(تونس) علمت «التونسية» أن التوتر اصبح على أشده بين الحكومة واتحاد الشغل كما يبدو أن اللقاءات الأخيرة التي جرت بين رئيس الحكومة والامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل لم تجد حلا للإشكاليات المطروحة لا سيما في قطاع الوظيفة العمومية . وقد زاد الحوار التلفزي لرئيس الحكومة في تأجيج الخلافات لا سيما بعد اعلان الصيد أنه سيمضي قدما في الاقتطاع من أجور القطاعات المضربة وكذلك إثر إعلانه عن وجود اتفاق مع قيادة الاتحاد على ألا تشمل الزيادات إلا التعليم الثانوي وهو أمر خلق شكوكا داخل النقابيين لكن سرعان ما ردت المركزية النقابية على تصريحات الصيد في بيان ممضى من طرف العباسي عبرت فيه قيادة الاتحاد عن تفاجئها بتصريحات رئيس الحكومة في أحد البرامج التلفزية المسجّلة تضمّنت حسب البيان مواقف من شأنها تعميق التوتّر الاجتماعي والإساءة إلى سمعة الحوار الاجتماعي الذي تمّ إرساؤه في تونس. الاضرابات والإرهاب وأكد اتحاد الشغل أنه لم يتمّ الاتفاق بتاتا مع الحكومة حول اقتصار الزيادات الخصوصية والترقيات على قطاع التعليم الثانوي، بل على العكس تمّ لفت انتباه رئيس الحكومة منذ البداية الى أنّ أساتذة الثانوي ونظرائهم في الابتدائي وفي قطاعات أخرى، معنيون بحكم خططهم وكان جواب الحكومة أنّها قد استعدّت للأمر وهو ما تجسّم فعلا في مشروع محضر الاتفاق الذي تقدّمت به وزارة التربية إلى النقابة العامة للتعليم الأساسي، بمعية وزاراتي الشؤون الاجتماعية والمالية وممثّل عن رئاسة الحكومة . كما عبر عديد النقابيين عن استيائهم من تصريحات الصيد حول ربط الاضرابات بالارهاب وهنا اعتبرت المنظمة النقابية تلك التصريحات بالاتهام الخطير وغير المسبوق الذي يسيء إلى الشغّالين وإلى العمل النقابي ويتعدّى على حقّ دستوري. وبيّن اتحاد الشغل إنّ تفسير كلّ المشاكل التي تواجهها الحكومة وردها إلى الاحتجاجات الاجتماعية هو ادّعاء مبالغ فيه لا يهدف إلاّ إلى التغطية على المشاكل الحقيقية والهيكلية المرتبطة أساسا بالخيارات الاقتصادية الليبيرالية والتي يسعى البعض إلى إعادة إنتاجها وفرضها على التونسيين رغم أنها أثبتت فشلها. وحول الخصم الذي عمدت إليه بعض الوزارات من أجور الشغّالين بعنوان الاقتطاع من الأجر نظير أيّام الإضرابات تم اعتباره تصرّفا أحادي الجانب يخرق اتّفاقا بين الاتحاد والحكومة تمّ على إثره تشكيل لجنة مشتركة للنظر في هذا الأمر، علاوة على طابعه العقابي في هذا الظرف الاجتماعي والمعيشي المخصوص قد أكّد اتحاد الشغل ان الحوار البناء والمسؤول هو الكفيل بتجاوز المشاكل وحلّ الملفّات الكبرى. من يكبح جماح الاضرابات كل هذه الاتهامات المتبادلة قد يكشف عن ضعف الاتصال والتواصل بين رئاسة الحكومة واتحاد الشغل وفي هذا الجانب كشفت مصادر نقابية مطلعة عن وجود ضعف كبير داخل الحكومة على مستوى المكلف بالاتصال والتفاوض مع اتحاد الشغل وهنا تم توجيه التقصير نحو المكلف بالشؤون الاجتماعية برئاسة الحكومة مما ولد تراكما للملفات العالقة في عديد الميادين على غرار عدم الحسم لحد الان في ملف الزيادات في الأجر الأدنى والبطء المسجل في إنهاء ملف اصلاح أنظمة التقاعد وعدم الخوض في ملف التعددية النقابية وخاصة الحسم من ملف الخصم في الاجور وكذلك في تأسيس مجلس الحوار الاجتماعي وهي ملفات تسببت في توتير الأجواء الاجتماعية والتساؤل المطروح لماذا بقيت كل هذه الملفات على الرفوف؟ . في الأثناء تؤكد الحكومة أنها غير قادرة على تلبية مطالب القطاعات قبل الجولة الجديدة من المفاوضات الاجتماعية العامة ولجهة ان الميزانية لا تسمح بزيادات خارج المفاوضات . الأزمة تحتاج اليوم إلى حوار بنّاء فهل تتدخل أطراف فاعلة على الساحة لتخفيف التوترات من أجل التقليص من حجم الاضرابات في القطاع العام والوظيفة العمومية ؟!