بالثقافة والفن والرياضة والجامعة...التطبيع... استعمار ناعم    أبو عبيدة يتحدّى بالصورة والصوت    حركة النهضة تصدر بيان هام..    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    تراجع الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    منوبة.. الإطاحة بمجرم خطير حَوّلَ وجهة انثى بالقوة    برنامج الجولة الأولى إياب لبطولة الرابطة الاولى لمحموعة التتويج    وزارة الداخلية تشرع في استغلال مقر جديد متطور للأرشيف    اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه في زرمدين: القبض على الفاعل الرئيسي    القبض على 24 منفّذ "براكاج" بالأسلحة البيضاء روّعوا أهالي هذه المنطقة    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    السجن ضد هذه الإعلامية العربية بتهمة "التحريض على الفجور"    البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    كرة اليد: الترجي في نهائي بطولة افريقيا للاندية الحائزة على الكؤوس    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث عدد الباحثين    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    كاردوزو: سنبذل قصارى جهدنا من أجل بلوغ النهائي القاري ومواصلة إسعاد جماهيرنا    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    وفد "مولودية بوسالم" يعود إلى تونس .. ووزير الشباب والرياضة يكرم الفريق    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    جندوبة: 32 مدرسة تشارك في التصفيات الجهوية لمسابقة تحدي القراءة العربي    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    روح الجنوب: إلى الذين لم يبق لهم من عروبتهم سوى عمائمهم والعباءات    لعبة الإبداع والإبتكار في رواية (العاهر)/ج2    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    أنس جابر تستهل اليوم المشوار في بطولة مدريد للماسترز    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة: هذا ما تقرر في حق الموقوفين..#خبر_عاجل    المهدية : غرق مركب صيد على متنه بحّارة...و الحرس يصدر بلاغا    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    عاجل : دائرة الاتّهام في قضايا الفساد المالي ترفض الافراج عن وليد جلاد    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 25 أفريل 2024    كأس ايطاليا: أتلانتا يتغلب على فيورينتينا ويضرب موعدا مع جوفنتوس في النهائي    هام/ بشرى سارة للمواطنين..    الترجي يطالب إدارة صن داونز بالترفيع في عدد التذاكر المخصصة لجماهيره    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب..ما القصة..؟    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    وزارة الصناعة تكشف عن كلفة انجاز مشروع الربط الكهربائي مع ايطاليا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محسن مرزوق (أمين عام «النداء») ل « التونسية»:لهذا تعاونّا مع «النهضة»
نشر في التونسية يوم 03 - 08 - 2015

أي تهديد للجزائر هو تهديد صريح لتونس وتصريحات ساركوزي تُلزمه وحده

المصالحة ستوفر للدولة أموالا نبحث عنها بالخارج
«
وزارة الخارجية الموازية» والقاعدة الأمريكية وطموحي للرئاسة ... إشاعات

نُقيم على حدودنا مع ليبيا ساترا ترابيا وليس جدارا... والقرار عسكري بحت
من يعتقد أن كل قوات «فجر ليبيا» طرف واحد مخطئ

دفن «فأس الحرب» في «النداء» نجاح جماعي
لا نيّة لنا خوض «البلدية» بقائمات مشتركة مع «النهضة»
على المنادين بقطع علاقاتنا ببعض الدول الرحيل الى كوكب آخر

مسألة رئاسة «النداء» غير مطروحة حاليا

في التعيينات نرفض سياسة «الكوتا» العمياء

حوار: صباح توجاني وتوفيق نويرة
التونسية (تونس)
لا شك ان الحديث مع الأمين العام لحركة «نداء تونس» السيد محسن مرزوق يستوجب طرح عشرات الأسئلة باعتبار أن لدى الرجل الذي يقود الحزب الحاكم الكثير مما يمكن ان يشكل اضافة أو تصحيحا لبعض المعطيات الخاطئة التي يتداولها الرأي العام والطبقة السياسية وتحتاج الى المزيد من التوضيح في هذه الفترة الحرجة من تاريخ البلاد. وأكيد أن لدى الرجل الذي خبر العمل السياسي منذ نعومة أظفاره وهو لا يزال فتى في 15 من عمره، من الخبرة التي تخوّل له الحسم في بعض القضايا العالقة من بينها ما هو على مستوى حركة «نداء تونس» التي بدأت بالتعافي منذ تقلده مسؤولية أمانتها العامة لحرصه على رأب الصدع وعلى ترك الباب مواربا للإختلاف في وجهات النظر لإيمانه العميق بأن الديمقراطية ممارسة قبل أن تكون مجرد شعار سياسي.
في حوار « التونسية» معه أكد محسن مرزوق ان تونس تحتاج الى كافة أبنائها من مختلف التيارات والتوجهات السياسية والحزبية الناشطة على الساحة، ولم يتردد في الإجابة بكل أريحية عن أكثر تساؤلات «التونسية» إحراجا بما فيها الأخبار التي تتردد عن وجود وزارة موازية للخارجية بقيادته، وما يقال عن مذكرة التفاهم التي أمضاها مع الطرف الأمريكي....فضلا عما يدور من حديث حول طموحاته لإعتلاء كرسي قصر قرطاج.
قال السيد محسن مرزوق في رده على سؤال حول نتائج زيارة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وما أثارته من جدل لا يزال قائما الى اليوم :
«باستثناء ذلك التصريح حول الجزائر الشقيقة الذي ما كان يجب أن يقال باعتبار العلاقة الاستراتيجية الأساسية الحيوية بين البلدين وأواصر الأخوة وهي تصريحات نأسف لها طبعا. أعتبر شخصيا أن الزيارة كانت إيجابية لتونس لأنها جاءت في ظرف لا نزال نعاني فيه من تداعيات سلبية لضربة ارهابية قوية، حيث كنا في وضع عزلة تقريبا بعد قرار الأنقليز عدم القدوم الى تونس للسياحة وإجلاء رعاياهم من هنا وتفادي الآلاف زيارة بلادنا. فأن يأتي وفد بذلك المستوى يقوده رئيس سابق ويقول إنه من الممكن زيارة تونس ويتولى القيام بجولة مطولة في الأسواق العتيقة ويتصل بالناس وبالتجار ويتحدث معهم ،،،فهذا خير دليل بالنسبة الينا والى الغرب بأسره باعتبار ان صوره وهو يجوب الأسواق دارت في كافة الدول الأوروبية، وهي رسالة إيجابية جدا حسب قراءتي تؤكد استتباب الأمن في بلادنا.
ثانيا، في تصريحاته لم يتردد الرئيس ساركوزي عن التأكيد بأن تونس تستحق دعم العالم وخاصة دول الإتحاد الأوروبي التي دعاها الى منح تونس 20 بالمائة من حجم الدين اليوناني لأن اوروبا ستدفع في هذه المرحلة ما لا يقل عن 70 مليار أورو لليونان التي تعاني من مشاكل مالية كبيرة... واعتقد ان ما قاله ساركوزي في هذا الشان بخصوص بلادنا كان ايجابيا جدا ويخدم المصلحة العليا لتونس ...
ثالثا قال ساركوزي أن حرب تونس على الإرهاب هي ايضا حرب فرنسا على الإرهاب وعلى هذا الأساس فلا يعقل تركها تخوض هذه الحرب بمفردها واكد انه ليس مزيّة ان تساعد الدول الأوروبية تونس في حربها على الإرهاب عسكريا وأمنيا «لأن هذه الحرب هي ايضا حربنا لأننا جميعا مهددون بخطر الإرهاب»...
هذه التصريحات التي أدلى بها ساركوزي من تونس هي التي يتوقف عندها كل من لديه تركيز على المصلحة الوطنية وسبل تحقيقها، أما بالنسبة للذين لديهم أجندات أخرى لا تصب في المصلحة العليا للبلاد فتلك مسألة أخرى ...
أنا شخصيا أسعى لمصلحة بلادي وكل من لديه نفس الغاية لا شك انه توقف عند ما قاله ساركوزي في هذه الملفات الثلاثة ..
ولكن تصريحات ساركوزي أثارت جدلا واسعا أيضا لا يزال صداه الى اليوم ينشر في بعض وسائل الإعلام؟
هذا صحيح، ولكن 99 بالمائة من الذين عارضوا الزيارة لم يطلعوا على تصريحات الرئيس ساركوزي بل قرؤوا عناوين خطّها أناس مغرضون ولديهم اهداف تتعلق بافشال خروج تونس من العزلة اعتبارا لطموحاتهم الخاصة من جهة، ولإفتعال مشكلة بين تونس وشقيقتها الجزائر...
نتوقف عند تصريح الرئيس ساركوزي، ماذا قال بالضبط وانت حاضر الى جانبه ؟
لمّا سألت إحدى الصحفيات الرئيس الفرنسي السابق عن مسألة الحدود مبدية تبرّمها من هذه المسالة، أجابها بالقول، بأن لا أحد يختار حدوده بل ان كل انسان يجد نفسه في وضع جغرافي معين وجب ان يعيش داخله وان يتعامل معه ، ثم ردا على سؤال صحفي موجه قدم رأيه في مستقبل الشقيقة الجزائر وتنميتها واعتبر أنه يجب أن يقع تناوله في إطار المنظومة المتوسطية ... ونحن نرى أن هذا التصريح لم يكن مناسبا في المكان والزمان. فنحن نرفض التدخل في شؤون جيراننا وخاصة جارتنا الجزائر التي تربطنا بها علاقة عضوية وحيوية ومصيرية. نحن لم نصنع الجغرافيا، الله وحده قام بذلك. ولكننا أُكرمنا نحن والجزائريين بالجغرافيا وبالأخوة والتضامن وتقاسمنا معهم التاريخ والحضارة والمصير المشترك...
وهل هذا رأيه أم رأي حزبه؟
أعرف ولا يجب تهويل الموضوع ، وتصريحه ذاك يلزمه هو دون غيره وهو من مشمولاته الخاصة ولا احد يشاطره الرأي ، الا انه تم تهويل مضمون هذا التصريح الذي قال فيه بأن مسألة الجزائر لا بد أن تطرح في اطار المتوسط لإعتقاده بأن مشروع المتوسط لا يزال قائم الذات،،،، نحن نختلف معه في أنه يتناول موضوعا يهم دولة أخرى، ولكنه تحدث وصرح وهذا هو رأيه الذي لا نشاطره ....ولكن هذا لا يعني البتة أن ننسج قصة طويلة حول هذا التصريح خاصة أنه قال إنه كان في المغرب قبل مجيئه الى تونس وسيزور الجزائر ...لكن بعض الأنفس غير السوية قالت بأنه قال إن الضربة القادمة ستكون من الجزائر؟؟؟؟ هذا غير معقول ...
ان ما وقع من تحريف تهويلي لكلام الضيف الفرنسي هو برأيي محاولة منظمة للتشويه قام بها أناس معروفون من خلال صفحاتهم الإلكترونية وسار وراءهم أناس آخرون تعودوا السير خلفهم...هؤلاء جميعا حاولوا توجيه صبغة العمل الذي قمنا به لمصلحة البلاد من خلال التشويه والتضليل الى محاولة الإساءة لعلاقات تونس بشقيقتها الجزائر ....ولا يعقل ان نعارض الرئيس الفرنسي السابق لأسباب خارجة عن نطاقنا على غرار ما يقوله البعض عن مشاركته في الحرب على ليبيا وآخرون يقولون بأنهم يعارضون الرئيس الفرنسي الحالي فرونسوا هولوند لأنه يشارك اليوم في ضرب سوريا تماما كما يستند كره البعض للرئيس الأمريكي بوش لمشاركته في الحرب في العراق ...وقياسا على منابع الكره هذه، هل نرتكز ايضا في مواقفنا على دعم الألمان للحرب في سوريا واخوتنا الخليجيين الذين يقودون حربا شرعية في اليمن؟؟؟
اعتقد أنه بهذه العقلية الضيقة سنواصل حبك عزلة تونس دوليا ولن ننجح في فكها. والأخطر اننا سنُتهم في مرحلة أخرى بعد ذلك يبث الكراهية والحقد في ما بيننا وبالتالي ندخل في بوتقة لا ترتقي بنا الى المراتب التي نريدها لأنفسنا ولبلادنا بل سندخل في صراعات لا ترتقي الى مفهوم الدولة ولا المصلحة الوطنية ولا المسؤولية السياسية لمسؤول وطني.....نحن مؤتمنون على مصلحة البلاد ونفكر في المصلحة العليا للبلاد قبل أية مصلحة حزبية ضيقة.
واذا كنا نريد الحديث عن الشقية الجزائر، فإن ما يجمعنا بها ليس مجرد حدود بين دولتين متجاورتين، إنما هو تاريخ ومستقبل لا احد يجهلهما ...الجزائريون يعلمون ونحن ايضا ان علاقاتنا المشتركة هي العلاقات الاستراتيجية الأولى ورغم كل المحاولات التي قامت بها اطراف معينة للإساءة الينا، لأن ساركوزي ليس الهدف من هذه الحملة في الحقيقة، انما «نداء تونس» كحزب هو المستهدف وانا شخصيا أيضا المستهدف ...لأن لدى البعض مشكلة باعتبار أن الرئيس الباجي قائد السبسي ومسؤولين بالحكومة استقبلوا الضيف الفرنسي ...والشقيقة الجزائر على اقتناع بأن علاقاتنا بها على أعلى مستوى...ولذلك نحمد الله على أن قرابة ثلاثة آلاف جزائري يدخلون يوميا الى تونس للسياحة والإستجمام ...ولأن لدينا علاقات عريقة بإخوتنا الجزائريين فقد تم التوقيع مؤخرا على قرض منحته لنا الجارة الجزائر....وكنا أدنّا بشدة العملية الإرهابية الخسيسة التي تعرضت لها جارتنا مؤخرا..
نريد ان نقول لإخوتنا في الجزائر بأن أمننا من أمنهم وبأنهم في تونس هذه البلاد التي يعرفونها جيدا من أيام الثورة ضد المستعمر الفرنسي حيث كانت احتضنتهم في الخمسينات من القرن الماضي وأوسعت لهم مكانا كأبناء حقيقيين لا فرق بينهم وبين التونسيين ولذلك فإن أي تهديد للجزائر هو تهديد صريح لنا ...
لماذا تعتبر ان جزءا من الحملة على ساركوزي كان موجها ضدك ، هل هذا على علاقة بوجود «وزارة خارجية موازية تشرف عليها» بالنظر الى مذكرة التفاهم التي امضيتها مع الجانب الأمريكي ؟
هناك أناس يعتبرون أن السياسة هي فقط الجري وراء المناصب فهم يتصورون أن أية شخصية سياسية موجودة في تونس تعمل وتجتهد تمثل خطرا على «كسلهم» ومنطق الإحباط وحب الفشل الذي يعملون على ترويجه... لما سافرت الى أمريكا كنت أرافق رئيس الجمهورية باعتباري وزيرا مستشارا لديه ووقعنا مذكرة التفاهم كان الرئيس حاضرا خلالها ووزارة الخارجية كان ممثلها موجودا ايضا، بالإضافة الى أن هذه المذكرة قانونيا لا مشكلة فيها ولا الإمضاء مشكلة ...فهل تولت الدول نشر مذكرات التفاهم التي تمضيها في الطريق العام ؟؟؟
لقد عاب علينا البعض ذلك بتعلة أنه لا يعقل، حسب رأيهم وضع بيضنا بكامله في السلة الأمريكية فقط ، ثم لما ذهبنا الى روسيا وكنت أمثل وقتها رئيس الجمهورية، إدّعى البعض أنني ربما أسيء الى العلاقات التونسية الأمريكية التي كانوا ينتقدونها ، وكذلك الشأن بالنسبة الى دولتيْ الإمارات وقطر...لذلك أقول بأن هناك فئة من الناس مهمتهم لا تقييم العمل ولا مناقشة البرامج التي ننفذها لصالح البلاد بل همهم الوحيد محاولة تكسير المصلحة العامة وهم أنفسهم الذين عارضوا قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال ...هم انفسهم مَنْ كان اهتمامهم عندما كنّا نعاني من تداعيات وآثار العملية الإرهابية بسوسة، منصبا على قافلة فك الحصار عن غزة، مع احترامي الشديد لإخوتنا الفلسطينيين وتقديرنا لنضالهم من أجل استراداد حقهم المشروع، هؤلاء الإخوة هم ذاتهم اكدوا على اننا نحتاج الى الإهتمام بإنجاح مسيرتنا حاليا ...فمسؤولية المسؤول السياسي مهما كان منصبه هي مسؤولية خدمة البلاد قبل أي شيء آخر، ولذلك اذا أتيحت لي فرصة امضاء مذكرة تفاهم مع امريكا او غيرها وكانت لمصلحة البلاد العليا فانني لا أتردد لحظة واحدة ...
وبعيدا عن الحملة التي رافقت زيارة ساركوزي الى تونس، فإني أعتقد أن أية زيارة لمسؤول أوروبي اليوم لبلادنا انما تخدم السياحة التونسية والإقتصاد التونسي،،، وما أقوله عن «نداء تونس» ينسحب أيضا على بقية الأحزاب التي يفترض ان نسعى الى توظيف علاقاتها في خدمة البلاد خاصة اذا كان لها باع ووزن على المستوى العربي أو الدولي ... ونحن نرحب بكل الزيارات الأجنبية التي تحقق لبلادنا الإضافة سياسيا واقتصاديا وفنيا ورياضيا ...
ألا تعتقد ان ربط مذكرة التفاهم مع امريكا بما راج من اخبار حول استعداد تونس لإحتضان قاعدة عسكرية على أراضيها أجّج معارضة البعض لما صرح به ساركوزي ؟
أنا من تولى التوقيع على مذكرة التفاهم مع امريكا، أؤكد عبر صفحات « التونسية» ولأول مرة بأنها لا تتضمن أيّ التزام واحد اجرائي بل انها مذكرة تفاهم لا غير...تتضمن مبادئ عامة ...من المضحك ان احدهم ادعى أن المذكرة تتضمن اتفاقا على أن محسن مرزوق هو الرئيس التونسي المقبل....انظري الى أي مدى وصلت تخمينات البعض وادعاءاتهم الباطلة.. هناك من قال بأنني أمضيت على بند ينص على بناء قاعدة عسكرية امريكية بتونس سوف تشغّل 4 آلاف تونسي حسب تصريح نسبه اليّ...وهو ما أنفيه بشدة لأنني لم أدل يوما بمثل هذا التصريح.
مذكرة التفاهم التي امضيتها مع الجانب الأمريكي تتضمن ثلاثة عناصر أساسية يتعلق العنصر الأول بالتحديات على المستوى الدفاعي وفيه اعلان مبادئ عام ينص على ان لأمريكا وتونس تفاهم مشترك لدعم تعاونهما الأمني والعسكري من خلال جملة من الإجراءات حتى تكون لتونس القدرة على مواجهة التحديات التي تعترضها على المستوى الأمني. العنصر الثاني يرتبط بالجانب الإقتصادي الذي تضمنته مذكرة التفاهم ويقوم على انشاء لجنة اقتصادية تونسية امريكية مشتركة تعمل على دعم الإقتصاد التونسي وجلب الإستثمارات الى بلادنا ..وهو مبدأ تمضي عليه امريكا للمرة الأولى. اما العنصر الثالث فيخص الجانب التربوي والتعليمي ...وكلها مبادئ عامة للتفاهم وليست اتفاقية كما روج البعض لذلك فلو كانت كذلك لتضمنت اجراءات ...
وإني أؤكد مرة أخرى عبر «التونسية» أنه لا وجود لأي كلمة تتعلق بقاعدة عسكرية امريكية بتونس في هذه المذكرة التي استعرضت مبادئها العامة. وانا على اقتناع بأن مروجي مثل هذه الإشاعات هم أنفسهم من قادوا الحملة ضدنا في مواضيع أخرى وانا اقول لهم : سيحدث كل يوم على هذه الأرض أمر جديد نسعى من خلاله الى تحقيق المصلحة العليا للوطن ولن نتراخى او نتردد يوما في القيام بأي عمل من شأنه اعلاء رايتنا الوطنية وتحقيق الإضافة لمسيرة بلادنا ...نحن مقرّون العزم على مواصلة العمل ولن نتأخر بسبب أراجيفهم وانفسهم المعتلة.
فهذه المذكرة تشبه الى حد بعيد وضع «حليف رئيسي خارج حلف الناتو» الذي منحته امريكا لتونس، والحملة المغرضة اكدت أن تونس أضحت داخل حلف الناتو وهو العكس بالضبط فتونس حليف خارج الناتو ولم تكن يوما داخله وبالرغم من ذلك هناك من صدق الحكاية ...وبإمكان كلّ من يريد التثبت من المسألة الدخول عبر محرك البحث «غوغل» والإطلاع على من سبقنا الى هذا الوضع كحليف خارج الناتو ..صحيح ان امريكا تعطي هذه الصفة لكل بلد تقتنع بانه صديق لها لأن هذه المرتبة تمنح المتمتع بها امتيازات في مجال التدريب والتبادل التقني ...والإنتفاع في مجال شراء الأسلحة بأسعار تفاضلية ...ونحن في حاجة الى هذه الإمتيازات في هذا الوقت بالذات..اذن علينا أن نحتفل بهذه المرتبة التي منحتها امريكا لتونس لأنها في مصلحة البلاد بالدرجة الأولى ...
ونحن بقدر استبشارنا بهذه الدرجة من التعاون مع الأمريكيين بقدر حرصنا على التنسيق مع أصدقائنا الإيطاليين والألمان وغيرهم ،،ولكننا نولي اهمية كبرى لتنسيقنا مع أشقائنا الجزائريين نظرا للعلاقة الاستراتيجية بيننا وبينهم ...ولا نخفي سرا عنهم وهم لا يخفون سرا عنا في حدود قواعد السيادة طبعا ..وهو نفس الأمر الواقع مع الشقيقة ليبيا بخصوص اقامة تونس لستار ترابي وليس جدارا كما يروج البعض الذين يريدون تشبيه الأمر بالجدار الفاصل الذي اقامته اسرائيل ...فضلا عن ان قرار اقامة ساتر ترابي هو قرار اتخذه عدد من الجنرالات الأمنيين والعسكريين وليس قرارا اتخذه السياسيون ...فإن يخرج تونسي كان على رأس السلطة في تونس وينعت هذا الساتر الترابي ب«الشيء المضحك» وهو رئيس سابق عليه واجب التحفظ ...فهذا أمر مرفوض لأن لديه طرقا أخرى للتعبير عن موقفه بوسائل تحترم المستوى الأخلاقي ... فضلا عن الأعراف السياسية المعمول بها والتي من المفروض ان يكون هو سباقا الى احترامها ليعطي المثل للبقية...ولابد من الأخذ بعين الإعتبار آلاف الجنود المرابطين على الحدود في ظروف مناخية صعبة لا يجب إغفالها أو الإستهتار بها...
ونحن مع الحفاظ على علاقات مع كل الأطراف الليبية مع احترام الشرعية الدولية ..و نعتقد أن من يتصور أن كافة قوات «فجر ليبيا» طرف واحد بتوجه واحد هو مخطئ... هذه مواقف غوغائية لا تراعي مصالح البلاد التي ترى انه بمقدورها ايجاد عناصر داخل هذه القوات والقوى يمكن التحاور معها لحماية مصالحنا حيث تجمعنا بهم الحدود...
عندئذ لا بد من حماية مصالحنا من خلال اجراءات على غرار اقامة هذا الساتر الترابي أو حماية حدودنا إلكترونيا وهو ما سيقع مستقبلا ولكن في نفس الوقت بمقدورنا اقامة علاقات مباشرة مع بعض الأطراف في إطار السعي الى حماية المصالح الوطنية..فلا إفراط ولا تفريط..
كيف تفسر نجاحك في إخماد «نار الفتنة» بين قيادات «النداء» منذ تسلمك مقاليد أمانته العامة خاصة في ظل تزايد «النيران الصديقة» الموجهة اليك والتي يعيب عليك أصحابها صعودك الصاروخي في بورصة السياسة المحلية والعربية والدولية ، كيف برأيك تجتمع هذه المتناقضات بشأن شخصية واحدة؟
هذه مواقف وقتية وأنا لدي تقدير واحترام لكافة مكونات الطبقة السياسية في تونس ولكافة الزعامات التونسية، لأن أغلبهم يفوقونني سنا وأنا اتعلم منهم ولا اتصور ان عملنا في «نداء تونس» له أبعاد شخصية أو أهداف ضيقة ...شخصيا قلت مرات عدة أن التزامي الأساسي هو «نداء تونس» وليس لدي تفكير في التزام آخر،،، ولكن البعض يفكرون في قضايا اخرى مختلفة عن التي افكر فيها او اسعى اليها...يظن البعض ان كافة تحركاتي وتصريحاتي وراءها طموح شخصي ضيق ..
أليس لديك طموح شخصي أو هدف سياسي تسعى اليه...كقصر قرطاج مثلا ؟؟؟
( يبتسم ويقول) ولماذا قصر قرطاج بالذات ؟؟؟ أنا كنت في قصر قرطاج مع أستاذي سيادة الرئيس الباجي قائد السبسي وخرجت من القصر طوعا من أجل «نداء تونس».
لأن ما يروّج منذ مدة اساسه سعيك الى اعتلاء كرسي قرطاج؟
في قصر قرطاج الآن الباجي قائد السبسي، زعيم كبير ومهيب وليس مجرد رئيس دولة فقط...كيف إذن يفكر البعض الآن في الرئاسة؟ ليس هذا لائقا أو مصيبا...وبالنسبة للطموح كل رجل سياسي لديه طموح وهذا أمر منطقي ومن الطبيعي ان يعمل على تحقيقه.
ولكنك بدأت العمل حسبما يبدو مبكرا؟
لا... لا غير صحيح ما تقولينه، ما يروجه البعض عندما سافرت الى أمريكا او الى روسيا انني أرسم الخطوات الأولى لطموح سياسي معين ولكن الحقيقة ان هذه هي طريقتي في العمل ...يعيب عليّ البعض اسراعي في العمل والحقيقة ان كل ساعة بلا عمل او بلا انجاز هي ساعة خسارة ...هذه السرعة اعتبرها ضرورية في العمل السياسي، يبقى ان لدى فئة معينة اضحى الطموح السياسي مرضا كانهم يقولون عن كل من لديه طموح «إن شاء الله لاباس» وكأنه مريض...في دول ناجحة يقولون عن نفس الشخص « الحمد لله هذا انسان طموح» ...ومن المفارقات ان شاعر تونس الكبير الذي أخذنا من قصيدته ارادة الحياة بيتين رددهما العالم معنا «اذا الشعب يوما اراد الحياة....» هذه القصيدة الخالدة كلها تتغنى بالطموح والحياة والعمل وهي ثقافة كاملة ..
واعتقد ان مسيرتي السياسية التي بدأتها وعمري 15 عاما حيث طُردت من كافة المعاهد الثانوية لأهداف سياسية وانا في سن 16 عاما وكنت سجينا سياسيا في عمر العشرين عاما حيث ارسلني الأمن التونسي الى رجيم معتوق حيث بقيت عاما ونصف ..وانخرطت في العمل الطلابي وناضلت طويلا...يعني أنه منذ اصبح لدي وعي انخرطت في العمل السياسي الى جانب العديد من المناضلين السياسيين الآخرين اذكر منهم الشهيد شكري بلعيد ...هذا الجيل الذي أنتمي اليه بصدد القيام بدور سياسي معتبر ...
وإني أنتهز فرصة الحديث ل «التونسية» لأعبر لأبناء جيلي وغيرهم من السياسيين عن عميق احترامي لنضالاتهم وتقديري مهما كانت درجة اختلافنا لإعتقادي بأن التنوع مطلوب واذا كان هناك أي نجاح لطرف سياسي وأية شخصية سياسية فانه عادة ما يثير فيّ الإعجاب وضرورة التعلم منها وحتى في حال وجود تنافس فانه يجب ان يكون تنافسا من اجل النجاح ....ولن تنجح أمة مالمْ يكن النجاح هدفها ويجب أن نُعلّم أبناءنا الطموح الى ما هو أفضل وأكبر وأعلى ...في السياسة الطموح هو أن تكون لديك القدرة على الأداء السياسي وتلبية مطالب الشعب وتنفيذ وعودك والإرتقاء بهذه الدولة الى مراتب عليا..هذا هو طموحي الحقيقي،،، بقي أية مناصب ستكون موجودا فيها فاني اعتقد انه لا اهمية للمنصب ما دامت السفينة غارقة أو البيت مشقق الجدران ...
المطلوب اليوم هو الطموح الجماعي وقدرتنا على اعادة بناء بيتنا ... أمّا بالنسبة لي شخصيا فأعرف ما أريد وسيفاجئ ذلك العديد لأنه عكس ما يتصورون.
كيف نجحت في رأب الصدع و«دفن فأس الحرب» بين القيادات في «نداء تونس» ؟
هذا نجاح جماعي لأن كافة الأطراف الندائية في تلك اللحظة بالذات قررت، خاصة بعد الضربة الإرهابية بباردو، انه لا يمكن ان تستمر الصراعات والإختلافات صلب حركة «نداء تونس» ...هي لحظة وعي جماعي اثمرت نجاحا جماعيا...أنا أتيت على رأس الأمانة العامة ل«النداء» نتيجة هذا المجهود الجماعي للقادة الندائيين فهم من اختاروني لأكون على رأس الأمانة العامة ...
واليوم أقول لهم عبر صفحات «التونسية» بأنه ليس هناك أية امكانية أو سبيل للتقدم ما لم تتواصل هذه الروح ...فلا محسن مرزوق قادر لوحده ولا أي ندائي آخر بمقدوره تحقيق التقدم والنجاح ما لم تتوفر هذه الإرادة الجماعية التي اثمرت تجاوزا للإشكاليات التي كانت تعطل سير العمل صلب «النداء» ..
بالنسبة الى الطبقة السياسية ككل ، ربما يكون نجاحنا الجماعي السريع قد أقلق البعض لأنهم كانوا مراهنين على فشل «نداء تونس»،،، الى هؤلاء أقول أن «نداء تونس» مهم لكم تماما كما انتم مهمون بالنسبة اليه المهمّ أن تظل أحزاب البيت السياسي التونسي كلها واقفة الى جانب بعضها البعض في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد....
كنت من اشد أعداء «الترويكا» ومن ورائها حركة «النهضة»، واليوم نجدك من أكبر المنادين بالتوافق مع «النهضة» ..هل هو توافق استراتيجي يخدم «النداء» أو البلاد أو يخدمك أنت كشخصية سياسية طموحة أو هو توافق يخدم كل هذه الأطراف مجتمعة ؟
أولا نحن اختلفنا مع حركة «النهضة» اختلافا كبيرا وقت أحسسنا أن «الترويكا» بصدد حمل البلاد في مسار خاطئ ...من أسلمة المجتمع المسلم بطبيعته فضلا عن محاولاتها تغيير نمط المجتمع وانتهاج سياسة المحاور والإستهزاء بالراية الوطنية ...باختصار ، أصبح وقتها كيان الأمة مهددا ،فلم يكن هناك مجال للتسامح في هذه الثوابت الوطنية ، نعم كنت أحد صقور تلك الفترة وأنا فخور بذلك لإقتناعي بأن ذلك هو دوري الحقيقي ...بعد إمضاء الدستور التونسي الجديد وموافقة المجلس التأسيسي عليه بعد معارك سياسية كبيرة، خلقنا أرضية جديدة لأن الدستور لم يعد يسمح لأي كان بتهديد طبيعة المجتمع التونسي ...اذن ربح المجتمع تلك المعركة بفضل اعتداله وانفتاحه ...وهذا لم يكن متاحا في السابق.حاليا أنا مستعد للعمل مع الجميع بروح منفتحة وطنية وجدية ومسؤولة.
هناك من يقول بأنه تعاون مفروض ولكن الذي حصل ان التعاون اصبح واقعا ملموسا ....ولكن حماية حقوق المجتمع ونمطه تستوجب الحذر المتواصل للحفاظ عليه، لأن الدستور يضمن الإختلاف ولكن على المجتمع أن يحمي مكتسباته أيضا.وأعتقد أن التناقض الذي كان موجودا بين القطبين: قطب وطني عصري يدافع عن طبيعة المجتمع وقطب آخر محافظ ذهب في وقت من الأوقات ضحية إيديولوجيا «الإسلاموية» سريعا ما صحا منها بفضل وعي اطراف داخله رفضت البقاء خارج المجتمع....اعتقد ان هذا التناقض مرّ من مرتبة رئيسية الى مرتبة ثانوية ولكن الحذر واجب ....واصبح التناقض تعاونا موجها نحو السعي الى القضاء على الإرهاب ونحو القضاء على الفقر والبطالة وتطوير التنمية وصيانة تونس وحمايتها في نسق اقليمي متقلب جدا.
في هذه الوضعية جاءت نتائج الإنتخابات التشريعية ولم تمنح الأغلبية لأي طرف منهما يعني وضعتهما مع بعضهما البعض ولا سبيل الى بناء حكومة فيها نوع من الإنسجام أو الإستقرار بدون ايجاد تعاون أو توافق خاصة ...صحيح ان هناك مواقف نختلف حولها ولكن تبقى المصلحة الوطنية هي الجامع بيننا.
اذن كان لابد من ايجاد حل سياسي بعد «التشريعية» خاصة أن التناقض الذي استوجب وقت «الترويكا» حزما وصلابة في وجه تهديد مكاسب المرأة ونمط المجتمع التونسي خفّت حدته وأن الدستور جاء ليحميها...لذلك دخلنا في تعاون مع «النهضة» ويمكن القول بانها فترة تجريب لأنها تستوجب التقييم والتحليل ...اعتقد ان نجاح هذا التعاون في حال تحققه هو لمصلحة تونس قبل كل شيئ، لماذا؟
لأنه في الحرب على الإرهاب ومع تضخم المشاكل الإقتصادية والإجتماعية التي تعاني منها بلادنا ومع الوضع الإقليمي الصعب، فإن أحد عناصر حماية الأمن العام للبلاد في خلق اقل ما يمكن من التناقضات ...فلنتصور مثلا أن طرفا من الأطراف التي كانت موجودة في الحكم باتت خارجه، ماذا سيقع؟
اليوم السؤال هو كيف يتحول هذا الإقتناع التكتيكي العملي الى اقتناع استراتيجي؟؟ وهل سيتحول؟ هذا الموضوع يتطلب العمل، خاصة أننا نعمل في ظروف صعبة، فمن جهتهم هم لا تزال هناك فئة راديكالية لا يفصل بينها وبين الأطروحات الراديكالية سوى شبر واحد..وفي الطرف الأخر هناك فئة راديكالية ترفض العمل المشترك والتعاون بين القطبين دون ان تكون قادرة على طرح اقتراح عملي هو كيفية تنظيم الحكم بطريقة اخرى تحترم ارادة الناخب التونسي.
هل سيتواصل هذا التوافق في الإنتخابات البلدية القادمة في ظل ما يروّج عن امكانية دخول «النداء» و«النهضة» الى هذه الإنتخابات بقائمات مشتركة ؟
حاليا نحن صلب حركة «نداء تونس» نعمل على المشاركة بقائمات ندائية في الإنتخابات البلدية ونسعى الى تحقيق الفوز فيها...علما أني لم اصرح أبدا بما ينسب لي من نية «النداء» الدخول في الإنتخابات بقائمات موحدة مع «النهضة»...او غيرها...المهم ان نأخذ بعين الإعتبار الوضعية السياسية خلال الإنتخابات...ما تبقى لا يعنيني والمسائل ذات الطابع الإيديولوجي لا تهمني المهم ان يظل حزب «نداء تونس» حزبا براغماتيا واقعيا...فالبورقيبية التي نقول في «نداء تونس» إنها مرجعيتنا تؤكد ان بورقيبة لم يقترح الإيديولوجيا بل اقترح المنهجيات...بورقيبة كان يؤمن بسياسة المراحل وهي منهجية وليست ايديولوجيا ...نحن نسير على خطى ما تعلّمنا من الزعيم بورقيبة الذي كان يؤمن بوجوب توخي العقلانية في التوازنات حتى لا تغلبنا العاطفة ...
على ذكر سياسة المراحل البورقيبية، هل نفهم أن تعيين قنصل عام لتونس بليبيا هي مرحلة أولى لإستئناف العلاقات مع سوريا في مرحلة لاحقة ؟
هذا سؤال يطرح على وزير الخارجية
وزير الخارجية هو قيادي ب«نداء تونس» وانت أمينه العام يعني انه يطبق برنامج «النداء» بدرجة أولى وأنت من أكبر العارفين بهذا البرنامج لذلك أسالك أنت؟
ولكن وزير الخارجية هو وزير في حكومة الحبيب الصيد وهو بذلك يطبق سياسة هذه الحكومة ..
سأطرح سؤالي بشكل آخر، كيف ينظر «نداء تونس» الى مسألة إعادة العلاقات مع سوريا ؟
«نداء تونس» يؤمن بأنه من مصلحة تونس أن تكون لديها علاقات جيدة مع كافة الدول في اطار الشرعية الدولية،...ومصلحة تونس الوطنية فوق كل اعتبار ...ولذلك ان تكون هناك علاقات مع سوريا سواء كانت على مستوى التبادل الأمني أو العلاقات القنصلية...فهذا أمر لابد منه خاصة أن للعديد من الدول سفاراتها في سوريا التي أبقت على العديد من سفاراتها في دول عربية أخرى...نحن نسعى الى المزج بين أمرين المصلحة الوطنية والشرعية الدولية ...لأنّنا لا نملك سلطة دولية او سلاحا نوويا او اساطيل حربية تجعلنا نعاند الشرعية الدولية. نحن بلد صغير موجود وفي ظرف اقليمي صعب ونسير في مرحلة انتقالية هشة ولدينا مشاكل فقر وتنمية وفي نفس الوقت نحن في حرب ضد الإرهاب...يعني انه يستقيم في حالنا هذا ما يقوله العرب «على قدر الكساء أمدّ رجلي» ...ولا يجب ان نستمع طويلا الى الفئة التي تنادي بضرورة قطع العلاقات الجيدة التي رسمناها مع بعض الدول حتى لا نخرج عن السياق العربي ايضا ولا الدولي...اظن انه حري بالذين يطالبون بقطع علاقات تونس الأخوية مع بعض الدول، أن يذهبوا ليعيشوا في الكوكب الذي تم اكتشافه هذه الأيام....
ان سياستنا واضحة تنبني على افتخارنا بالإنتماء لبلد له 3 آلاف سنة حضارة وفخورون بشعبنا ونريد لشبابنا ان يرتقي الى أعلى درجات التحصيل العلمي ...وفي نفس الوقت نحن واعون بأنه على تونس أن تكون لها علاقات جيدة مع الجميع وان تخرج من سياسة المحاور وأن يكون لديها حياد ايجابي وان تحافظ على وجودها حيثما يكون امنها الوطني مهددا،،، وسوريا اليوم بلد يؤوي آلاف المقاتلين التونسيين ولذلك وجب أن تكون عيوننا هناك لنعرف ما يحصل خاصة وأن رعايانا لا يزالون هناك...
ثم انا على قناعة بان الحل السياسي في سوريا هو الأنسب والأقدر على ايقاف نزيف التقاتل ..والحل العسكري ليس هو الأفضل، فالحل السياسي بإرادة كافة الفصائل السياسية الموجودة على الساحة السورية ..خاصة في ظل التحول في اقليم سوريا وايضا على المستوى الدولي في المقاربة للمسألة السورية ...أعتبر أنه من الحكمة النظر الى أن الصراع اليوم في سوريا ليس بين الحرية والإستبداد بل بين الإرهاب والبربرية والحضارة ،، ذلك أن الإرهاب يغير معطيات الصراع.
وهذا لا يعني ان الإخوة السوريين لا يجب ان يسيروا في اتجاه الديمقراطية والحرية اللتين صارتا اساسيتين لكن هناك فرق بين العمل السياسي في اتجاه الثورة والعمل السياسي زمن الإرهاب حيث يُطرح العمل السياسي الهادف الى تحقيق الحرية مثلما حدث في تونس اما اذا دخل معطى الإرهاب المسلح فإن العمل السياسي يصبح نضالا ضد التوحش من اجل الحضارة... فالإرهاب خطر لا يهدد سوريا والعراق فحسب بل يتهدد كافة دول العالم لأنه يهدد الحضارة في مفهومها الإنساني الدولي ..يبقى ان هناك تعقيدات كبيرة في الملف السوري...
وأنصح الإخوة في تونس أن يفكروا أولا في مصلحة تونس ...فعندما تكون في موقع المسؤوليةلا يمكنك بالضرورة ان تتخذ ما تريده شخصيا من مواقف بل انك تراعي مصلحة الوطن قبل كل شيء ...عندما تكون في موقع المسؤولية لا تقول دائما ما تفكر فيه بل ان تفكر في ما تقوله وثانيا ألّا تفعل بالضرورة ما تفضله بل عليك ان تراعي ما هو افضل في تلك الفترة لفائدة المصلحة العامة ...نحن واعون أن وضع تونس صعب ونحن نسير فوق البيض كما يقال وفي بعض الأحيان قد نتسبب في كسر بعض البيض ...وما يقودني هو مصلحة بلادي اولا...
يبدو ان «النهضة» الممثلة بشكل ضعيف في حكومة الحبيب الصيد تساند الصيد وفريقه الحكومي أكثر مما يدعمها «النداء» الحزب الفائز في الإنتخابات، كيف تفسر ذلك ؟
نحن ندافع عن الحكومة بوجودنا صلبها ورئيسها نحن الذين اخترناه وعلاقتنا بحكومة الحبيب الصيد هي علاقة دعم ومساندة فنحن ندعمها وندعمه ولأننا كذلك فنحن في «نداء تونس» ننقدهم أيضا وننصحهم لما فيه خير البلاد والعباد... ودور الأحزاب داخل الحكومة لا يجب أن يقتصر على المساندة واذا كانت خارج السلطة لا يجب ان تقتصر على معارضة الحكومة...فالحزب أبقى من الحكومات ...الحكومات تمر والأحزاب تبقى ....وليس مطلوبا من الحكومات ان تنفّذ كافة رؤى الحزب..لأن لدى الحزب استراتيجية والحكومة هي الماسكة بالمقود فالحزب يعبر عن مواقفه هو أما رئيس الحكومة فيمثل السلطة وهو مسؤول بالتالي عن ايجاد توازنات بين مختلف الأطراف والقضايا ...
تردد في المدة الأخيرة ان النيّة تتجه لترشيح وجه نسائي أو وجه يساري لترؤس «نداء تونس»، ما صحة هذا الكلام ؟
مسألة رئاسة «النداء» غير مطروحة فلدينا رئيس للحزب الى حدود انعقاد المؤتمر وهو السيد محمد الناصر ...وليس هناك أية نية لتغييره اليوم وأنا كأمين عام ل«النداء» سعيد بالعمل معه واعتقد ان هذه التركيبة الشبابية للحزب محتاجة لخبرة سي محمد الناصر باعتباره شخصية توافقية ذات كفاءة وتجربة وهي فرصة كبيرة تتاح للندائيين الذين يستفيدون من خبرات الكفاءات التونسية من ذوي الحكمة والقادرين على مساعدتنا في عملنا ونحن لسنا مستعجلين مطلقا على عكس ما يروجه البعض من « خروج الشيوخ من النداء» نحن في «النداء» نحب شيوخنا ونجلهم ونقدرهم ...ونرى ان كل المريدين لابد لهم من شيوخ ...والفصل بين الأجيال هو من الكوارث الكبيرة والخطيرة التي تعصف باستمرارية الدولة.
التعيينات المزمع الإعلان عنها بشأن الولّاة في المدة القادمة أي نصيب ل«النداء» فيها ؟
المعيار الأساسي في التعيينات هي الكفاءة والقدرة على تقديم الإضافة ..ولكن في حربنا على الإرهاب المهم ان يكون الولّاة متوجهون لدعم الحرب على الإرهاب ومنخرطون فيها انخراطا كاملا ...رأينا انه يجب تقييم عمل الموجودين والمباشرين منهم: هل أدوا واجبهم كما ينبغي أم يستوجب الأمر تغييرهم ...فاذا شملت القائمة ابناء «نداء تونس» فمرحبا خاصة اذا كانت كفاءتهم هي المعيار الأساسي في تعيينهم...واذا شملت أبناء أحزاب أخرى أو مستقلين فمرحبا بكل من لديه استعداد لخدمة تونس ...خاصة وأنّنا لا نؤمن بسياسة «الكوتا» العمياء بل القائمة على الكفاءة.
كثر الجدل بخصوص مشروع قانون المصالحة الوطنية، ماهو موقف «النداء» من مبادرة رئيس الدولة بهذا الشأن ؟
أعتبر أن من المشاريع المهمة التي بصدد الإنجاز اليوم المصالحة الوطنية والمهم انه كانت هناك جرأة لطرحه. انما نريد اضافة بند وحيد يتعلق بالصلح في مجال السيولة المالية التونسية لا الأجنبية فقط ...واقصد الذين عملوا في انشطة اقتصادية موازية أو غير قانونية أو غير منظمة... هؤلاء لديهم اعتمادات مالية ضخمة في شكل سيولة لم يحولوها الى البنوك بل احتفظوا بها وهو أمر خطير أن تظل هذه الأموال خارجة عن السياق الوطني ...أغلب هؤلاء التجار يريدون اليوم الدخول في القطاع المنظم ...فلا بأس من إمضاء اتفاقيات معهم تقضي أن يضعوا في صندوق تنمية الجهات نسبة قليلة من أموالهم وان يودعوا البقية في البنوك التي يختارونها وبذلك تستفيد البنوك من السيولة وتنتعش الدورة الإقتصادية وتزدهر المناطق المحرومة التي ستستغل اموال الصندوق في اقامة مشاريع تنموية داخلها تكون خير حل لمشاكل التنمية والبطالة....
وفي المقابل لا يخفى على أحد أنه بتركنا هذه الفئة من التجار خارج السياق الوطني يضطرون خوفا على أموالهم الى توظيفها في أي شيء قد تكون له تبعات لا نعرف كنهها ولا منتهاها. لكن قانون المصالحة الوطنية في فصوله المتعلقة بالمصالحة مع الموظفين والإداريين الذين اجبروا على توقيع اوامر وقرارات تخدم مصلحة النظام السابق نحن نسانده لأن هذه الفئة من الموظفين ظلوا في قفص الإتهام طيلة سنوات وحُرمت الإدارة التونسية من خبراتهم حتى انها اصبحت جامدة حيث يسيطر الخوف على كوادرها الذين يخشون من التوقيع على الأوامر والقرارات ....انا مع محاسبة المسؤول اما الإداري فواجبه تنفيذ القرارات التي تصله ..
وأريد أن أقول للذين يتسلطنون ويطالبون بمحاسبة هؤلاء الإداريين: انتم ماذا فعلتم إبان إصدار هذه القرارات والأوامر ؟؟؟ لا شيء..اذن لماذا لا تقبلون بالمصالحة ...المصالحة مهمة لتعمل الآلة الإدارية ...ان رغبة البعض في التشفي والإنتقام ضربت الإدارة التونسية بالجمود وهي وضعية لا يمكن لها أن تتواصل. وإني أشكر لرئيس الجمهورية مبادرته هذه وأرجو من نواب مجلس الشعب أن يقوموا بدورهم ويعجّلوا بالمصادقة على هذا المشروع حتى تعود الحياة للإدارة التونسية ...وفي حال تطبيق مشروع قانون المصالحة بامكاننا الحصول على موارد مالية نحن بصدد البحث عنها في الخارج ».
وفي هذا الإطار يهمني أن أتوجه بالتحية لإدارتنا ولكل من يعمل تحت الزي. الدولة قائمة بفضلهم. وستبقى. وستشرق شمس تونس ساطعة إن شاء الله. لا شك عندي في ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.