أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    حادث مرور مروع ينهي حياة شاب وفتاة..    إلى أين نحن سائرون؟…الازهر التونسي    حالة الطقس لهذه الليلة..    أولا وأخيرا: لا تقرأ لا تكتب    افتتاح الدورة السابعة للأيام الرومانية بالجم تيسدروس    إيران تحظر بث مسلسل 'الحشاشين' المصري.. السبب    تعادل الأصفار يخيّم على النجم والإفريقي    إنتخابات جامعة كرة القدم: إعادة النظر في قائمتي التلمساني وتقيّة    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    بسبب القمصان.. اتحاد الجزائر يرفض مواجهة نهضة بركان    بطولة المانيا: ليفركوزن يحافظ على سجله خاليا من الهزائم    نابل: إقبال هام على خدمات قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمركز الصحة الأساسية بالشريفات[فيديو]    تونس تترأس الجمعية الأفريقية للأمراض الجلدية والتناسلية    المعهد التونسي للقدرة التنافسية: تخصيص الدين لتمويل النمو هو وحده القادر على ضمان استدامة الدين العمومي    مشروع المسلخ البلدي العصري بسليانة معطّل ...التفاصيل    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة" تستقطب اكثر من 5 الاف زائر    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    اليوم.. انقطاع الكهرباء بهذه المناطق من البلاد    وزير السياحة: 80 رحلة بحرية نحو الوجهة التونسية ووفود 220 ألف سائح..    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    الكاف: إصابة شخصيْن جرّاء انقلاب سيارة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    كاردوزو يكشف عن حظوظ الترجي أمام ماميلودي صانداونز    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزهر عبعاب (التحالف الديمقراطي) ل«التونسية»:راشد والباجي يحكمان البلاد طبقا للعبة محدّدة
نشر في التونسية يوم 15 - 06 - 2015


عن أيّة حقوق نتحدّث في عالم الفساد ؟
الخيارات الليبيرالية أفشلت أيّ منوال جدّي للتنمية
نفاق سياسي وراء أحداث الجنوب
حوار: أسماء وهاجر
بعد خيبة الأمل التي القت بظلالها إثر الانتخابات وظهور مساع لتعديل المشهد السياسي الذي ازداد حدة بعد الخروج من أزمة الحرب الباردة بين «النهضة» و«النداء» أين وصلت جهود التوحّد بين مكوّنات العائلة الديمقراطية الاجتماعية؟ وكيف بدت الوعود الانتخابية في ظل التوجه اليميني لحكومة الائتلاف؟ ما هي خفايا العلاقة بين «النهضة» و«النداء» وسط ما يدور داخل الوسط السياسي بأنها الحاكمة بأمرها؟ هل ما يحدث بالجنوب وعبر النقابات هي تحركات مشبوهة تديرها أطراف تنفخ في هشاشة الاوضاع؟ ما حقيقة وأد الثورة من يومها الأول وهل الغاء مرسوم المصادرة إحدى تجليات موت الثورة ؟وماذا عن جهود التوحيد للعائلة الدستورية بقيادة حزب المبادرة؟؟؟ هذه بعض الأسئلة التي طرحتها «التونسية» على القيادي بحزب التحالف وعضو مكتبه السياسي السيد الازهر عبعاب الذي أكد أن الشيخين الغنوشي والسبسي «يلعبان» في حدود الإملاءات الإقليمية والدولية المحدّدة سلفا واننا اليوم نجني ثمار لقائهما التاريخي بباريس.
أين حزب التحالف هل خيّر الابتعاد عن الإعلام والأضواء ؟
- لا شكّ ان الخيبة الكبيرة لنتائجنا خلال الانتخابات التشريعية ألقت بظلالها على قيادات الحزب ومناضليه، وهو أمر طبيعي في تقديري، ولكن هناك إصرار لدى أغلبية التحالفيين على مواصلة مسيرة النضال وتوحيد الجهود من أجل بناء قطب ديمقراطي وطني اجتماعي نعتقد ان تونس اليوم في اشدّ الحاجة اليه لتعديل اختلال المشهد السياسي الذي أفرزته الانتخابات الأخيرة والذي اظهر غلبة واضحة لأصحاب التوجهات المحافظة على المستوى السياسي والخيار الليبرالي على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، لا تخدم مصلحة الفئات المهمّشة ولا الطبقة الوسطى التي يتم تدميرها بصفة مستمّرة. في حين ان هذه الخيارات هي استجابة ورضوخ لقوى المال الخارجي، كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرها من المؤسسات والدول، هذه القوى التي طالما ناضلت أجيال من التونسيين ضد إملاءاتها التي تؤدّي بالضرورة إلى ارتهان حاضر ومستقبل بلادنا وتحول دون بناء اقتصاد وطني عادل.
مناضلو التحالف الديمقراطي مصرّون على بناء قوّة وازنة توحّد العائلة الديمقراطية الوطنية الاجتماعية، تشكّل قوة معارضة وتعديل لهذه الخيارات التي تنفذها قوى الإتلاف الحاكم رغم أننا ندرك صعوبة المهمّة في ظل تشرذم القوى الديمقراطية الاجتماعية التي أصيبت بمرض النرجسية على مستوى قياداتها وتردّد مناضليها بين المحافظة على دكاكين الماضي القريب وبين الانفتاح على الآخر.
هذا الإصرار والتأني ربما هما اللذان جعلانا نبتعد عن دائرة الضوء الإعلامي خلال الفترة الماضية، إضافة إلى ان الأضواء الإعلامية تبحث عادة عن القوى الممثلة في مؤسسات الحكم.
هل قررتم تغيير سياسة تموقعكم داخل المشهد السياسي بعد خيبة الانتخابات؟
- في حقيقة الأمر نحن لا نتموقع وفق مصلحتنا الحزبية او الشخصية الضيقة وقد برهنا على ذلك خلال المرحلة الانتقالية وهو ما جلب لنا غضب بعض القوى التي حاولت مغازلتنا، ترأس أميننا العام الأخ محمد الحامدي الكتلة الديمقراطية ولم يؤثر ذلك على مواقفنا المبدئية خلال المنعرجات الخطيرة التي مرّت بها بلادنا فوقفنا ضدّ حل المجلس التأسيسي وساهمنا في فرض دسترة بعض القضايا الوطنية وكنّا عنصر توفيق خلال الحوار الوطني.
تموقعنا يتم وفق المصلحة الوطنية ، وهو خطّنا الثابت الى اليوم رغم فقداننا وزننا التمثيلي داخل مجلس نواب الشعب ، إصرارنا كبير على تحمّل مسؤوليتنا كمعارضة جادّة ولكنها بنّاءة من موقعنا، لسنا مهرولين إلى السلطة بأيّ ثمن، ما يحدّد تموقعنا هو ما نراه مصلحة بلادنا وشعبنا وفق مبادئ طالما دافعنا عنها وردّدناها في السابق والآن من أهمها – السيادة الوطنية - الديمقراطية ومقاومة الفساد.
منذ مدة كثر الحديث عن تجمع الاحزاب الديمقراطية الاجتماعية لكن لم نر اثرا لهذا التحالف. هل هي علامة فشل؟ ماذا حدث بعد الهالة الإعلامية التي حظيت بها المسألة؟
- أولا الجميع يقرّ باختلال التوازن داخل المشهد السياسي، سواء من حيث التموقع السياسي - معارضة وأغلبية بعد تحالف «النهضة» و«النداء» والتذبذب الذي اصاب العديد من القوى المعارضة وعلى رأسها «الجبهة الشعبية» بسبب مراهنتها على إمكانية التحالف مع «نداء تونس» قبل الانتخابات وهو ما أفقدها دورها الطبيعي في المعارضة ، وهو ما يجعل تحالف القوى الديمقراطية الاجتماعية ضرورة سياسية يفرضها الواقع بعد انتخابات اكتوبر 2014.
كذلك من منطلق الخيارات الاجتماعية والاقتصادية، نلاحظ غلبة الخيار الليبرالي متجسدا في الإتلاف الرباعي الحاكم – («نداء» – «نهضة» – «الوطني الحر» و«آفاق») – وهو ربما ما يفسّر الغليان الاجتماعي وسط العديد من الفئات المهمّشة أو التي تعاني من تدهور في قدرتها الشرائية وبالتالي فان تحالف القوى الديمقراطية الاجتماعية يصبح ضرورة وطنية ملحّة رغم وعينا بجسامة العقبات التي تواجهنا والتي ذكرتها في الجواب على السؤال الأول، رغم كل هذه الصعوبات فإننا في التحالف الديمقراطي ندرك ان قدرنا اذا أردنا النجاح يمرّ عبر ائتلاف وتوحّد هذه المكوّنات المتعدّدة للعائلة الديمقراطية الاجتماعية، شريطة وضوح المبادئ والأهداف والوسائل وهو طريق شاق يتطلب صبرا واصرارا، الشيء الذي يفسّر البطء والتعثر الذي تشهده هذه المبادرة والذي يتراءى أحيانا لبعض المراقبين انه فشلا.
صرحت سابقا انه على الدساترة أن يعتذروا لهذا الشعب المتسامح قبل أن يتسللوا للركح السياسي فما رأيك اليوم وهم يطرحون أنفسهم بديلا بعد مبادرة التوحد التي أعلنت أخيرا؟
- لا يختلف اثنان في حق كل التونسيين في ممارسة حقّ التنظّم والفعل السياسي وهو جوهر الحريات والديمقراطية ومطلب من مطالب ثورة 2011. ما قصدته من تصريحي السابق والذي لازلت مقتنعا به ، جوهره ان السلوك الديمقراطي يفرض على كل سياسي ان يراجع نفسه وممارساته، ومن مقتضيات هذه المراجعة الاعتذار على أخطاء الماضي . ولكن للأسف ما نراه اليوم لدى هؤلاء تغلب عليه عقلية التمجيد المطلق لمراحل حكمهم المختلفة بحقبتيها البورقيبية والنوفمبرية، دون ادنى مراجعات.
أنا لا أنكر كل الجهود التي بذلها جيل الاستقلال في بناء الدولة والنهوض بشعبنا عبر عقود من الحكم ولكن ذلك لا يمكن أن يُنسينا الصفحات المظلمة التي ارتبطت بحكم هؤلاء...كما ان هذا الأمر لا يقتصر على الدساترة بل ينطبق على كل العائلات السياسية والفكرية من إسلاميين ويساريين وغيرهم، لأن حال بلادنا لا يستقيم الا بتكريس النقد الذاتي والابتعاد عن التمجيد والتضليل.
لنفترض جدلا أنّ «النهضة» بدورها تلتصق بها عدة تهم وتواصل طرح نفسها كحزب قائد في المشهد السياسي التونسي؟
- بطبيعة الحال نفس الشيء ينطبق على «النهضة» وغيرها. وأؤكدّ أنّ جوهر خلافي مع قيادة حركة «النهضة» خلال أوائل التسعينات رفض هذه الأخيرة للنقد الذاتي العلني حتى يعرف الرأي العام ما حصل وتدرك قواعد «النهضة» أخطاء قيادتها التي كنت واحدا منها ولكن إصرار أغلبية القيادة على الهروب إلىالأمام بتعلّة عدم إعطاء بن علي فرصة لتثبيت إدانته للحركة وتبرير القمع المسلط عليها وقد ساهم في التورية على أخطاء القيادة وخططها المغامرة والتي ساهمت في تكريس القمع والدكتاتورية لسنوات طوال لم تشهده تونس عبر تاريخها المعاصر.
أما بعد الثورة فقد استغلّت هذه القيادة نشوة الانتصار ولم تقم بأية مراجعات جوهرية حتى صدّق الجميع ما تردّد من مغالطات خاصة وأن جيل ما بعد الثورة من قواعد «النهضة» لا يمكنه ان يدرك حقيقة ما حصل. ولكن لابد من الأشارة إلى أنّ المسؤوليات متفاوتة في هذا المجال فلا يمكن مقارنة ما قام به الدساترة خلال حكمهم الطويل من 1956 إلى 2011 من موقع الحكم المتسلط وما تخلله من صفحات حالكة من القمع والقتل والتشريد لكل المعارضين وبين ما قامت به قيادة حركة «النهضة» وهي ملاحقة ومقموعة رغم ان ذلك لا يعفيها من مسؤولية المساءلة والاعتذار.
كيف تقيّمون وضع «النهضة» اليوم داخل الائتلاف؟ البعض يرى أنها صاحبة القرار رغم أنها لم تنل سوى حقيبة وزارية واحدة؟
- السؤال المطروح اليوم هو هل هناك قرار سيادي اليوم في منظومة الحكم ام لا ؟
- في رأيي حتى إن وجد فهو نسبي ومحدود، لأن هذا الإتلاف الحاكم في حقيقة الأمر لم يكن منتظرا قبل الانتخابات التشريعية وخاصّة بعد اسقاط حكومة السيد علي العريض وتعيين حكومة التكنقراط برئاسة السيد مهدي جمعة. المنتظر كان قطيعة بين «نداء تونس» وحركة «النهضة» ولكن جرت «الرياح بما تشتهي السفن» وكأنّ أيادي سحرية تدخلت ليكون المشهد السياسي بعد الانتخابات خلافا لما كان متوقعا وشكّل لقاء الشيخين بباريس نقطة تحوّل جوهرية في إعادة الانتشار فوق رقعة المشهد السياسي.
وما نراه اليوم لا يخرج عن دائرة القبول المتبادل بين «النهضة» و«النداء» بل بالأحرى قبول الشيخين بقواعد اللعبة الجديدة في حدود الإملاءات الإقليمية والدولية المحدّدة سلفا جعل الطرفين يتبادلان الأدوار حسب التوافق المفروض مع ترك هامش داخل كل طرف للتعبير عن الغضب أو المعارضة دون اخلال بالجوهر .وبالتالي ما نراه اليوم من ممارسة للسلطة هو لعبة محدّدة القواعد ليس للحقائب الوزارية فيها دور كبير وهو ما جعل «النهضة» تقبل بحقيبة وزارية واحدة.
وانت نهضوي سابق هل خرجت الحركة عن الطابع الدعوي والاخواني واصبحت حركة وطنية؟
- ما عرفته خلال مسيرتي في الحركة الإسلامية منذ اواسط السبعينات الي سنة 1994 تاريخ خروجي من هذه الحركة ، تحت مسمياتها المتعدّدة – الجماعة الإسلامية– حركة الاتجاهالإسلامي وأخيرا حركة «النهضة»، أنها حركة اخوانية المنشأ في فكرها وتنظيمها وارتباطها العضوي بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين رغم خصوصياتها واختلافاتها الثانوية مع الحركة الأم. لقد تكونا تنظيميا على مناهج الأخوان وتراتيبهم من خلال كتيّبات تتداول سريا بين المنتظمين لكاتبها محمد احمد الراشد وهو اسم مستعار لأحد قيادات الأخوان في الخليج تبدأ بكتاب المنطلق ثم العوائق واخيرا الرقائق ترسم التدرج التنظيمي ومضامينه للفرد المنتمي.
وإلى حدّ علمي لم تعلن قيادة الحركة خروجها من تنظيم الأخوان إلى اليوم رغم الإنكار المتكرّر للقيادة حول حقيقة هذا الانتماء التنظيمي.
اما عن الصفة الدعوية للحركة فهي هدف نشأتها خلال السبعينات وصفتها الأولى في مجالات نشاطها ولكن تطور الحركة وغلبة توجهها السياسي همّش هذه الصفة رغم بقائها حاضرة في شعورها الجمعي وفي أدبياتها الفكرية وخاصة من خلال وثيقة الرؤية الفكرية التي تم اعتمادها خلال أواخر الثمانينات وأول التسعينات. أما بعد الثورة فرغم رغبة بعض الرموز التاريخية للحركة في الرجوع إلى المساجد فإنها فشلت في ذلك امام التيارات السلفية والتقليدية التي سيطرت على المنابر الدينية في غياب «النهضة».
البعض يعتبر أن ما يحدث اليوم من تحرك نقابي يمثل مساعي تخفي سياسة لبيع القطاع العمومي بعد افشاله ما رأيك في ذلك ؟
- إذا كان المقصود مما استبطنه السؤال من اجابة، ان من يقوم بهذه التحركات النقابية يهدف الى افلاس وإضعاف بعض المنشآت العامة بهدف التفويت فيها للقطاع الخاص فانني لا اعتقد ان ذلك صحيحا، لأن النضالات النقابية والشعبية مشروعة في ظل التدهور الخطير للمقدرة الشرائية والفشل الذريع للحكومات المتتالية في النهوض بواقع الفئات المهمّشة، مقابل إفلات الفاسدين من التتبع القانوني.
امّا اذا كان المقصود ان السياسات الليبرالية المتبعة اليوم وبالأمس القريب من اركان الحكم تهدف إلى مزيد من الخوصصة والتفويت دون دراسات وحوارات معمقة وشرعية فان الأمر له دلالاته في العديد من الأجراءات التي تم اتخاذها او التلويح باتخاذها حتى في بعض المجالات الحيوية كالثروات الطبيعية وغيرها.
هل ما يحدث في الجنوب تحركات مشبوهة وليس احتجاجات من اجل رفع التهميش؟
- المشبوه ليس هذه التحركات وانما من يريد اثارة هذه الشبهة حول تحركات اهالينا في الجنوب أو بقية المناطق المهمّشة ومحاولة تشويهها متسترين تحت النعرات الجهوية والتهديد الإرهابي لبلادنا.
هذه التحركات هي تعبير عن معاناة طالت جهات منسية يفتقد فيها الإنسان إلى أبسط الخدمات ومرافق العيش الكريم.
ان ما يثار حول هذه التحركات من بعض الأطراف لا يمكن ان يخرج عن احتمالين:
- إمّا جاهل بواقع المعاناة التي يتخبّط فيها المواطن التونسي في هذه الربوع من تهميش واحالة عبر التاريخ على التهريب والهجرة والتجارة الموازية فلو رجعنا إلى فترة بداية الاستقلال للاحظنا أن أغلبية المهاجرين الذين تم تصديرهم للبلاد الأوروبية لإعادة بناء هذه الدول هم من أبناء هذه المناطق، وعندما أوصدت أبواب الهجرة إلى أوروبا في وجوههم توجهوا إلى ممارسة التجارة الموازية بل تم تشجيعهم من طرف نظام بن علي إمّا للتخلّص من عبئهم أو ليقع استغلالهم من طرف أباطرة الفساد.
اما الاحتمال الثاني وهو الغالب هذه الأيام فهو يعبّر عن نفاق بعض السياسيين أو أشباه المختصين تجاه تشويه جهات بعينها ومحاولة توظيفها سياسيا في صراعاتهم الحزبية والسياسية.
بالنسبة لي ابناء الجنوب وكافة الجهات المهمّشة ليسوا في حاجة لدروس في الوطنية لقد شكّلوا عبر التاريخ الدرع الواقي للوطن في محنه المتعدّدة ولن تتأذّى تونس من جانبهم بل من تآمر الساسة ومن حقهم ان يحتجوا ويدافعوا عن حقهم في العيش الكريم ما دام ذلك يجري في دائرة القانون.
البعض يعتبر أنه من المنطقي أن يبتعد اتحاد الشغل عن ممارسة السياسة لأن ممارستها تكون في إطار الاحزاب ولم يعد يوجد مانع في ذلك؟
- الأصل في الديمقراطيات المستقرّة هو عدم تداخل الحزبي والنقابي ولكن بالنظر الي هشاشة تجربتنا الديمقراطية من ناحية والدور التاريخي للإتحاد العام التونسي للشغل سواء خلال معركة التحرر الوطني أو خلال بناء الدولة الوطنية او خلال ثورة 2011 فان الإتحاد يبقى قوة فاعلة لا يمكن اعتبارها مجرّد نقابة للدفاع عن مصالح الشغالين بل هو في نظري مؤسسة وطنية لا زال دورها السياسي في عملية البناء الديمقراطي ضروريا من أجل تحصين الحياة السياسية من كل محاولات التغول التي يطمح البعض لفرضها على بقية القوى السياسية والاجتماعية. ويوم يتم تثبيت مؤسسات تحفط المسار الديمقراطي وتضمن استقراره فانه من الطبيعي أن يقتصر دور الإتحاد على الجانب النقابي الاجتماعي.
تعتقدون أن التوجه اليميني للحكومة مدخل لمزيد إضعاف وتهميش الطبقات الوسطى التي هي بصدد الاندثار؟
- في حقيقة الأمر ان التوجه اليميني لم يغادر سياسات الحكومات المتتالية منذ الثورة ، التي كرّست جهودها لجلب رأس المال الأجنبي ليس في شكله الاستثماري ولكن عبر التداين المتواصل على حساب الاهتمام ببناء نسيج اقتصادي اجتماعي يمكن ان يكون حاضنة لبناء اقتصاد وطني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.