للمرة الثالثة على التوالي في ظرف سنتين يتعرض سوق المنصف باي بالعاصمة للاحتراق، حيث نشب في الساعات الاولى من صباح اليوم وتحديدا عند السابعة والنصف حريق ضخم طال عددا من المحلات المتخصصة في بيع الأجهزة الالكترونية من هواتف نقالة ولاقطات رقمية وآلات طبخ وتدفئة وغيرها من المواد والآلات الكهربائية التي يشتهر ببيعها هذا السوق. ومن ألطاف الله انه لم تسجل خسائر بشرية خصوصا أن الحريق اندلع لحظات قليلة بعد التحاق عدد من التجار بمحلاتهم، غير أن الخسائر المادية كانت جسيمة حيث قدر الباعة المنتصبين بهذا السوق من الذين تضررت بضائعهم الخسائر بمئات الملايين دون اعتبار خسائر الفضاء الذي تضرر بالكامل وهوت جدرانه، والتحم سقفه بالارض. وحال علمها بالحريق هرعت وحدات الحماية المدنية باقليم تونس معززة بشاحنات اطفاء كبيرة وسيارات اسعاف الى مكان الحريق بالسوق حيث تواصل اخماد الحريق الى حدود الساعة الثانية بعد الظهر. وذكر مصدر من الحماية المدنية ان الحريق طال قرابة 20 محلا لبيع الالات الالكترونية، مشيرا في ذات السياق الى انه حال الاعلام بالحريق تم استنفار عدد كبير من اعوان الحماية المدنية للسيطرة على النيران اضافة الى تسخير سبع شاحنات اطفاء وسيارة اسعاف للنجدة تحسبا لإصابات بشرية، ملاحظا ان المدير العام لديوان الحماية المدنية تحول على عين المكان للاطلاع على الحادثة ومواكبة عمليات اخماد الحريق. ومباشرة اثر اطفاء الحريق قامت الوحدات الامنية بتأمين محيط الحريق مؤذنة بفتح بحث تحقيقي في الحادثة لتحديد الملابسات التي حفت بها. وقد عاينت «التونسية» حضور عناصر من الشرطة العلمية والفنية الذين قاموا بمعاينة مسرح الحريق وأخذ بعض العينات للتحري ولاصدار تقريرهم لاحقا. وفي تصريح اعلامي، اكد رضا الصامد المدير الجهوي للأمن باقليم تونس أنه تمت السيطرة على الحريق الذي نشب بأحد أجزاء سوق المنصف باي وسط العاصمة مشددا على انّه لا يمكن تحديد القيمة الجملية للخسائر أو أسباب إندلاع الحريق الى حين الانتهاء من الابحاث. كما هرع اعوان الشركة التونسية للكهرباء والغاز إلى المكان وشرعوا في اصلاح الأضرار التي لحقت بشبكة الكهرباء واعادة التيار الى بقية الاجزاء التي نجت من الحريق والى مركز الامن الموجود داخل السوق. من جهتهم اعرب عدد من التجار عن عميق تأثرهم للخسائر التي لحقتهم كما رووا بعض التفاصيل التي رافقت الحادثة، حيث قال محمد الشافعي قنيش بائع متخصص في بيع مواد الكترونية و«المعسل» ان ألسنة النار انطلقت بعد التحاق عدد من التجار بمحلات عملهم بحوالي نصف ساعة، مضيفا والتأثر باد على محياه: «انا اصيل جلمة وتاجر بسيط أعيل من محلي عائلتين في منطقة جلمة من ولاية سيدي بوزيد، بعد التحاقي بالعمل سمعت نداء استغاثة ومن ثم لمحت ألسنة النيران تنطلق من حائط مجاور فما كان من اغلب الباعة إلاّ الهرولة إلى خارج السوق دون ان يفلحوا في انقاذ حتى مائة مليم..» وعن أسباب الحريق قال عمّ محمد ان هناك من يرجع الأسباب الى تماس كهربائي وتابع قائلا: «ان كان بفعل فاعل سيعرف وان كان بسبب الكهرباء سنعرف ولا احمل المسؤولية لاي شخص ..والحمد لله على كل حال..». أما فيصل الطاهري فقد حمّل مسؤولية تتالي الحرائق بسوق المنصف باي الى مختلف الاطراف المتدخلة من تجار في السوق وبلدية ووزارة الداخلية ووزارة التجارة والصناعة مشيرا إلى أنه كان عليها تحسين شبكة الربط وترفيع سعة الضغط دون ان ينسى البلدية التي قال إنه كان عليها ابلاغ الستاغ بتزايد عدد العاملين في السوق قصد الترفيع في كبلات الكهرباء وتحسين الربط..» وتساءل فيصل عن غياب نقابة او هيكل تسند إليه مهمة متابعة شواغل السوق والباعة قائلا: «لا اعلم لماذا لا توجد نقابة تعنى بمشاكل الباعة ومتطلبات السوق وتسهر على حسن سير ظروف عمله..اعمل منذ سنتين في السوق ولم اسمع حديثا عن هيكل كهذا. هي فكرة شخصية واتمنى ان تستحدث..» من جانبه لم يستبعد نادر الاخضر تاجر في السوق مختص في اصلاح وبيع اللاقطات الرقمية (برابول) وبطاقات الاشتراك في القنوات التلفزية المشفرة ان يكون الحريق جراء تماس كهربائي قائلا :«90 بالمائة من اسباب الحريق هي الكهرباء، فحسب ما اعلمني به من سبقني الى السوق فإن الحريق اندلع مباشرة بعد اعادة الكهرباء من قبل حارس السوق حيث ان الكهرباء تقطع على السوق بعد الانتهاء من العمل وتعود بعودتنا..» ودعا صابر الى ضرورة مراجعة الربط بالشبكة الكهربائية وتحسين البنية التحتية وتوعية الباعة بضرورة اخذ الحيطة والحذر عند فتح محلاتهم الى غير ذلك مضيفا: «هذا الحريق والحرائق التي سبقت اسبابها تتشابه وهي تماس كهربائي يمكنكم زيارة بقية اقسام السوق وستلاحظون هشاشة الربط وتداخل الخيوط الكهربائية وتشابكها، هناك ضعف كبير في الربط وأنا أدعو إلى مراجعة كل ذلك». أحمد فضلي