الترجي الرياضي من أبرز وأكثر النوادي تمثيلا وتشريفا لكرة القدم التونسية خاصة وللرياضة عامة، فهو من الفرق النادرة في العالم التي سجلت حضورها في مونديال الأندية في مختلف الفروع من قدم ويد وطائرة . ومن هذا المنطلق فإن شيخ النوادي التونسية يعنينا جميعا ومصلحته تهمّ كل الرياضيين.وعلى هذا الأساس يكون تركيزنا عليه كبيرا للغاية سواء بتعدد الإنتقادات ووضع الأصابع على مكامن الداء فيه في حالات التراجع والخلل والعثرات أوبتتالي مطالب الإصلاح والمراجعة وترميم البيت... وبما أن أسابيعا قليلة تفصل هذا النادي «الوطني» بامتياز عن انطلاق مغامرته الإفريقية في كأس رابطة الأبطال فإن جاهزيته لهذا الموعد وتأهله بالشكل المثالي لدخول هذه التظاهرة بمجموعة عتيدة ومتكاملة وبحظوظ وافرة للتألق وخاصة في أجواء مريحة وملائمة للنجاح والتي تعد الشغل الشاغل لا للترجيين فحسب وإنما كذلك لكل المتابعين للشأن الرياضي في بلادنا والمولعين باللعبة الشعبية الأولى في تونس وهو ما يفسر انشغالنا بكل الجوانب وبكل كبيرة وصغيرة تتعلق بهذا الفريق. مرحلة إياب هامة ... حاسمة ... وخاصة جدا قبل الخوض في موضوع المدرب والغوص في بعض القرارات والإختيارات والتوقيت لا بد من الإشارة لشيء على غاية الأهمية وهو أن الجولات الأولى من مرحلة إياب البطولة الوطنية تمثل في حد ذاتها خير إعداد لانطلاق المغامرة الإفريقية وتجهيز الفريق لهذه التظاهرة على أفضل وجه ضمانا لبداية قارية موفقة تمهّد للترجيين اجتياز الدورين الأول والثاني بسلام ،هذا علاوة على أهميتها على صعيد تدارك التأخر في الترتيب العام وتقليص الفارق عن أصحاب الطليعة. هذا على المستوى الفني والتكتيكي وجانب النتائج في ما يتعلق بالمدرب ، أما المستوى الثاني والهام كذلك فيتعلق بالأجواء الداخلية وكذلك المحيطة بالفريق والتي يجب أن تكون نقية بشكل يساعد المدرب والمسؤولين على العمل في أحسن الظروف وتحقيق الأهداف المرسومة... ومن هذا المنطلق سيكون الشطر الثاني من بطولة هذا الموسم خاصا جدا بالنسبة لفريق باب سويقة وذلك على الصعيدين اللذين أشرنا إليهما من نتائج ومستوى فني من جهة وظروف ملائمة للعمل والنجاح من جهة أخرى... فعلى مستوى النتائج ستكون كل اللقاءات بلا استثناء بمثابة مقابلات كأس لن يكون أمام الإطار الفني واللاعبين خلالها من خيار سوى الإنتصار بما أن أبسط العثرات ستؤثر سلبيا على حظوظ الفريق في العودة إلى المنافسة على اللقب بل إنها يمكن أن تقضي تماما على أحلام وآمال أبناء باب سويقة في تدارك ما فاتهم جرّاء النتائج المتواضعة في مرحلة الذهاب وغياب الانتظام مما يفسر تراجع الترتيب... إذن هنا تكمن خاصية مرحلة الإياب ودقتها وأيضا صعوبتها ومن هذا المنطلق فإن مهمة التدارك تتطلب شروطا محددة ومضبوطة لتفادي أقصى ما يمكن من السلبيات والنقائص التي تشكو منها المجموعة من جهة ولاستغلال الإيجابيات ونقاط القوة على أفضل وجه من جهة أخرى وهي نقاط موجودة فعلا في الترجي الرياضي ويجب توظيفها على النحو الأمثل لحصد ثمارها وتحقيق الإنتصارات المتتالية بفضلها... دون شك لا أحد يستطيع أن ينكر صعوبة المهمة وضرورة ضمان مسيرة مثالية طيلة النصف الثاني من الموسم لكنها غير مستحيلة بالنظر إلى التجارب السابقة التي قلب فيها الترجي الرياضي المعطيات بنفس وضعية هذه السنة. «دي مورايس »الأقرب نأتي الآن إلى موضوع المدرب الذي حامت حوله نقاط استفهام وغموض كبيرة بين الأخبار الرائجة في شأن إقالة خالد بن يحيى أو المحافظة عليه وفي شأن الأسماء المطروحة لخلافته والتي تعددت واختلفت بشكل يثير الإنتباه، حيث تحدث البعض عن الفرنسي آلان جيراس وعن البرازيلي فيارا والبرتغاليين كوستا ودوارتي ليحل علينا في النهاية اسم جديد وهو دي مورايس الذي سبق له أن أشرف على حظوظ الترجي الرياضي والذي يعد اليوم الأقرب لتولي المهمة... الإتصالات مع هذا الفني مؤكدة وهذا ما علمناه من مصادر موثوقة وقد يكون البرتغالي قد وصل أمس إلى تونس للالتقاء بمسؤولي الأحمر والأصفر والتباحث معهم حول كل الأمور المتعلقة بخطته الجديدة التي لم تتضح بعد، فتجربة دو سابر السابقة بدأت بتعيين الفرنسي كمدير فني قبل أخذ زمام الفريق الأول ، ولا زلنا إلى حد كتابة هذه الأسطر لا نعلم إن كان نفس السيناريو سيتكرر مع دي مورايس أم أنه سيشرف مباشرة على فريق الأكابر وهذه المعلومة سنكتشفها اليوم على أقصى تقدير. التوقيت أو بلغة الكرة « التايمينغ» الذي تم فيه جلب دي مورايس رغم أنه ابتعد عن تدريب الفريق الثاني بتشلسي منذ فترة يجعلنا نتساءل عن خطة البرتغالي فهل سيكون مديرا فنيا ثم يتولى الاشراف بعد ذلك على الفريق الأول أم الدخول منذ البداية في معمعة فريق الأكابر وما يرافق ذلك من عقبات بخصوص التعرف على المجموعة وأخذ الوقت الكافي لوضع طريقة عمله ولعبه قبل أسبوع واحد من أول لقاء رسمي ينتظر الترجيين... ؟فلننتظر. تأخير ... وتأثير إن تأكّد التعاقد مع دي مورايس كمدرب لفريق الأكابر، لسائل عن يطرح العديد من نقاط الإستفهام في شأن التوقيت وتأخر مثل هذا القرار ذلك أن المنطق كان يفرض إدخال التغيير مباشرة بعد توقف البطولة أي غداة مباراة قفصة الأخيرة في مرحلة الذهاب لأنه السبيل المثالي لتمهيد كل ظروف النجاح للمدرب الجديد وللفريق ككل... كل فني من حقه أن يشرف بنفسه عن التحضيرات في فترات توقف البطولة ، ومن حقه اختيار مجموعته والتدخل في الإنتدابات الجديدة وعملية الإستغناء على بعض اللاعبين ، وهو يحتاج إلى الوقت الكافي واللازم لمعرفة المجموعة وضبط طريقته وخطته حتى يكلل عمله بالنجاح منذ أول مباراة خصوصا إذا كان الفريق في حاجة إلى النتائج الإيجابية ولا شيء غيرها مثلما هو حال الترجي الرياضي اليوم... لقد عاش الترجي الرياضي هذا السيناريو مؤخرا حين وضع دو سابر المجموعة الإفريقية ودخل كرول المعمعمة بدون تهيئة أي شيء والخوف أن يؤثر نفس السيناريو بنفس النتيجة في حالة حصوله مجددا وهذه التأثيرات السلبية التي يجب تفاديها من خلال حسن اختيار التوقيت لما يضمن التوفيق والنجاح للإطار الفني. الإنسجام ... الأريحية ... والسعي إلى مصلحة واحدة مهما سيؤول إليه قرار مسؤولي الترجي الرياضي في شأن مدرب فريق أكابر كرة القدم فإن العامل الأهم الذي يجب أن يتوفر اليوم إلى جانب العنصر الفني والتكتيكي المساهم في تطوير الأداء وتحسين النتائج هو انسجام كل الأطراف والعمل من أجل صالح واحد وضمان الأريحية التامة للإطار الفني على وجه الخصوص وللمسؤولين بعد ذلك... سواء كان المدرب خالد بن يحيى سيواصل المشوار أو سيأخذ مكانه دي مورايس بصفة آنيّة لا مجال لترصّد وانتظار العثرات لتحقيق المآرب الشخصية وتصفية الحسابات ...ولا مجال للفرح والسعادة بالهزائم – مثلما حصل في عهد كرول – لتتعالى الإنتقادات والأصوات المنادية بالتغيير وتسحب السهام لضرب الإطار الفني ... مثل هذه الأجواء لا تفيد ولا تخدم مصلحة الفريق بالمرة ولن يدفع فاتورة ذلك إلا الترجي الرياضي ولنا في التجربة الماضية حين واجه كرول مثل هذه المعاملات خير دليل على المضار التي لحقت بالفريق وكانت سببا رئيسيا في تراجع أدائه ونتائجه في ذهاب بطولة هذا الموسم جراء تحضيرات فاشلة وميركاتو صيفي سلبي بكل المقاييس... المسألة واضحة وضوح الشمس في عز أيام الصيف ومن لا يستوعب ذلك فإن في نفسه مرض ولا تهمه مصلحة الترجي الرياضي بتاتا ولن يغفر عشاق الأحمر والأصفر هذه المرة كل من تخوّل له نفسه التلاعب بمصلحة ناديهم وعرقلة مسيرة فريق أكابر كرة القدم ، لقد آمن رئيس الترجي الرياضي بمدربه مهما كان اسمه ومنحه ثقته ومن واجب الجميع العمل على جني كل ما هو إيجابي من هذا القرار لأن الخاسر الأكبر لن يكون بن يحيى ولا دي مورايس بل الترجي الرياضي وجماهيره التي تأمل في العودة القوية لفريقها خلال مرحلة الإياب وخاصة في تظاهرة رابطة الأبطال .