قدم رئيس الحكومة الحبيب الصيد في ثاني جلسة مساءلة أمام البرلمان حصيلة المائة يوم من عمل حكومته مشيرا إلى أنّ تقييم عمل الحكومة وتوجيه سهام الانتقاد والحكم على النوايا انطلق منذ اليوم الأول. وقال رئيس الحكومة أنّ الحكومة واجهت بمجرد مباشرتها مهامها وضعيات حرجة وأحيانا طارئة عملت على معالجتها تباعا على غرار الوضع الأمني الصعب والوضعين الاجتماعي والاقتصادي الدقيقين إضافة إلى وعيها بانتظارات التونسيين . وفي ما يتعلق بالملف الأمني أكّد الصيد وعي الحكومة بخطورة الوضع في البلاد في وعملها على التصدي للإرهاب وتسوية وضعية المساجد الخارجة عن نطاق القانون، مضيفا أن خطر الإرهاب مازال قائما داعيا التونسيين إلى الوقوف صفا واحدا وراء المؤسستين الأمنية والعسكرية. وذكرّ الصيد بانجازات المؤسستين الأمنية والعسكرية اللتين وجهتا ضربات نوعية للمجموعات الإرهابية مشيرا الى أن ذلك مكنها من المرور من مرحلة رد الفعل الى مرحلة العمليات الامنية الاستباقية معلنا مواصلة العمل على تجفيف منابع الإرهاب واسترجاع ما تبقّى من جوامع ومساجد خارج سيطرة الدولة، خاصّة بعد استعادة جامع الزيتونة المعمور. المصالحة الوطنية والتصدي للفساد الصيد الذي بدا مصرا على المصالحة الوطنية دعا إلى ضرورة تحقيق المصالحة مع رجال الأعمال التونسيين، بشكل يضمن حقوق الدّولة، والمجموعة الوطنية، ويحرّر أصحاب الأعمال من الضغوطات، ويضع حدّا لحالة الضبابية، والانتظار المتواصلة منذ أكثر من أربع سنوات، على حد تعبيره. وفي سياق متصل شدد رئيس الحكومة أيضا على أنه لا مجال للعيش مع الفساد والفاسدين في تونس، مشيرا إلى تعهّد الحكومة بالقضاء على هذه الآفة وعدم تسامحها مع الممارسات التي تخرّب الوطن، معلنا عن الشروع في إعداد جملة من القوانين بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي في هذا الصدد. الوضع الإقتصادي والاجتماعي وحول صعوبة الوضعين الاجتماعي والاقتصادي استعرض رئيس الحكومة جملة من المؤشرات مشيرا الى أن نسبة التضخّم تراجعت خلال شهر ماي الماضي ب 0.4 نقاط مقارنة بشهر أفريل لتبلغ 5.3 %، وهي أقل نسبة تضخّم شهري منذ بداية السنة الحالية، وذلك بفضل إعادة تنشيط كُلٍ من المجلس الوطني لحماية المستهلك واللجان الجهوية للتحكم في الاسعار، إلى جانب تكثيف المراقبة الاقتصادية بمختلف مسالك التوزيع، ومواصلة تجميد أسعار المواد الأساسية المدعّمة. ولفت رئيس الحكومة إلى أن عددا من المهربين استغلوا الاحتجاجات السلمية لتوتير الأوضاع والتحريض على العصيان لخلق حالة من الفوضى من أجل تشتيت جهود الوحدات الأمنية والتمكّن من إدخال المواد المهربة والأسلحة إلى التراب التونسي، مضيفا أنّ التهريب تحوّل من سلوك فردي إلى عصابات منظّمة. واعتبر رئيس الحكومة أن تونس تواجه خطر الإرهاب والتهريب الذي أثر على موارد الدولة وتنافسيّة المؤسسات الاقتصاديّة المهيكلة. وتحدّث الحبيب الصيد عن الحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطن، والتحكم في الأسعار ومكافحة الاحتكار، والمضاربة، لافتا إلى أنه تمّ خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الحالية لتسجيل منحى تنازلي ا لمؤشر الأسعار عند الاستهلاك العائلي لمجموعة المواد الغذائية. كما أكّد الحبيب الصيد أنّ الحكومة قامت بتشخيص شامل للوضع الاقتصادي والاجتماعي والمالي للبلاد، وقد أدركت أنّ الأوضاع صعبة ودقيقة وتتطلب اجرءات عاجلة من أجل التصدي للمخططات التي تستهدف كيان الدولة . وأضاف أنّه لن يسمح بالفوضى والتطاول على القانون «فلا أحد فوق القانون مهما علا شأنه»، متابعا «أنّنا جميعا في مركب واحد وإنّ من واجب الجميع دون استثناء العمل اليد في اليد من أجل تذليل الصِّعاب التي تواجهه، والوصول به إلى برّ الأمان». ملامح منوال التنمية القادم وكشف رئيس الحكومة عن أهم ملامح منوال التنمية الذي تنكبّ الحكومة على إعداده للسنوات الخمس القادمة مؤكدا أنه لا يمكن تحقيق معدّل نمو يفوق 5 % دون إصلاحات اقتصادية كبرى على المدى المتوسّط. وقال الحبيب الصيد أن هياكل الوزارات منكبة على صياغة وثيقة توجيهية لمشروع منوال التنمية الجديد، التي ستُعرض على استشارة موسّعة. مشيرا الى أن المنوال التنموي المنشود يرتكز على التكامل والترابط بين القطاع العمومي، والقطاع الخاص، والاقتصاد الاجتماعي التضامني. وأضاف ان المنوال يرتكز على القطاعات والأنشطة ذات القيمة المضافة، والمحتوى التكنولوجي والرّقمي، وعلى تنويع قاعدة الاقتصاد الوطني، بما يمكّن من الترفيع في نسق النموّ وتوسيع آفاق التشغيل خاصة لفائدة أصحاب الشهائد العليا. و أكد الحبيب الصيد على أن الحكومة تنكب أيضا على دراسة جملة من الإصلاحات لصالح الإقتصاد الوطني منها وضع إطار قانوني ومؤسّساتي جديد للشّراكة بين القطاعين العام والخاصّ وهيكلة البنوك العمومية وتحسين آليات التمويل العمومي للاقتصاد، الى جانب إصلاح النظام الجبائي والإدارة وإصلاح الماليّة العمومية وتبسيط الإجراءات الإدارية، وخاصة المتّصلة بالمعاملات الاقتصادية والاستثمار. ودعا الصيد إلى هبّة وطنية، قوامها حُسنُ النية والثقة المتبادلة وتعميق الوعي بصعوبة المرحلة ومتطلباتها، وتهيئة الشروط الكفيلة بالتفرّغِ لكسب الرهانات القائمة.