التونسية (تونس) يعكف مجلس نواب الشعب على الإعداد لمشروع الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص لعرضه في جلسة عامة وقد انطلق هذا النوع من الشراكات في تسعينات القرن العشرين، وظهر في العديد من الدول مثل بريطانيا والهند وروسيا وكندا وأستراليا. يزداد الطلب في الوقت الحالي على هذا النوع من الأعمال نظراً لعدم كفاية الاستثمارات الحكومية في الدول، والطلب المتزايد على مشاريع البنية التحتية نظراً للزيادة المطردة في عدد السكان. وعلى مدى العقدين الماضيين، تم توقيع ما يزيد عن 1400 شراكة بين القطاعين العام والخاص في الاتحاد الأوروبي؛ وقد بلغ إجمالي رأس المال لهذه الشراكات حوالي 260 بليون أورو ومنذ بداية الأزمة المالية العالمية عام 2008، انخفض عدد الشراكات بين القطاعين العام والخاص بنسبة تزيد عن 40 %. جاء في تقرير للجنة الأوروبية حول الشراكة بين القطاعين العام والخاص أن الاستثمار في البنية التحتية للقطاع العام يعتبر وسيلة مهمة للحفاظ على النشاط الاقتصادي. نتيجة للدور الكبير الذي تلعبه الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تطوير البنية التحتية للقطاع العام، إضافة لدرجة تعقّد مثل هذه المعاملات وقد، تأسس مركز الخبرة الأوروبي في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص لدعم قدرة القطاع العام على تنفيذ هذه الشراكات ومشاركة الحلول الملائمة للمشكلات المشتركة المتعلقة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص في أوروبا في الوقت الملائم و توفر الشراكة بين القطاعين العام والخاص منظوراً فريداً للتعاون والجوانب الشبكية للإدارة العامة. والتطور في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، كمفهوم وممارسة، هو نتاج للإدارة العامة الحديثة التي ظهرت أواخر القرن العشرين والضغوطات التي فرضتها العولمة. ويعكف حاليا قسم الدراسات والتوثيق بالاتحاد العام التونسي للشغل على تحديث دراسة حول الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص ستعلن عن رفض المنظمة لأي مشروع شراكة بين القطاعين المذكورين. وبينت الدراسة التي أعدها اتحاد الشغل أن الحكومة تعتزم عرض هذا المشروع في ظل غياب رؤية شاملة للخيارات الاقتصادية المستقبلية وتخوفات المجتمع المدني ورجال الاقتصاد من انعكاساته السلبية خصوصا في ظل ضعف قانون الصفقات العمومية وتواضع القدرات التقنية والموارد البشرية زيادة على غياب الإطار الهيكلي والقانوني لمثل هذه البرامج. ويأتي احتراز الاتحاد على هذا المشروع بسبب تخوفات من أن تكون برامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص ذات كلفة عالية مقارنة بالمصادر الأخرى لتمويل الاستثمارات العمومية على غرار القروض والاستثمار المباشر حيث تبين العديد من المعطيات والتجارب المخاطر التي قد تتأتى من مثل هذه المشاريع كارتفاع ضغط الديون العمومية وتحمل الدولة لتبعات فشل هذه البرامج أو إفلاس المؤسسات الشريكة. ومن المنتظر أن يكشف قسم الدراسات لاتحاد الشغل فشل العديد من التجارب بعدما ثبت أن هذه الشراكة لا تولي أهمية للجوانب الاجتماعية والبيئية حيث ترتفع فيها نسب تسريح العمال وتفتح مجالا واسعا لتفشي أشكال التشغيل الهش . وكان خبير الاتحاد العام التونسي للشغل منجي الاسماعلي قد صرح أن الشراكة بين القطاعين العمومى والخاص خوصصة مقنّعة وأن أسوأ ما فيها أن تشمل هذه الشراكة خدمات عمومية وحيوية مثل الصحة والتربية ومجالى المياه والكهرباء فيصبح الامر خطيرا . واوضح ان العقود بين القطاعين العمومى والخاص تنطلق من البناء وصولا الى الاستغلال ويمكن ان تكون لها فى هذه الحالة انعكاسات على اسعار الخدمات المسداة الى المواطنين الذين يعانون من تراجع فى قدراتهم الشرائية. وبيّن خبير الاتحاد ان الظرف الحالى لا ييسر ارساء مثل هذا النوع من الشراكة وانه يتعين سحب مشروع القانون المتعلق بالشراكة بين القطاعين العمومى والخاص مؤقتا الى حين تطهير مناخ الاعمال الذى مازال غير شفاف وفق تقديره. كما اشار الى انه سيقع استثناء المؤسسات الصغرى والمتوسطة التى تعد ركيزة للاقتصاد التونسي لفسح المجال أمام الشركات الكبرى عندما يتعلق الامر بالمشاريع الكبرى. وأضاف أنه يوجد غموض وعدم وضوح فى العقود المبرمة بين الدولة والشراكات الخاصة داعيا الى تنظيم حوار وطنى حول الشراكة بين القطاعين العمومى والخاص.