مجلس نواب الشعب : جلسة عامة غدا الثلاثاء للنظر في اتفاق قرض بين تونس والبنك الإفريقي للتنمية    سعر "علّوش العيد" يصل 1800 دينار بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    عاجل/ وزير اسرائيلي: نحن بصدد احتلال غزة وعلى الإسرائيليين تقبّل كلمة "الاحتلال"    الرابطة المحترفة الاولى : برنامج الجولة 29    سليانة: 2735 تلميذا وتلميذة من 22 مؤسسة تربوية يشرعون في إجراء اختبارات البكالوريا التجريبية    عاجل/ قتلى في اصطدام سيارة تونسية بشاحنة ليبية    عاجل/ حملة أمنية في سيدي حسين تُطيح بعناصر خطيرة مفتّش عنها    محمد رمضان يشعل جدلا على طائرته    تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي.. تونس تتلقى هبة يابانية    تونس تتلقى هبة يابانية تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي    رفض مطلب الإفراج عن النائب السابق وليد جلاد في قضية فساد مالي    الدورة الاولى لتظاهرة 'حروفية الخط العربي' من 09 الى 11 ماي بالقلعة الصغرى    الرّابطة الثانية : برنامج مباريات الدُفعة الثانية من الجّولة 23.    دوّار هيشر: السجن 5 سنوات لطفل شارك في جريمة قتل    تونس تحصد 30 ميدالية في بطولة إفريقيا للمصارعة بالدار البيضاء منها 6 ذهبيات    الهند توقف تدفَق المياه على نهر تشيناب.. وباكستان تتوعد    بداية من الغد: اضطراب وانقطاع توزيع المياه بهذه المناطق..#خبر_عاجل    المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة في زيارة عمل إلى تونس بيومين    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع الى المرتبة 36    وفد من هيئة الانتخابات في رومانيا لملاحظة الانتخابات الرئاسية    الإدارة العامة للأداءات تُحدد آجال إيداع التصاريح الشهرية والسنوية لشهر ماي 2025    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    عاجل/شبهات تعرّض سجين للتعذيب ببنزرت: هيئة المحامين تُعلّق على بلاغ وزارة العدل وتكشف..    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    كل ما تحتاج معرفته عن ''كليماتيزور'' السيارة ونصائح الاستعمال    تقلبات جوية متواصلة على امتداد أسبوع...تفاصيل    مفتي السعودية يوجه رسالة هامة للحجاج قبل انطلاق الموسم بأيام    بطولة مدريد المفتوحة للتنس للأساتذة: النرويجي كاسبر رود يتوج باللقب    البطولة الفرنسية : ليل يتعادل مع مرسيليا 1-1    عاجل : دولة عربية تعلن عن حجب 80% من الحسابات الوهمية    محرز الغنوشي: حرارة صيفية الظهر وأمطار منتظرة    ترامب يأمر بفرض رسوم بنسبة 100% على الأفلام غير الأمريكية    الرحيلي: الأمطار الأخيرة أنقذت السدود... لكن المشاكل الهيكلية مستمرة    العثور على جثث 13 موظفا من منجم للذهب في بيرو    سوريا.. انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف ب"الهاون"    معرض تونس الدولي للكتاب: الناشرون العرب يشيدون بثقافة الجمهور التونسي رغم التحديات الاقتصادية    بوسالم.. فلاحون يطالبون بصيانة و فتح مركز تجميع الحبوب بمنطقة المرجى    بورصة تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث الأداء بنسبة 10.25 بالمائة    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين.. إقبال محترم على معرض الكتاب    الرابطة الثانية (الجولة العاشرة إيابا)    معرض تونس الدولي للكتاب يوضّح بخصوص إلزام الناشرين غير التونسيين بإرجاع الكتب عبر المسالك الديوانية    بوشبكة.. حجز أجهزة إتصال متطورة لدى اجنبي اجتاز الحدود بطريقة غير قانونية    طقس الليلة.. أمطار رعدية بعدد من الجهات    ثنائية مبابي تقود ريال مدريد لمواصلة الضغط على برشلونة المتصدر بالفوز 3-2 على سيلتا فيغو    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    رفع اكثر من 36 الف مخالفة اقتصادية الى أواخر افريل 2025    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    النفيضة: حجز كميات من العلف الفاسد وإصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    سوسة: الإعلامي البخاري بن صالح في ذمة الله    لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.أحمد القديدي ل«التونسية»:ليس للحكومة إلاّ«ميني إصلاحات»
نشر في التونسية يوم 22 - 05 - 2015


مافيا إعلامية مالية وراء التلاعب بتصريحات المرزوقي
«وصاية» قطر على تونس كذبة
الركوب على البورقيبية استحضار للأرواح والشعوذة السياسية
حوار: أسماء وهاجر
من هو صانع القرار الحقيقي في تونس؟ وما حقيقة سعي قطر لفرض «وصايتها» على تونس؟ وماذا عن اتهامها بلعب ادوار قذرة في ليبيا وسوريا؟ ماهي أكبر أخطاء القيادات التاريخية ل«الترويكا»؟ ما سرّ تواصل استنزاف الارث البورقيبي من طرف ثلة من السياسيين ؟هل الائتلاف الحكومي الحالي حقيقي أم اصطناعي فرضته نتائج الصناديق؟كيف بدت الديبلوماسية التونسية في مائة يوم؟؟؟ هذه وغيرها كانت موضوع حوار «التونسية» مع الدكتور احمد القديدي -سفير سابق بقطر ومعارض سابق ومن مؤسسي اتحاد الكتاب التونسيين تحمّل مسؤوليات عديدة في العهد البورقيبي، وقد بيّن فيه أن المستقبل لا يبشر بخير وأن هذه التحالفات ستنفجر لأنها ذات حدود حزبية وليست ذات هموم مصيرية. بالإضافة إلى تسلل «أهل الردة والمصالح الدخيلة» كما يسمّيهم إلى مواقع السلطة منتجة «كوكتيلا» متفجّرا يهدّد مستقبل البلاد حسب رؤيته.
تفاصيل الحوار في السّطور التالية:
تُعتبر من أكثر رجال السياسة في تونس معرفة بقطر وبسياساتها ولذلك يهمنا أن نسمع رأيك في ما سمّاه البعض محاولات قطرية لفرض وصاية علي تونس؟
- هذه فريّة أطلقتها لوبيات إسرائيلية منذ خمسة أعوام والتقطتها وروجتها أوساط عربية تتلاقى مصالحها مع مصالح الإحتلال الإسرائيلي والإستبداد العربي وهي فرية لأنها تسوق بمنهج البروباغندا والحرب النفسية أي أن مروجيها العرب لا يقدمون أي برهان أو دليل وإنما يكررون شعاراتها مرات عديدة حتى تصبح الفريّة كأنها حقيقة. وهؤلاء يعرفون أن الجماهير العربية تميل أكثر للتصديق لا للتحقيق. السبب الحقيقي وراء الهجوم الجائر على دولة قطر هو أن قطر بادرت إلى تقديم مساعدات مالية وديبلوماسية ضخمة لإعادة إعمار قطاع غزة وسعت إلى تقريب الشقة بين «فتح» و«حماس» بعد أن قامت قطر بتقديم العون العملاق من أجل إعادة إعمار جنوب لبنان وهو ما لا ينساه الإخوة اللبنانيون. كما قامت بمجهودات موفقة لحل المعضلة اللبنانية بانتخاب الرئيس سليمان وقامت منذ عشر سنوات بحل المشاكل السياسية والإقتصادية باقليم دارفور وتجنيب السودان ويلات الحرب الأهلية ومن جهة أخرى تحركت الجمعيات الخيرية لمساعدة المسلمين المضطهدين من غير العرب في كل القارات بدون منّ ولا أذى. وأكبر الهجمات والتشكيكات جاءت من لوبيات متعاطفة مع الإحتلال الإسرائيلي مع الأسف وقد اندهشت لأن أحد أعضاء المجلس التشريعي التونسي استشهد ببيان وقعه 23 عضوا من الكونغرس ضد قطر وهو لوبي الأعضاء المناصرين لإسرائيل. ثم لا ننسى أن قطر بفضل قناة «الجزيرة» منذ عشرين عاما هي الرائدة في التحول لا الإعلامي فقط ولكن الحضاري في العالم العربي حين فتحت شاشتها لوجوه المعارضات العربية التي كانت مقموعة فبدأ التغيير السياسي من هناك وأنا عشته كمعارض تونسي منفيّ من بين آلاف المنفيّين العرب. وحين بدأت الثورات كانت الجزيرة في المقدمة لفضح القمع وتعرية الإستبداد وهذا لن تغفره لوبيات الثورات المضادة. كما أن قطر أجارت المثقفين الملاحقين وأوتهم لأن نخبة قطر تؤمن بديبلوماسية المبادئ لا بديبلوماسية المصالح وما الذي كان يمنع قطر أن تنغلق على العالم بفضل ثرواتها مثل سلطنة بروناي التي لا يسمع بها أحد ولا يشتمها أحد ؟ عوض أن تتحمل مسؤولية حضارية في تغيير المنكر العربي وإغاثة المستضعفين ؟
ما حقيقة الدور الذي تلعبه قطر في تونس وليبيا وسوريا ؟
- الموقف القطري في ليبيا معروف منذ انطلاق ثورة شعبية ليبية ضد دكتاتور حكم على مدى 43 سنة وهو الوقوف إلى جانب إرادة الشعب الليبي ولكن نظام الفاتح (كما يسمى) عوض أن يستجيب للمطالب المشروعة وينحاز إلى نهج الحوار وتشريك الشعب في التغيير اختار سبيل القمع والقصف وكانت المواقف في منظمة الأمم المتحدة والقوى العظمى والقوى الإقليمية تتجاوب مع طموحات الشعب الليبي في فرض الحصار الجوي منعا للقصف العشوائي ثم التدخل من قبل حلف الناتو للرد على القمع. وأنا لست قطريا ولم يفوضني أحد للدفاع عن الموقف القطري ولكني كأكاديمي مهتم بالشأن السياسي والعلاقات الدولية أدرك أن الموقف القطري استجاب لواقع مواقف أغلب الجماهير العربية ورغبتها العارمة في تغيير منكر الطغيان. وقد تم ذلك في ليبيا ومصر وتونس واليمن ولا يختلف الوضع السوري عن الوضع الليبي ولكنه رغم طول المأساة سينتهي إلى نفس النهاية بعد أن تنجلي الفوضى وتستقر الشعوب وسيدرك الغافلون من بني العرب كم كان لقيادة دولة قطر من الريادة في تحرير العقل العربي من عقاله. أما في تونس فقد كنت في سنة 2010 أمثّل بلادي سفيرا وعرفت عن كثب مدى احتضان الإخوة القطريين لمطالب التغيير الديمقراطي والرغبة في إعانتنا على إنجاز المشاريع الكبرى وما تزال العلاقات بين الدولتين وثيقة وصادقة وواعدة رغم تلك الأصوات الناشزة المكررة للفرّيات والأوهام.
ما تعليقك على الحوار الاخير للدكتور المنصف المرزوقي ؟
- المرزوقي صديقي منذ عقود وهو رجل مبادئ ومناضل من أجل حقوق التوانسة والناس عموما وحين تحمّل مسؤوليات سياسية إرتكب أخطاء كغيره ممن لا يعرف آليات الدولة ولكن ما وقع من التلاعب بتصريحاته أعتبره خطرا لا على المرزوقي بل على بلادنا وهو يدل على تشكل مافيات إعلامية مالية تريد فرض أجنداتها على تونس.
ما رأيك في طريقة استعمال رمزية بورقيبة من طرف السياسيين ؟
- الزعيم بورقيبة جزء من تاريخ تونس الحديثة وعهده صفحة انطوت وعلى شباب تونس أن يكتب تاريخ بلاده بصدق وموضوعية لا إعادة إنتاج البورقيبية بكل مكاسبها وكل أخطائها. فهذه العملية التي تتشكل أمام أعيننا هي بمثابة إستحضار الأرواح والشعوذة السياسية لكن الحقيقة هي أن بعض الأزمات التي نعيشها هي نتيجة سوء التقدير في الخيارات التي سنها بورقيبة والتي تفاقمت مع خرفه وتشبث البطانة بشبح بورقيبة وهو في خريف العمر. وتونس ولودة ولم تصب بالعقر حين مات الزعيم بل من مصلحة بلادنا الإعتبار بتاريخ الرجل لا تحويله إلى أصنام تخدم مشاريع تغريبية لقيطة.
من هو صانع القرار الحقيقي في تونس بعيدا عن شعارات السياسيين؟
- لا أرى قرارا حتى أقول لكم من هو صانعه ؟ مع الأسف نحن في وضع جديد طارئ لا نزال نتلمس فيه طريقنا بعد الإنتخابات لتطبيق برنامج للتنمية والتشغيل لكني لم أر جرأة في تحقيق الإصلاحات الكبرى والإستعجالية بل رأيت كجميع المواطنين أن النخبة الحاكمة ضيّعت شهرين كاملين تبحث عن رئيس للجنة برلمانية هل هو الرحوي أم الدهماني؟ وشهرين تناقش هل الخمر حلال أم حرام؟ وهل الطالبي مجتهد أم مجنون؟ عوض الشروع السريع في تغيير القوانين منتهية الصلوحية والتي أساءت للناس مثل قانون أملاك الدولة التي يجب أن توزع على العاطلين لا أن تكون عبئا على الدولة وقانون المناطق الحدودية التي يجب أن تتحول إلى مناطق تجارة حرة وقانون الأحوال الشخصية الذي فكك الأسرة التونسية ومزق الروابط التي كانت تُؤسس على المودة والرحمة. فعجزت المحاكم اليوم عن فض «الحروب الأهلية العائلية» التي تفرّدت بها تونس دون العالمين وقانون القطاع العام الذي قتلوه لفائدة القطاع الخاص المتغول وقانون الديوانة الذي نخر اقتصاد البلاد (وخاصة سيارات المقيمين في الخارج) وقانون العدل الجبائي وقانون الثروات النفطية وإصلاح برامج التربية والتعليم وتفادي إفلاس صناديق التقاعد.....و غير هذه القوانين التي كبلت تونس وجعلت منا مجتمعا مغلقا وموثوق اليدين!! فالحكومة ليس لها مشروع حضاري بل (ميني إصلاحات) طفيفة لن تحل معضلات بلادنا.
ما هي أكبر اخطاء قيادات «الترويكا» سابقا وأغلبهم كما اطلقت عنهم رفقاء محنة ؟
- مثل أخطاء النظامين البورقيبي والنوفمبري تماما فقد انتخب الناس «النهضة» تعاطفا مع تضحياتها وايمانا أنها ستمكّن تونس من استعادة بعض هويتها المفقودة لكن نخب «النهضة» فرطت في جل ثوابتها الى درجة القول بأن الفصل الأول من الدستور كاف وواف وهي تعلم وأنا أعلم (لأننا عشنا معا سنوات الجمر والمنفى) بأن لا شيء في هذا البند تحقق منذ 1957 فلا تونس نظامها جمهوري لأنها كانت ملكية ولا الدولة دينها الإسلام لأننا حاصرنا القيم الاسلامية وحولناها إلى مجرد طقوس ولا الدولة لغتها العربية فحتّى أعضاء الحكومة يتكلّمون بالفرنكو أراب الهجين ! أخطاء «الترويكا» هي أساسا الخوف من الإقدام على الإصلاحات الجوهرية وإضاعة الوقت الثمين في الجري وراء الكراسي والمصالح الحزبية.
هل وجود «النهضة» اليوم في الحكم رغم محاصرة الاسلام السياسي هو دليل نجاحها رغم جراح الحكم؟هل حقيقة أن فضل استمرارها من بركات رئيسها الغنوشي؟
- لدينا خصوصيات تونسية بفضل تاريخ البلاد نحو ثلاثة آلاف سنة ولا يمكن بأية حال إلغاء حساسية إسلامية بجرة قلم اللهم إلا إذا أصبحنا فاشيين جددا وأنتم ترون أن ظاهرة «داعش» انتشرت في ثلثي العراق وسوريا وليبيا واليمن وعديد البلدان الإفريقية وفي سيناء مصر بسهولة عجيبة بما تحمله من عنف وعنفها جزء من عنف اللانظام العالمي فحتى الأزياء البرتقالية أخذتها «داعش» من غوانتانامو وأبوغريب أي من العنف الأمريكي. وهذه الظاهرة لا تعترف لا بالإخوان ولا بالنهضة ولا بأيّة طريقة سلمية للوصول الى الحكم! ولا تنسوا أن الشباب التونسي يشكل أكثر الجنسيات تواجدا في داعش ! لأن الخطر هو أن نوصد الأبواب في وجوه الشباب التونسي ولن يجد أمامه سوى الخيار بين الهجرة للموصل أو الهجرة لجزيرة بانتليريا .
كيف تقيم سياسة الائتلاف الحكومي بعد أن اجتمع النهضويون مع خصومهم التاريخيين البورقيبيين بعيدا عن خطابات التوافق الاصطناعي؟
- سبق أن قلت لكم أنه بطبيعة تسلسل الأحداث لم يحدث وفاق حقيقي حول مشروع حكم أو برنامج حكومة بل الإقتصار على تشكيل ما سمّوه إئتلافا حزبيّا لتقاسم الوزارات ومقاعد البرلمان حسب نتائج الإنتخابات التشريعية وهو ما كان يمكن النخبة الفائزة من التوافق على مشروع شامل للخروج من أزمات البلاد بإنجاز الإصلاحات الكبرى. ولكن هذا بقي على ما يبدو خارج دائرة تفكير النخب مع الأسف فأين هي ملامح خارطة طريق التمنية والتشغيل وتوزيع الجهود والمكاسب بالعدل بين الجهات وبين الطبقات ؟ وإذا ما تشبث البعض بالإرث البورقيبي والبعض الآخر بالفكر النهضوي وانحصرت المعارضة في الايديولوجية الماركسية لحزب حمة الهمامي فالمستقبل لا يبشر بخير وستنفجر هذه التحالفات لأنها ذات حدود حزبية وليست ذات هموم مصيرية. بالإضافة إلى تسلل أهل الردة والمصالح الدخيلة إلى مواقع السلطة فإن الكوكتيل المتفجر يصبح مهددا للمستقبل.
وأنت سفير سابق كيف تقيّم الاداء الديبلوماسي في ما يسمى بامتحان ال100يوم ؟
- لا أشك في حسن نوايا الطيب البكوش فهو من معدن المناضل الأصيل لكن عِلَلَ الديبلوماسية التونسية أكثر من أن يواجهها بمفرده فبعض الاحتقانات تأتي من نقابة الوزارة التي تعتقد أن مهمتها هي فقط ترقية الموظفين إلى سفراء ومن بعض أعضاده الذين أساؤوا بتصريحات غير مسؤولة لدول شقيقة ومن الروتين القديم الذي يميز الوزارة وهو ما يفسر التخبط في المواقف الذي أساء لبلادنا وسمعتها وعطل المشاريع الكبرى بين بلادنا وبلدان شقيقة والتي برمجت حتى من قبل الثورة. وأسأنا التعامل مع الحالة الليبية خاصة ونحن معنيون أساسا بالأمن على حدودنا ولدينا مئات الآلاف من التوانسة هناك ومئات الآلاف من الأشقاء الليبيين في تونس.
الدهاء الغربي عجيب لأن يمينه العنصري يريد الربط بين عنف الجماعات المتطرفة ومبدإ وحدة المسلمين كيف ذلك؟
- ليس اليمين المسيحي واليهودي وحدهما المنخرطان في مقاومة مبدإ الوحدة الإسلامية فلديهما وكلاء وسماسرة من بين المسلمين الذين يتمعشون من الفتنة الكبرى الثانية بين المسلمين فيربطون بين عنف بعض الجماعات الإسلاموية وبين فكرة الخلافة. بينما يصنف العالم اليوم إلى تكتلات كبرى أُنشأت على أساس عقائدي ديني وهذا التصنيف ليس من عندنا بل من المفكر الامريكي من أصل يهودي الشهير (صامويل هنتنجتن) صاحب نظرية «صدام الحضارات». فالعالم اليوم سنة 2015 يتشكل من خلافة أوروبية كاتوليكية (الإتحاد الأوروبي) وخلافة أنجليكانية (الولايات المتحدة الأمريكية) وخلافة أورتودكسية (اتحاد الجمهوريات الروسية) إلى جانب خلافة كنفوشية (الصين) وخلافة هندوسية (شبه القارة الهندية) بينما الوحدة الإسلامية التي هي مؤسسة الوحدات العقائدية وأطولها عمرا في التاريخ وهي الخلافة الإسلامية ممنوعة ومجني عليها ! وللذي يكذبني ويرفع شعار (الدولة الحديثة) أقول له إن الإتحاد الأوروبي خلافة دينية بأتم معنى الكلمة (أي ناد مسيحي) وإلا لماذا يمنع تركيا المسلمة من عضويته منذ 50 عاما ؟ ولماذا نجد نصف قبرص اليوناني المسيحي عضوا فيه والنصف التركي المسلم محروم من عضويته ! إن المسلم هو الوحيد الذي لا يجد من يدافع عنه إذا قُتل أو أُضطهد فليس له كالمسيحي فاتيكان وكاليهودي إسرائيل وكالكنفوشي الصين وكالهندوسي الهند. عشرات الآلاف من المسلمين أحرقوا أحياء في إفريقيا الوسطى والشيشان وإقليم شانغ يانغ الصيني ولا مؤسسة عقائدية تحميهم ! إنه وضع غير طبيعي ومخالف لما يسمى النظام العالمي الجديد.
أنتم تعتبرون أن نجاة المسلمين من المؤامرات والتهميش في تكوين اتحاد إسلامي على أسس حديثة. ألا يعيدنا هذا المفهوم إلى مفهوم الخلافة والحكم الشمولي الكهنوتي؟ ما الفرق بين الخلافة وبين اتحاد اسلامي؟
- عالم اليوم هو بالضرورة عالم تكتلات كبرى وقوية وجميع الأمم أدركت هذه الحقيقة البديهية إلا نحن المسلمون! وأذكر أن عالم القانون المصري أبو الدساتير العربية عبد الرزاق السنهوري قدم لجامعة السوربون بباريس رسالة الدكتورا سنة 1924 بعنوان (الخلافة الإسلامية وكيف نجسدها في القرن العشرين) ونشرت الرسالة بالفرنسية في باريس سنة 1928 ثم ترجمت للعربية في التسعينات لأني حرضت ابنته الدكتورة وزوجها الدكتور توفيق الشاوي على ترجمتها وهي عمل أكاديمي متميز وشديد الأهمية كتبها السنهوري في نفس السنة التي شهدت سقوط الخلافة العثمانية ولدي الأدلة على أن الأوروبيين استلهموا منها لإنشاء الإتحاد الأوروبي. واذكر أن الزعيم بورقيبة والملك الفاضل فيصل بن عبد العزيز اشتركا عام 1966 في إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي لمواجهة قومية عبد الناصر لأن الزعيمين يؤمنان بأهمية الوحدة الإسلامية.
وفكرة الخلافة هي أصل العلاقة بين الله والإنسان وهي تعني أن الله سبحانه يجعل في الأرض خليفة أي يحقق في دنياه ما أمره الله به كأنه وريث الملك والمؤتمن على رسالة النبي صلى الله عليه وسلم . قال الله تعالى:
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.
و لا فرق بين معنى الخلافة ومعنى الوحدة وهي ليست وحدة كهنوتية ولا روحية محض ولكنها تكتل سياسي واستراتيجي وتكامل اقتصادي وتنسيق تربوي وثقافي أي في الحقيقة درع قوي مكين لحماية حقوق المسلمين ومصالحهم وحرياتهم في عالم لا يعيش فيه إلا القوي الأمين. وديننا هو دين تسامح واذكروا أن إسما من اسماء الله الحسنى هو (السلام) وإلقاء التحية في الإسلام هو (السلام عليكم) أما المنسلخون الذين يرضون المذلة للغرب ولقيمه فهم يتنكرون للهوية ويقاومونها لأنهم مصابون باحتقار الذات ويعتقدون أن الغرب هو أستاذنا يعلمنا الحضارة بينما هو تلميذنا يتعلم منا الحضارة منذ عهد ابن رشد والرازي وابن خلدون والخوارزمي مؤسس علم الكسور الذي أسسوا عليه الكمبيوتر وحرفوا اسمه في نظريته فسموها (اللوغاريتم) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.