خيبة وبعد ... ومغادرة مريرة لنهائيات كأس افريقيا للأمم وحزن نامت عليه تونس أيقظ في نفوسنا مشاعر الغبن من الفشل .. فلم نكد نجتاز خيبة منتخب كرة اليد في مونديال الدوحة حتى صفعتنا خيبة أخرى من منتخب كرة القدم الذي حلمنا معه بأشياء جميلة أقلها أن نرى النسور في المربع الذهبي بعد بداية صعبة في ال«كان». ولكن ما تصورناه وتوقعناه من محرّك الديازال الذي اعتقدنا بأنه أخذ في الاشتغال لم يكن سوى أضغاث أحلام لنجد أنفسنا مرة أخرى على هامش التاريخ نلوك عبارات الرثاء والبكاء على حلم لم يتحقق وإذا ما كان سيناريو مباراة أمس الأول ضد المنتخب البلد المنقذ لعيسى حياتو سيئا في إخراجه ومريرا في تفاصليه بفعل السرقة الموصوفة التي لم يتوان الموريسي سيشورن المقبل على سن اليأس التحكيمي في إقترافها في حق منتخبنا الوطني عندما أعلن الولاء والوفاء لمبادىء حكم الدار بإقراره ضربة جزاء فضيحة ووصمة عار على جبين أولي الأمر في الكرة الافريقية فإنّ من خبر افريقيا ويعرف تفاصيل «العنكبوت» المعشش في أذهان صناع القرار في ال«كاف» خاصة بعد عملية الانقاذ التاريخية التي قام بها رئيس غينيا الاستوائية لعيسى حياتو من ورطة إلغاء النسخة رقم 30 من ال« كان» كان عليه أن ينتفض وأن يرفض وأن يخرج في وسائل الإعلام لإعلان الريبة والتوجس من تعيين مشبوه وفي الظروف لا تستحق تفكيرا طويلا في ما هيتها التي تميل نحو مساعدة منتخب البلد المنظم مع أوّل عملية توحي بأن هناك شيئا بل أشياء غير عادية يمكن أن تحدث من أناس أوفياء لذبح القيم الرياضية الأصيلة من الوريد إلى الوريد كلّما دعت المصلحة إلى ذلك.. وما حدث في ملعب باطا ليلة أمس الأول كان عيّنة أخرى على أننا لا نزن شيئا أمام هول اللوبي المسيطر على جسد الكرة الافريقية .. فجامعتنا مسالمة طيّبة جدا لا يهم أهلها غير السفرات والوجاهة القارية التي لم تخدم في شيء مصلحة كرتنا .. فهل يمكن أن نقارن بين حضور محمد روراوة رئيس الجامعة الجزائرية المدافع بشراسة عن أندية ومنتخبات بلاده وبين ما رأيناه من جامعتنا التي كانت «وديعة» زيادة عن اللزوم ولم تتحرك ولم تبادر ولم تناور إطلاقا عندما عينوا لنا حكما على أبواب التقاعد .. وفي افريقيا جرت العادة أن يعبث الحكّام بحظوظ وأحلام من يقفون أمام مستقبلهم في ال«كاف»... وما أتاه سيشورن أمس الأول ليس جديدا على كرتنا التي اكتوت بنار صفارة افريقية مبحوحة عبّرت عنها في السابق « إبدعات» البينيني كودجار والمالي كومان كوليبالي والشهير كوكو وغيرهم من الذين تلاعبوا بحظوظ النجم الساحلي والترجي والنادي الصفاقسي في المسابقات القارية ... واليوم جاء الدور على المنتخب الوطني لنقف مرة أخرى على ضعف حضورنا وقلة حيلتنا في الكنفدرالية الافريقية. ..... والعيب فينا! صحيح أن الحكم الموريسي سيشورن ارتكب فضيحة واقترف سرقة أمام ملايين المشاهدين وضرب بقيم الرياضة الأصيلة عرض الحائط .. ولكن لا يجب أن نعّلق فشلنا على الحكم فقط لأن أبسط العارفين بتقنيات الكرة يشهد بأن العيب فينا أو على الأصح في اختيارات جورج ليكينز الذي اصطفته الجامعة ليكون المشرف الأول على حظوظ منتخبنا الوطني .. فالرجل الذي لم يتوان في كمّ من مناسبة في إهانتنا بقوله أنه لا يدرّب ألمانيا ولا البرازيل وليس لديه ميسي أورونالدو ونسي بأن منتخبنا هو الذي أنقذه من البطالة ونفض عنه الغبار وقد اختار أن يعتمد في كل مقابلاته ومهما كان اسم المنافس مبدأ الوقاية من الهزيمة أن يفكر في الفوز.. فالمهم بالنسبة إلى البلجيكي ألاّ نخسر وفي ما بعد ينظر في أمر الانتصار... حدث هذا في النهائيات القارية أمام منتخبات « نصف لباس» رأينا أمامها بفضل اختيارات ليكينز النجوم في القايلة ... ومنتخب غينيا الاستوائية الذي أقصانا من الدور ربع النهائي. لم يكن الزميل المعلق الرياضي هيكل الصغير مخطئا عند ما قال بأن النجم أو الترجي أو الافريقي أو الصفاقسي قادرون على هزمه بسهولة ... وأكثر من ذلك أننا غادرنا النهائيات أمام منتخب لم يخض التصفيات ولم يقم بالتحضيرات بعد أن فاجأته المشاركة في ال«كان» للمرة الثانية كبلد منظم .. وعلى امتداد الشوط الأول من لقائنا ضد غينيا الاستوائية كان هناك إحساس وحيد مضمونه أن رداءة التصوّر التكتيكي الذي وضعه ليكينز منح الكثير من الثقة للمنتخب المنافس الذي دخل المقابلة خائفا من نسور قرطاج ولكن عندما ما قلّم لوكنيز مخالب نسوره أصبح منتخب غينيا الاستوائية واثقا من نفسه وبضربة معلمية من الحكم الموريسي سيشورن أزاحنا وحوّل أحلامنا إلى كابوس أقضى المضاجع... ولكن أليس المنطق يقول بأن ليكينز هو المسؤول الأول عن هذه الخيبة بإختياراته الفاشلة وسوء تصرفه في الرصيد البشري وبتركه لأحسن ظهير أيمن في البطولة ونعني به حمدي النقاز في تونس. ارحلو فأنتم فاشلون جامعة الكرة مدعوة اليوم بعد أن تدثرت طيلة المدة الفارطة بعباءة المنتخب الوطني أن تستقيل وأن تترك الأمر لمن هم أقدر على وضع التصورات المفيدة للكرة التونسية التي فشلت على مستوى الأندية مثلما عجزت على صعيد المنتخبات ومن يعجز بعد هذه المدة على تحقيق ما يتعيّن من أهداف ليس أمامه غير الإنسحاب ... «اكرموا لحيكم بأيديكم» ودعوا الكرة التونسية وشأنها فلا بطولتنا بطولة ولا منتخباتنا موفقة .. وإذا ما كان بعضهم يعتقد بأنه حقق انجازا ببلوغ ربع النهائي ال « كان» عليه أن يتذكر بأنه وصل هذا الدور بشق الأنفس أمام منتخبات متواضعة وانسحبنا أمام منافس لا وزن له في افريقيا .. فماذا لوترشحنا على حساب الكبار وأيّ وجه لنا لو بلغنا ربع النهائي لمواجهة منتخب عنيد مثل غانا؟ ... مؤكد أن الأمور ستكون أكثر سوء مع اختيارات فنية مفلسة كتلك التي رأيناها من جورج ليكينز ... باختصار إنتاج المرحلة القادمة يجب أن يكون بتصورات ووجوه جديدة بعد أن تجرعنا مرارة الفشل الذي قد يصوّره البعض نجاحا ولكنه كذلك في أذهانهم فقط.