أقسام ومعدّات حديثة بمستشفى القصرين    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    الشركات الأهلية : الإنطلاق في تكوين لجان جهوية    التشكيلة المنتظرة لكلاسيكو النجم الساحلي و النادي الإفريقي    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    انقطاع التيار الكهربائي بعدد من مناطق سيدي بوزيد والمنستير    كيف سيكون طقس اليوم ؟    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    يتضمن "تنازلات".. تفاصيل مقترح الإحتلال لوقف الحرب    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    الترجي الرياضي يفوز على الزمالك المصري. 30-25 ويتوج باللقب القاري للمرة الرابعة    بطولة مدريد للماسترز: أنس جابر تتأهل الى الدور ثمن النهائي    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    معرض تونس الدولي للكتاب : أمسية لتكريم ارواح شهداء غزة من الصحفيين    ''ربع سكان العالم'' يعانون من فقر الدم وتبعاته الخطيرة    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    تخص الحديقة الأثرية بروما وقصر الجم.. إمضاء اتفاقية توأمة بين وزارتي الثقافة التونسية و الايطالية    عمار يطّلع على أنشطة شركتين تونسيتين في الكاميرون    توزر.. مطالبة بحماية المدينة العتيقة وتنقيح مجلة حماية التراث    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الثقافة الإيطالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    اليوم..توقف وقتي لخدمات الوكالة الفنية للنقل البري عن بُعد    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    أخبار الملعب التونسي ..لا بديل عن الانتصار وتحذير للجمهور    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    الكاف: إصابة شخصيْن جرّاء انقلاب سيارة    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    قفصة: ضبط الاستعدادات لحماية المحاصيل الزراعية من الحرائق خلال الصّيف    تونس : أنس جابر تتعرّف على منافستها في الدّور السادس عشر لبطولة مدريد للتنس    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    انطلاق أشغال بعثة اقتصادية تقودها كونكت في معرض "اكسبو نواكشوط للبناء والأشغال العامة"    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الصافي جلاّلي (حزب «المبادرة») ل«التونسية»:توحّد الدساترة مازال شعارا
نشر في التونسية يوم 12 - 06 - 2015


إذا تواصلت عقلية الترضية والترقيع سنعود إلى الوراء
إلغاء مرسوم المصادرة دليل على حالة ارتباك
التجاذبات أبعدت الأحزاب عن رهانات الوطن
حوار: أسماء وهاجر
«تجميع أو توحيد الدساترة ليعودوا إلى دائرة الفعل السياسي بالرغم من الاتهامات التي وجهت لهم طيلة هذه السنوات مازال ممكنا وحلما قائم الذات وهو ليس شعارا هلاميا كما يعتقد حزب «المبادرة». فهل هي خيبة أمل من حزب «النداء» أم إخراجهم من دائرة استغلالهم ل«ماكينة انتخابية» فقط؟ هل يمكن للدساترة أن يكونوا بديلا حقيقيا وما هي الضمانات التي سيطرحها حزب «المبادرة» حتى يُحظى بثقة الشعب التونسي الذي هرم دون أن يحقق آماله وانتظاراته وملّ وعود جهاذبة السياسة الذين يقولون ولا يفعلون ليبقى جاريا وراء سراب؟ وهل أن استمرار الاحتقان والإضرابات مؤشّر على اقتراب ثورة أخرى؟ هذه الأسئلة وغيرها كانت موضوع حوارنا مع السيد محمد صافي الجلالي عضو المكتب التنفيذي بحزب «المبادرة» ومكلف بالإعلام الذي يراهن على حزب «المبادرة» الذي رسخ في أيام الجمر – الأيام الأولى للثورة - تواجد الحزب ومن ورائه الدستوريين في المشهد السياسي عبر الشرعية الانتخابية في تحقيق «عودة ناجعة للدساترة».
لنبدأ من حزب «المبادرة» أين هو بعد انتخابات 2014؟
- لأصحاب الذاكرة القصيرة أريد أن أذكّر هنا بالظروف التي أسس فيها السيد كمال مرجان ورفاقه حزب «المبادرة» في الأيام الأولى للثورة لما كانت إرادة الجميع وبدون استثناء هي الانقضاض على كل شيء في الدولة عبر شيطنة كل الانجازات السابقة وكل القيادات التاريخية للدستوريين أحياء كانوا أم أموات وطمس الفكر الدستوري وتجلى ذلك بوضوح من خلال حل التجمع الدستوري الديمقراطي في 02 مارس 2011 . في تلك الفترة توارت الغالبية العظمى من الوجوه الدستورية عن الساحة وتركت القواعد والمناضلين في الجهات لا أحد سأل عن مصيرهم، واستجابة لعديد النداءات بادر السيد كمال مرجان بتأسيس حزب «المبادرة» في ظل حملة محمومة على كل نفس دستوري ورغم محاولات الإقصاء المتكررة وعلى رأسها الفصل 15 السيء الذكر، خاض الحزب انتخابات المجلس التأسيسي في 23 أكتوبر 2011 ومن ضمن ما يُقارب 37 حزبا ذات أصول دستورية كان «المبادرة» الحزب الوحيد الذي تمكن من الفوز بخمسة مقاعد وأعطى بالتالي مشروعية انتخابية للدستوريين بالتواجد في المشهد السياسي برغم كل محاولات الترغيب والترهيب وهذا الانجاز يسجل لحزب «المبادرة» وحده وللسيد كمال مرجان وسيذكره التاريخ لاحقا .
وجاءت انتخابات 2014 في ظل استقطاب ثنائي حاد بين «النهضة» و«النداء» ويبدو أن ذلك مخطط له لتقاسم السلطة لاحقا منذ لقاء باريس الشهير بين الشيخين ورغم التصويت المفيد والمال السياسي الذي فاق كل التوقعات تمكن حزب «المبادرة» الحزب الدستوري الوحيد من بين 11 حزبا دستوريا تقدمت للانتخابات من الفوز بثلاثة مقاعد(قفصةسوسة - زغوان ) ورغم عدم رضائنا على هذه النتيجة فإنها رسخت تواجد الحزب ومن ورائه الدستوريين في المشهد السياسي عبر الشرعية الانتخابية دائما في حين اضمحلت أحزاب أخرى أكثر منه قدما في المشهد السياسي قبل الثورة وبعدها، واليوم يعيد حزبنا ترتيب بيته وسينتهي قريبا من بناء هيكلته مركزيا عبر تكوين الهيئة العليا للحزب واستكمال المكتب التنفيذي والمجلس الوطني وجهويا عبر تحيين مكاتبه الجهوية وبعثها من جديد وسننتهي من ذلك قبل موفى شهر جويلية 2015 وسنتقدم في الأيام القليلة القادمة بوثيقة كتابية تجسم رؤية الحزب لتوحيد العائلة الدستورية وستعرض هذه الوثيقة على مكونات الطيف الدستوري لتدارسها لأن كل المحاولات المتواجدة كانت ولا تزال شعارات غير مبنية على أسس موضوعية وارتقت في بعض المناسبات إلى مستوى المزايدة السياسية.
هل تتوقعون تحقيق حلم التوحد بين الدساترة بعد فشل كل المحاولات السابقة؟
- لنتفق أولا على أن الحديث عن التوحّد بين الدساترة كان ولا يزال شعارا هلاميا لم ينزل إلى أرض الواقع على أسس موضوعية وقد كنا ولا زلنا نعتقد في حزب «المبادرة» أن إمكانية التوحيد والتواجد في حزب واحد واردة متى توفرت الإرادات الصادقة بعيدا عن ضغائن الماضي القريب والبعيد.
وما نعيبه نحن في حزب «المبادرة» على السيد كمال مرجان في هذا المجال تشبثه اللامتناهي بهذه الوحدة الموعودة على عكس ما يروج له البعض من انه كان في كل مرة يقف أمام محاولات التوّحد واليوم اعتقد أن الدساترة متواجدون في عديد الأحزاب من اليمين إلى اليسار مرورا بالوسط وسيتقدم حزب «المبادرة» في قادم الأيام برؤية موضوعية لتوحيد الدساترة عبر تواجدهم في حزب واحد. وأعتقد أن هذه الرؤية بدأت تنال استحسان العديد من القيادات الدستورية وغيرها وسيقدمها الحزب من خلال ندوة صحفية يعقدها في الغرض. وتفاعلا مع هذه الرؤية بدأت عديد الوجوه تلتحق بهذه «المبادرة» وتدعمها وتدفع نحو تبنيها والعمل بها وشخصيا أعتقد أن توحد القيادات أمر مستبعد نسبيا لعدة اعتبارات إذ علمتنا التجربة انه متى اصطفت مجموعة من القيادات هنا عارضتها مجموعة أخرى من القيادات هناك ونراهن في حزب «المبادرة» على وحدة أفقية بين القواعد الدستورية مع الانفتاح على كل الكفاءات مهما كانت مشاربها الفكرية والسياسية.
ألم يجد الدساترة مكانا في حزب «نداء تونس»؟
- عمليا وبالرجوع إلى شرعية الصندوق الانتخابي في الانتخابات التشريعية الأخيرة فالدساترة موجودون إما ب«النداء» أو بحزب «المبادرة» ويقيننا أن أعدادا بالآلاف منهم لم تنضم بعد إلى أي حزب، ونراها تساند هذا أو ذاك من بعيد .
وفي علاقة بدساترة «النداء» يجب التذكير أن مرجعية حزب حركة «نداء تونس» غير دستورية كما أعلن عن ذلك رئيسه المؤسس الأستاذ الباجي قائد السبسي من ذلك أنه نعى في أحد تدخلاته المسجلة انتهاء حقبة الفكر الدستوري الذي تربى فيه وتحمل بموجبه أعلى المسؤوليات في الدولة واعتقد جازما أن ما شهده حزب حركة «نداء تونس» من مشاحنات وتغيير في مواقع القيادة يتنزل في إطارإضعاف أي دور للدستوريين داخله ليبقوا مجرد «ماكينة انتخابية» كما وصفهم أحد قيادات «النداء»، لكني واثق من أن الدستوريين قد فهموا الرسالة جيدا والمؤشرات على ذلك ميدانيا وليس في الكواليس والصالونات.
لماذا لم نراكم موجودين في الحكومة بالرغم من دعمكم ل«النداء» في الانتخابات الفارطة ؟
- أولا نحن لم ندعم «النداء» في الانتخابات الفارطة بل تقدمنا بقائماتنا للانتخابات التشريعية منفردين بينما ساندنا الاستاذ الباجي قائد السبسي في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية لأننا وجدنا أنفسنا آنذاك أمام مشروعين ودعمنا المشروع الأنسب لنا، أما مردّ عدم تواجدنا في الحكومة فقد كان توجه غالب في قيادة «النداء» بعدم مشاركة حزب «المبادرة» ومن وراء الدستوريين في الحكومة وقد أوضح رئيس الحزب السيد كمال مرجان ذلك في مناسبات سابقة .
هل تعتقدون أنه سيكون لكم دور في الانتخابات القادمة ؟
- إذا لم نكن نعتقد ذلك فما هو سبب تواجدنا على الساحة وما قيمة تواجد الحزب السياسي إذا لم يكن غير قادر على التقدم للانتخابات وعرض برامجه على الناخبين لنيل ثقتهم؟
لماذا تطرحون أنفسكم كبديل؟ وكيف يمكن للناس أن تثق في صحة برامجكم بعد خيبة أمل في السياسيين؟
- صحيح لقد تتالت خيبات الأحزاب السياسية الحاكمة بعد 14 جانفي وربما حتى الأحزاب المعارضة لها من ذلك أنّ كثرة التجاذبات أبعدتها عن الرهانات الحقيقية للمواطن، ثم أنّ قلة الخبرة بالدولة لمن حكموا بعد الثورة جعلتهم يسقطون في فخ الشعبوية لذلك نرى في حزب «المبادرة» وبعد قيامنا بقراءتنا النقدية للماضي القريب والبعيد أننا وبما لدينا من كفاءات وبرنامج طموح قادرون على المساهمة في بناء تونس المستقبل.
هل هو رهان على فشل الائتلاف الحكومي بقيادة «النداء» في تحقيق التنمية ؟
- لنتفق أولا على أنّ تونس في حاجة إلى كل أبنائها لذلك نتمنى أن ينجح الائتلاف الحكومي في تحقيق التنمية الموعودة لأنّ نجاحه في ذلك نجاح لتونس. وقد كنا دعونا سابقا الى حكومة وحدة وطنية تتكون من خيرة الخبرات والكفاءات السياسية والمهنية التونسية لتنفذ برنامج انقاذ وطني متفق عليه، وأعتقد أنّه لا تُوجد إلى حد الآن أيّة مؤشرات جدّية على هذا النجاح رغم ما يبذله السيد رئيس الحكومة وفريقه من مجهودات تبقى في حاجة ملحة إلى دعم وسند قويّين من الأحزاب الأربعة المتحالفة على الأقل.
كان يمكن ألّا نحتاج إلى ثورة لوإن النظام السابق اعترف ب«النهضة» ما ردّك على ذلك ؟
- في الحقيقة كنت استمعت إلى هذا التصريح من السيد راشد الغنوشي وحاولت أن استبطن ما وراء مثل هذا القول فلم أجد غير الاستنتاجات التالية:
-إمّا أن السيد راشد الغنوشي يقر على عكس العادة بأن البلاد لم تكن في حاجة إلى ثورة وأن النظام الأسبق لم يكن على درجة من السوء الذي سبق وأن روج لها بعد 14 جانفي ما دامت بعض الإصلاحات داخل ذلك النظام كالاعتراف ب«النهضة» ربّما كانت قادرة على تجنيب وطننا ما وصلنا إليه بعد الثورة من تمزق وعدم استقرار وهو ينسجم في ذلك مع رسالته الشهيرة إلى بن علي ذات يوم من سنة 2008 تلك الرسالة التي نشرها لاحقا الدكتور محمد الهاشمي الحامدي رئيس «تيار المحبة».
- كما أن القول بأن اعتراف النظام الأسبق ب«النهضة» كان سيجنب البلاد ثورة هو في غير محله لما فيه من دلالة على أن «النهضة» هي من قامت بالثورة ويعرف الجميع أن لا أحد من الأحزاب قاد هذه الثورة بل إنّ شباب المناطق المهمشة في سيدي بوزيد والقصرين وغيرهما هو من قاد تلك الاحتجاجات بعفوية، في حين تتجه القراءة الصحيحة لهذا التصريح إلى أن السيد راشد الغنوشي يستبطن تحذيرا صريحا من أن أيّ مساس بحركة «النهضة» في المستقبل سيعيدنا إلى مربع الثورة الأول خاصة أن العديد من قيادات «النهضة» مازالوا يستحضرون السيناريو المصري ولا يستبعدون إمكانية حدوثه لاحقا في تونس وهو ما يؤكده السيد لطفي زيتون في كم من حوار سابق وآخره بجريدتكم «التونسية».
ما رأيك في حديث البعض عن وجود علامات كبرى لثورة ثانية ؟
- واقعيا الثورات لا تحدث كل 4 أو 5 سنوات والتجربة الديمقراطية في تونس لا تزال هشة ولم يشتد عودها بعد وإمكانية الارتداد تبقى واردة إذا لم نستطع التعامل بجدية مع كل المستجدات والمتغيرات وما لم نستمع إلى نبض الشارع ، ثم إن ما حزّ في نفوس بعض الثورجيين أن 17 ديسمبر أو 14 جانفي لم تكن بثورة بالمفهوم الاجتماعي للكلمة لأن الحراك الذي وقع في تلك الفترة كان عفويا ولم يكن له لا برنامج واضح ولا قيادة تقوده وهو أبسط مقومات أيّة ثورة في العالم لذلك نراهم اليوم يحاولون فعلا إيجاد بعض العناوين كبرنامج وتدفع إلى ذلك وجوه سياسية معروفة ولا تخفي نفسها، علما وإنها خسرت في انتخابات ديمقراطية شفافة منذ 7 أشهر وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول هذه التحركات، وقد كان لارتباك من هم في الحكم اليوم ما سهل على قادة هذه الاحتجاجات وأعطاهم ذريعة لتحركاتهم ويجب التنبه إلى أن أخطر ما في هذه التحركات إذا نظرنا إلى خريطة انتشارها هو تركيزها على البعد الجهوي والقبلي العشائري لتهدد بذلك الوحدة الوطنية والأمن القومي التونسي اللذين نعتبرهما نحن في حزب «المبادرة» خطا أحمر أمام الجميع لا يمكن تجاوزه والحكومة مطالبة اليوم قبل الغد بالتعامل بجدية مع هذه التحركات ومن يقف وراءها قبل فوات الأوان.
هل تعتقدون أنّ إعداد منوال التنمية الجديد الذي تحدّث عنه الحبيب الصيد والعديد من السياسيين سيفتح آفاقا أمام التنمية والتمايز الجهوي؟
- أعتقد أن الحديث عن منوال تنمية جديد مهم ولا يمكن أن يستجيب لفتح آفاق رحبة أمام التنمية والتمايز الجهوي إلا متى حضرت الجرأة في تناول المواضيع الحساسة عبر القيام ببعض الإصلاحات الكبرى والمؤلمة أحيانا أخرى، وربما كانت هذه الجرأة غائبة عن الحكومات المتعاقبة بعد الثورة وإذا تواصل العمل بعقلية الترقيع وترضية بعض الجهات والفئات دون نظرة استشرافية وموضوعية مدروسة فنحن سائرون بالبلد مرة أخرى إلى الوراء وشخصيا لا أعتقد أنّ ما جاء في كلمة السيد رئيس الحكومة أمام مجلس نواب الشعب يوم 5 جوان 2015 كان مطمئنا في المجالين الاجتماعي والتنموي وربما تكون نقطة الضوء في عمل هذه الحكومة الجانب الأمني ومقاومة الإرهاب وقد تكون محقة في ذلك إذ جعلتهما من أولوية الأوليات لأنه لاتنمية بدون استقرار أمني.
ما تقييمكم لطريقة تعامل الحكومة مع الإضرابات وخاصة إضرابات نقابة التعليم؟
- لقد أخطأت الحكومة في البداية في التعامل مع موجة الإضرابات التي تجاوزت الحد المعقول بسبب أو من دونه في بعض الأحيان وهو ما جعل قيادة الاتحاد تتدخل لاتخاذ إجراءات ردعية ضد بعض النقابيين المتجاوزين.فالحكومة وبعد مائة يوم لم تصارح الشعب بحقيقة الوضع الاقتصادي والاجتماعي الدقيق الذي وجدت عليه البلد ومشكلتها في عدم التواصل الجيد مع الجميع، الكل يتحدث عن وضع دقيق بعموميات دون تفاصيل فنجد من يسمّون بالخبراء من خارج الحكومة يعطون أرقاما ومؤشرات مخيفة بينما خبراء الحكومة غائبون تماما وكأني بتونس الدولة لم تعد تونس....
في إضرابات التعليم أتّخذ أبناؤنا رهائن لمطالب نقابية والحكومة مترددة ولم تتحرك بالقدر الكافي حيث خاض وزير التربية معركة إضرابات التعليم منفردا دون تضامن حكومي أو مساندة حتى من الحزب الذي ينتمي إليه ورشحه لخطة الوزارة وقد بدا ذلك جليا للعموم وكان الاستثناء الوحيد في تضامن الحكومة مع الوزير في إضراب التعليم الابتدائي الأخير. وهذا الارتباك مرده عدم استعداد الحكومة الجيد لمثل هذه الموجة من الإضرابات، وربما يكون عنصر المباغتة قد فاجأها وعُودها لم يشتد بعد ولم تتمكن من الملفات جيدا.
البعض يعتقد انه من الضروري ابتعاد الاتحاد عن ممارسة السياسة باعتبار أن المانع زال وأصبحت الأحزاب هي الإطار القانوني لممارسة السياسة؟
- لقد كان الاتحاد العام التونسي للشغل ولا يزال يعيش في قلب المعركة السياسية بالبلد سواء إبان معركة التحرير والاستقلال حيث كان لرموزه دور وطني ونضالي كبير وبرز ذلك جليا أثناء اعتقال قيادات الحزب الدستوري في جانفي 1952 وتولي الزعيم فرحات حشاد قيادة حركة المقاومة الوطنية ثم لعب نفس الدور أثناء بناء الدولة الحديثة وانحاز إلى عموم الشعب إبان ثورة 14 جانفي 2011 ولعب دورا محوريا في إنجاح المرحلة الأولى من الانتقال الديمقراطي (الحوار الوطني). واليوم الخوف كل الخوف ليس في أن يلعب الاتحاد دورا سياسيا بل الخوف أن تصبح قيادة الاتحاد غير قادرة على لجم التوظيف السياسي العلني والواضح لمطالب اجتماعية من طرف بعض القيادات والقطاعات.
ونحن في حزب «المبادرة» لا ننكر على الاتحاد أن يلعب دورا سياسيا في هذا الظرف بالذات بل ندعو قيادته التي برهنت في أصعب الفترات عن حنكة كبيرة في إدارة الأمور إلى التنبّه إلى بعض التجاوزات والوقوف أمام كل توظيف لمطالب مهنية اجتماعية قد تبدو مشروعة في البعض منها بغية خدمة أجندة سياسية معينة لهذا الطرف أو ذاك.
ما رأيك في من يعتبر أنّ أطرافا سياسية تصنع الاحتقان بإيعاز من أطراف أجنبية تسهيلا لتصدير الربيع العربي للجزائر؟
- الجزائر الشقيقة لم تكن يوما بمعزل عن مخططات منظري ما يسمى بالربيع العربي بل ربما كانت من أكبر أهدافه غير أنها بقيت ولا زالت عصيّة على كل هذه المؤامرات أولا لكون الجزائر عاشت تجربة حرب أهلية مدمرة في التسعينات وخرجت منها أقوى من ذي قبل بفضل حنكة قيادتها ثم لا ننسى أن للجزائر جيشا وطنيا قويّا وكان محددا في انتصار الجزائر على الإرهاب وهو ما يجعل من يريد استهدافها يقرأ ألف حساب لذلك قبل الإقدام على أيّة مغامرة وإذ لا أستبعد وجود بعض الأطراف التي تعمل على استهدافها فإني أعتبر أن كل تونسي تسول له نفسه التآمر على الجزائر يكون قد خان الأمانة وخان بلده تونس حيث كانت الجزائر ولا تزال صمّامة أمان لأمننا القومي وخط الدفاع الأول عن سلامة ترابنا من الجهة الغربية وهي التي يربطنا معها الى جانب الجغرافيا (أطول شريط حدودي) التاريخ والمستقبل.
هل تعتقد أن الإئتلاف الحكومي سيكرّس مقاصد ثورة الياسمين؟
- أولا أعترض على استعمال «ثورة الياسمين» وأعتقد أن الحديث عن أن الإتلاف الحكومي سيحقق أهداف ثورة 14 جانفي حديث لايزال مبكرا وسابق لأوانه إذ أنّه لم يمرّ على بداية عمل الحكومة سوى أربعة أشهر وهذه المدة غير كافية للحكم لها أو عليها .
هل إلغاء مرسوم المصادرة يعني عودة على بدء وما جدوى العدالة الانتقالية حينها؟
- إن إلغاء مرسوم المصادرة يدل على حالة الارتباك التي كان عليها مهندسو ذلك المرسوم وتعاملهم مع الأملاك المصادرة بمنطق الغنيمة والتشفي وإلا بماذا تفسرون أن غابت على كل مؤسسات الدولة آنذاك، (رئاسة وحكومات ومجلس تأسيسي) ومنظمات حقوقية ومجتمع مدني ضرورة عرض ذلك المرسوم على المجلس التأسيسي للمصادقة عليه حتى يتسنى تفعيله والعمل به؟
نعم سيخلق إلغاء هذا المرسوم من طرف القضاء الإداري ارتباكا جديدا وستكثر المزايدات كالعادة من هذا الطرف أو ذاك غير أني لا أعتقد أن يؤثر هذا الإلغاء في مجرى العدالة الانتقالية لما لهذه الأخيرة من مفاهيم ومجالات أشمل من هذا المرسوم لا تتأثر بإلغائه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.