نبيل عمار في زيارة لشركتيْن تونسيتيْن في الكامرون    هذا فحوى لقاء رئيس الجمهورية بوزير الثقافة الإيطالي..    وفاة الصحفي كمال السماري    حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ بهذه الولاية..    تونس: إمضاء اتفاقية تمكن صغار مربي الماشية من إقتناء الأعلاف الخشنة    صفاقس : خطأ عند الانتاج أم تحيل على المستهلك    بطولة الرابطة المحترفة الأولى: النتائج والترتيب    دورة مدريد: أنس جابر تنتصر على الكندية ليلى فرنانديز    6 مليارات لتسوية ملفّات المنع من الانتداب…فهل هيئة المخلوفي قادرة على ذلك    طقس الليلة    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    وزير الثقافة الإيطالي: نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس    تامر حسني يعتذر من فنانة    ملكة جمال ألمانيا تتعرض للتنمر لهذا السبب    أمين قارة يكشف سبب مغادرته قناة الحوار التونسي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو إلى تنظيم تظاهرات طلابية تضامنًا مع الشعب الفلسطيني    مصر.. تصريحات أزهرية تثير غضبا حول الشاب وخطيبته وداعية يرد    وزيرة الاقتصاد والتخطيط تترأس الوفد التونسي في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية    صادم/ العثور على جثة كهل متحللة باحدى الضيعات الفلاحية..وهذه التفاصيل..    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    ملامحها "الفاتنة" أثارت الشكوك.. ستينيّة تفوز بلقب ملكة جمال    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    سيدي حسين : قدم له يد المساعدة فاستل سكينا وسلبه !!    وزيرة التربية تطلع خلال زيارة بمعهد المكفوفين ببئر القصعة على ظروف إقامة التلاميذ    دورة اتحاد شمال افريقيا لمنتخبات مواليد 2007-2008- المنتخب المصري يتوج بالبطولة    فرنسا تعتزم المشاركة في مشروع مغربي للطاقة في الصحراء    استقرار نسبة الفائدة الرئيسية في تركيا في حدود 50%    بي هاش بنك: ارتفاع الناتج البنكي الصافي إلى 166 مليون دينار نهاية الربع الأول من العام الحالي    بنزرت: الافراج عن 23 شخصا محتفظ بهم في قضيّة الفولاذ    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم السبت 27 أفريل    المجلس المحلي بسيدي علي بن عون يطالب السلطات بحل نهائي لإشكالية انقطاع التيار الكهربائي    خبير تركي يتوقع زلازل مدمرة في إسطنبول    عاجل/ نحو إقرار تجريم كراء المنازل للأجانب..    استشهاد شابين فلسطينيين وإصابة اثنين آخرين بنيران الاحتلال الصهيوني غربي "جنين"..#خبر_عاجل    هوغربيتس يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة.. ويكشف عن مكانه    عاجل/ الحوثيون يطلقون صواريخ على سفينتين في البحر الأحمر..    كيف نتعامل مع الضغوطات النفسية التي تظهر في فترة الامتحانات؟    أخبار الملعب التونسي ..لا بديل عن الانتصار وتحذير للجمهور    "حماس" تعلن تسلمها رد الاحتلال حول مقترحاتها لصفقة تبادل الأسرى ووقف النار بغزة    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    طقس الليلة    عاجل/ ايقاف مباراة الترجي وصانداونز    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    تونس تسعى لتسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لليونسكو    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    منظمات وجمعيات: مضمون الكتيب الذي وقع سحبه من معرض تونس الدولي للكتاب ازدراء لقانون البلاد وضرب لقيم المجتمع    تقلص العجز التجاري الشهري    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحبيب الصيد يكشف: الاقتصاد الموازي يتسبب لنا بخسائر بقيمة مليار دينار سنويا
نشر في باب نات يوم 05 - 06 - 2015

قال رئيس الحكومة الحبيب الصيد في جلسة مسائلته في مجلس الشعب اليوم الجمعة أن الاقتصاد الموازي يتسبب للاقتصاد الوطني بمليار دينار خسائر سنويا.
واكد الصيد ان بعض العصابات استغلت الفوضى الاجتماعية والامنية لتهريب البضائع مضيفا " التهريب لم يعد سلوكا فرديا بل ظاهرة عامة تديرها عصابات ... .
وقال الحبيب الصيد ان حكومته تعمل على هيكلة الاقتصاد الوطني لمواجهة الظاهرة.
من جانب اخر قال الصيد ان الحكومة لن تسمح بالابتزاز ولي الذراع مضيفا "أقولها صراحة وبكل وضوح اننا لن نقبل بالابتزاز وسياسة لي الذراع ولن نسمح بالفوضى والتطاول على القانون ولا احد فوق القانون مهما علا شانه ".
وأضاف الصيد " على الجميع العمل في صف واحد لمواجهة المشاكل القائمة لاننا في قارب واحد".
و أعلن الصيد وجود مخاطر تهدد استمرار واستقرار الدولة على غرار ظاهرة الإرهاب التي تهدف إلى زعزعة أمن الوطن واستقراره وبث الفوضى وضرب الاقتصاد الوطني وتعطيل حركيّة التنمية والتقدّم.
وقال الصيد ان الحكومة واجهت كذلك وضعا اقتصاديا وماليا متردّيا تفاقم من سنة إلى أخرى ظهرت تجلياتُه في ضُعف نسبة النموّ وتعمّق أزمة المالية العمومية وتدهور التّوازنات، وخطورة الوضعية المالية لأغلب المؤسّسات والمنشآت العمومية وتراجُعٍ ملحوظْ للتّرقيم السيادي لتونس.
كما تحدث الصيد عن استفحال الفساد والرشوة مشير الى قيام الدولة بعدة اجراءات لمواجهة الملف.
كما قال الصيد انه أسس لجنة مع الاتحاد العام التونسي للشغل لمواجهة المشاكل الاجتماعية الكبيرة.
وأشار رئيس الحكومة الى جهود الدولة في مواجهة الإرهاب والتطرف والجماعات المسلحة غرب البلاد.
كلمة رئيس الحكومة السيد الحبيب الصيد اليوم امام مجلس نواب الشعب
بسم الله الرّحمان الرّحيم
والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين
السيد رئيس مجلس نوّاب الشعب،
السيدات والسّادة، نوّاب الشعب،
يشرّفني أن نلتقي مجدّدا لعرض عمل الحكومة خلال الأيام المائة الأولى منذ نيل ثقة مجلسكم الموقّر.
كما يشرّفني أن أقدّم لكم، ومن خلالكم، للتونسيين والتونسيات، الخطوط العريضة لتوجّهات الحكومة، وبرنامجها في الفترة القادمة.
نلتقي اليوم وبلادنا تعيش حركيّة متعدّدة الأبعاد، قوامها السّعي الدّؤوب من أجل تجسيم أهداف ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي، ثورة الحرية والكرامة.
حركيّة عِمادها تكريس مبادئ، ومضامين دستور 27 جانفي 2014، تأسيسا لنظام جمهوري، ديمقراطي، تشاركي، يرتكز على عُلويّة القانون، واحترام الحرّيات، وحقوق الإنسان، واستقلالية القضاء، والمساواة في الحقوق والواجبات، ويقطع مع الظلم والحيف والفساد.
حركيّة غايتها نبذ الإحباط واليأس، وإعادة الاعتبار لقيمة العمل وفتح أبواب الأمل.
نلتقي اليوم وقد انطلقنا في تنفيذ ما وعدنا به من إجراءات، وتجسيم ما تعهّدنا به من إصلاحات. ولم تثننا الصّعوبات عن تحويل بلادنا إلى ورشة مفتوحة في عديد المجالات.
- مؤسّسة أمننا الجمهوري، استعادت عافيتها، ودورها الطبيعي في حفظ الأمن العام وحماية الأفراد والمؤسسات، وأبلى جيشنا الوطني البلاء الحسن في الدفاع عن الوطن، وحقّقنا إنجازات مشهودة في مقاومة الإرهاب وبسط الأمن والاستقرار.
- العشرات من المشاريع المعطّلة في البنية الأساسية، والمرافق الجماعية، والخدمات العمومية، يتقدّم إنجازها بخطى حثيثة. كما تمّ الشروع في إنجاز عديد المشاريع الأخرى في مختلف الجهات.
- صورة تونس اليوم في العالم ازدادت إشراقا، ومسارها الديمقراطي محلُّ إشادة وإعجاب، وهنالك استعداد'' كبير لدعم التعاون مع بلادِنَا على كافّة المستويات.
السيد رئيس مجلس نوّاب الشّعب،
السيدات والسادة نوّاب الشعب،
لا يَخفى عليكم أنّ فترة الأيّام المائة الأولى لا تعدو أن تكون فترةَ إمهال. من المفروض أن يُتركَ فيها المجال للحكومة كي تُنظِّمَ دواليبها، وتُحكِمَ سيَر عملها ببلورة أولويّاتها، وتحديدِ أهدافها دون ضغوطاتٍ أو تعطيلات.
لقد بدأ تقييمَ عمل الحكومة، ووُجّهت لها سِهام الانتقاد، وحتى الحُكم على النّوايا منذ الأسبوع الأوّل من تشكيلها.
تقبّلنا كلَّ ذلك بصدر رحب، واعتبرناه من تجلّيات الديمقراطية، وحرية الرّأي والفكر والتّعبير التي نحرص على صيانتها وترسيخها.
لقد واجهتْ الحكومة منذ اليوم الأوّل لمباشرتها مهامها وضعياتٍ حرجة، ومستجدّاتٍ ظرفيّة، وأحداثا طارئة، كان الانكبابُ عليها والعملُ على معالجتها تِباعا لا مناص منه للتّخفيف من وطأتها.
وجدنا وضعا أمنيّا صعبا، وظرفا اقتصاديا واجتماعيا دقيقا، فضلا عن كثرة الانتظارات والتطلّعات، أضف إلى ذلك الاستحقاقات والتعهّدات السابقة التي كان لزاما علينا الإيفاءُ بها، من منطلق إيماننا بتواصل الدّولة واستمراريّتها.
لقد كُنّا واعين بحجم التّراكمات، مُدركين لجسامة الرّهانات والتحدّيات.
قبِلنا تحمّل المسؤولية استجابة لنداء الواجب، نداءِ وطننا، متوكّلين على الله، معوّلين على طاقاتنا الوطنية، آملين في تضافر جهود الجميع: حكومة وأحزابا ومنظّمات وطنية ومجتمعا مدنيا.
وقد آلينا على أنفُسنا بذل قُصارى الجُهد حتّى نظلّ في مستوى الأمانة، وأوفياءَ لتضحيات شهداء الوطن.
وأؤكد في هذا الإطار أنّنا كحكومة، حريصون كلّ الحرص على الكشف عن كافّة ملابسات جريمتَيْ اغتيال الشهدين شكري بلعيد ومحمّد البراهمي.
لقد عاهدناكم وعاهدنا شعبنا بأن نكون صريحين صادقين، عاملين دون كلل أو فتور، من أجل تثبيت أركان الجمهورية الثانية، وترسيخ دعائمها.
وإنّنا بالعهد موفون، وللأمانة حافظون.
السيد رئيس مجلس نوّاب الشّعب،
السيّدات والسّادة نوّاب الشعب،
لقد بادرت الحكومة منذ مباشرتها لمهامها بالقيام بتشخيص شامل للوضع الأمني والاقتصادي والمالي والاجتماعي للبلاد.
وأدركنا أنّها أوضاع صعبة ودقيقة، تتطلّب إجراءات عاجلة عملية، لإيقاف النزيف الذي يهدّد القطاعات والانشطة الحيوية، والتصدّي للمخطّطات التي تستهدف كيان دولتنا ومؤسّساتنا ونمطنا المجتمعي. أوضاع صعبة تتطلّب إقرار الإصلاحات الهيكلية الضرورية، وضبطَ الخيارات والتوجّهات المستقبلية، التي من شأنها أن تستجيب لاستحقاقات ثورة الحرّية والكرامة.
في مقدّمة الأخطار الجسيمة ظاهرة الإرهاب الذي يهدف إلى زعزعة أمن وطننا واستقراره، وبث الفوضى وضرب الاقتصاد الوطني وتعطيل حركيّة التنمية والتقدّم.
وإلى جانب خطر الإرهاب واجهت الحكومة وضعا اقتصاديا وماليا متردّيا، تفاقم من سنة إلى أخرى، ظهرت تجلياتُه في ضُعف نسبة النموّ وتعمّق أزمة المالية العمومية، وتدهور التّوازنات، وخطورة الوضعية المالية لأغلب المؤسّسات والمنشآت العمومية، وتراجُعٍ ملحوظْ للتّرقيم السيادي لتونس.
واستفحلت ظاهرة التجارة الموازية ممّا أثّر سلبا على موارد الدّولة وتنافسية المؤسسات الاقتصادية المهيكلة.
يكفي في هذا السّياق أن نشير إلى أنّ الاقتصاد الموازي يتسبّب في خسارة للدّولة تتجاوز المليار دينار سنويّا.
كما تدنّت مقوّمات الحوكمة الرشيدة بما تعنيه من حُسن تصرّف، ونجاعة ومساءلة، وحسن آداء المنظومة القانونية، وتفعيل آليات الرّقابة. وهو ما أدّى إلى تفشّي التقصير، والإخلالات والفساد في عديد القطاعات. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يُبرز التدقيق الأوّلي للتصرّف في الأملاك المصادرة، غيابَ الشفافية، وضُعفَ مصداقية البيانات المتوفّرة، وضُعف التنسيق بين مختلف المتدخلين، وعدم تفعيل العديد من قرارات لجنة التصرّف.
ومن جهة أخرى تفاقمت ظاهرة التهريب التي أصبحت تمثّل خطرا مُحدِقا بالاقتصاد الوطني وبأمن البلاد واستقرارها.
وقد وقفنا على تشكّل ظاهرةٍ تَحوَّل معها التهريب من سلوك فردي إلى عصابات منظّمة يتداخل فيها تهريب البضائع مع تهريب المواد الخطرة والأسلحة.
وبيّنت التحرّيات أنّ عددا من المهرّبين استغلّوا احتجاجاتٍ سلمية، لتوتير الأوضاع، والزيادة في الاحتقان، والتحريض على العصيان قصد خلق حالة من الفوضى والفراغ وتشتيت جهود الوحدات الأمنية والتغطية على ما يقومون به من عمليات تهريب.
السيد رئيس مجلس نوّاب الشعب،
السيدات والسادة، نوّاب الشعب،
إلى جانب هذه الاشكاليات والإخلالات والمخاطر، واجهت الحكومة ، وضعا اجتماعيا صعبا، يتّسم بكثرة وتواتر الإضرابات، مردّها عديد التراكمات والمطالبة بتفعيل اتفاقيات سابقة، أو إبرام اتفاقيات قطاعية جديدة، ذات انعكاسات ترتيبية ومالية، لا تقدر الدّولة على تحمّل أعبائها.
كما تعدّدت الإضرابات العشوائية، وغير المؤطَّرة، وهو ما يثير التساؤل حول خلفيات هذه الانفلاتات وأجندات الذين يقفون وراءها.
وعلى صعيد آخَر، تعدّدت التحرّكات الاحتجاجية للمطالبة بالتشغيل المباشر، فضلا عن التحرّكات من أجل المطالبة بالحقّ في التنمية والعيش الكريم.
كلّ ذلك نتفهّمه وإن كان مبالغًا فيه أحيانا.
لكن ما لا يُمكن قَبولَه بأيّ حالٍ من الأحوال الاضرابات العشوائيّة وتعطيل حرّية العمل.
ولئن كنّا ننزّه أصحاب الحقوق، وندرك معاناة العاطلين عن العمل والفئات المهمّشة، ونحرص على ضمان الحقّ في الاحتجاج والتظاهر السّلمي، فإننا ننبّه إلى خطورة وتداعيات ما يعمد إليه البعض من استغلال الاحتجاجات للإعتداء على مراكز السيادة والمرافق العامّة وبثّ الفوضى.
وعلى صعيد آخر، تعطّلت آلة الإنتاج في عدد من القطاعات الحيويّة، ووصلت حدّا مثّل استنزافا للاقتصاد الوطني وتهديدا كبيرا للاستثمار وإحداث مواطن الشغل، ولجهود الدولة من أجل دفع نسق التنمية والنهوض بضعاف الحال.
السيد رئيس مجلس نوّاب الشعب،
السيدات والسادة، نوّاب الشعب،
من البديهي أنّه لا ديمقراطية، ولا تنمية، ولا تقدّم، بدون أمن واستقرار.
لذلك جعلنا من مكافحة الإرهاب أولوية مطلقة باعتبار ذلك شرطا أساسيا لصيانة المسار الديمقراطي، والذود عن مؤسسات الجمهورية، والحفاظ على الحريات العامة والفردية، وحماية مجتمعنا، وتدعيم المناخ الملائم للاستثمار ودفع التنمية.
وقد اعتمدنا مقاربة جديدة تقتضي المرور من مرحلة رد الفعل، الى مرحلة الاستباق والمبادرة في مواجهة هذه الآفة وملاحقة الإرهابيين في أوكارهم.
ووجهت قواتنا الأمنية والعسكرية الباسلة ضربات نوعية قوية للمجموعات الارهابية في إطار عمليات استباقية محكمة الاعداد وتمكنت من الكشف عن مخابئ لأسلحة حربية.
وتمثل العملية النوعية التي نفّذتها وحدات الحرس الوطني بمنطقة سيدي عيش بولاية قفصة أبرز مثال على ذلك.
كما حققت نجاحات هامّة، تمثّلت بالخصوص في تفكيك خلايا إرهابية نائمة، وإيقاف عشرات الإرهابيين وإحالة 590 شخصا على العدالة من أجل الإنضمام إلى تنظيم إرهابي.
وتواصل القوات المسلّحة، بالتنسيق مع قوات الامن الداخلي تعقّب العناصر الارهابية بالمرتفعات الغربية للبلاد للقضاء عليها، وهي تقوم بعمل جبار في هذا المجال لابد أن نعمل على دعمه.
ولا يفوتني أن أترحّم على أرواح شهدائنا من عسكريين وأمنيين، فدوا تونس بدمائهم الزكية، وكانوا من فئة الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
عملنا، حضرات النواب المحترمين، على دعم العمل الأمني، بتوفير المعدات والتجهيزات وتعزيز التنسيق والتكامل بين المؤسّستين الأمنية والعسكرية على مختلف المستويات.
كما قررنا، تشديد المراقبة على الشريط الحدودي مع ليبيا بحواجز مادية على طول 168 كلم، إلى جانب الاستعداد لمواجهة تطوّرات الوضع في ليبيا وتداعياته الانسانية.
وسنواصل من جهة أخرى العمل على تجفيف منابع الإرهاب واسترجاع ما تبقّى من جوامع ومساجد خارج سيطرة الدولة، خاصّة بعد استعادة جامع الزيتونة المعمور، إلى جانب غلق المساجد التي بُنيت بطريقة فوضوية، ودون ترخيص، في انتظار تسوية وضعياتها القانونية.
إنّ كافة الاطراف الوطنية، دون استثناء، مدعوّة إلى تحمّلِ مسؤولياتها كاملة في ضمان تفرّغ المؤسّستين الأمنية والعسكرية، لمجابهة الإرهاب، واجتثاثه من بلادنا، والدّفاع عن حياض الوطن.
ولا بدّ أن يُدرك الجميع، أنّ خطر الإرهاب مازال قائما، وأنّه لا مجال للتراخي، كما أنّه لا بدّ من تفادي كلّ ما من شأنه أن يحول دون تركيز المؤسّستين على مهامهما الأساسية.
إنّ الحرب ضدّ الإرهاب حرب طويلة، كما أكّدتُ سابقا، تتطلّب طول النفس، والتضحية، واليقظة المستمرّة، والجاهزية الدائمة، والوحدة الوطنية المقدّسة، والوقوفَ صفّا واحدا وراء المؤسستين الامنية والعسكرية.
السيد رئيس مجلس نوّاب الشّعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
إن الحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطن، والتحكم في الاسعار ومكافحة الاحتكار، والمضاربة، مثّل بالنسبة إلينا أولوية ملحة، لذلك بادرنا في إطار البرامج العاجلة للحكومة باتخاذ جملة من الإجراءات الرامية أساسا للتحكم في تطور نسبة التضخم.
وقد سجلنا خلال الأشهر الاربعة الأولى من السنة الحالية منحى تنازليا لمؤشر الاسعار عند الاستهلاك العائلي لمجموعة المواد الغذائية. كما تراجعت نسبة التضخّم خلال شهر ماي الماضي ب 0.4 نقاط مقارنة بشهر أفريل لتبلغ 5.3./.، وهي أقل نسبة تضخّم شهري منذ بداية السنة الحالية.
لقد أمكن تحقيق هذا التراجع بفضل إعادة تنشيط كُلٍ من المجلس الوطني لحماية المستهلك، واللجان الجهوية للتحكم في الاسعار، والتوافق مع أهل المهنة بخصوص تخفيضات إرادية، إلى جانب تكثيف المراقبة الاقتصادية بمختلف مسالك التوزيع، ومواصلة تجميد أسعار المواد الأساسية المدعّمة.
وسجّلنا خلال الاربعة أشهر الاولى من هذه السنة 268 قضية في مجال مقاومة التهريب، أبرزها عملية تهريب الشماريخ عبر ميناء صفاقس التجاري.
وسنواصل الجهد وتدعيم التدابير والآليات الكفيلة بالتصدّي لآفة التهريب، وتطبيق القانون في هذا الخصوص على كلّ المخالفين للتشريعات الجاري بها العمل، إلى جانب مزيد تطوير الدّيوانة وتعصير وسائل العمل واعتماد التكنولوجيات الحديثة.
السيد رئيس مجلس نوّاب الشّعب،
السيدات والسادة نواب الشعب،
لقد آلت هذه الحكومة على نفسها أن تكافح الفساد بكل أشكاله، وأقولها اليوم أمامكم بكل وضوح .. لا مجال في تونس ما بعد الثورة للتطبيع والتعايش مع الفساد والفاسدين.
لقد تعهدنا بمحاربة هذه الآفة بكل ضراوة، وسنمضي قُدُما في هذا الاتجاه. فلا يمكن أن نتسامح مع أية ممارسات من شأنها أن تخرّب الاقتصاد الوطني.
وحرصا على تطوير التشريع الخاص بالوقاية من الفساد، تمّ إعداد جملة من مشاريع القوانين بالتّعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبتشريك كافّة الأطراف المتدخّلة.
السيد رئيس مجلس نواب الشعب،
السيدات والسّادة نواب الشعب،
يمثل الحفاظ على السّلم الإجتماعية عاملا أساسيّا من عوامل الإستقرار، وتعزيز المناخ الملائم للإستثمار، ودفع نسق التنمية والنهوض بالتشغيل. وهو ما يتطلّب تضافر جهود الجميع من حكومة، ومنظّمات وطنية، وأحزاب سياسية، ومكوّنات المجتمع المدني.
وقد عملت الحكومة من ناحيتها ولاتزال على تنقية المناخ الإجتماعي من خلال ما تتّخذه تباعا من مبادرات وإجراءات.
ويندرج في هذا السّياق تكوين لجنة ثنائية بين الحكومة والإتحاد العام التونسي للشغل، تولّت دراسة الإتفاقيات المبرمة في الفترة السّابقة. وقد توصّلت إلى تفعيل 17 اتفاقية قدّرت انعكاساتها المالية ب 210 مليون دينار.
ويُبرز تفعيل هذه الإتفاقيات، وغيرِها التي تمّ إمضاؤها في الأياّم الأخيرة للحكومة السابقة، الحرصَ على احترام مبدإ استمرارية الدولة والإيفاء بالتزاماتها.
كما حرصت الحكومة على تحسين الأوضاع المادية لسائر الأجراء، وهو ما يتجلّى بالخصوص من خلال الزيادات الأفقية الموحّدة، في أجور كافة أصناف العاملين في الوظيفة العمومية، والقطاع العام بعنوان 2014 بكلفة قدرها 550 مليون دينار. وقد تمّت مراعاة الأصناف ذات الدّخل المحدود والمتوسّط حيث أنّ نسبة الزيادة تراوحت بين 4./. و 8./. لهذه الأصناف، في حين كانت في حدود 1./. بالنسبة إلى الأصناف ذات الدّخل المرتفع كما تمّ إقرار الترفيع في الأجور الدّنيا لمختلف المهن وذلك بعد التشاور مع المنظمات المهنية المعنية.
وشرعنا من ناحية أخرى، في المفاوضات الإجتماعية بالنسبة إلى سنتي 2015 و2016. وتجدر الإشارة إلى أنّ الماليّة العمومية إذا تواصلت على وضعيتها الحالية لن تسمح بزيادات في الأجور.
وإذ تعمل الحكومة على النهوض بالأوضاع المادية والمعنوية للعاملين بالفكر والسّاعد، فإنه لا مناص في المقابل من الإلتزام الجماعي، بتعزيز أركان السّلم الإجتماعية، والتفرّغ للترفيع في الإنتاج، وتحسين الإنتاجية، والزيادة في الثروة الوطنية.
وتفعيلا لبنود العقد الاجتماعي المُمْضَى في 14 جانفي 2013، لاسيما في ما يتعلّق بإحداث المجلس الوطني للحوار الاجتماعي تمّ عرض مشروع القانون المتعلّق بهذا المجلس على مجلس الوزراء وأُحيل على أنظار مجلسكم الموقر للمصادقة عليه.
ومن أبرز مهام هذا المجلس ضمان استمرار الحوار الثلاثي وانتظامه وشموله، ومتابعة المناخ الاجتماعي العام بالبلاد.
وفي إطار المحافظة على التّوازنات المالية لصناديق الضمان الاجتماعي، وباعتبار الوضعية الحرجة التي تعرفها أنظمة التقاعد، سيقع بالتّشاور مع الأطراف الاجتماعية، دراسة الاجراءات الضرورية العاجلة الواجب اتخاذها، من ضمنها الترفيع الاختياري في سنّ التقاعد في مرحلة أولى، على أن يقع التعمّق في إصلاح منظومة الضّمان الاجتماعي في مرحلة لاحقة.
أما في ما يتعلق بالإحاطة بالأشخاص ذوي الإعاقة وإدماجهم في الدورة الاقتصادية وفي سوق الشغل، فقد تمّ بالخصوص إقرار الترفيع في نسبة انتدابات الأشخاص ذوي الإعاقة بالوظيفة العمومية والمؤسسات والمنشآت العمومية والخاصة من 1 % إلى 2 % .
كما أقرّت الحكومة في إطار الرّعاية الاجتماعية الاجراءات المستعجلة التالية :
- الترفيع في المنحة المسندة للعائلات المعوزة انطلاقا من شهر افريل 2015، من 120 الى 150 دينار للعائلة الواحدة (إجراء يشمل 230 الف عائلة معوزة) .
- إقرار خطة متكاملة للإحاطة بعائلات شهداء الثورة وجرحاها، وسيتم في هذا الخصوص التسريع في إصدار القائمة النهائية لشهداء الثورة ومصابيها، وتحديد سقف زمني لذلك.
وفي سياق آخر وبهدف مزيد حماية حقوق جاليتنا المقيمة بالخارج، وتمتين صلتها بالوطن، بادرت الحكومة باتخاذ جملة من التدابير، منها إعداد مشروع قانون يتعلق بإحداث مجلس وطني للتونسيين المقيمين بالخارج، سيتمّ عرضه على مجلسكم الموقّر.
السيد رئيس مجلس نواب الشعب
السيّدات والسادة نواب الشعب
لقد مثّل إيجاد الحلول للمشاريع المعطّلة، أحد الأهداف الأساسيّة في خطة عمل الحكومة بالنسبة للمائة يوم الأولى، لما لذلك من انعكاس هام على تحسين مناخ الاستثمار، وتنشيط الدورة الاقتصادية والحد من التفاوت الجهوي، وتحسين محيط العيش.
وقد أعددنا في هذا الخصوص، بعد التشخيص المعمق، جدولا مفصلا للإجراءات التي تم إقرارها للبت في كل مشروع وتحديد آجال لذلك .
كما تمّ فضّ بعض الإشكاليات العقارية بالنسبة للطرقات السيّارة.
وتمّ من ناحية أخرى إعلان طلب عروض دولي لاستكمال أشغال القسط الأول من مشروع مدينة الثقافة، وإنجاز القسط الثاني بصيغة المفتاح في اليد وحدّد تاريخ 25 جوان 2015 كآخر أجل لقبول العروض.
أما بالنسبة للسكن الاجتماعي، فقد تم بالخصوص، الاعلان في مارس الماضي عن طلب عروض يضمّ 6 أقساط لبناء 2700 مسكن اجتماعي.
كما تمّ استئناف أشغال 8 مشاريع للتزوّد بالماء الصالح للشراب لفائدة أكثرمن 130 ألف منتفعا، خاصة بولايتي جندوبة وبنزرت والتي كانت متعطّلة منذ أكثر من ثلاث سنوات.
السيد رئيس مجلس نوّاب الشعب
السيّدات والسّادة نوّاب الشعب
لقد شهد الوضع البيئي في بلادنا خلال السنوات الاخيرة تدهورا لافتا، حيث تفاقمت الانفلاتات والانتهاكات البيئية المختلفة.
ولمجابهة هذا الوضع أقرت الحكومة جملة من الاجراءات خلال الثلاثة أشهر الاولى من بداية عملها.
ومن بين هذه الاجراءات: حل معضلة النفايات بجزيرة جربة من خلال انجاز خانة بمنطقة سيدي سالم. وتركيز وحدة ضغط النفايات ولفها والانطلاق في استغلالها منذ نهاية شهر أفريل الماضي، إلى جانب توسيع طاقة استيعاب المصب المراقب ببرج شاكير.
وستشهد الفترة القادمة من هذه السنة، تواصل البرامج والمشاريع في مجال البيئة والتنمية المستدامة، حيث تم، على سبيل المثال، تخصيص استثمارات بقيمة 158 مليون دينار لإنجاز ما يزيد عن 30 برنامجا يشمل عدة مشاريع تهم تدعيم وتهذيب شبكات التطهير، وتدعيم طاقة المعالجة، بالإضافة الى مشاريع تتعلق بتحسين نوعية المياه المعالجة وتهم 24 ولاية.
وسيشمل المشروع الخامس لتطهير الاحياء الشعبية 211 حيّا، موزعة على 22 ولاية منها 13 ولاية ذات أولويّة.
تلك، حضرات النوّاب المحترمين، بعض الإجراءات والتّدابيرالتي تمّ اتخاذها خلال الأيام المائة الأولى. وتجدونها كاملة في الوثائق التي وُزّعت عليكم.
وبقدر الحاجة إلى إجراءات عاجلة وفوريّة، لوضع حدّ لتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فإنّه لا مناص من المضيّ قُدُما على درب الإصلاح والتطوير، وبلورة الرّؤى والتوجّهات المستجيبة لتطلّعات المجموعة الوطنية في مختلف المجالات.
من هذا المنطلق، وتجسيما لما كنّا أعلنّا عنه في رحاب مجلسكم الموقّر يوم 5 فيفري المنقضي، انكبّت الحكومة، إضافة إلى معالجة المسائل المستعجَلة، على بلورة المنوال التنموي، واستحثاث نسق استكمال الاصلاحات المبرمجة، وإثرائها.
السيد رئيس مجلس نوّاب الشّعب،
السيدات والسادة نوّاب الشّعب،
نتّفق جميعا على أنّ المنوال التنموي المنتهج إلى حدّ الآن، قد أثبت محدوديّته، وقصوره عن الاستجابة لاستحقاقات ثورة 17 ديسمبر14 جانفي، ولمتطلّبات المرحلة الحالية والمراحل القادمة.
كما نتّفق على أنه لا مناص من الارتقاء بنسق النموّ بيد أنّه لا يمكن تحقيق معدّل يفوق 5./. دون إصلاحات اقتصادية كبرى على المدى المتوسّط. وهذا الخيار نريده خيارا وطنيا سياديّا نضبِط ملامحه ومضامينَه ورزنامَته وسُبُلَ تجسيمهِ.
وإذ نختار منهج الإصلاح الطّوعي الذي يستجيب لأولوياتنا ومصالحِنا الوطنية. فإنّ منطلق ذلك ومبتغاه جعل مصيرنا بأيدينا، وتفادي الإصلاحات المفروضة من الخارج، مثلما هو حالُ بعضِ البلدان.
ولا بدّ في هذا السّياق من مراجعةٍ جوهريّة للمنظومة الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا، وِفقا لمبادئ النّجاعة والفاعلية والعدالة، بعيدا عن كلّ نظرة دغمائية، أو اعتبارات ايديولوجية.
وستندرج هذه المراجعة وفق رؤية ومنهجية وأهداف واضحة، في إطار المخطط الخماسي القادم (2016-2020) الذي شرعنا في الإعداد له، من خلال الإنكباب على صياغة وثيقته التوجيهية، التي ستُعرض على استشارة موسّعة.
ويرتكز المنوال التنموي المنشود على التكامل والترابط بين القطاع العمومي، والقطاع الخاص، والاقتصاد الاجتماعي التضامني.
كما يرتكز على القطاعات والأنشطة ذات القيمة المضافة، والمحتوى التكنولوجي والرّقمي، وعلى تنويع قاعدة الاقتصاد الوطني، بما يمكّن من الترفيع في نسق النموّ وتوسيع آفاق التشغيل خاصة لفائدة أصحاب الشهادات العليا، منوال، بقدر ما يحفّز على مراكمة الثروة، تلتزم فيه الدولة بضمان الحياة الكريمة لكافة المواطنين والإحاطة اللاّزمة بضعاف الحال وتأمين التنمية المستدامة للأجيال القادمة.
وسيتضمّن المخطط القادم برامج ومشاريع مهيكلة على الصعيدين الوطني والجهوي، وإصلاحات عميقة تشمل عديد المجالات: الأفقية، والقطاعية.
وتتمثل المشاريع الكبرى المهيكلة والبرامج، خاصة في توسيع شبكة الطرقات السيارة في ضوء الدراسات الجارية، والتي ستكون جاهزة مع نهاية السنة الحالية. ونتطلّع إلى أن يمرّ طول الطرقات السيارة من 356 كلم، إلى 1000 كلم في حدود سنة 2020.
كما سيتم بالتوازي توسيع وتطوير شبكة الألياف البصرية.
وستشمل البرامج كذلك، تطوير البنية الأساسية الصناعية والتكنولوجية، خاصة في الجهات الداخلية من خلال تكثيف المناطق الصناعية والأقطاب التكنولوجية، والمراكز الفنية، إلى جانب دعم المناطق اللوجستية والموانئ.
وسيتمّ في السياق ذاته، تجسيم برنامج "تونس الرقمية 2018" الذي سيمتدُّ إلى سنة 2020، بهدف ربط جميع الأسر التونسية بشبكة الأنترنت ذات التدفّق العالي، وتعميم المدرسة الرقمية، وتطوير صناعة المحتويات الرقمية الوطنية ذات القيمة المضافة.
وتتضمّن الخطة التنموية القادمة كذلك: إنجازَ محطاتٍ لتحلية مياه البحر، وتوسيع شبكة الخطّ الحديدي في اتجاه المناطق الداخلية وتهيئة واستغلال ميناءٍ بالمياه العميقة، ومنطقةِ أنشطة لوجستية بالنفيضة، وتطوير مشروع تبرورة، وتعزيز الشبكة الوطنية للكهرباء والغاز.
كما سيتمّ إعدادُ مشاريع جهوية خصوصية، تشمل الجهات الداخلية، وذلك تكريسا لمبدأ التمييز الإيجابي الذي نصّ عليه الدستور.
أمّا في ما يتعلق بالإصلاحات، فقد انكبّت الحكومة على استحثاث نسق الجارية منها وإثرائِها، والشروعِ في إعداد إصلاحات جديدة للمرحلة القادمة.
ومن ضمن الإصلاحات الجارية :
وضع إطار قانوني ومؤسّساتي جديد للشّراكة بين القطاعين العام والخاصّ تتمّة لنظام اللّزمات والصفقات العمومية، هيكلة البنوك العمومية وتحسين آليات التمويل العمومي للاقتصاد، كركائز هامّة لدعم الأُسس المالية للاقتصاد، والمشاريع، والمؤسّسات الخاصة، وتنشيط الاستثمار المحلّي والأجنبي.
إصلاح النظام الجبائي والإدارة المعنية به، وذلك بالإستئناس بالمعايير الدوليّة المكرّسة لمبادئ العدالة والشفافيّة، والضامنة للمساواة بين التونسيين أمام الواجب الجبائي.
إصلاح الماليّة العمومية من حيث البرمجة والتصرّف، والمراقبة والتقييم، عبر برنامج التصرّف في الميزانية حسب الأهداف.
إصلاحات لتبسيط الإجراءات الإدارية، وخاصة المتّصلة بالمعاملات الاقتصادية والاستثمار، وذلك ضمن برنامج "المقصلة الإجرائية" الذي يُغطّي أكثر من 1000 إجراء.
وانطلاقا من الحرص على النهوض بالاستثمار وتحسين مناخه، باعتباره رافعةً أساسية للنهوض الاقتصادي والتنموي شرعنا في إعداد مجلة جديدة للاستثمار، في اتجاه أن تكون مجلة مبسطة، واضحة وشاملة.
وأؤكّد في هذا السياق حرص الحكومة، على تسهيل الاجراءات للاستثمار المحلّي، وتأمين كافّة الضمانات للمستثمرين الأجانب.
وهذه العيّنة من الإصلاحات، ستتلوها إصلاحات أخرى، نحرص على أن تكون محلّ تشاور معمّق.
السيد رئيس مجلس نوّاب الشعب،
السيدات والسادة نوّاب الشعب،
لمّا كان النهوض بمواردنا البشرية يمثّل محطّ الرّهان لتحقيق النُقلة النوعيّة المنشودة على كافة المستويات، فإنّ إصلاح منظومة التربية والتكوين والتعليم العالي يشكّل إحدى الأولويات الأساسية.
من هذا المنطلق، سيرتكز هذا الإصلاح على تطوير مناهج ومضامين التعليم الدّيمقراطي، المجاني، الموحّد، في المدارس العمومية على ضوء الاستشارة الوطنية التي انطلقت للغرض.
كما ستتمّ إعادة هيكلة مراكز التكوين المهني لضمان تلاؤمها مع تطوّر المهن والأنشطة ذات القيمة المضافة والحاجيات المستقبلية لسوق الشغل.
وبالتوازي، سترتكز الجهود على تطوير جودة التعليم العالي بهدف تكريس مقوّمات منظومة، تُنتج المعارف والعلوم، وتَنشرها، وتُطوّر الكفاءات التطبيقية، وترسّخ ثقافة المبادرة، وتُحسّن تشغيلية خريجي الجامعات التونسية.
كما سنتّخذ الاجراءات الكفيلة بإضفاء ديناميكية جديدة على البحث العلمي، عبر وضع خطّة استراتيجية تنهض بمردوديته، وتؤمّن تثمينَ نتائجه.
وسيتدعّم هذا التوجّه بمشاركة تونس في البرنامج الإطاري الأوروبي للبحث والتجديد، "آفاق 2020"، الذي يمتدّ إلى سنة 2020، لتكون بلادُنا بمقتضاه عضوا في مجال البحث العلمي والتجديد للاتحاد الأوروبي، على غرار البلدان الاوروبية وشركائها.
وستشمل حركيةُ الإصلاح، تأهيل القطاع الصحي، من خلال مراجعة الخارطة الصحية، وتحسين نوعية الخدمات، وتطوير مراكز الصحة الأساسية، وتعهّدها بالصيانة، وتجهيزها بالمعدات الضرورية.
كما سيتمّ إحداث أقطاب استشفائية في الجهات الداخلية، تتوفّر فيها الإمكانيات البشرية والمادية الضروريّة، فضلا عن ضمان الخدمات الصحية بالنسبة إلى ضعاف الحال.
وعلى صعيد آخر، ستشمل الاصلاحات التغطية الاجتماعية، والضمان الاجتماعي، ومنظومة الدّعم، وغيرها من الملفّات الوطنية.
من ناحية أخرى، ستحظى تسوية الأوضاع العقارية بأهمية خاصة من خلال مراجعة التشريعات، والتراتيب ذات العلاقة، وفضّ الإشكاليات القائمة، لما لذلك من مردوديّة وانعكاسات إيجابية على الصّعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
تلك، حضرات النوّاب المحترمين، بعض الإصلاحات الجوهرية، التي سنُقدم عليها خلال الفترة المقبلة. وستجمعنا إن شاء الله، مناسبات قادمة لاستعراض مُجمَلِ الإصلاحات المُنتظَرة، والتعمُّقِ فيها.
السيد رئيس مجلس نوّاب الشّعب،
السيّدات والسّادة نوّاب الشّعب،
ويبقى الشباب محورا أساسيا لمجمل السياسات والتوجّهات، لذلك، وإضافة إلى كلّ الإجراءات الأفقية التي تمّ اتّخاذها، أعددنا برنامجا متكاملا لتعميم المؤسسات والفضاءات الشبابية، وتمكينها من التجهيزات التي تستجيب لتطلّعاته وانتظاراته.
كما أعددنا برنامج للنهوض بقطاع الرياضة بصفة عامة ورياضة النخبة على وجه الخصوص، فضلا عن تدعيم المنشآت الرياضية لا سيما في الجهات الداخلية وتعهّدها بالصيانة.
وإيمانا منّا بدور الثقافة، وحرصا على الارتقاء بها إلى المرتبة التي هي بها جديرة، قرّرنا الترفيع في الميزانيات القادمة لوزارة الثقافة والمحافظة على التراث، كما نتعهّد بتوسيع شبكة المؤسّسات الثقافية ودعمها في المناطق ذات الأولويّة.
ومن جهة أخرى فإن الحكومة أحرص ما تكون على مواصلة تجسيم أحكام الدستور ومضامينه، وخاصة في ما يتعلّق بإرساء الهيئات الدستورية المستقلّة، وتكريس اللامركزية، لا سيما من خلال إرساء مقوّمات السلطة المحلية بمختلف مكوّناتها.
وإنّنا حريصون على إعداد النّصوص القانونية والترتيبية وغيرها من الإجراءات لتنظيم الإنتخابات البلدية خلال سنة 2016.
وسنواصل دعمنا لمسار العدالة الإنتقالية لاستكمال مراحلها.
وإنّ بلادنا التي برهنت خلال السّنوات الأربع الماضية على قدرتها على ابتكار حلول توافقيّة لتحقيق الانتقال السياسي الديمقراطي، بما مثّل استثناء في محيطنا الإقليمي، لَقادِرة اليوم على تجاوز الصّعوبات، وإنجاح الإصلاحات، لتحقيق الانتقال الإقتصادي المأمول، وكسب الرّهانات المطروحة.
وتتأكّد في هذا السّياق، ضرورة تحقيق المصالحة مع رجال الأعمال التونسيين، بشكل يضمن حقوق الدّولة، والمجموعة الوطنية، ويحرّر أصحاب الأعمال من الضغوطات، ويضع حدّا لحالة الضبابية، والانتظار المتواصل منذ أكثر من أربع سنوات.
السيد رئيس مجلس نوّاب الشّعب،
السيدات والسادة نوّاب الشعب،
إنّ الحكومة أحرص ما تكون على انسجام مختلف الخيارات والتوجّهات مع أهداف ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي، في إطار دولة تؤمّن التمييز الإيجابي للمناطق المحرومة والفئات المهمّشة، وتضمن كلّ الحقوق الدستورية. دولة تفتح المجال للمبادرة الخاصة وتوفّر لها الحوافز والضمانات. دولة، السيادةُ فيها للشعب، مرجعيتها دستور الجمهورية الثانية وسندها عُلويّةُ القانون.
إنّنا في حاجة إلى مشروعٍ وطني شامل ومتكامل. يجمع بين الواقعيّة والطّموح، تتفاعل أبعادُهُ الحضارية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. يستخلص العبرةَ من أخطاء الماضي ويرسم معالمَ الطريق نحو المستقبل، طريقَ الخلاص من الفقر والخصاصة، وتوسيعِ قاعدة الطبقة الوسطى، وضمانِ الارتقاء في المصعد الاجتماعي، وتكريس قيم الجدارة.
مشروع نريده امتدادا لإسهامات روّاد الإصلاح في بلادنا، ولتطلّعات الأجيال المتعاقبة من الزعماء والمناضلين، وعُصارةَ تفكير جماعي لا يستثني ولا يُقصي أحدا من المؤمنينَ بمبادئ الجمهورية والدّولة المدنية.
إنّه مشروع يُعلي قِيمَ المعرفة والعِلْمِ والعمل، يُبنَى بالتعويل على نُخبنا الوطنية، وكفاءاتنا في مختلَف المجالات، والمثقَّفين، والمبدعين، وقُوى الإنتاج من عمّالٍ وأصحابِ أعمال، مشروع يكون فيه للمرأة الدّور الذي يليق بها والمكانة التي هي بها جديرة.
السيد رئيس مجلس نوّاب الشعب،
السيدات والسادة نوّاب الشعب،
مهما كانت أهمية الإجراءات وقيمة الإصلاحات، فإنه لا معنى لها ولا جدوى منها إذا لم تقترن بالإنصراف إلى العمل والإنتاج.
ولا بدّ من الإقرار في هذا السياق، أننا نشهد في هذه الفترة بالذّات، التي تحتاج فيها بلادنا إلى مضاعفة الجهد على كافّة المستويات، تراجعا كبيرا لقيمة العمل، وتقلّصا للانتاج وتدنّيا للإنتاجية.
وإن كان من المشروع المطالبة بالحقوق، والسّعي إلى الحفاظ عليها، ودعمها، فإنّه في المقابل يتعيّنُ القيام بالواجبات والقطعُ مع كلّ مظاهر التهاون والتسيّب.
وإننا اليوم، أحوج ما نكون إلى إعادة الاعتبار لقيم العمل والبذل، والتشبُّع بثقافة الإتقان والتميّز، ونبذ عقليّة الإبتزاز والتواكل.
إنّنا مدعوون جميعا، إلى هبّة وطنية، قوامها حُسنُ النية والثقة المتبادلة وتعميقُ الوعي بصعوبة المرحلة ومتطلباتها، وتهيئةُ الشروط الكفيلة بالتفرّغِ لكسب الرهانات القائمة.
كما أنّ من مسوؤلية الجميع، ترسيخُ أركان الدولة ومؤسساتها، وتدعيمُ هيبتها، وتفادي كُلَّ ما من شأنه أن يعطّل دواليبَها، ويُربك أداءَاها.
إنّ هَوَانَ الدولة، يعني الاستعاضةَ عنها بالتنظيمات الموازية والعصابات المُنظَّمة واستشراءَ الفوضى.
كما أنّ ضُعفَ الدولة يعني فقدان الأمان وانكماشَ الاستثمار وتفاقم البطالة والخصاصة.
إنّنا نحذّر من محاولات البعض إثارةَ البغضاء والنّعَرات الجهوية والقَبَلية وتقويض أُسُس الدّولة.
إنّ من يُشعل نيران الفتنة، لا يمكن أن يُطفيها. ومن يبدأ مأساة التفرقة وتفكيك الرّابط الوطني، لا يمكن أن يُنهيها.
إنّ تونس، وطنٌ واحد موحّد غير قابل للتقسيم والتجزئة.
إنّ مناعة وطننا واستقرار الدّولة ووحدة شعبنا خطّ أحمر لا يمكن تخطّيه.
وسنتحمّل مسؤولياتنا كاملة في التصدّي لكلّ تهديد للوحدة الوطنية، واستضعافٍ للدّولة، واستهدافٍ للمسار الديمقراطي.
إنّ من مصلحة وطننا وشعبنا حاضرا ومستقبلا وجود دولة متينة الأركان، تحكمها المؤسسات، تضمن الحقوق والحريات، ويسوسها القانون الذي تسري أحكامه على الجميع دون تمييز أو محاباة.
وأقولها بصراحة ووضوح أمامكم وأمام التونسيين والتونسيّات أنّنا لن نقبل بالإبتزاز وبسياسة لَيّ الذّراع.
ولن نسمح بالفوضى والتطاول على القانون، فلا أحد فوق القانون مهما علا شأنه.
إنّنا جميعا في مركب واحد، وإنّ من واجب الجميع، دون استثناء، العمل اليد في اليد من أجل تذليل الصِّعاب التي تواجهه، والوصول به إلى برّ الأمان.
إنّ التحديات كبيرة والانتظارات كثيرة وليس لنا من خيار سوى العمل. وتعبئة الطاقات لمجابهة متطلبات الحاضر والمستقبل والتفاني في خدمة وطننا الذي تهون من أجله كلّ التضحيات.
قال تعالى:
"وأَوْفُوا بالعهدِ إنّ العهدَ كان مسؤولا"
صدق الله العظيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.