حاورته: صباح توجاني بعد مرور أسبوع على وقوعها، مازالت تداعيات العملية الإرهابية التي استهدفت المتحف الوطني بباردو تستاثر باهتمام التونسيين وبانتباه السياسيين الذين يسعون اليوم الى تقديم المقترحات الكفيلة بالقضاء على آفة الإرهاب الذي انضاف الى سجل ضحاياه أكثر من 20 ضحية أغلبهم من السياح... في لقاء جمع «التونسية» به طرح عبد الرزاق الهمامي الأمين العام لحزب العمل الوطني الديمقراطي رؤية حزبه الى مكونات الخطة الإستراتيجية الواجب الإتفاق حولها في الحرب على الإرهاب معتبرا أن المعركة شاملة او لا تكون تتضمن كافة جوانب الحياة من تربية ودين وثقافة وسياسة وصولا الى المعالجة الأمنية والعسكرية. ويعتقد ضيف «التونسية» انه من واجب كافة التونسيين الإنخراط في الحرب على الإرهاب في إطار احترام القانون ومراعاة للمصلحة الوطنية التي تقتضي الإنصهار في الجهود الإستعلامية واحكام اليقظة ورفع درجتها القصوى خاصة في المناطق الداخلية والأرياف بما يساهم في تضييق الخناق على الجماعات المسلحة التي باتت تشكل تهديدا صارخا لرموز الدولة ولاقتصادها وموارد رزق شعبها. قال السيد عبد الرزاق الهمامي: «نعتقد ان تونس تمر بمرحلة دقيقة من تاريخها، ولا يزال الحراك الثوري فيها متواصلا وأهدافه الكبيرة لم تتحقق بعد باستثناء هدف الحريات العامة والفردية والحريات السياسية وحرية التعبير، ما عدا ذلك فإن مجمل المطالب ذات الطابع الاجتماعي والمتعلقة خاصة بالتشغيل والتنمية وتحسين الخدمات العامة وإصلاح منظومتي التربية والصحة لا تزال اهدافا لم تدرك بعد... بل ان حقيقة الاوضاع في هذه المجالات قد ازدادت تدهورا. ومن العوامل التي زادت الوضع تفاقما ظهور آفة الارهاب وتمدّدها وانتشارها داخل البلاد الى جانب تدني مستوى الاحساس بالمسؤولية لدى شرائح واسعة من الطبقة السياسية التي لا تزال تضع مشاريعها وبرامجها الضيقة الفئوية والشخصية احيانا قبل مصلحة الوطن. نحن في تونس نعيش ازمة حقيقية لا يمكن تجاوزها الا بمساهمة كل الأطراف المسؤولة والواعية بدقة الظرف وأهمية التجند لإخراج البلاد من ازمتها المربكة والمركّبة بجوانبها الأمنية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية. وهل تعتقد ان الأمر ازداد سوءا بعد حادثة المتحف الوطني بباردو؟ - عملية باردو هي جريمة ارهابية غير مسبوقة في تونس، وهي تحمل دلالات متعددة، حيث استهدفت رمزا من رموز السيادة الوطنية وألحقت ضررا فادحا بقطاع اقتصادي حيوي للبلاد الا وهو السياحة،،، وعملية باردو دخل من خلالها الإرهاب الى ساحة فعل نوعية في قلب العاصمة وألحقت خسائر بشرية جسيمة من ابناء تونس وضيوفها. هذا الأمر جعل الوضع الداخلي ينتقل من مواجهة عمليات ارهابية محدودة ومعزولة في مناطق حدودية أو على تخومها الى حالة حرب صريحة ومعلنة وهو مضمون الشعار الرئيسي لخطاب رئيس الدولة في عيد الإستقلال وهو عيد وطني تم استهدافه عشية الاحتفال به من طرف العناصر الآثمة. واعتقد ان حالة الحرب تقتضي الإنتقال من وضع الى آخر من رد الفعل الى رد الهجوم الشامل على الإرهاب فكرا وممارسة.. مواقع ومنفذين وحاضنة... وهو ما يستوجب القطع نهائيا مع التمشيات الرخوة المترددة واحيانا الملتمسة للأعذار والمبررة للإرهاب ... فلا شيء يبرر الإرهاب... فالقمع لا يبرر الإرهاب وغياب العيش الكريم لا يبرر الإرهاب... فما اكثر العناصر الإرهابية الشرسة التي اتت من اعرق البلدان الديمقراطية ومن اكثر المجتمعات رفاهة وهي معضلة تعيشها اليوم الدول الأوروبية باعتبار ان الإرهاب كارثة عالمية. نحن في «حزب العمل الوطني الديمقراطي» ندعو الى مواجهة الإرهاب بصلابة ودون ادنى تردد لكن في اطار دولة القانون وما تضمنه الجمهورية المدنية من حقوق...هذه الحقوق التي طالما استخف بها الإرهابيون واعتبروها جزءا من المنظومة «الكافرة»..تماما مثل استخفافهم بالحضارة والثقافة وهو ما يفسر ارتكابهم لجرائم القتل داخل المتحف الوطني بباردو رمز الحضارة التونسية وابداعها وجمالها. انها معركة النور والثقافة والتقدم ضد الظلام والجهل والتخلف. ما هي مقترحات حزبكم من أجل القضاء نهائيا على هذا السرطان القاتل وكيف السبيل الى اعطاء دفع للمؤسستين الأمنية والعسكرية من اجل انجاح الحرب على الجماعات المارقة على القانون؟ - هذه الحرب وللأسف الشديد فرضت علينا فرضا وهي تستدعي من القيادة السياسية للبلاد ممثلة في رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة ورئاسة مجلس نواب الشعب وكافة هياكل إدارة الشأن العام في البلاد ضبط خطة استراتيجية لمواجهة الإرهاب. وهنا يطرح «حزب العمل الوطني الديمقراطي» ان تتضمن هذه الخطة مراجعة كل القيادات الأمنية... وذلك على ضوء ما يثبته التحقيق الذي طالبنا به والذي نريده تحقيقا منصفا وعميقا لا يتوقف عند الوقائع السطحية بل يجتث الإخلالات من جذورها ويستبعد بحزم أي تجاذب أو ولاء سياسي داخل الأجهزة الأمنية للدولة ويراجع بعدل وانصاف ملفات المبعدين من الكفاءات التي تستحق العودة لمباشرة مهامها من جديد والإسهام بفاعلية في خطة هيكلة مصالح امن الدولة وتفعيلها لتواجه حقيقة اننا في حالة حرب. لقد كثر الحديث عن ضرورة التنسيق بين مختلف الأسلاك المنخرطة في الحرب على الإرهاب استشرافا واستعلاما وتنفيذا ميدانيا...ونحن صلب حزب العمل الوطني الديمقراطي نؤكد على وجوب تظافر الجهود على الميدان وتسريع وتسهيل التواصل الإستعلاماتي بين اجهزة مكافحة الإرهاب مع احتفاظ كل جهاز منها بخصوصياته والتركيز على تنسيق التدخل الميداني. كما نطالب بشيء آخر وهو رفع درجة اليقظة المواطنية الشاملة ونقلها الى جهات البلاد داخل الولايات والمعتمديات وتشكيل وحدات مقاومة الإرهاب على المستوى الجهوي والمحلي. الى جانب بعث خلايا استعلام ومراقبة مؤلفة من موظفين منصهرين صلب الأحياء والأرياف بدون مقرات معلومة وضمن شبكة اسناد حقيقي..فكل التونسيين مطالبون بالإنخراط في هذه المعركة وهي معركة الدفاع عن الوطن، بمراقبة كل شارع وكل حي ومنطقة في الحواضر أو البوادي،،، فالإرهاب يضربنا في مختلف المواقع واجهزة الدولة الرسمية عاجزة عن تغطية كامل ترابنا الوطني ونحن مطالبون بالمساهمة في هذه التغطية ارشادا وتصديا عمليا وليس وشاية للحاكم مثلما كان عليه الأمر في دولة الإستبداد بل هو واجب وشرف...للقضاء على طيور الظلام. نحن نواجه منظومة للإستشراف والإستعلام مساندة وحاضنة للإرهاب تنتشر في هذا الفضاء الجغرافي الواسع وتتخذ من عديد الأكشاك العشوائية ونقاط الإرتكاز المموهة ادوات لها ،،، ورأيناها تتحرك ممهدة للعمليات ومساندة لها ومحتفلة بنجاحها. ماذا يعني لك الإنتقال من مواجهة الإرهاب الى الحرب المعلنة عليه؟ - المعركة، حسب رايي، يجب ان تمضي الى العمق بكل ابعادها وهذا هو معنى الإنتقال من المواجهة الى الحرب الشاملة على الإرهاب والتي يخوضها الشعب وهو على وعي بما يفعل،،، وتتحمل فيها الأجهزة الأمنية والعسكرية للدولة مسؤولية الدفاع المباشر وتطبيق القانون وخوض المعركة الميدانية. وهو امر يقتضي تأهيل أعوان المؤسستين العسكرية والأمنية وتكوينهم التكوين الضروري والجيد والمناسب وشحذ قدرات الإستشراف بضخ دماء جديدة وتوفير كافة مستلزمات هذه الحرب التي لا أولوية تسبقها،،، فهي على رأس أولوياتنا الوطنية. برايك ماذا سيضيف مؤتمر وطني للإرهاب الى حربنا ضد هذا السرطان؟؟؟ - لقد كثر الحديث عن المؤتمر الوطني لمكافحة الإرهاب،،، ونحن في حزب العمل الوطني الديمقراطي مع تنظيم هذا المؤتمر الذي يجب ان يتم الإعداد له جيدا من خلال استكمال الإطار القانوني لمواجهة الإرهاب وأعني إصدار قانون الإرهاب، ومن خلال ضبط الجوانب الأمنية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والدينية التي تحتاج الى مراجعة عاجلة بما يضمن توجيهها الى نشر الوعي لدى شبابنا وتعريفه بالأسس السمحة لديننا الحنيف وتقوية اللحمة الوطنية لديه. ان هذه الحرب تقتضي فعلا من وجهة نظر حزبنا تجسيد وحدة وطنية في مواجهة الإرهاب تنخرط فيها كافة الأطراف السياسية ومكونات المجتمع المدني وكافة الفاعلين على أساس قواسم مشتركة تجسد وحدة الإرادة الشعبية في الدفاع عن تونس وعن نظامها الجمهوري وعن دولتها المدنية وعن سلمها الأهلي ومناعة الوطن».