأنت بماذا تعد النّاخبين؟
أنا في الحقيقة لم أعد الناخبين إلاّ بالتعب... لأني قلت لهم الحقيقة وهي أن أية حكومة ستأتي ستكون كاذبة إذا قالت انها ستحقق التنمية لأن نسبة التنمية لن تتجاوز من الآن وإلى عام 2017 (3 ٪) مهما كانت الحكومة القادمة وبالتالي فإن هذه النسبة سوف لن تكون عامل تفعيل للإقتصاد الوطني ولن تكون عامل تنمية ونهوض، وهي في حقيقة الأمر لا تقوم إلاّ بتأخير أزمة ستندلع في سنة 2017...هذه الأزمة ناجمة عن «تكالب» حكومتي «الترويكا» على الإقتراض الخارجي لتلبية حاجيات وهميّة استهلاكيّة تسير مع الحاضر لكنّها تنسى فيما بعد وقد استنزفوا طاقات البلاد ووضعوا كلّ هذه الطاقات في رهان على الاقتراض الاستهلاكي، وغدا سوف نمرّ إلى طور ثالث وأخير الذي هو بحث عن القروض من أجل تسديد القروض. وهذا من المستحيل أن تجده أية حكومة قادمة إلا بدفع الثمن مرّتين أو ثلاث أو أربع مرّات، و«يا سيدي ربّي». إذن ، سنجد أنفسنا في وضع كارثي : لا قروض، لأن الأبواب مغلقة أمامها... وليست لدينا إمكانيات داخلية خاصة لنستطيع مواجهة هذا الوضع لأنّ البلاد باعوها. وبعد الشركات الكبرى التابعة للدّولة والثروة الباطنية نحن الآن بصدد بيع الأراضي والضّيعات والدّيار والعقارات للرأسمال الأجنبي..فماذا بقي لنا حتى نستطيع أن نواجه كوارث المستقبل؟ لا يوجد لدينا شيء ولم يتبق لنا أي شيء. لذلك أنا أقول للتوانسة الحقيقة وأقول لهم : أنتم في 2017 ستواجهون صعوبات جبّارة لا تقدر أية حكومة على تحمّلها. ولذلك أقول لكم ذلك من الآن حتى تتحمّلوا مسؤوليتكم وحتى لا تقولوا غدا إنّ محمد الكيلاني كذب علينا في يوم من الأيام...وتحمّلوا مسؤوليتكم كذلك حتى تعرفوا لمن ستصوّتون... صوّتوا للصّدوق معكم والقادر على الوقوف إلى جانبكم في الطريق في بقية المسار وليس للذي «يدبّر راسُو» الذي إذا «تخلات يلمّد الفليسات» ويهرب.
هل مازالتم متحالفين مع «نداء تونس»؟
كنا متحالفين معه...كنّا في «الاتحاد من أجل تونس» وكنّا نأمل أن نتقدّم للانتخابات بصورة مشتركة فرأى «نداء تونس» أن يترشح بمفرده . لهذا السبب نحن ترشّحنا لوحدنا وفضلنا أن نترشح لوحدنا حتى لا ندخل مع بقية أصدقائنا من الأحزاب الأخرى في صراعات لأن في الانتخابات ما يظهر أكثر هي الاستراتيجيات الحزبية، لذلك فضّلنا المضيّ في توضيح استراتيجيتنا الحزبية على أن نبقى نتصارع على المواقع مع أصدقائنا...هذا أراه عيبا ومثقلا للعلاقات. وبالنسبة إلينا مازلنا محافظين على علاقاتنا ولم نمسّها بشعرة واحدة من السّوء. إذن وحتى من مسؤولية أصدقائنا أن يحموا هذه العلاقات حتى نرجع غدا بسهولة إلى بعضنا بعضا وحتى لا تتعقّد علاقاتنا بنوع من السلوكات الضارة بنا، وأنا لا أتمنى ذلك.
بعد الانسحابات من «الاتحاد من أجل تونس» ماذا بقي من هذا الاتحاد؟
في الحقيقة الاتحاد منذ أن نشأ كان للمشاكل وكان مصدر قلق كبير جدّا. فهناك من كان مع أن يتوسّع وهناك من كان لا يرغب في توسعه...وهناك من كان يريد أن يحتكره فقط لتمثيل بعض الأحزاب لا أكثر ولا أقلّ...بما في ذلك في الانتخابات فيما بعد... وكانت القضايا لم تنضج حينها. فالاتحاد منذ نشأته هو مشاكل. ولم ننجح في وضعه على السّكة ولم يأخذ طريقه على الوجه الأفضل إلاّ بعد نداء «النشوء» وبقي حوالي مدّة أربعة شهور ثمّ اجتمعنا كخماسي وتجمّعنا كخمسة أحزاب مؤسسة لهذا الاتحاد. لكن منذ أن دخلنا معا فإن الأنشطة المشتركة لم نقم إلاّ ببعض منها فقط، ومباشرة مع بداية نشاط «الاتحاد من أجل تونس» كثّف «نداء تونس» من الجهة الأخرى نشاطه بصورة موازية وقام ميدانيا بالعمل على قتل «الاتحاد من أجل تونس» لأنه أعطى الأولوية لأنشطته الحزبيّة ولم يبق للإتحاد من أجل تونس إلاّ الإجتماعات، اجتماعات الأمانة تسجّل مجلس الأمناء، يسجّل الاجتماعات وملاحظاته ويسجّل كذا..وكذا... وإلى الأسبوع المقبل وهكذا دواليك. وتقريبا بعد خمسة شهور مات«الاتحاد من أجل تونس» بسبب هذا الوجود المزودج وعندما جئنا نتناقش في الخيار بين «النداء» كاستراتيجيّة إنتخابيّة وبين «الاتحاد من أجل تونس» بدأت تظهر لنا الحجّة الدّامغة باعتبار أنّ الشعار المميّز لحزب «نداء تونس» معروف جدّا وأن «الاتحاد من أجل تونس» غير معروف وليس له شعار وقالوا لنا إنه «إذا غيّرنا شعار الحزب الآن فإننا استراتيجيّا، حسب الخبراء، سنخسر الانتخابات القادمة» ...معنى ذلك أنّك تفرض عليّ شعارا خلال أربعة أو خمسة شهور ثمّ تقول لي أي كلام لا يقبله العقل، وعرفنا أنها خدعة. إذن، جمع «نداء تونس» كلّ خيوط اللعبة ولم يترك لنا شيئا، ثمّ قال لنا : «أنا اللاعب وأنا الرّابح»...فليس من المعقول أن تسير الأمور هكذا. فحتى لو أنت الرّابح «صحّة ليك» تركتنا في جانب، جعلتنا نعيش على وهم وذهبت في إستراتيجيّتك الخاصّة التي هي مربحة لك دون غيرك. وها نحن الآن نشاهده بالملموس في الدّوائر الانتخابية ما معناه أنّ تلك السياسة التي وضعتها لنا كانت ذكيّة جدا، وهذا لا يجب أن يحدث بين الأصدقاء إذن، هذا هو الذي جرّنا إلى هذا الوضع. وتأكد «الاتحاد من أجل تونس» أن الرغبة الجامحة الموجودة لدى التونسيين والتونسيات كانت معه ولو واصل الاتحاد بما في ذلك «نداء تونس» في الطريق المشترك لأصبح كلّ الشعب التونسي وراءه في الانتخابات بلا استثناء...إنّها ليست مغالاة...لأنّ الخبراء لا يعرفون «جواجي الشعب التونسي»، لا يعرفون ناره ولا يعرفون تعبه ورغبته الحقيقيّة، وقد اتّبع أصدقاؤنا في «النداء» الخبراء... يستطيعون الإستماع إلى آراء الخبراء لكنّي أقول لهم : اتّبعوا كذلك رأي السياسة العميقة المرتبطة بنداء الشعب وبآلامه وأنّاته...وتلك هي السياسة الصحيحة الموصلة إلى الهدف وما نراه الآن ليس «نداء تونس» الصّاعد...إن «الاتحاد من أجل تونس» هو البارز وهو الذي يحرّك الشعب التونسي...والاتحاد ليس الأحزاب...بل الأمل هو الذي يدعو الأحزاب إلى أن تتوحّد لإنقاذ الشعب ذلك هو «الاتحاد من أجل تونس» هو أمل التونسيين وهذا الأمل تلاشى وتبخّر.
إنها السياسة (!) بسبب تدخّل الخبراء في «نداء تونس»...ثم إنّ «نداء تونس» أساء تقدير السياسة في علاقته بالاتحاد من أجل تونس وفي علاقته بالتّوانسة.
ولكن ماذا تبقّى من «الاتحاد من أجل تونس» وهل نستطيع القول إنّه اضمحلّ؟

يستطيع الاتحاد أن يعود ويحيا من جديد لو نجح شركاؤه في الانتخابات وأقصد بهم الذين غادروه من تلقاء أنفسهم لأنّ حزب «المسار» و«حزب العمل» بقيا محافظين على تسمية الاتحاد. أنا رفضت ذلك، لأنه من المغالطة القبول بهذا الوضع...فإذا نجحوا في الانتخابات وإذا نجح حزبي، فبإمكاننا أن نعود بسهولة تامّة كاتحاد، لأنّ اتحادنا بعد ذلك سيكون اتحاد الفائزين... إذا نجح «نداء تونس» بكمّ هائل من الأصوات فيكفي بالنسبة إلينا أن يكون لنا صوت، ولكلّ واحد منّا صوت...يكفي ذلك لأن كلّ صوت معوّض بألف.
ما هي توقّعاتك بشأن تركيبة مجلس نوّاب الشعب القادم؟
ستكون للحزبين الكبيرين نسبة كبيرة (النداء والنهضة) وسيفوزان بنسبة ما بين 40 ٪ و 50 ٪ وسيكون خمس الأصوات للدّساترة لأنّهم عادوا بقوّة ومسكوا كثيرا من المواقع وأحيوا «ماكينتهم» القديمة وعندهم الإمكانيات ومجالات الفعل وبإمكانهم أن يجدوا مكانهم. وكذلك الأحزاب القريبة من «النهضة» ستجد نفسها في نسبة قريبة من نسبة الدّساترة.
وماذا عن الأحزاب اليسارية ؟
اليسار بصورة عامّة، وبصورة خاصة «الجبهة الشعبية» و«الحزب الإشتراكي» و«المسار» و«حزب العمل» سيكون وضعها صعبا، لماذا؟ لأنّ كل الرّياح تلتقي علينا...واذا مرّ واحد منّا فلن يكون ذلك إلاّ بمشقّة...لأنّنا لم نعرف كيف نعمل...ولأنّنا على الدّوام ضدّ بعضنا البعض...و«الفلّوس ما ينقب كان عين خوه»..ونسينا أهمّ يوم مثل هذا اليوم... ثم يا أخي العزيز يجب أن نعرف أن قوة رأس المال هي قوّة جبّارة...وكذلك قوّة الشعب.
لماذا، بالمناسبة، بقي اليساريّون في تونس على غرار القومييّن مشتّتين ولم يتوحّدوا؟
لأنّهم لم يتعاملوا مع السياسة كسياسة وفي تعاملهم مع الأحزاب السياسية لم يعطوا مجالا للفعل العمومي بالقدر الكافي وبالأدوات الخاصّة به. فعلى الحزب السياسي العمومي اليساري أن يقبل الآليات العامة الموجودة ويقبل الرّأي العام الموجود ويتفاعل مع الآراء والأفكار الموجودة...وعليه أن يقبل الإيديولوجيات الصّافية ويتركها ولا ينساها ضمن مجموعات تتبنّى تلك الإيديولوجيات داخله وتضمن بين مختلف القوى أرضيّة للعمل السياسي حتى تستطيع أن تحافظ على جلدها... لكنّهم «اللّه غالب» هم في عقائدهم يعتبرون أنّهم كل شيء...إنه التصلّب والتّشدّد اللّذان سيوديّان بالجميع كلّهم إلى الجحيم، وهو ما سيجرّنا كلّنا جميعا إلى الإفلاس.
ماذا تقصد بقولك «جميعا»؟
اليسار... ونفس الشيء بالنسبة لوضع القومييّن والفكر القومي. واليوم قامت حركة «النهضة» بالخطوة الكبيرة، فهي بصدد مراجعة ذاتها، ووضعت الإيديولوجيين جانبا وفسحت المجال للمهتمّين بالفعل السياسي ليكونوا أداتها في المشروع القادم وتركت الآخرين حماة إستراتيجيين للمشروع الإسلامي السلفي لتعمل بهم في جانب آخر ولا أعرف كم سيتطلّب ذلك من سنوات.
أنا لا أقول كيف سنقوم بمثل هذه الإستراتيجيّة ولكنّي أدعو اليسارييّن إلى القيام بعملية النّقد الذّاتي، وشخصيّا أنا قمت بنقد ذاتي وألفت كتابا في هذا الشأن (تجربة سوفياتيّة إشتراكيّة أم رأسماليّة؟) عالجت فيه القضيّة الفكرية برمّتها، التجربة وكذلك الفكر اللّينيني بصورة خاصة وتجربة ستالين وكلّ التجارب التي تلت في ما بعد مثل أنور خوجة وإلى آخره...وطرحت الإشكاليّة كما ينبغي أن تطرح حتى استطعت تأسيس الحزب الإشتراكي.
صحيح أنا أعاني من صعوبات، هذا أمر لا شكّ فيه، لأنه طريق جديدة ولأن الأمر يتعلق ببناء منظومة فكريّة جديدة ليس من السهل أن توجد. لكن حتى ننجح لا بدّ لنا من خطوة مثل هذه.
ما هي انتظاراتك بشأن نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة؟
شعبيّا، كيف ستكون النتيجة الفعلية التي أعلم بها، لكن من أرى فيه الشعبية أؤكد لك أنّي في الوطن القبلي عندما أتناقش مع النّاس ومع عموم الشعب...ماذا يقولون لي؟ يقولون : «سي محمد نحن نعرفك لأنك ولد بلادنا...لكن مع من؟» وأصل في خاتمة الحديث إلى نتيجة، وهي أنّ «نداء تونس» بالنسبة إليهم لا يعني شيئا، ويقولون لي : «لكن إذا لا تساند أنت الباجي قائد السبسي في النهاية للرّئاسة نحن لم يبق لنا معك كلام»...وتحادثت مع عدد كبير جدّا مع النّاس فوجدت أنّهم سائرون في اتجاه التّصويت ل «الباجي» وأستنتج من ذلك أنّ الشعب التونسي يريد رجلا يطمئنه على الأقل في المرحلة القادمة... ثم فيما بعد «على اللّه..ميسالش» أي من يأتي مرحبا به...فالمهمّ هذه المرحلة لأنّ الشعب التونسي يعرف أنهّا صعبة...لذلك بالنّسبة إليه في دماغه هو في حاجة إلى شخص قادر على طمأنته وعلى أن يجعله مرتاحا.
في رأيك ما هي الضّمانات التي تجعل الانتخابات التشريعية والرئاسيّة تجري في شفافية دون عمليّات غشّ وتزوير؟
نستطيع القول إنّ الغشّ والتّزوير قضيّة حرفيّة لصانعي الانتخابات... وهناك شركات وخبراء عالميّون في هذا المجال صنعوا لنا انتخاباتنا في كل التّحولات، وقد صنع لنا هؤلاء الخبراء الدّيمقراطية في إدارة الانتخابات...أنا لا أشتكي ولا أخيف النّاس، لكن بكلّ بساطة ذلك من مكوّنات واقعنا الجديد الذي أصبحت فيه الدّول العظمى تحشر أنفها في كلّ شيء، في كل التفاصيل بما في ذلك الذي يتصوّرونه ويعتبرونه أنظف النّظفاء الذي هو المجتمع المدني، هذا المجتمع المدني أغرقوه بالإلتزامات الماليّة والانتخابية وبَرَكَ...c' est fini ..انتهى ..رغم أنه كان لنا في تونس مجتمع مدني من أقوى التنظيمات والجمعيات عند العرب لكنّه بصدد البيع تدريجيّا في نطاق الإلتزامات والإرتباطات التي لديه بالشبكة الدّولية وبهذه الكوارث العظمى. لذلك، بالنسبة إلينا، أنّ الانتخابات الرّئاسية والتّزوير والشّفافية، واللّه في الحقيقة، أنا مطمئن عليها اطمئنانا كبيرا.
هل الأمور محسومة مسبقا ؟
محسومة من الآن...سي بوصرصار يبذل مجهودا أو لا يبذل ذلك هو الواقع.
هل لديكم مؤاخذات معيّنة على الهيئة العليا للإنتخابات ؟
مؤاخذاتي على الهيئة العليا أنها تتّخذ أمور الإنتخابات بشكل إداري بحت وكان عليها أن تتّخذها كموطن وكلحظة لسياسة كبرى في المجتمع...لهذا السّبب سوف لن تنجح في مهمّتها، وسيمرّ سي صرصار، وستمر الهيئة العليا، وحكايات عن مخالفات و«فلوس وموش فلوس»... و«جيب وحُط» وإلى آخره... ولا تعالج شيئا من القضايا الجوهريّة. نراها تجري وراء أناس، واحد علّق، وواحد مزّق...وكأن الهيئة أصبحت مثل مجموعات الحركات الإسلاميّة والتي كانت تعرف باسم «الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر» نحن أحببنا الهيئة ونظرنا إليها لترتقي بالسياسة في تونس وترتقي بالمشروع الدّيمقراطي ولتفتح الطريق لمجالات التّعبير أكثر ولتمكّن «المْزَمْرِينْ» كي يتكلّموا وليس للدّفاع عن «اُلْكْبَارَاتْ» الذين ليسوا في حاجة إلى صرصار ليدافع عنهم... أنا رأيتهم يتحدّثون مثلما يشاؤون وهو لا يستطيع أن يفعل لهم شيئا، يأتي حزب ويضع لافتاته في شارع كامل على سبيل المثال، لأنه حزب كبير ولا يستطيع صرصار أن يفعل له شيئا، وتتكرّر في الغد نفس الممارسات...وإذا تكلّم بوصرصار لا يسمعونه ...أنا أحترم سي صرصار جيّدا لكنّه «اللّه غالب» وجد نفسه في دوّامة...فهذه الهيئة يجب أن تكون لها قيم للإرتقاء بالسياسة في تونس... هذه الهيئة ينبغي أن يكون على رأسها شخص «ثعبان» حتى يتمكن من أن يقاومهم...لأنّ سي صرصار إنسان طيب و«نفس مومنة وخاطِيهْ» لأنّ السياسة في تونس تعفّنت بدرجة كبيرة وخاصّة بعد الثّورة واتّخذت مجالات أخرى في التّعفّن الذي أصبح ظاهرا في الساحة الدّيمقراطية لم يكن ظاهرا في السابق كان عند الدّساترة والعائلة الحاكمة فقط...لكن هذا التّعفّن الآن فاض ب «نعمته» على بقيّة القوى الأخرى...فيا تبارك اللّه!
نعرفك مناضلا صلبا على مدى عقود من الزّمن، فهل أنت متفائل بالمستقبل رغم رداءة الواقع ؟
أنا متفائل...قمنا بالخطوة الهامة وهي ضرب الدّكتاتوريّة وبناء دستور ديمقراطي حداثي... هذا هو الأساس... والبقيّة هي معركتنا لو نجحنا فيها في وقت وجيز نكون قد ربحنا وقتا كبيرا، وإذا قدّر لنا الاّ نربحها إلاّ في وقت طويل فسنكون «معاركيّة» سيّئين.
ومن تجربة كتابة الدستور نستطيع أن نكون مكافحين حقيقييّن ننتصر لوقتنا ولحظاتنا... وعلينا أن نفكّر جيّدا في عملنا القادم في المرحلة القادمة لأنّنا سنضع أسس الجمهوريّة وسنقوم بإصلاحات متعلّقة بأهمّ الخيارات العامّة للبلاد، وعلينا أن نكافح من أجل أن يفتح في هذا حوار وطني حتى نتمكّن من القيام بهذه الإصلاحات ووضع أسس الجمهوريّة من جديد ووضع خيارات إقتصادية واجتماعيّة كفيلة بأن تضمن لنا المستقبل».
انطلاقا من الواقع والحاضر كيف ترى المستقبل السياسي في تونس؟
بكل صراحة لوتجنّبنا المخاطر وبصفة خاصّة مخاطر الإرهاب ولو قاومنا بالصّرامة قضيّة التّهريب وأغلقنا حدود تونس كما ينبغي نكون وضعنا الأساس لمعالجة كلّ القضايا الأخرى في ما بين الفرقاء وتقع معالجتها في ما بين التونسيين وحلّها بسلام .
في رأيك ماهي أخطر التّحديات التي تواجهها تونس؟
أخطرها هو التحدّي الاقتصادي وقد حدّثتك عنه...إنّه خطير جدّا ويزداد خطورة مع الإرهاب ويتطوّر تأثيره بدرجة خطيرة جدّا.
في النهاية، كيف تختم هذا الحوار ؟
أحيّي «التونسية» وأحيّيك صديقي العزيز حيث أنّنا زاولنا معا تعليمنا الثّانوي بمعهد خزندار...وحقيقة هذا أحسن ما أختم به... وعبرك أرى الماضي وأنظر إلى المستقبل الذي نعتقد أنه سيكون أفضل رغم كل شيء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.